الرئيسة \
تقارير \ مطالب خامنئي من بشار الأسد .. تصعيد للتوتر أم اختبار للولاء؟
مطالب خامنئي من بشار الأسد .. تصعيد للتوتر أم اختبار للولاء؟
24.11.2024
ضياء قدور
مطالب خامنئي من بشار الأسد .. تصعيد للتوتر أم اختبار للولاء؟
ضياء قدور
سوريا تي في
السبت 23/11/2024
بينما تسير المنطقة على حافة الحرب الشاملة، أثارت تصريحات مستشار خامنئي الجديدة علي لاريجاني مع هبوطه في طهران، الكثير من الجدل والنقاش حول حقيقة موقف النظام السوري من الحرب الجارية في أعقاب الاستهداف الإسرائيلي غير المسبوق مؤخرا، لمواقع في مدينة تدمر وسط البلاد.
وكان لاريجاني قد رفض خلال زيارته لبنان الإفصاح عن فحوى رسالة قال إنه حملها من المرشد الإيراني إلى كل من رئيس النظام السوري بشار الأسد ونبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني، احتراماً لآداب الرسالة وردود حلفاء طهران، بحسب تعبيره.
طهران تكثف زيارتها الدبلوماسية لسوريا
وكانت طهران قد كثفت زياراتها الدبلوماسية والعسكرية للمنطقة، لا سيما إلى سوريا ولبنان، في الآونة الأخيرة، في اختبار لمدى متانة علاقتها مع وكلائها في المنطقة، في أعقاب الضربات الأخيرة التي تلقتها في صراعها مع إسرائيل، لتأتي الزيارة العاجلة والفورية وغير المعلنة لوزير الخارجية في حكومة النظام بسام الصباغ وما صحبها من تصريحات واضحة في طهران لتزيل بعض الغموض عن هذه القصة.
على الرغم من أن زيارة الصباغ الأخيرة لطهران وصفت على أنها عرض مذل للاستدعاء من قبل طهران، إلا أن سفير طهران في دمشق حسين أكبري اعتبر أنه من الطبيعي والبديهي تكثيف حجم الزيارات المتبادلة والمشاورات بين سوريا وإيران بالنظر للعلاقات التاريخية بين البلدين وفي ظل الظروف الحالية الإقليمية المتأزمة.
بشار الأسد وافق على مطالب طهران ويسعى لتنفيذها
حظيت تصريحات حامل رسالة خامنئي الإقليمية الأخيرة علي لاريجاني باهتمام خاص وفريد على الصعيد الإعلامي والسياسي الإيراني، إذ لوحظ أن جميع المواقع الإيرانية الرسمية وغير الرسمية تنقل ما جاء في لقاء مصور ومفصل لعلي لاريجاني مع الموقع الرسمي لمكتب خامنئي.
بالإضافة لما ذكره لاريجاني من توضيحات أزالت الغموض حول موقف الأسد الحقيقي من مطالب خامنئي، لم تخلو تصريحاته أيضاً من عبارات المديح لشخص خامنئي في محاولة لتصوير الرجل على أنه شخصية ذات رؤية استراتيجية عميقة وتأثير إقليمي واسع النطاق.
ويبدو أن ما جاء به لاريجاني من تصريحات حول موقف الأسد من "وحدة الساحات" سيبقى معبراً عن المشهد المأساوي الذي آل إليه التحالف بين طهران والأسد طالما أن حكومة النظام لم تصدر بياناً، أو تثبت تصرفاتها وتداعياتها عكس ذلك.
وبحسب ما نقله موقع تابناك الإيراني، قال لاريجاني إن "بشار الأسد قد انتهج سياسة دعم المقاومة لسنوات طويلة، عندما كان وحده، أو عندما دعته الدول العربية الآن للتعاون في جامعة الدول العربية، مؤكداً أن الأسد كان دائماً ولا يزال يدعم المقاومة".
وحول موقف الأسد ونبيه بري من رسالة خامنئي، صرح لاريجاني أن موقفهما من رسالة المرشد الأعلى كان محترما جداً، حيث أعرب كلاهما عن ثنائهم لها انطلاقاً من اعتقادهم أن المرشد الأعلى شخصية قيادية في القضايا الإقليمية، بحسب وصفه.
وبيّن لاريجاني أن الأسد وبري يعتبران أن النقاط المذكورة في رسالة خامنئي هي ذات القضايا التي يحتاجونها اليوم، مشيرا إلى أن كلاهما أبدا موافقته على كل النقاط التي جاءت فيها؛ وأنهما يسعيان لمتابعتها.
وذهب لاريجاني السياسي الإيراني المستبعد من الترشح للانتخابات الرئاسة لمرتين بأمر من مجلس صيانة الدستور المدار من قبل خامنئي، لإغراق نفسه في المزيد من عبارات مديح خامنئي، عندما قال إن الأسد رحب بمطالب خامنئي لأنه يعتقد أن خامنئي هو شخص متطلع ومتعاطف مع ملفات المنطقة وواسع المعرفة بجوانب وقضايا المنطقة ويريد حل مشاكلها.
وبحسب المعطيات اليوم، فإن وصف لاريجاني لخامنئي بالمتعاطف لا يتطابق مع الوقائع الخطيرة التي آلت إليها المنطقة نتيجة الصراع، حيث أدى العداون الإسرائيلي لخسائر لا يمكن تعويضها في الأرواح والبنى التحتية في لبنان وغزة.
"ابتعاد سوريا عن محور المقاومة لن يحدث أبداً"
وجاءت زيارة وزير خارجية النظام السوري مفاجئة وغير متوقعة في أعقاب التصريحات التي أدلى بها لاريجاني حول ما حمله من طلبات خامنئي وأنه بانتظار رد النظام السوري عليها، في حين أوحى حينها أن طهران تحترم قرارات حلفائها وتقيّم مواقفهم من دون ممارسة أي ضغوط.
رغم ذلك، يرى بعض الخبراء والمحللين أن زيارة الصباغ التالية لطهران تظهر أن ما لقنه خامنئي للاريجاني من عبارات جادة ورسائل تحذيرية ليحملها للأسد كانت بمثابة تذكير للبعض بأخطائهم عندما بالغوا بتصوير القصة على أنها قصة تابع يتمرد على طهران.
وكان خامنئي قد قدم ما وصفه البعض مجموعة توصيات وإرشادات لبشار الأسد في زيارته الأخيرة غير المعنلة أيضاً لطهران في أيار الماضي، إذ حذره من أن الغرب وأتباعه في المنطقة يرومون لإخراج سوريا من المعادلات الإقليمية بأساليب أخرى، بما في ذلك الوعود التي لن يوفوا بها أبدا، بحسب وصفه.
رسالة خامنئي التي حملها لاريجاني ويفاخر بها الإعلام الإيراني اليوم لن تختلف كثيراً بالفحوى والمضمون والأهداف، رغم أن نبرتها، بحسب بعض المراقبين، قد تكون أشد وأقسى ربما.
وفي هذا الصدد، تأتي تصريحات الصباغ التي يبدو أنها لم تلق الكثير من التسليط الإعلامي، إذا نقل الصباغ تحيات الأسد الحارة للرئيس الإيراني مسعود بزشيكان، واعتبر أن العلاقات بين إيران وسوريا تتوسع باستمرار مع محاولة تحديد منظور جديد للتفاعلات في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية استناداً إلى العلاقات السياسية الممتازة بين البلدين.
ورأى الصباغ أن البلدين لديهما تحديات مشتركة، خاصة في مواجهة المشروع الأميركي الصهيوني لتغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة، مبيناً أن المقاومة هي السبيل الأنجع لمواجهة هذا المخطط، وأن أي ضعف وتراجع في هذا الصدد سيضعنا".
وفي نفي للإشاعات السابقة، كشف الصباغ عن أن هناك تيار يسعى إلى فصل سوريا عن محور المقاومة، لكن انفصال سوريا عن محور المقاومة لن يحدث أبداً، بحسب ما نقله موقع الرئاسة الإيرانية.
قلق على مصير حزب الله ومآلات على مشروع إيران النووي
ولم يخف لاريجاني قلقه على مصير الوجود العسكري الإيراني في الشرق الأوسط، عندما قدم سرداً متسقاً لمجموعة الضربات الإسرائيلية الاستخبارية والجوية الحاسمة التي وجهت لهيكل حزب الله القيادي وشبكته العسكرية ومستودعاته، لكنه حاول التعويض عن ذلك من خلال المزايدة والقول أنه يرى "فجر انتصار حزب الله يقترب".
واعترف لاريجاني أن ضربة البيجر الأخيرة التي تعرض لها حزب الله قبل عدة أشهر كانت ضربة خطيرة، حيث عانى ثلاثة أو أربعة آلاف من عناصر حزب الله من مشاكل في إثرها.
وقال لاريجاني إن القصف الإسرائيلي لموقع قرب اجتماعه في دمشق وموقع آخر قرب مطار رفيق الحريري مع وصوله لبيروت لم يكن له أثر، معتبراً أن "إسرائيل كانت تقوم بعملها ونحن كنا نقوم بعملنا الخاص أيضاً".
وتأتي تصريحات لاريجاني في وقت تحدثت فيه أنباء عن انهيارات جزئية شهدتها جبهات حزب الله وخطوط دفاعه الأولى على المحور الشرقي والساحلي جنوبي لبنان، وسط تزايد المؤشرات حول عقد اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار جنوبي لبنان يشمل على شروط قاسية ومطالب تقييدية إضافية تفرض على حزب الله.
ورغم أن إسرائيل قد امتنعت عن مهاجمة مشروع إيران النووي في ضرباتها الأخيرة، إلا أن مصدرا دفاعيا إسرائيليا كبيرا أفاد لصحيفة "جيروزاليم بوست"، أنه يؤيد قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمهاجمة إسرائيل للبرنامج النووي الإيراني في عهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
ومع الأنباء الحديثة عن إصدار قرار إدانة جديدة لإيران في مجلس محافظي الوكالة التابعة للأمم المتحدة، وهو ما يضع طهران من مواجهة تفعيل آلية الزناد ويسهل عمل إدارة ترامب في مشروعها القادم لمحاصرة إيران وتجفيف مواردها المالية. تظهر مخاوف إيران الأمنية والاقتصادية بشكل جلي عندما يربط مسؤولو طهران دائماً ما بين ملفاتهم الإقليمية ومصير مشروعهم النووي.
وفي هذا الصدد، اعترف لاريجاني أن زيارته الأخير لدمشق وبيروت جاءت تلبية لضرورة أن إيران بحاجة للتحدث مع أصدقائها والتأكيد على دعمها لهم، معتبراً أن ما يقوم به حزب الله في لبنان لا يتعلق فقط بدائرة نفوذه هناك، بل يرتبط أيضاً بالأمن القومي الإيراني وأمن المنطقة بأسرها.