الرئيسة \  مشاركات  \  نفعُ العدوّ ، وضررُ الصديق .. وفَضلُ الشدّة !

نفعُ العدوّ ، وضررُ الصديق .. وفَضلُ الشدّة !

09.10.2019
عبدالله عيسى السلامة




نفعُ العدوّ:
 قال المتنبّي : ومِن العداوة ما يَنالُك نفعُه    ومِن الصداقة مايَضرّ ويُؤلمُ !
وقيل : عدوّ عاقل ، خيرٌ من صديق جاهل !
وقال الشاعر:
احذر عدوّكَ مَرّةً    واحذر صديقَكَ ألفَ مَرّهْ
فلربّما انقلبَ الصديقُ ؛  فكان أعلَمَ بالمَضَرّهْ
نفعُ الصديق :
الأصل ، في الصديق ، أنه نافع ، وأنه يقدّم لصديقه ، مايقدر عليه ، من المعونة والنصح والإرشاد ، ويدافع عنه ، حين يتعرّض لأذى ، في حضوره أو غيابه ، ويتفقّد حاجاته ، وحاجات أهله في غيابه ! وممّا قيل في الصديق :
الصديق وقت الضيق ! وقد سُمّي الصديق أخاً ، فقال الشاعر:
أخاكَ أخاكَ ؛ إنّ مَن لا أخا له    كساعٍ إلى الهَيجا ، بغير سلاحِ!
وقد قيل الكثير، في المحافظة على الصديق ، وتحمّل زلاّته !
قال بشّار بن بُرد :
إذا كنتَ ، في كلّ الامور، مُعاتباً    صديقَك ، لمْ تَلقَ الذي لاتُعاتِبُهْ
فعِشْ واحداً ، أو صِلْ أخاكَ، فإنّه   مُقارفُ ذَنبٍ ، مَرّةً ، ومُجانِبُهْ!
وقال الشاعر، أيضاً ، في نصحه ، للمحافظة على الصديق :
ولستَ بمُستَبْقٍ أخاً ، لا تَلُمّهُ   على شَعَثٍ ؛ أيُّ الرجال المَهذّبُ؟
ضررُ الصديق :
الصديق المنقلب عدوّاً، تقدّم ذِكرُه ! أمّا الصديق الضارّ، الذي لايزال صديقاً، فهو أنواع ، منها:
الصديق الجاهل : الذي لايعرف الخير من الشرّ ، ولا يَميز المعروف من المنكر! فهذا يسبّب لصديقه ، الأذى والضرر، في حالات كثيرة ، ومواقف قد لاتكون ، في الحسبان !
الصديق الأحمق : وهو الذي يسبّب الأذى ، بحماقته ، لصديقه ، حتى حين يريد نفع الصديق؛ لأنه مغلوب بحرارة الرأس ، كما يقول أبو حيّان التوحيدي ! فقد تغلبه حرارة رأسه ، فيؤذي بعض الناس ، دفاعاً عن صديقه ، في مسألة ، تحتاج إلى التروّي والحكمة ! وقد يَظنّ بصديقه ، السوء ، في أمر، أراد به صديقُه الخير له ؛ فيسبّب مشكلة ، في موقف يقتضي الشكر، بدلاً من الغضب !
أمّا أنواع الأصدقاء ، الآخرين الضارّين ، كالصديق الخبيث ، والصديق الماكر المتلوّن ، وغيرهما .. أمّا هؤلاء ، فأمرهم معروف للعقلاء ، جميعاً، ولا يُتوقّع ، أن يَتّخذ عاقل، صديقاً منهم ، إلاّ مَن كان على شاكلته !  
فَضلُ الشِدّة .. قال الشاعر:
جَزى الله الشدائدَ ، كلَّ خيرٍ   عرفتُ بها ، عدوّي من صديقي !
فمعروف ، أن أكثر الناس ، يُقبِلون على صداقة الإنسان العظيم ، والإنسان صاحب الشهرة، والإنسان الثريّ .. وغير هؤلاء ، ممّن يرجو الناس نفعَهم ، المادّي أو المعنوي ! أمّا الإنسان الفقير، ومن لاشيء لديه ، ممّا يأمله الناس.. فلا يَحرص على مودّتهم، أو التقرّب منهم، أحد! لكن المؤلم ، هو أن ينفضّ عن المرء ، في أيّام شدّته ، أصدقاؤه ، الذين كانوا يلازمونه ، في أيام رخائه !