الرئيسة \  تقارير  \  ميدل ايست : ماذا يجب أن يحدث أيضًا قبل أن يأخذ العالم معاناة السوريين على محمل الجد؟

ميدل ايست : ماذا يجب أن يحدث أيضًا قبل أن يأخذ العالم معاناة السوريين على محمل الجد؟

11.02.2023
عثمان مقبل

ميدل ايست : ماذا يجب أن يحدث أيضًا قبل أن يأخذ العالم معاناة السوريين على محمل الجد؟
عثمان مقبل
ترجمة حفصة جودة
نون بوست
الجمعة 10-2-2023
أكتب هذا بينما أستعد للسفر إلى جنوب تركيا للمساعدة في دعم فريقي "Action For Humanity"، المؤسسة الأمّ لجمعية الإغاثة السورية على الأرض، من بين آلاف القتلى وعدد لا يُحصى من المصابين، هناك 3 أفراد من فريقنا وعشرات العائلات لموظفينا.
لقد فقد الكثيرون حياتهم، وفقد الكثيرون منازلهم ومستقبلهم، والكل يقدّم ما لديه للمساعدة، فالناس في تركيا وسوريا يفعلون ما بوسعهم للنجاة وإدراك الدمار الذي حلَّ بالمدن والمجتمعات هذا الأسبوع، لكنهم بحاجة إلى الدعم، ونحن -منظمات الإغاثة الإنسانية- بحاجة إلى الدعم أيضًا.
إننا محبطون ومنهكون لأننا سنضطر مرة أخرى أن نطلب من العالم إرسال مساعدات إنسانية كافية للسوريين وقت حاجتهم، ومع ذلك هذه ليست ساعة الحاجة أو أسبوع الحاجة، إنهم 12 عامًا من الحاجة المستمرة، ونحن -المجتمع الدولي- لم نفعل مرة أخرى ما فيه الكفاية أو حتى القريب من الكفاية.
وبينما أظهر العالم بشكل كبير تراخيًا ولا مبالاة بمعاناة السوريين، استضافت تركيا، شعبًا وحكومةً، لاجئين سوريين أكثر من أي دولة أخرى وما زالت تفعل، لكن هذه الضيافة كانت تكلفتها ضخمة، والآن تركيا تستحق الدعم أيضًا فهي بحاجة إلى ذلك.
تزداد نسبة الفقر منذ سنوات في شمال غرب سوريا، وترتفع أسعار السلع الأساسية بشكل لا يُحتمل، لذا لا يمكنني أن أتخيّل ما الذي سيفعله تأخُّر هذه المساعدات بالأسعار.
لقد سمحنا بنمو معاناة السوريين، والآن أصبح شمال غرب سوريا منطقة حرب ويمرُّ بأزمة اقتصادية ومُدمَّر نتيجة الزلزال، رغم هذا الصراع والفقر والكارثة الطبيعية، ما زالت المساعدات المُرسلة لسوريا غير كافية، ماذا يجب أن يحدث أيضًا قبل أن يأخذ العالم معاناة السوريين على محمل الجد؟
لا مساعدات بعد
حتى هذه اللحظة، لم تدخل أي مساعدات شمال غرب سوريا، فكل المساعدات المقدَّمة لعمليات الإغاثة من مصادر محلية، ونقطة العبور التابعة للأمم المتحدة لا تعمل لأن الطرق مدمَّرة ولا يوجد عدد كافٍ من الموظفين لحراسة النقاط الحدودية نتيجة الدمار الذي سبّبه الزلزال.
أما خيار استخدام الطرق التجارية التي تسمح بدخول المساعدات إلى سوريا فغير صالحة أيضًا، لأنها دُمّرت ولم تعد مستخدَمة.
لذا لم تعد المشكلة فقط عدم وصول المساعدات إلى سوريا، لكن نتيجة التأخير في توصيل هذه المساعدات إلى الحدود أنه سيزداد الطلب عليها، ومع اقتراب الموارد من الانتهاء سترتفع الأسعار.
تزداد نسبة الفقر منذ سنوات في شمال غرب سوريا، وترتفع أسعار السلع الأساسية بشكل لا يُحتمل، لذا لا يمكنني أن أتخيّل ما الذي سيفعله تأخُّر هذه المساعدات بالأسعار.
في عام 2022 كانت خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا أقل 50% من التمويل المطلوب، والآن بسبب تصاعد المعاناة والكارثة والتجاهل الدولي، فلم نعد بحاجة فقط إلى التمويل بنسبة 100% بل أصبحنا بحاجة إلى 200% بل 300% من التمويل المطلوب.
لم يكن زلزال الاثنين بداية المعاناة، لقد أدّى فقط إلى تفاقمها بشكل أسوأ، لسنا بحاجة إلى المساعدة فقط الآن، كنا بحاجة إلى هذه المساعدات منذ يوم الاثنين، كنا بحاجة إليها منذ عام 2012.
قبل يوم الاثنين، كان شمال غرب سوريا واحدًا من العواصم العالمية للفقر والنزوح، حيث يعتمد 4.1 ملايين شخص من سكان المنطقة البالغ عددهم 4.5 ملايين على المساعدات الإنسانية، وهناك أكثر من 2.8 مليون نازح داخلي من أجزاء أخرى من سوريا، الآن هذه الأرقام تزايدت بشكل سريع.
حتى الآن لا نعلم كيف نبدأ في إحصاء عدد النازحين بسبب الزلزال والذين هم بالأصل نازحون، ولا نعلم كيف نبدأ بإحصاء عدد الواقعين في براثن الفقر المدقع، ما زلنا نحاول إحصاء الموتى والمصابين.
لو كانت كلمات الحكومات تضع المأوى فوق الرؤوس والطعام في الأفواه وتسحب الجثث من تحت الأنقاض، لانتهت حالة الاستجابة للطوارئ الآن، لكن الكلمات لا تستطيع ذلك، وحده التمويل والعمل يمكنهما القيام بذلك.
مناشدة للحكومات
هناك عائلات بأكملها أصبحت في عداد الموتى وأطفال عالقون تحت أنقاض المباني منذ يوم الاثنين، فتيان وفتيات قضوا حياتهم بأكملها يهربون من الحرب إلى الأمان في الشمال السوري الواقع في براثن الفقر، لتهدم تلك الكارثة الطبيعية منازلهم فوق رؤوسهم.
قبل يوم الاثنين، كان الأطفال في الشمال السوري عُرضة بالفعل لخطر الاستغلال وعمالة الأطفال وزواج الأطفال والعنف والإساءة، قبل يوم الاثنين كانت المستشفيات مزدحمة بالفعل وتعاني من نقص التمويل، قبل يوم الاثنين كان الناس مرضى بالفعل من الأمراض المنقولة بالماء لعدم توافر مياه نظيفة.
لم يكن زلزال الاثنين بداية المعاناة، لقد أدّى فقط إلى تفاقمها بشكل أسوأ، لسنا بحاجة إلى المساعدة فقط الآن، كنا بحاجة إلى هذه المساعدات منذ يوم الاثنين، كنا بحاجة إليها منذ عام 2012.إنني أناشد الحكومات والمجتمع الدولي مرة أخرى للقيام بأي خطوة، وإذا كنتم قد اتخذتم خطوة بالفعل فاتخذوا المزيد، لم نقدّم ما يكفي مطلقًا الآن، ولم نقدّمه خلال 12 عامًا، لماذا يجب على منظمة العمل من أجل الإنسانية والإغاثة السورية وأقرانها أن تحاول إقناع العالم للعمل على وقف معاناة السوريين؟