الرئيسة \  مواقف  \  موقفنا - المشهد السوري (7 – 10) : هل يشكل تنظيم الدولة كل هذا الخطر على العالم أم أن العالم يهذي كما

موقفنا - المشهد السوري (7 – 10) : هل يشكل تنظيم الدولة كل هذا الخطر على العالم أم أن العالم يهذي كما

12.11.2015
زهير سالم


موقفنا
المشهد السوري (7 – 10)
هل يشكل تنظيم الدولة كل هذا الخطر على العالم
أم أن العالم يهذي كما الدواعش يهذون ..؟!




حقيقة القول في جمهور ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية أنهم مجموعة من الأفراد المتفاوتين علما وثقافة ووعيا وتطورا نفسيا ، وهم لا يملكون رؤية واضحة تجمعهم . ومفهوم الدولة الإسلامية ، أو "الخلافة الإسلامية" عندهم مفهوم حالم عدمي وماضوي ، مفهوم مضطرب ومشوش ، في ذهن كل واحد منهم ، وهم القادمون من منابت وأصول وسويات ثقافية مختلفة ، تصور خاص . وإن كانوا يشتركون جميعا في الحلم الوردي لمشروع إسلامي ضبابي يركز على الجزئيات ولا يرقى إلى الكليات ، ويتعلق بالتفصيلي ويغفل عن المقصدي ..
ولعل الذي يجمع أفراد هذا التنظيم وسواء كان الحديث هنا عن المئات أو مئات الآلاف هو ( النقمة ) أكثر من المشروع ؛ ولم تكن النقمة لتصلح يوما أن تكون مفتاحا لخير ، أو طريقا إلى أمل ؛ وربما تشترك في معاناة هذه العاهة النفسية الكثير من الحركات السياسية
ومبعث النقمة هذه هو معاناة مبرمجة ومكرسة تعيشها شعوب هذه الأمة، بعد انكسار بيضتها في الحرب العالمية الأولى ، حيث وضعت تحت رحى سياسات الفاعلين الكبار أو المستبدين الصغار في العالم العربي والإسلامي . تتفاوت قدرات النفوس البشرية بلا شك على احتمال الألم ، أو مقاساة المعاناة ، سواء وقعت هذه المعاناة على الشخص مباشرة أو وقعت على من يحبه ويواليه ، ويعتقد أن من واجبه أن يساعده وينصره ويحميه...
إن الأسوء في مشهد هذه المجاميع البشرية هو أن أعداءها أنفسهم بما يملكون من قدرة على الإدارة والسيطرة قد استطاعوا بطرق احترافية بالغة التعقيد أن يخترقوها ، وأن يملكوا قيادها ، وأن يوظفوها بالتالي في نقض أصل مشروعها ، وتشويهه بتشويهها ، وأن يستخدموها في إشاعة الإحباط ، وزيادة المعاناة ، للاستثمار في المزيد من النقمة ، في تصور شيطاني للعملية المتوالية لرطم الرأس بالجدار ...
ومهما يكن من شأن هذه المجاميع ، وما ينسب إليها حسب تصورات البعض من إنجازات ، أو حسب منطق آخرين من جنايات ..يبقى السؤال الأساس الذي تجدر الإجابة عليه ، في سياق موقف دولي يعمل على تعميق الاستثمار في وجود هذه المجاميع أو التنظيمات ، لقطع الطريق على أي أمل لشعوب هذه الأمة بأي شكل من أشكال العيش الإنساني الكريم . السؤال الأساس هو : هل يشكل تنظيم الدولة ومشتقاته حقا كل هذا الخطر على المنطقة والعالم ؟! هل هو حقا في هذا القدر من القوة ومن القدرات الخارقة بحيث يستحق كل هذا الحشد السياسي ، والتحالف العسكري ، للتصدي له ، وكأننا أمام غزو خارجي يقوم به سكان كوكب آخر من خارج مجموعتنا الشمسية ؟!
ألا يذكرنا هذا النفخ الإعلامي بقدرة هذا التنظيم ، وبفظائع هذا التنظيم ، وبمخاطر هذا التنظيم بسياسات الرئيس بوش الأب بالحشد الثلاثيني لإخراج العراق من الكويت ، أو بفعل بوش الابن وهو يستعد إلى غزو العراق حين تحول الجيش العراقي بقدرة قادر إلى رابع جيش في العالم، كما كرروا وأكدوا ...؟!
ندرك نحن أبناء المنطقة جليا واضحا لا شك فيه أن هذا التنظيم سيزول كقوة مجسّمة أو جاثمة بمجرد انتهاء الدور المسند إليه والتي أريد توظيفه فيها . وسيعود إلى ما كان عليه قبل الثورة السورية المباركة ، صيغة جديدة من الألوية الحمراء ، تضرب ضرباتها خبط عشواء ...
ولو عدنا أدراجنا إلى الفظاعات التهويلية والتمثيلية التي استنفرت العالم على ثورتنا السورية بشكل خاص وعلى منطقتنا كلها بشكل عام ، نراها وقعت في مؤداها العام لمصلحة الولايات المتحدة ومصلحة روسية ومصلحة إيران ومصلحة إسرائيل وأخيرا وبكل تأكيد لمصلحة المجرم القاتل بشار الأسد. قصار النظر وحدهم هم الذين يرون تناقضا في المصالح على صعيد العلاقة مع الإسلام المسلمين بين هؤلاء الفرقاء . وقصار النظر وحدهم يظنون أن الدولة التي تقيم حفلا جنائزيا لأحد أبنائها لا تقبل ان تضحي به على مذبح تملك مفاتحه من أجل تحقيق مصلحة من مصالحها العليا ...
حين نعود إلى موجة إعدام بعض الناشطين والصحفيين الغربيين بالطريقة الهوليودية نفسها التي أودت وأدت بستيفن سوتلوف وجيمس فولي وديفيد هينز وبيتر كاسيج وإلى حرق معاذ الكساسبة ندرك اليوم وبعد ما يقرب من عام أن المسرحية قد أدت دورها وطويت أحداثها . بأمر آمر وتدبير مدبر ..
وحين نعود إلى مسرحية الفزعة لمعلولا ، ولعين العرب ، ولأهمها في سنجار وحديث اليزيدين اليزيديات والسبايا وسوق النخاسة ونداءات الاستغاثة المضخمة ... الحدث الذي استدعى امتداد القصف الجوي الأمريكي إلى سورية ، وأدى إلى تشكيل تحالف تنضم إليه حتى اليوم ستون دولة في العالم وتنافسه دولة عظمى أخرى والكل يتبارى في قتل السوريين وتدمير ديارهم ؛ نتأكد بعد مرور أكثر من عام أن الأمر لم يكن أكثر من فقاعة أدت دورها على الوجه الذي أراده الموظِفون والمستثمرون .
أليس عجيبا أن تكون نكاية تنظيم الدولة في الأب الإيطالي باولو غدرا وفي المسيحيين والأكراد واليزيدين ؛ وأن تكون هذه النكاية أكبر في المدنيين السوريين وفي القادة الميدانيين من المخالفين ؛ ولم تسجل لهذا التنظيم حتى الآن أي نكاية حقيقية في قواعد بشار الأسد وحاضنته من الموالين ؟! وهذا ليس تحريضا بل هو سؤال مشروع يطرحه أولو الألباب، وينتظرون عليه الجواب ..؟!
كل العقلاء في المنطقة والعالم يدركون أن تنظيم الدولة ليس في عشر معشار القوة ولا الخطر التي يشار إليه به ، والتي ينفخها فيه إعلام ( غلوبزي ) ما زال على مدى خمس سنوات يسوغ في سورية سفك كل هذه الدماء ، ويتستر على جرائم المجرم الأول بالتركيز على جريمة الثاني ...
رأينا وما زلنا نرى هذا التنظيم يهاجم حيث يريدونه أن يهاجم ، ويهادن حيث يريدونه أن يهادن وينتصر عندما يريدونه أن ينتصر ، وينسحب عندما يريدونه أن ينسحب وينهزم حيث يريدونه أن ينهزم .
 بالأمس فقط تم فك الحصار عن مطار كويرس في حلب في فيلم هوليودي مثلث الأبعاد . مطار كويرس المحاصر لمدة عامين وفيه ما يقرب من ألف إنسان : لم يتم اقتحامه ، يقولون ظل صامدا .. وظل على صلة بمن يموله و( المخرج عايز كده ) ...
وهذا التنظيم بما صُنع له ، ووظف فيه ، ما كان إلا ذريعة للمحاربين للإسلام الناقمين على المسلمين . علم ذلك من أفراد التنظيم من علمه وجهله من جهله (( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ )) ...
( وما كنا غائبين ) 
لندن : 28 / محرم 1437
11 / 11 / 2015
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk