الرئيسة \  مشاركات  \  من دفتر الذاكرة : درس من التاريخ .. ثانيا - درس من سوريا

من دفتر الذاكرة : درس من التاريخ .. ثانيا - درس من سوريا

04.01.2023
المهندس هشام نجار

من دفتر الذاكرة : درس من التاريخ .. ثانيا - درس من سوريا


المهندس هشام نجار

أعزائي القراء ..
تكلمنا بالامس عن اولاً - "درس من ليبيا".
تعالوا معاً نتحدث اليوم عن ثانياً :" درس من سوريا" مركزين على موضوع هام هو مصادر الطاقة من بترول وغاز. وكيف تم إحالة هذه المصادر بشكل مقصود إلى أنظمة حاكمة عميلة استقرت أرباحها في جيوب الحاكم وعملائه، تماما كما أشرت بالامس عن بترول ليبيا وكيف استقر في جيب القذافي وعصابته ليتم استنزافه عن طريق اسلوب الصراخ والهتافات وبيع الوطنيات ، لتضيع ثروات البلد بالنهاية في حسابات الدول الكبرى وجيوب الحكام الفاسدين . فلو كانت الثروة في سوريا بيد أبناء الوطن بنظام ديموقراطي لاصبحنا اليوم مركز استقطاب عالمي من الناحية التكنولوجية والصناعية وقلعة علمية لاتضاهى، فإحالة ثروة الطاقة للعملاء الحكام كانت احدى ركائز المؤامرة على الأمة العربية.
نعود إلى سوريا ولنبدأ منذ ساعة الصراخ الإعلامي الممزوج بالطبل والمزمار واغنية بترول العرب للعرب
https://youtu.be/gwspOCKiB4s
فكانت هذه الأغنية إشارة البدء لنهب ثروة سوريا، ليكتشف الشعب أن ذاك البترول ليس إلا للطائفة الحاكمة العميلة فملايين البراميل تسرق بشكل يومي من حساب الشعب المسكين !
أعزائي القراء..
بدأ الإنتاج الأولي للنفط في سوريا عام 1967 . أما الإنتاج الفعلي فقد بدأ سنة 1968 بعد أن تم إنشاء أول محطة ضخ في تل عدس شمال شرق سوريا . حيث تم ضخ النفط عبر خط نقل الخام الممتد من المحطة إلى مرفأ طرطوس عبر مصفاة حمص ووصلت أول شحنة نفطية للتصدير إلى مرفأ طرطوس في آيار 1968 .
بدأ التخطيط بوضع اليد على البترول رسمياً منذ تاسيس شركة الفرات للنفط عام 1980 ومن يومها بدأ الشعب يغني اغنية قارئة الفنجان للمرحوم نزار القباني بشكل مختلف:
جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجاني المقلوب
قالت يا ولدي لا تحزن فالنهب عليك هو المكتوب
ياولدي ..
يوجد في سوريا حقول نفطية مهمة، موزعة على محافظات متعددة غالبها في المنطقة الشرقية من البلاد، حيث تحتوي محافظة دير الزور على الحقل النفطي الأكبر وهو "حقل العمر"، ويأتي "حقل التنك" كثاني أكبر حقل ويقع في بادية الشعيطات بريف دير الزور، بالإضافة إلى حقول الورد والتيم والجفرة وكونيكو، وفي محافظة الحسكة يوجد حقل رميلان ومصفاة الرميلان.
ويقدر الخبراء أن آبار النفط الموجودة في حقل الرميلان تبلغ 1322 بئرًا، أما في ريف حمص فيوجد "حقل الشاعر"، بالإضافة إلى مدينة تدمر التي تضم عدة مناطق نفطية أهمها جحار والمهر وجزل، من كل هذه الآبار لم يستطع السوريون في يوم من الأيام الاستفادة من خيراتها وثرواتها، عدا عن أنها لم تدخل في عملية التطوير والتنمية المفترض حدوثها.
فمنذ تأميم شركات النفط وبدء الإنتاج عمل على أن تكون مالية النفط بمنأى عن الأنظار ولا تدخل في ميزانية الدولة إلا ما ندر، بل كانت تذهب إلى جيوب آل الأسد ومن حولهم، عدا عن ذلك فقد كان يُباع النفط السوري بعيدًا عن الأنظار في الأسواق غير الشرعية.
يقول الدكتور الخبير سهيل الحمدان "النفط ‏ينتج بكميات كبيرة بالمنطقة الشرقية، لكن نظام الأسد ومنذ منتصف الثمانينيات كان ‏‏يدخل جزءًا منه إلى الموازنة ويبيع الباقي لحسابه"، ويضيف الحمدان ‏"كان الإنتاج الحقيقي منذ منتصف الثمانينيات وحتى 2008 يتراوح بين 1.4 و1.6 ‏مليون برميل يوميًا يدخل رأس النظام ثلاثمئة ألف برميل إلى خزينة الدولة والباقي يسرقه".
بدأت سرقة النفط السوري على يد نظام مؤسس عصابة" الصمود" منذ بدء الإنتاج، وامتلكت عائلة الأسد 65% من الشركة إلى جانب شركات أجنبية برئاسة شركة هولندية. كان مسير الأعمال لها محمد مخلوف خال رئيس نظام العصابة السورية بشار الأسد، وفي ذات العام أسس محمد مخلوف شركة ليدز النفطية وامتلكها مناصفة مع نزار مخلوف، لكن محمد مخلوف سجل حصته باسم شقيق زوجته غسان مهنا.
وصل محمد مخلوف إلى نفوذ واسع حتى أنه استعان بخبراء من بريطانيا مع سماسرة لبنانيين في تأسيس إمبراطورية النفط الخاصة به، إذ كان يفرض نسبة مئوية من أي صفقات نفطية تتم في سوريا، مستخدمًا نفوذه مع العائلة الحاكمة".
اليوم تصل ثروة آل اسد فقط حوالي 20 مليار دولار أضيفوا إليها سرقات الحاشية والمقربين .
أما اليوم ، فقد انتقل إنتاج الغاز والبترول إلى قسد ومهربين من عصابة أسد لتنتقل اكبر ثروة سورية من لصوص على هيئة حكام تم تعيينهم من قبل إسرائيل إلى لصوص تدربوا على يد الولايات المتحدة وعصابات التهريب .
لم يكتف لصوص آل أسد بهذه السرقات فقد دعمت الولايات المتحدة طلبات حافظ اسد من السلاح الروسي عن طريق تمويل خليجي من أجل "التوازن الإستراتيجي مع العدو الصهيوني" ، فوصل السلاح بالديون والقروض ووضع ايضاً ثمنه بالجيوب، ليتبين لاحقاً ان هذا السلاح استعمل للتدرب على قتل الشعب السوري ، فمن اجل ذلك اعطي الضوء الاخضر من الولايات المتحدة لدول الخليج بدفع مخصصات التوازن الإستراتيجي.
لقد كانت سرقة اموال الشعب السوري وخيراته تسير وفق خطة إستراتيجية حتى تمنع تقدم هذا الشعب من وصوله لمراتب الدول المتقدمة. يوم سميت سوريا في أوائل خمسينات من القرن الماضي ب"يابان الشرق الاوسط "
أعزائي القراء ..
في عام 1952 زار رئيس وزراء ماليزيا ﻣﻬﺎﺗﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺩﻣﺸﻖ ، ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻮﺭﻳﺎ يومها ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻭﻣﻨﻔﺘﺤﺔ ﺻﻨﺎﻋﻴﺎً ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ رغم مرور 6 سنوات فقط على استقلالها , و امتازت ﺻﻨﺎﻋﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺠﻮﺩﺓ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻫﺎ بالقوة ولم يكن البترول والغاز والفوسفات مستثمراً، بل كانت الوطنية والصدق والامانة وتعيين الخبرات في المكان المناسب هو استثمار سوريا ، وهذا الاستثمار هو المقياس الأول في بناء الدول مهما كانت ثروتها .. ﺭﺃﻯ ﻣﻬﺎﺗﻴﺮ محمد ﺫﻟﻚ ، ﻭﺭﺃﻯ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ
ﻓﺎﻧﺒﻬر ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﺳﺘﺎء ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﻠﺪه ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻘﻴﺮﺓ ﻭﻣﺘﺄﺧﺮﺓ ،و ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺭﺃﻯ تقدم ﺳﻮﺭﻳﺎ، ﻗﺎﺭﻧﻬﺎ ﺑﺒﻠﺪه وﻗﺎﻝ: (ﺳﺄﺟﻌﻠﻦ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ ﺳﻮﺭﻳﺎ)! ووصل لهدفه بفضل المثال السوري .
إخواني الاعزاء ..
سوريا كانت ثانياً في سلسلة هذه المقالات ، وعليكم اضافة ثالثاً و رابعاً وخامساً . .. حتى تستكملوا الحقائق عن دولنا العربية ، ونتعرف جميعاً على أسباب تأخرنا حتى سبقتنا دول لم تكن مسجلة على الخارطة.