الرئيسة \  مواقف  \  موقفنا: الإدارة الأمريكية وعدوى الإنكار والانفصال عن الواقع .. الرئيس صاحب الخط الأحمر

موقفنا: الإدارة الأمريكية وعدوى الإنكار والانفصال عن الواقع .. الرئيس صاحب الخط الأحمر

25.04.2013
زهير سالم


كثيرون هم السياسيون والدبلوماسيون والإعلاميون الذين خرجوا بانطباع بعد مقابلاتهم لبشار الأسد أنه يعيش حالة من الإنكار والانفصال عن الواقع . والإنكار هو حالة نفسية تجعل المرء يتجاهل كل معطيات الواقع وثوابته ليقنع نفسه وهو المريض بالصحة ، أو وهو الفقير بالغنى، وهو العجوز بالشباب ، وهو المرفوض المرذول المكروه بأنه الحِبُّ والعلقُ النفيسُ ...
كل أصوات الشباب الثائر في سورية من أدناها إلى أعلاها تنادي : هيا ارحل يا بشار . لم يسمع فيها بشار الأسد إلا الصوت الذي يحب ويريد، بحيث اضطر من أراد أن يلتمس له عذرا أن يتهمه بالمرض النفسي فيصفه بالذهول والإنكار والانفصال عن الواقع .
اليوم الحال نفسها تنتقل إلى الإدارة الأمريكية . ولا نريد كنوع من التوقير لرئيس أكبر دولة في العالم أن نقول إلى الرئيس أوباما شخصيا . فالإدارة الأمريكية التي تورطت في إعلان استخدام الأسلحة الكيمائية خطا أحمر في سورية تجد نفسها محرجة أمام بشار الأسد الذي يدوس على تحذيرها ، ويستهتر بإعلانها فتلوذ بحالة من الإنكار والانفصال عن الواقع لتجد لنفسها في ذلك مهربا وعذرا
فبعد أن خط الرئيس أوباما لبشار الأسد خطه الأحمر بأشهر بدأت شهادات السوريين تخرج من حمص ومن ريف دمشق مدعمة بالأدلة والصور موثقة بتقارير الأطباء والمختصين تؤكد كلها أن هناك أنواعا من الأسلحة الكيمائية تستخدم ضد السوريين فتتسبب بأعراض منها الاختناق والدوار والغثيان وتضيق حدقة العين وإفراز الزبد من الفم .. فأدار أوباما والإعلام الضارب بسيفه الظهر لكل هذه الوقائع فما عساها تكون شهادة ثوار سوريين ، خُلقوا حسب القانون الذي وضعه المجتمع الولي ليفنيهم قتلا وذبحا وحرقا بشار الأسد وعصابته ؟!
ثم تطور الأمر بعد حادثة خان العسل ووقوف بشار الجعفري وسط مجلس المن يتحدى ويطالب بلجنة تحقيق دولية !! ثم لما رأى القوم الجد من الأمين العام للأمم المتحدة الذي سارع إلى تعيين لجنة تحقيق علمية غير مسيسة سحب بشار الأسد موافقته على لجنة التحقيق ، ورأى أوباما في هذا خلاصا من إحراج وأي إحراج . وسكت بشار الأسد وسكت المجتمع الدولي عن لجنة ( الإحراج الدولية ) التي يمكن أن تكشف الحقائق جهلا منها بحقيقة المواطأة وأبعادها ..
ولكن الإحراج ظل يتابع صاحب الخط الأحمر فتكشف تحقيقات علمية بريطانية غير مسيسة استطاعت أن تحصل على عينات من تربة ( خان العسل ) أن غاز السارين السام والقاتل قد استعمل حقا في تلك المنطقة وعلى ( أولئك الأحياء ) . ولكن الإدارة الأمريكية والرئيس أوباما لا يطلعان فيما يبدو على هذه التقارير ويفضل الرأس أن يظل مغموسا في الرمال ..
مرة ثالثة يطل عليهم رجل الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ليؤكد لهم أن الأسلحة الكيمائية استخدمت في سورية ، ومن قبل قوات بشار الأسد أكثر من مرة وفي أكثر من منطقة فيتصل الرئيس أوباما بنتنياهو ليسأله ( لماذا هذا الإحراج ) ثم يلتفت إلى الرأي العام ليقول لينفي استعمال الغاز ويقول العارفون إنه طلب من نتنياهو سحب الشهادة من الأسواق .
واضح أن الرئيس أوباما يعيش بين فكي الإغضاء على المهانة والقبول بالإحراج أو تحمل تبعات الإنذار ( الخط الأحمر المنتهك ) جهارا نهارا وعلى رؤوس الأشهاد ، فلا يجد مخرجا ألين ولا أسهل من الدخول في حالة الإنكار والانفصال التي يعيش فيها بشار الأسد . أوباما يسأل عن السلاح الكيماوي في سورية فيقول ( ما في حاجة ) والخط الأحمر ما زال أحمر ..
إن خلاصة الرسالة التي فهمها الشعب السوري من الرئيس صاحب الخط الأحمر أنه قال لصديقه القاتل في دمشق من حقك أن تذبحهم بالسكاكين وأن تقتلهم رميا بالرصاص وقصفا بالطائرات ورميا بالصواريخ البعيدة المدى وليس من حقك أن تفعل ذلك خنقا بالغاز ؛ اليوم وبعد تطور الموقف الأمريكي واكتشاف الرئيس أوباما لذاذة لعبة الإنكار أو إصابته بعدواها أصبحت الرسالة لصاحبه أنت تفعل ونحن ننكر ولكن احذر أن تقبل لجنة تحقيق ..
لندن : 14 / جمادى الآخرة / 1434
25 / 4 / 2013
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk