الرئيسة \  رؤية  \  معركتنا في طور جديد بين تتار الأمس وتتار اليوم أمتنا في مواجهة التحالف الصادّ الصفوي–الصهيوني–الصفوي

معركتنا في طور جديد بين تتار الأمس وتتار اليوم أمتنا في مواجهة التحالف الصادّ الصفوي–الصهيوني–الصفوي

20.07.2014
زهير سالم




( 1 )
قريبا من نصف قرن استمرت معركة أمتنا مع التتار الذين اجتاحوا وقتلوا وانتهكوا ودمروا وانتصرت بانتصارهم الهمجية على الإنسانية، والخراب على العمران ، ثم لم تلبث أمة الحضارة أن كرت بعد ما فرت . وأعادت لإنسانية الإنسان وجهها السمح الألق . وفي قلب الظلمات كانت هناك نجوم تتقد تناساها التاريخ . وبينما سقطت بغداد في اثني عشر يوما قاومت بلدات ومدن أشهرا بل أعواما طويلة . لتثبت أن النصر في إرادة الإنسان وفي عزيمته وليس في سور ولا عدد ولا عدة ..
منذ أسبوع انغمست في قراءة تاريخ الهجمة التترية فكنت أعيشها خبرا في كتاب وحربا مبيرة يديرها الحرب الصاديّ على أمتنا ( الصفوي – الصهيوني – الصليبي ) على الشام أعلاه في سورية وأسفله في فلسطين ، كما على عراق المنصور والرشيد . وبينما كان التتري يعيث فسادا على الجغرافيا المسلمة من تركستان إلى بخارى وسمرقند إلى بغداد وحلب ودمشق وغزة ( لتبقى خارطة المدن الأربع الأخيرة في سياقاتها التاريخية والمعاصرة ) كان الأمراء ( المسلمون ) والقادة العسكريون يتبادلون المكر ويتنافس كثير منهم على مواقع العمالة للتتري لعله يؤخر ساعة موت هو على يقين أنها منه قريب ..
لم يعش المؤرخ عز الدين ابن الأثير المتوفى سنة 630 سنوات سقوط بغداد ، ولا ما كان بعدها من سقوط حلب ودمشق ومدن فلسطين . وإنما عاش الهزيمة عن بعد يوم كان المسلم يرى أن ما يحل في تركستان وأفغانستان و بخارى وسمرقند وبلاد الشرق يحل في داره وعلى أهله وذويه. كتب ابن الأثير مقدمة في تأريخ هذه الحقبة متوجعا محللا تستحق منا أن نقرأها . أرجو ألا يدخلك سأم ولا ملل وأنت تقرأ ما سأنقله عنه في هذه الصفحات من تحليل وتفسير.
تذكر وأنت تقرأ التفسير المقارنة عند ابن كثير بين وقعة بختنصر في بني إسرائيل وبين حديث المحرقة النازية اليوم . ابن الأثير يقول إن وقعة التتار في جنب المسلمين حتى قبل سقوط بغداد كانت أكبر من وقعة بختنصر في بني إسرائيل لنقول نحن اليوم إن ما يقترفه هولاكو القرن الحادي والعشرين بشار الأسد فاق جريمة هولاكو التاريخ وهولاكو القرن العشرين النازي في هولكسته ضد اليهود ..
وإليك ما قدم به ابن الأثير لحرب التتار على الأمة أذكر مرة أخرى أن ابن الأثير توفي رحمه الله سنة 630 أي قبل سقوط بغداد بربع قرن ..
كتب ابن الأثير
الكامل في التاريخ المجلد 12 / 358 ...
( لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها ، كارها ذكرها فأنا أقدم إليه رجلا وأؤخر أخرى ، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين ؟! ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك ؟! فليت أمي لم تلدني ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسيا منسيا . إلا أني حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف ، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعا ، فنقول : هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمى والمصيبة الكبرى التي عقمت الأيام والليالي عن مثلها عمت الخلائق وخصت المسلمين، فلو قال قائل إن العالم مذ خلق الله سبحانه وتعالى أدم لم يبتلوا بمثلها لكان صادقاً . فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها .
ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث ما فعله بخت نصر لبني إسرائيل من القتل وتخريب بيت المقدس ، وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعين من البلاد التي كل مدينة منها أضعاف البيت المقدس ؟! وما بنو إسرائيل بنسبة إلى ما قتلوا فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بني إسرائيل ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم وتفنى الدنيا إلا يأجوج ومأجوج . ( ماذا كان سيكتب ابن الأثير لو رأى ما يفعله بشار الأسد وحلف الصاد بأهل الشام الأعلى والأسفل اليوم ؟!)
وإما الدجال فإنه يبقي على من أتبعه ويهلك من خالفه ، وهؤلاء لم يبقوا على أحد بل قتلوا النساء والرجال والأطفال وشقوا بطون الحوامل وقتلوا الأجنة فإن لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وهذه الحادثة التي استطار شررها وعم ضررها وسارت في البلاد كالسحاب استدبرته الريح فإن قوماً خرجوا من أطراف الصين فقصدوا بلاد تركستان مثل كاشغر وبلاساغون ثم منها إلى بلاد ما وراء النهر مثل سمرقند وبخارى وغيرهما فيملكونها ويفعلون بأهلها ما نذكره . ثم تعبر طائفة منهم إلى خراسان فيفرغون منها ملكاً وتخريباً وقتلاً ونهباً ، ثم يتجاوزنها إلى الري وهمذان وبلد الجبل وما فيه من البلاد الى حد العراق، ثم يقصدون بلاد اذربيجان وأرانيّة ويخربونها ويقتلون أكثر أهلها ولم ينجُ إلا الشريد النادر في أقل من سنة .
ثم لما فرغوا من أذربيجان وأرانيّة ساروا إلى دربند شروان فملكوا مدنه ولم يسلم غير القلعة التي بها ملكهم . وعبروا عندها إلى بلد اللان واللكز ومن في ذلك الصُّقع من الأمم المختلفة فأوسعوهم قتلاً ونهباً وتقتيلاً ثم قصدوا بلاد قفجاق وهم من أكثر الترك عددا فقتلوا كل من وقف لهم فهرب الباقون إلى الغياض ورؤوس الجبال وفارقوا بلادهم واستولى هؤلاء التتر عليها . فعلوا هذا في أسرع زمان ولم يلبثوا إلا بمقدار مسيرهم لا غير .
ومضى طائفة أخرى من هؤلاء القوم إلى غزنة وأعمالها وما يجاورها من بلاد الهند وسجستان وغرمان ففعلوا فيه ما فعلوا بأولئك وأشد .
وهذا ما لم يطرق الأسماع مثله فإن الاسكندر الذي اتفق المؤرخون على أنه ملك الدنيا لم يملكها بهذه السرعة إنما ملكها في نحو عشر سنين .
ولم يقتل أحداً وإنما رضي من الناس بالطاعة وهؤلاء ملكوا أكثر المعمور من الأرض وأحسنه وأكثره عمارةً وأهلاً وأعدل أهل الأرض أخلاقا وسيرةً في نحو سنةٍ ولم يبق أحدٌ في البلاد التي لم يطرقوها إلا وهو خائف يتوقعهم ويترقب وصولهم إليه . ثم إنهم لا يحتاجون إلى ميرة ومدد يأتيهم فإنهم معهم الأغنام والبقر والخيل وغير ذلك من الدواب يأكلون لحومها لا غير . وأما دوابهم التي يركبونها فإنها تحفر الأرض بحوافرها وتأكل عروق النبات لا تعرف الشعير فهم إذا نزلوا منزلاً لا يحتاجون شيئاً من الخارج .
أما ديانتهم فإنهم يسجدون لشمس عند طلوعها ولا يحرّمون شيئاً فإنهم يأكلون جميع الدواب حتى الكلاب والخنازير وغيرها . ولا يعرفون نكاحاً بل المرأة يأتيها غير واحد من الرجال فإذا جاء الولد فلا يعرف أباه .
ولقد بلي الإسلام والمسلمون في هذه المدة بما لم يبتلَ به أحد من الأمم منها هؤلاء التتر قبحهم الله أقبلوا من المشرق ففعلوا من الأفعال التي يستعظمها كل من سمع بها . ومنها خروج الفرنج لعنهم الله من المغرب ( الغرب ) الى الشام وقصدهم ديار مصر وملكهم ثغر دمياط وأشرفت ديار مصر والشام وغيرها على أن يملكوها لولا لطف الله تعالى ونصره عليهم .
ومنها – ومن الأمور التي أبتلي بها المسلمون أن الذي سلم من هذان الطائفتين من المسلمين فالسيف بينها مسلول والفتنة قائمة على ساق فإنا لله وإنا إليه راجعون..
نسأل الله أن ييسر للإسلام والمسلمين نصرا من عنده فإن الناصر والمعين والذابّ عن الإسلام والمسلمين معدوم . (( وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ.)) انتهى النقل ..
بين هولاكو الأمس وهولاكو القرن الحادي والعشرين بشار الأسد ، بين تتار الأمس وبين حلف الصاد الصفوي الصهيوني الصليبي فماذا نعيد وماذا نزيد ...؟!
22 رمضان / 1435
20 / 7 / 2014
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232827
zuhair@asharqalarabi.org.uk