مطالبة الدولة الإسلامية بالخلافة يتعلق بالسلطة وليس بالدين

الجارديان 13\7\2014
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي
في 3 مارس 1924, حاصرت القوات الجمهورية التركية قصر دولما باشي في اسطنبول, وكان آخر الخلفاء العثمانيين عبد المجيد الثاني يقرأ مقالات عن مونتين في وقت متأخر من تلك الليلة, حين جاءه مسئول من الشرطة ليخبره أن التجمع الجديد التابع لأتاتورك في أنقرة صوت للتو على إلغاء الخلافة وأن عليه مغادرة البلاد عند بزوغ الفجر.
الصور الملتقطة لآخر الخلفاء تظهر شخصا متقدما في السن ومثقا يرتدي قفطانا ونظارة تصل إلى الأنف, وهو مستغرق في قراءة الكتب الموجودة في مكتبته الخاصة. هنا كان يؤلف الموسيقى التقليدية ويقرأ الأعمال الكاملة لفكتور هوغو في الوقت الذي يعمل فيه على الاعتناء بحدائقه ويرسم صورا لأسرته. ولكن في اليوم التالي, انتقل هو وأسرته إلى المنفى في أوروبا على متن قطار الشرق السريع, ليستقر في نهاية المطاف في نيس. ولم يسمح له بالعودة بعد ذلك مطلقا.
وبعد سنوات قليلة على ذلك, شوهد الخليفة من قبل مراسل صحيفة التايم. و كتب ذلك المراسل :" كان يتمشى مع قامة عظيمة من الكرامة على طول شاطئ نيس. مرتديا سروال السباحة وكان يحمل شمسية كبيرة للوقاية من الشمس".
ابنته تزوجت من عائلة نظام من حيدر أباد, ومهما كان حلم العالم الإسلامي, فإنه لم يكن لدى عائلة عبد المجيد أي اهتمام باستعادة المنصب الذي أخذه أتاتورك منهم.
في غياب أي سليل يمكن أن يملئ هذا الشاغر, ادعى أبو بكر البغدادي أنه أصبح الخليفة الجديد خلال صلاة الجمعة قبل حوالي أسبوع في الموصل. البغدادي هو الزعيم المراوغ للدولة الإسلامية في العراق والشام, التي غيرت اسمها إلى الدولة الإسلامية.
مرتديا حللاً سوداء, ظهر البغدادي بمظهر مغاير تماما عن سلفه, الذي كان يفضل قراءة مجلة ريفيو دي دور مونديز. وبدلا من ذلك, وخلال خطابه الذي استغرق حوالي الساعة الذي أعلن فيه "الخليفة ابراهيم" توليه للمنصب, فإن المراجع الأدبية التي قدمها كانت مقتبسة من القرآن والحديث.
استعادة الخلافة كان حلم الإسلاميين المجددين منذ فترة الخمسينات على الأقل, عندما بدأ حزب التحرير بالدعوة إلى أحياء الخلافة. وذهب الملا عمر زعيم طالبان إلى حد وصف نفسه بإحدى التسميات المرادفة للخليفة وهي أمير المؤمنين, وكان أسامة بن لادن كثيرا من يذكر أن استعادة الخلافة هي الهدف النهائي له.
ولكن البغدادي هو أول زعيم إسلامي منذ عبد المجيد ينحل على نفسه لقب الخليفة, الذي وبالنسبة للكثير من المسلمين يمثل حلما بإمبراطورية عظيمة متعددة الجنسيات يسود فيها العدل والإيمان وهو أفضل شئ شهده العالم الإسلامي, ولهذا فإن الإسلاميين سوف يصرون أن الخلافة هي جنة على الأرض. الحنين إلى هذا العالم الضائع مرتبط مباشرة مع العصر الذهبي لعصر صدر الإسلام, وذلك عندما انتشر الإسلام تحت قيادة الخلفاء الأربعة – خلفاء الرسول محمد- من الحجاز عبر المشرق العربي إلى حدود السند في الشرق وجنوب فرنسا في الغرب.
وكما قال إدارد جيبون في إحدى أكثر كتاباته شهرة :" خط الانتصار امتد من صخرة جبل طارق إلى ضفاف اللوار؛ الاستمرار في ذلك كان يمكن أن يؤدي إلى أن يصل المسلمون إلى حدود بولندا والأراضي في اسكتلندا؛ فنهر الراين ليس أقل وعورة من النيل, وربما كان من شأن الأسطول العربي أن يبحر إلى بداية نهر التايم. وربما كان تفسير القرآن يدرس الآن في مدارس أكسفورد وربما كان المختونون يقفون على المنابر ليظهروا للناس الوحي الذي نزل على محمد".
ولكن بعد القرن الأول, أصبح تاريخ الخلافة أكثر اضطرابا ودموية وتنازعا مما يعرفه الكثيرون. في معظم التاريخ الإسلامي تنازع على لقب الخليفة عدد من الزعماء الذين كانوا يتوقون إلى إضفاء شرعية العاجز على الفتوحات التي كانت متحققة أصلا – الأمر الذي يفضل الإسرائيليون تسميته "بالحقائق على الأرض". وكما هو سائد في الشرق الأوسط, فإن الدين هو القناع الأكثر استخداما من قبل الأقوياء كطريقة للتشبث بالسلطة.
مع بداية القرن العاشر, تنازع على لقب الخلافة نظامين من أنظمة الحكم التي كانت سائدة آنذاك – الدولة الفاطمية الشيعية الموجودة في القاهرة والخلافة العباسية السنية في بغداد. بعد وقوع بغداد في يد المغول عام 1261 وموت آخر خليفة عباسي في المدينة, أخذ المماليك لقب الخلافة في مصر على أساس أن أحد آخر سليلا من العباسيين الضائعين وصل إلى القاهرة.
عندما سيطر العثمانيون على المماليك في مصر 1517 ادعوا الخلافة لأنفسهم, ولكن وبعد وقت قريب تنازع معهم منافسيهم على هذا اللقب, وهم المغول العظماء في الهند. في عام 1579, أعلن إمبراطور المغول, أكبر, نفسه خليفة للزمان, وبقي اسم الخليفة لقبا يسبغ على المغول حتى عام 1858, عندما تم نفي آخر الحكام المغول بهادر شاه ظافر, إلى رانغون على يد البريطانيين.
إضافة إلى هؤلاء االأباطرة للإمبراطورية الإسلامية الضخمة, كان هناك على متداد التاريخ الإسلامي أشخاص صوفيون غريبو الأطوار أعلنوا أنفسهم خلفاء – زعماء خلافة سوكوتو في القرن التاسع عشر في نيجيريا على سبيل المثال- قبل أن تثبت عليهم الهرطقة ويتم عزلهم من السلطة.
من المبكر جدا تحديد أي من هذه الأنواع ينتمي إليها البغدادي وما إذا كانت الدولة الإسلامية تمثل فترة فاصلة وجيزة من الفوضى التي تعم في العالم الإسلامي أو أنها تمثل بداية جديدة لدولة جهادستان التي سوف تنجح في وضع مكان لها على الخارطة.
بغض النظر عن شذوذ الإعلان الذاتي أو الأسس القانونية الواهية, فإنه لا يمكن إلا أن يكون هنالك صدى لذلك في العالم الإسلامي, مع هذه اللحظة من عدم الاستقرار, و اشتعال الأمور في سوريا والعراق, والاضطراب السائد في مصر وذبح إسرائيل لشعب غزة من جديد, فإن ذلك حتما سوف يجذب الجهاديين من جميع انحاء العالم ليكونوا تحت راية الدولة الإسلامية.
ليس مريحا أبدا الشعور بأن المأساة الفظيعة التي تسود في العراق الآن هي فوضى من صنع أيدينا كليا.

The Isis demand for a caliphate is about power, not religion
William Dalrymple
The Guardian, Sunday 13 July 2014 17.00 BS
On 3 March 1924, the Dolmabahçe Palace in Istanbul was surrounded by Republican Turkish troops. Inside, the last Ottoman caliph, Abdülmecid II, was reading the essays of Montaigne. Late that night, the prefect of police came to tell him that Ataturk's new assembly in Ankara had just voted to abolish the caliphate and that he was to leave the country at dawn.
Photographs of the last caliph show an elderly, intellectual figure in a fez, kaftan and pince-nez, absorbed in the books of his library. Here he composed classical music and read the complete works of Victor Hugo, while cultivating his gardens and painting portraits of his family. But the following morning, he and his family were escorted into exile in Europe aboard the Orient Express, eventually settling in Nice. He was never allowed to return.
A few years later, the last caliph was spotted by the correspondent of Time magazine. "He may be seen strolling with a mien of great dignity along the beach near Nice," the reporter wrote, "attired in swimming trunks only, carrying a large parasol."
His daughter married into the family of the Nizam of Hyderabad, and whatever the dreams of the Islamic world, there has been little interest among Abdülmecid's family to revive the office that Ataturk took from them.
In the absence of a descendant to fill the vacancy, the position of caliph was claimed by Abu Bakr al-Baghdadi during midday prayers just over a week ago in Mosul. Al-Baghdadi is the elusive leader of Isis, the group formerly known as Islamic State of Iraq and the Levant, which has self-contracted itself into the Islamic State.
Clad in black robes, al-Baghdadi cut a rather different figure from his predecessor, whose favourite reading was the Revue des Deux Mondes. Instead, during his hour-long sermon in which "Caliph Ibrahim" announced his elevation, the only literary references given were to the Qur'an and the Hadiths.
The restoration of the caliphate has been a dream of Islamic revivalists since at least the 1950s, when Hizb ut-Tahrir began calling for its resurrection. The Taliban leader Mullah Omar went as far as claiming for himself one of the caliph's traditional titles, Amir al-Mu'minin, the commander of the believers; the restoration of the caliphate was often mentioned by Osama bin Laden as his ultimate goal.
But al-Baghdadi is the first Islamic leader since Abdülmecid to take the title, which, for many Muslims, distils deep millennial dreams of a great, just, pure multinational empire of faith – the nearest thing the Islamic world has ever seen, so the Islamists will insist, to heaven on Earth. Nostalgia for this lost world is directly associated with the golden age of early Islam, when under the leadership of the first four caliphs – the successors [of Muhammad] – Islam expanded from the Hejaz out through the Levant to borders of Sindh in the east and southern France in the west.
As Edward Gibbon put it in one of his most celebrated passages: "A victorious line of march had been prolonged from the Rock of Gibraltar to the banks of the Loire; the repetition of an equal space would have carried the Saracens to the confines of Poland and the Highlands of Scotland; the Rhine is not more impassable than the Nile, and the Arabian fleet might have sailed into the mouth of the Thames. Perhaps the interpretation of the Qur'an would now be taught in the schools of Oxford, and her pulpits might demonstrate to a circumcised people the truth of the Revelation of Mahomet."
Yet, beyond this first century, the history of the caliphate is far more troubled, bloody and contested than many realise. For most of Islamic history the title of caliph has been disputed by a succession of Muslim leaders who were anxious to give sacral legitimacy to conquests already achieved – what the Israelis like to call "facts on the ground". As ever in the Middle East, religion is a useful mask assumed by the powerful as a way of holding on to power.
By the early 10th century, the title of caliph was contested by the two leading Islamic polities of their day – the Shia Fatamid empire based in Cairo and the Sunni Abbasid caliphate of Baghdad. After Baghdad fell to the Mongols in 1261 and the last Abbasid caliph died in the sack of the city, the title was claimed by the Mameluks in Egypt on the basis of one stray descendant of the last Abbasid who had made his way to Cairo.
When the Ottomans took Mameluk Egypt in 1517, they claimed the caliphate for themselves, though this was soon disputed by their rivals, the Great Mughals of India. In 1579, the Mughal emperor, Akbar, declared himself khalifatu'l-zaman, the caliph of his time, and khalifa remained one of the imperial title of the Mughals right up to 1858, when the last Mughal, Bahadur Shah Zafar, was packed off to exile in Rangoon by the British.
In addition to these imperial leaders of huge Muslim empires, throughout Islamic history there has been a succession of eccentric millennial Islamist mystics who have briefly declared themselves caliph – the leaders of the Sokoto caliphate in 19th century Nigeria, for example – before being declared heretical and falling from power.
It is too early to say to which of these traditions al-Baghdadi belongs and whether Isis represents a brief interlude of Islamist anarchy or marks the beginning of a permanent new jihadistan which will succeed in establishing itself on the map.
Nevertheless, for all the eccentricity of the self-declaration or its flimsy legal basis, it cannot but have great resonance through the Islamic world, coming at a moment of such destabilisation, with Syria and Iraq ablaze, Egypt restive and Israel slaughtering the people of Gaza afresh. It will inevitably attract jihadis from across the globe to the Isis banner.
It is no comfort that the terrible tragedy of Iraq is entirely a mess of our own creation.
http://www.theguardian.com/commentisfree/2014/jul/13/isis-caliphate-abu-bakr-al-baghdadi-jihadi-islam