الرئيسة \  مواقف  \  موقفنا : الانتخابات التركية : تركية سورية عربية إسلامية دولية بامتياز ، وثلاثة دروس للذكرى

موقفنا : الانتخابات التركية : تركية سورية عربية إسلامية دولية بامتياز ، وثلاثة دروس للذكرى

04.11.2015
زهير سالم




والبداية أن نوجه التهنئة للشعب التركي على نعمة الديمقراطية . ونعلم أنه لم يصل إلى هذه النعمة إلا بعد جهد وجهاد وصبر ومصابرة وتضحيات ، بذلتها قوى تركية مجتمعية إسلامية ويسارية طوال قرن من الزمان . وإذا كان من حق النعمة أن تُذكر وتُشكر ؛ فإن من المفيد في السياق أن نذكّر أن الشعب السوري يدفع كل هذه التضحيات لينعم بخياره الديمقراطي ، الذي نعم به الشعب التركي في أطوار متعددة منذ أن انهدمت دولة الأمة الجامعة ، وأقام العسكر التركي دولتهم الصفراء على أنقاض الدولة الكبرى ...
كما أنه من المفيد أن نتساءل ، ونحن نشهد تهافت كل المواضعات والمسلمات والقوانين الناظمة للصراع السياسي الساخن والبارد حول العالم : لماذا يتوافق أشرار العالم على اختلاف مللهم ونحلهم ومذاهبهم ونظرياتهم ومصالحهم وتطلعاتهم على الوقوف في وجه تحول ديمقراطي في سورية ، ولو في منطلق أولي ، يكفل حرية المواطن وكرامته ، كما هو الحال في تركية ، والتي ينعم بها كثير من شعوب الأرض ؟ يتساءل السوريون والمصريون والليبيون واليمنيون والعراقيون : لماذا يقطع هؤلاء الأشرار الطريق على مشروع ديمقراطي أولي في هذه الأوطان ؟! فيحاربون جميعا لمصادرة هذا المشروع في سورية ؟ و لماذا انقلبوا عليه في مصر ؟! سؤال نتركه مفتوحا ، مطروحا على كل العقول والقلوب ؛ ونحن نذكر الأشقاء في تركية بنعمة الله عليهم ، ونهنئهم بها ...
ثم التهنئة تالية لحزب العدالة والتنمية ، على ما حقق وأنجز ، التهنئة على الثقة التي أعادتهم إلى مواقع المسئولية ، ومواقع التضحية ، ومواقع التحدي على كل المستويات الداخلية والدولية والإقليمية ( الإسلامية والعربية والسورية ) منها بشكل خاص ، تهنئة مشفوعة بالدعاء لله تعالى أن يعين ويسدد ...
وإن من بعض الحق علينا – نحن السوريين – ونحن نرفع التحية والتجلة للشعب التركي ، ولحزب العدالة والتنمية وقواعده وجمهوره وناخبيه ، أن نقرن التهنئة بالشكر ، الشكر تلثغ به ألسنة الأطفال السوريين المشردين حول العالم ، مع دعاء بالتوفيق والتأييد يلهج به المتعبد في محرابه ، والساجد في سجوده ؛ فقد كان نصر حزب العدالة والتنمية في تركية نصرا لقضايا الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم أجمع ، ونصرا للمستضعفين في الأرض أجمع ولاسيما من المستضعفين الفلسطينيين والسوريين والمصريين والعراقيين والليبيين ..
كانت الانتخابات في تركية انتخابات تركية ، كما كانت انتخابات سورية فازت فيها قضية الحرية والكرامة في تركية وفي سورية ، وبالمفهوم نفسه كانت الانتخابات عربية وكانت إسلامية لقد زاد المسلم حول العالم تعلقا بها صلفٌ وغطرسةٌ طائفيان مقيتان ، تمارسهما إيران وزعانفها حول الإقليم ..
وللتأكد من دقة ما نكتب ونوصّف ننظر إلى من سرته هذه الانتخابات وهذه النتائج ومن ساءته ، من أراحته ومن غاظته ، من حرّض وحرّش ومن أنفق ليصد عن سبيل الله فكان ما أنفقه عليه حسرة ...
وكانت الانتخابات التركية انتخابات عالمية ، وكأنها عادت بالكثيرين إلى رهانهم يوم فرحوا وهزجوا وطربوا وانتشوا يوم : محا الخلافة من الأرض ماحي ..
سيكلفنا كثيرا من الرصد لو أردناه ، ولكنه لن يفوت القارئ بقليل من العناء أ، ن يتابع تعليقات الشماتة والتحريض ضد حزب العدالة والتنمية ، بين انتخابات حزيران – وتشرين الثاني / 2015 على ألسنة إعلاميين يدعون أنهم حداثيون أو ليبراليون ، وعلى صفحات إعلام يدعي أنه حر . الكثير من الكاتبين كانوا يندفعون بدوافع العقدة التي حالت بين تركية وبين الانضمام إلى الاتحاد الأوربي نفسها .
ومع كل ما سبق فقد كان في الانتخابات التركية دروس مهمة وعبر ناجزة لكل من يريد أن يستفيد من التجارب ، وأن يتعظ من العثرة والنصر على السواء ...
وكان الدرس الأول من ( حزيران ) العدالة والتنمية نفسه . من الفارس الذي عثر فجعل العثرة طريقا للنصر ...
وأول الدرس أنه لم يلق العدالة والتنمية عبء العثرة على الآخر ، لم يتعلل بالدولي والإقليمي والداخلي ولو أراد أن يفعل لوجد الكثير مما يقول، ويقوله بالحق ، ولو أراد لألقى العبء على الصهيوني والغربي والإيراني والروسي و( الأسدي ) و ( اللاجئ ) و( الموازي ) و ( الإثني ) و( المذهبي ) .. ولكننا لم نسمع من رجال وقيادات حزب العدالة والتنمية شيئا من هذا ، بل وقف أحمد داوود أوغلو أمام الشعب التركي وهو ينهض من عثرته وقال : أنتم أرسلتم رسالة ونحن سنقرأ الرسالة ، وسنعي الرسالة وسنستفيد من الرسالة جيدا ..
والتفت حزب العدالة والتنمية إلى رجاله وقال : من أنفسنا أُتينا . ثم عكفوا في ورشات جادة على قراءة رسالة الشعب التركي . وقفوا أمام المرآة بصدق وأصلحوا شأنهم بجدية بدون محاباة ولا مواربة ثم عادوا إلى الناس فانتصروا فهل من المستفيد ..
أيها العاثرون ... أيها المتوارون .. أيها الآفلون ..من أنفسكم أتيتم ، قل هو من عند أنفسكم ، ويعفو ربكم عن كثير
وكان الدرس الثاني من حزب الشعوب الحزب الذي كان إلى الكبوة أسرع منه إلى النهضة ...
وحزب الشعوب كانت لديه الفرصة ليكون حزبا صاعدا . وحزب الشعوب فيما وصل إليه هو بعض ثمرة حسن النية لدى حزب العدالة . جاءته الفرصة تسعى إليه ليكون شريكا فاعلا مؤثرا فأبى ..
أي عقل سياسي يجني على قومه مثل هذه الجناية ،غير عقل المزاودات ذات النبرة الحادة والصوت المتهدج ؟ ! لا ندري إذا كانت الفرصة ستتاح مرة أخرى لحزب الشعوب . ونحن ندرك أن حزب الشعوب ليس هو الحزب الممثل لأهلنا الكرد الذين نحب والذين نتمنى أن نجدهم شريكا مؤثرا فاعلا في كل مستويات المشاركة في تركية وسورية وفي العراق وإيران . هل كانت صدفة أن يكون ما حصل عليه الحزب القومي الذي يصف نفسه كرديا 10% والجبهة القومية التركية 12 % . ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) حزب البعث العربي ونظراؤه ومشتقاته هو الزبد الذي يذهب جفاء . وقد كان العقل السياسي يقتضي غير الذي فكروا وقدروا ودبروا وفرطوا وضيعوا وعسى ن يكون فيما حدث عبرة لقابل الأيام ...
إن معادلة حزب الشعوب هو أن يكون شريكا أو لا يكون .. وإذا قرر أن يكون شريكا فهو إما أن يكون شريكا مع العدالة أو مع حزب الشعب الجمهوري إذ يكون أو مع الحركة القومية فاسألوا العقل الشراكة أين تكون ..
والدرس الثالث من حزب الشعب الجمهوري والحركة القومية ؛ لقد آن الأوان ليعلموا هم ونظراؤهم في العالم أجمع أن بعض الأشرعة قد طويت ، وأن الإصرار على نشر الأشرعة الممزقة هو نوع من معاندة حركة التاريخ . فإما تجديد يلحق أصحابه بالعصر وإما محاصرة النفس في إطار البكاء على الشباب ...
بكيت على الشباب بدمع عيني ... فلم يغن البكاء ولا النحيب
وإياك أعني واسمعي ياجارة ...
لندن : 21 / محرم / 1437
3 / 11 / 2015
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk