الرئيسة \  مواقف  \  موقفنا : وجوه لئيمة باردة ميتة لا ينبض فيها عرق

موقفنا : وجوه لئيمة باردة ميتة لا ينبض فيها عرق

14.06.2014
زهير سالم




للاعتراف هذا التعبير ( الوجه البارد الميت .. ) ليس من وضعي . لقد سمعته لأول مرة منذ سبع سنين تقريبا من أخ موريتاني . كان يحدثني عن وفد عربي موسع زار سورية بمناسبة فوز بشار الأسد في الاستفتاء الرئاسي السابق .
قال الرجل كنا مجموعة كبيرة من القوميين والمثقفين العرب نزور سورية للتهنئة بالفوز ، وللشد على اليد . وتواطأنا بعد أن قيل لنا أنه سيكون لنا لقاء مع بشار الأسد على مفاتحته بشأن الاصلاح والانفتاح ، فقد كنا مع اقرارنا بموقف سورية الممانع – هذا رأيه طبعا – مجمعين على اختلاف مشاربنا على حاجة سورية إلى الإصلاح والانفتاح والتعددية ...
قال الرجل ورتبنا الموقف ، وحددنا ناطقا ذا وزن يتكلم بالموضوع ، وبمؤيدين يشعرون الرئيس بأن القضية إجماعية عند الوفد العربي الذي كان الإعلام السوري يحتفي به كثيرا . ومضى الأمر كما كان مرتبا وبنجاح كبير . فقد استطاع الرجل المكلام أن يحشد كل المؤثرات القومية والتاريخية والإنسانية والسمعية والبصرية ، رغّب وحسّن وجمّل وضرب الأمثال ، وساق الشواهد ثم تبعه على كلامه مؤيدون ، ومساعفون ومساعدون ثانيا وثالثا بل سادسا وسابعا وثامنا ..
يقول الرجل القادم من موريتانيا ، والذي وعد ألا يعود لزيارة سورية في مثل هذه المهام القذرة ، الوصف بالقذرة من عنده لأنه يزعم أن الذين أغروه بالحضور وهو شخص ذو مكانة في بلده منّوه بأن يكون له دور في صنع انفراج في بلد عربي مثل سورية ..
يقول الرجل القادم من موريتانيا وعلى كثرة ما رأيت من وجوه لئيمة باردة ميتة في حياتي في صراعات سياسية ومجتمعية وقبلية لم أجد وجها ( لئيما وباردا وميتا مثل وجه رئيسكم بشار الأسد ) مع الأسف رئيسكم هكذا قال . وأردف الرجل ووالله ما رفّ له جفن ولا نبض في وجهه عرق ولا درّ في عنقه وريد ، لم يهزه الاطراء ولا أثار نخوته التنخية ، كان وجهه ميتا بكل معاني الموت . بل عدّى كل ذلك وأدار له ظهره وجلس يشرح لنا وكل من في المجلس ساسة وقادة من بلدانهم العربية المختلفة وكأننا تلاميذ مدرسة ابتدائية عن التجربة السورية الفريدة في الديمقراطية والتعددية والحرية الأنموذج الذي يجب أن يحتذى عالميا والذي يفوق التجربة الأوربية في الديمقراطية ...
 أعجبني فيما أعجبني من حديث الرجل الشنقيطي قوله ( وجه لئيم بارد ميت لا ينبض فيه عرق ) وظللت دائما أبحث عن إسقاطات لهذا الوجه الغريب الرعيب.
حتى دخلنا في الثورة السورية وبعد سنوات من سماعي الحديث . بدأت أجد متعة أو سلوى في إسقاط صورة ( وجوه لئيمة باردة ميتة لا ينبض فيها عرق ) على هؤلاء الناطقين الإعلاميين من السوريين باسم بشار الأسد والمدافعين عنه من غيرهم . أنظر إليهم وهم يجترحون الكذب ، ويضعون مخرزا في الأعين الحية ، ويجاحدونك في شعاع الشمس ونور النهار ، وهم يمضغون اللامبالاة كما تمضغ مستهترة لكاع أو مستهتر لكع قطعة اللبان ...
المفاجئة المؤلمة أن هذه الصورة نفسها صورة الوجه ( اللئيم البارد الميت الذي لا ينبض فيه عرق ) بدأت منذ فترة في مخيالي الشخصي تتلبس بوجوه بعض من يقدم نفسه ليتحدث على الفضائيات باسم المعارضة والمعارضين ولا أريد أن أقول باسم الثورة والثوار . يجترحون الكذب ويضعون مخرزا في العين الحية ويجاحدون في شعاع الشمس ونور النهار ، وهم يمضغون اللبان بوجوه باردة ميتىة لا ينبض فيها عرق ..
لا تحس بموت ولا بتشريد ولا بدمار صور معتمة تمتص الأضواء كل الأضواء دون أن تنير أو تضيء ...
لندن : 14 / شعبان / 1435
12 / 6 / 2014
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk