الرئيسة \  تقارير  \  من هو ديفيد لامي؟

من هو ديفيد لامي؟

10.07.2024
كون كوخلين



من هو ديفيد لامي؟
كون كوخلين
المجلة
الثلاثاء 9/7/2024
من الممكن أن تؤدي نتائج الانتخابات العامة التي تجرى في المملكة المتحدةفي 4 يوليو/تموز إلى قيام حكومة جديدة في لندن تتبنى نهجا مختلفا جذريا في سياستها تجاه الشرق الأوسط، وذلك في حال تحقيق "حزب العمال" نصرا انتخابيا في الاقتراع، كما تتوقع استطلاعات الرأي، ومجيء الزعيم اليساري ديفيد لامي في منصب وزير الخارجية البريطاني المقبل.
على مدار الـأعوام الاربعة عشرةالماضية، أعطت حكومات المحافظين الأولوية لبناء والحفاظ على علاقات قوية مع الحلفاء الإقليميين الرئيسين، بما في ذلك إسرائيل والشركاء العرب الراسخون مثل السعودية. بالإضافة إلى ذلك، منذ عام 2010، اتخذت الحكومات المحافظة باستمرار موقفا صارما ضد الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل "حزب الله" و"حماس" و"داعش"، ولعبت المملكة المتحدة دورا كبيرا في الجهد العسكري الذي انتهى بهزيمة تنظيم "داعش" في سوريا، وقد صنفت كلا من "حزب الله" و"حماس" كمنظمتين إرهابيتين.
كما اتخذ المحافظون باستمرار موقفا متشددا من طموحات إيران النووية، وانتقدوا بانتظام الزعماء الدينيين الإيرانيين بشأن برنامجهم لتخصيب اليورانيوم. ولم تتوان الطائرات الحربية البريطانية مؤخرا عن عمل عسكري لإحباط الضربة الصاروخية والمسيّرات الإيرانية ضد إسرائيل في أبريل/نيسان الماضي، وكانت تلك سابقة في هذا الميدان.
غير أن هذه الركائز الأساسية للسياسة الخارجية البريطانية تجاه الشرق الأوسط ربما كانت على وشك ان تشهد تغييرا جذريا، إذا ما حقق ديفيد لامي، وزير خارجية حزب العمال البريطاني المعارض الرئيسي في حكومة الظل الحالية، طموحه القديم في أن يغدو وزير خارجية بريطانيا القادم إذا فاز حزب العمال في الانتخابات المقبلة، يوم الخميس.
إن الانتقال إلى مكتب وزير الخارجية الشهير المفروش بألواح خشب البلوط في الطابق الثالث من مبنى الخارجية والكومنولث والتنمية المطل على "وايتهول"، وتعيينه في إحدى وزارات الدولة الأربع الكبرى في الحكومة البريطانية، سيكون إنجازا مفصليا في مسيرته المهنية، بالنظر إلى بداياته المتواضعة.
ولد لامي عام 1972 في إحدى المناطق الفقيرة في لندن لأبوين غيانيين، والتحق بالمدارس الحكومية، فحقق نجاحا أكاديميا، ودرس القانون في جامعة لندن، ثم التحق بعدها بكلية الحقوق بجامعة هارفارد، ليصبح أول بريطاني من أصول أفريقية يفعل ذلك.
وبدأت المسيرة السياسية لديفيد لامي في عام 2000 عندما أصبح واحدا من أصغر نواب حزب العمال، ممثلا عن توتنهام. ومنذ ذلك الحين، شغل عدة مناصب وزارية في مجالات الصحة والتعليم والعدل والأعمال. وفي عام 2021، عينه زعيم "حزب العمال" كير ستارمر وزير الظل للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية. وفي حال فوز "حزب العمال" المتوقع في الانتخابات المرتقبة، فإن خبرة وإنجازات لامي ستؤهله ليصبح وزير الخارجية القادم.
وبرز لامي، وهو متزوج ولديه ثلاثة أطفال، لأول مرة، داخل حركة العمال، بفضل حملته التي ركزت على قضايا المساواة العرقية، وفي الماضي كان قريبا من التيار اليساري المتشدد داخل "حزب العمال"، مثل زعيم الحزب السابق جيريمي كوربن، وعمدة لندن السابق كين ليفينغستون.
تحولت آراؤه الصريحة، خاصة منذ أن أصبح المتحدث الرسمي باسم "حزب العمال" بشأن السياسة الخارجية، لتغدو، في كثير من الأحيان، مصدرا للجدل
وقد تحولت آراؤه الصريحة، خاصة منذ أن أصبح المتحدث الرسمي باسم "حزب العمال" بشأن السياسة الخارجية، لتغدو، في كثير من الأحيان، مصدرا للجدل، مما دفع بعض كبار الشخصيات في "حزب العمال" إلى التساؤل عن صوابية تعيينه وزيرا للخارجية– الذي إن حدث سيجعله ثاني نائب أسود يتولى هذا المنصب بعد وزير الخارجية الأسبق جيمس كليفرلي عن "حزب المحافظين".
ومن المؤكد أن تعيينه سيجعله عرضة لتدقيق مكثف في وقت يشهد فيه العالم أكبر قدر من الاضطرابات منذ نهاية الحرب الباردة، نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022 والصراع في غزة بين إسرائيل و"حماس".
وكان لامي قد أثار في السابق، بالفعل، جدلا بسبب تعليقاته الصريحة بشأن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الذي وصفه في مقال لمجلة "تايم" عام 2018 بأنه "معتل اجتماعيا وكاره للمرأة ومتعاطف مع النازيين الجدد"، وأنه يشكل "تهديدا عميقا للنظام الدولي". وتسبب في انزعاج البعض عندما أشار إلى أنه سيعيد بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وقام بالفعل بحملة لتحقيق ذلك إذا فاز "حزب العمال" وشكل الحكومة.
وقد أحرجت إدانته المستمرة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستارمر، الذي كان يحاول دوما أن يتجنب الخوض في هذه القضية خلال الحملة الانتخابية بسبب حساسيتها البالغة.
وفي الآونة الأخيرة، تسبب تدخله في عدد من القضايا الرئيسة المتعلقة بالشرق الأوسط في مزيد من الجدل، مما أثار تكهنات بأن ستارمر قد يقرر عدم تعيينه في منصب وزير الخارجية في حالة فوز "حزب العمال".
أخيرا دعم لامي الخطوة الأخيرة التي اتخذها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكدا أن "القانون الدولي يجب أن يُحترم"، وقد أحدث قراره ذاك ضجة بين الدبلوماسيين المخضرمين في وزارة الخارجية. وأثيرت، فوق ذلك، مخاوف بشأن مدى ملاءمة الرجل بالفعل للتعامل مع السياسة الخارجية بعد أن أعلن في معهد تشاتام هاوس في لندن أن "حزب العمال" سيعترف بدولة فلسطين إذا شكل الحكومة المقبلة.
تصريحات لامي الصريحة حول ترمب هي التي تثير القلق الأكبر بين كبار الشخصيات في "حزب العمال"
ومع ذلك، فإن تصريحات لامي الصريحة حول ترمب هي التي تثير القلق الأكبر بين كبار الشخصيات في "حزب العمال"، خاصة مع زيادة احتمالية عودة الرئيس الأميركي السابق إلى البيت الأبيض بعد الأداء الضعيف للرئيس جو بايدن في الاستطلاع الأخير الذي أجرته "سي إن إن" بين المرشحَين الرئاسييَن.
ولا بد من ملاحظة أن ستارمر رفض، قبيل الانتخابات العامة في المملكة المتحدة، تأكيد ما إذا كان سيعين لامي وزيرا للخارجية إذا فاز "حزب العمال"، رغم أنه أعلن اسمي وزير المالية ونائبه إذا شكل الحكومة المقبلة. وفيما يتعلق بتصريحات لامي المثيرة للجدل حول ترمب، قال ستارمر: "هذه ليست كلمات ترد على لساني أبدا".
ودفعت إمكانية أن يصبح لامي وزيرا للخارجية وزير الخارجية الحالي، اللورد ديفيد كاميرون، من "حزب المحافظين"، إلى انتقاد كل من ستارمر ولامي باعتبارهما غير مؤهلين لقيادة المملكة المتحدة، مدعيا أنهما "ساذجان بشكل لا يمكن إصلاحه" في قضايا الأمن العالمي المهمة.
وفي حال تراجع ستارمر عن تعيين لامي وزيرا للخارجية، فسيكون أحد البدائل أمامه الوزير العمالي السابق دوغلاس ألكسندر، الحليف الوثيق لرئيس الوزراء السابق توني بلير، إذا ما تمكن من استعادة مقعده كعضو في البرلمان.
والمعروف أن بلير، الذي يلعب دورا خلفيا في حملة "حزب العمال" للانتخابات العامة، يتمتع بعلاقات جيدة مع حلفاء المملكة المتحدة الرئيسين في الشرق الأوسط، ولا غرو في أن تعيين شخص يتبنى نظرة بلير نفسها، مثل ألكسندر، يمكن أن يطمئن الحلفاء المهمين بأن العلاقات مع المملكة المتحدة ستظل مستقرة تحت حكومة "حزب العمال" الجديدة.