الرئيسة \  مواقف  \  مجزرة اللاجئين السوريين عملية إبادة مسؤول عنها النظام والمجتمع الدولي

مجزرة اللاجئين السوريين عملية إبادة مسؤول عنها النظام والمجتمع الدولي

06.09.2015
حركة العمل الوطني من أجل سورية


حركة العمل الوطني من أجل سورية
٣٠ آب - أغسطس٢٠١٥
تتفاقم "مجزرة اللاجئين" السوريين التي يصحو العالم كل يوم على وقعها الحاد المؤلم، ويتصاعد عدد ضحاياها طرداً مع استمرار العدوان الوحشي للنظام السوري بدعم من المحتل الإيراني، الأمر الذي يحشُرُ السوريين في زاوية لا مهرب منها إلا بالقفز من النافذة إلى المجهول.
تنتشل الحكومات الأوروبية يومياً عشرات الجثث الطافية على سطح البحر أو الغارقة في قعره، وتستخرج من قضوا نحبهم اختناقاً في شاحنات التهريب، وتكشف الأرقام أن للسوريين النصيب الأكبر، ما يضاعف منسوب الشهداء اليومي في سورية، فكأن عملية إبادة السوريين لا تتم على يد نظام الإجرام في دمشق فحسب، بل امتدت إلى ما وراء الحدود، إذ تعددت الأسباب والأماكن، ولكن المجزرة واحدة.
بين الضحايا الذين يلفظون أنفاسهم بطرق مرعبة شتى، تحت رحمة المهربين، وبين أولئك الذين يصلون إلى أرض الأحلام ليصطدموا بالحقيقة المرّة عندما يكتشفون أن الوصول إلى محطتهم النهائية دونه الموت والعنف والقهر والذل؛ سجّل السوريون النسبة الأهم بين اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا هذا العام، من أصل مئات الآلاف الذين وصلوا إلى سواحل أوروبا المتوسطية، حتى كأنما أصبحت سورية مصدّراً حقيقياً للاجئين.
لم ترق معالجة هذه المأساة إلى ما يليق بها من اهتمام، وما زالت تدور في رحى التعامي عن الواقع وتقاذف الكرة. ولا تفسير مقبولاً لتجاهل المجتمع الدولي أصل المشكلة، ورفضه الأخذ على يد النظام المجرم الذي دفع المدنيين في سورية إلى قوارب الموت، هرباً من أشكال الموت الأخرى في بلادهم.
يخاطر السوريون بأنفسهم وأسرهم من نساء وأطفال بعدما ضاقت عليهم الأرض بما رحُبت، ولم يُعد لدى كثير منهم ما يخسرونه، لأنهم تُركوا تحت رحمة الجلاد "بتوافق أممي"،  فالأمم المتحدة حتى هذه اللحظة - بكل أسف - تضفي الشرعية القانونية على نظام الإجرام في دمشق، وتمنحه سلطة استخدام وثائق السفر وغيرها من الوثائق الثبوتية سلاحاً آخر يواجه به معارضيه أو من يشك في ولائهم، إلى جانب البراميل والأسلحة الكيميائية وغيرها من أدوات القتل الممنهج.
إن حركة العمل الوطني من أجل سورية، العضو في المجلس الوطني والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، تؤكد أن وقف هذه الإبادة الممنهجة يبدأ بكف يدِ النظام القاتل الطليق، أو على الأقل بنزع الشرعية عنه، ليظهر على حقيقته: جزاراً يستخدم الدولة ومؤسساتها لإشباع ساديته.
لقد كان حرياً بالأمم المتحدة وأصدقاء الشعب السوري "الاعتراف القانوني"، وليس السياسي فحسب، بمؤسسات المعارضة التي أنتجتها الضرورة بعد ثورة الشعب السوري، كالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والحكومة السورية المؤقتة المنبثقة عنه.
كما كان حرياً بأصدقاء سورية أن يُبدوا تفهماً حقيقياً لمعاناة السوريين مع الوثائق الثبوتية، حتى لا يُجبروا على القفز إلى قوارب أو شاحنات الموت بحثاً عن وثيقة سارية المفعول، بعد أن فقدوا بدونها القدرة على ممارسة حياتهم اليومية في الدول المستضيفة.
إن "نزع الاعتراف القانوني بحكومة النظام المجرم" هو المنطلق إلى الحل المطلوب لوقف عملية إبادة السوريين خارج الحدود تحت ضغط القهر والخوف. ولا يكتمل هذا الحل بغير الاعتراف قانونياً بالحكومة السورية المؤقتة كممثل للدولة السورية، ودعم جهدها لحل أزمة السوريين من خلال الاعتراف بها جهة مخولة إصدار الوثائق وجوازات السفر لملايين السوريين دون تمييز أو انتهاك، ويمكن أن يتم ذلك من خلال لجنة تنسيق مع الأمم المتحدة لإخضاع عملية إصدار الوثائق للمعايير الدولية، ويكون هذا الحل مدخلاً لاستعادة الثقة بالوثائق الرسمية السورية، وبالتالي فتح الباب مجدداً أمام تعامل لائق مع المواطنين السوريين في قضايا الهجرة والسفر، ورفع الدول القيود المفروضة على سفرهم للعمل أو الدراسة من خلال التعليمات المكتوبة والشفهية، الرسمية وغير الرسمية، التي حرمت عشرات آلاف السوريين من الحصول على تأشيرات الدخول إلى عدد كبير من دول العالم.
كما أن دعم "إنشاء منطقة آمنة داخل سورية"، وتوسيعها التدريجي حتى تأمين كامل الأرض السورية، يشكّل مخرجاً أساسياً من أزمة اللجوء، إذ يمكن للمنطقة الآمنة أن توفّر ملجأ سورياً خالياً من أسلحة الموت، وتدخل في إطار "مسؤولية الحماية" التي تتحملها الأمم المتحدة إزاء الشعب السوري أسوة بغيره من الشعوب.
إننا نؤكّد أنه في غياب هذه الإجراءات، ودون إعادة التوازن لصالح الشعب المظلوم، فإن فرص الحل السياسي ستبقى رهينة حسابات أطراف تدعم النظام السوري دون ضمير أو أخلاق. فقد أثبت الواقع والتجربة، بما في ذلك عملية السلام في جنيف، أن الطرف المعتدي، وهو النظام وداعموه، لن يقدم على الانخراط الجدي في حل سياسي، أو تقديم التنازلات لتحقيق هذا الحل ما لم تُنزع قدرته على الاستمرار في العدوان.
إن تعقد الصراع وتداخل المصالح الدولية التي تعرقل الحل السياسي الذي طال انتظاره في سورية، لا يعفيان المسؤولين في الأمم المتحدة وفي حكومات دول أصدقاء الشعب السوري وغيرها من المسؤولية الأخلاقية التي تلطخ "الإرث" الذي سيتركه قادة العالم في هذه الحقبة، مهما وُصفت سياساتهم بالنجاح الاستراتيجي وبُعد النظر، فالتاريخ لا يُعفي من المسؤولية الأخلاقية أولئك القادة الذين لم يتدخلوا لوقف كارثة إنسانية بحجم الكارثة السورية، وقد كان بمقدورهم ذلك وضمن نطاق قدرتهم، فأضاعوا الفرصة على مذبح المفاوضات والتحالفات السياسية، استراتيجية كانت أم تكتيكية. ولعل في المراجعات التاريخية والسياسية لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية درساً تجاوز الفاعلين الذين ارتكبوها، إلى أولئك الذين لم يتدخلوا لوقفها رغم القدرة. وهو عبء أخلاقي إنساني قد يتحمله الذين لا يتدخلون الآن لوقف الهولوكوست السوري وهو يصنع على أعينهم وتحت مسؤوليتهم.
إن أزمة اللجوء التي تشهدها أوروبا على وجه الخصوص هذه الأيام تُشير إلى فشل عالمي قبل أن تُشير إلى أزمة سورية، حيث تسعى معظم الدول إلى التعامل مع مخرجات الأزمة بدلاً من معالجة جذرها المتمثل في الاستبداد والظلم، ثم تعمل على تصدير الأزمة إلى دول أخرى لإخلاء مسؤوليتها، رغم إدراك جميع الأطراف أن التعامل مع مسببات الأزمة هو وحده الكفيل بإيقافها، وأن أي طرق التفافية لا تفعل أكثر من تأجيل انفجار أكبر، واستمرار الإبادة بحق السوريين، ضحايا أكبر مأساة إنسانية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، حسب تقدير الأمم المتحدة.
حركة العمل الوطني من أجل سورية
لمزيد من المعلومات:
أحمد رمضان ٠٠٩٠٥٣٣٤٧٨٢٢٠٣
عبيدة نحاس ٠٠٩٠٥٣٤٢٧٥٨٧٠٧
محمود عثمان ٠٠٩٠٥٣٢٣١١٧٠٠٠