الرئيسة \  مشاركات  \  هذا ما انجزته استراتيجية الولايات المتحدة الشرق أوسطية !!

هذا ما انجزته استراتيجية الولايات المتحدة الشرق أوسطية !!

06.10.2016
حسان القطب




البعض يتهم الولايات المتحدة الاميركية بالتقصير في معالجة مشاكل المنطقة العربية، وانهاء الصراعات الدائرة بين قوى مختلفة...؟؟ لدرجة ان سياسيين واعلاميين وصل الى حد القناعة ان الولايات المتحدة تخسر نفوذها وحضورها في المنطقة لصالح روسيا..المنخرطة اكثر في صراعات المنطقة بشكل مباشر وخاصةً في سوريا..؟؟ البعض يتهم الولايات المتحدة بالانحياز الى جانب فريق ضد آخر...؟ إذ يعتبر بعضهم ان الولايات المتحدة الاميركية هي حليف موضوعي لدول الخليج وبعض دول العالم العربية في مواجهة ايران ومشرعها..؟؟ الى ان تم اقرار قانون (جستا) في الكونغرسالاميركي..؟؟ والبعض الآخر وفي قراءة مختلفة يعتبر ان الولايات المتحدة هي حليف غير معلن لدولة ايران واجنحتها المسلحة في العراق ولبنان وسوريا واليمن..؟؟  بالرغم من الحصار الاقتصادي والسياسي الذي فرضته الولايات المتحدة على ايران لسنوات طويلة..؟؟
الاكيد هو ان الولايات المتحدة لا تعمل الا وفق استراتيجيتها... ولا تخدم الا مصالحها..وتؤسس لحماية امنها القومي سواء بتعزيز حضورها الاقتصادي والسياسي او العسكري...في مختلف دول العالم...؟؟ ولكن الثابت الوحيد في السياسة الاميركية الخارجية التي ترتبط بشؤون المنطقة العربية ودول الشرق الاوسط..والتي لا يختلف عليها او معها اي محلل او سياسي... هو ان امن سرائيل ومصالحها الاستراتيجية كما التكتيكية.. يعتبر اولوية واساسية وفي صلب الاهتمامات الاميركية.. ولا يمكن ان يتخذ قرار سياسي او موقف امني دون مراجعة امن اسرائيل وتأثير اي قرار سواء سلباً او ايجاباً على أمن ومستقبل اسرائيل واستقرارها...وفي ان تصبح اسرائيل جسماً مقبولاً في المنطقة.. وعلى حساب شعوبها ودولها وعلى حساب الشعب الفلسطيني بشكل خاص..؟..
لا يجب ان ننجرف وراء عواطفنا في تحليل اهداف السياسة الاميركية..!! بل يجب ان نقرا النتائج وما وصلت اليه حال المنطقة ودولها وشعوبها بعد سنوات من الصراع وعدم الاستقرار..نتيجة هذه السياسة التي رسمت استراتيجيتها بعناية..؟؟
عقب احداث 11/9/2001، التي استهدف فيها تنظيم القاعدة ابراج التجارة العالمية في نيويورك.. اعتبرت الولايات المتحدة ان الصراع قد انتقل الى اراضيها وبالتالي عليها اعادة نقل المواجهة الى دول واراضي وشعوب المنطقة ..!! فكان احتلال افغانستان ومن ثم العراق..؟؟ وما نتج عنها من تغيير ديموغرافي وسياسي وامني وتداعيات اقتصادية خطيرة على المنطقة، وتأجيج صراعات دينية ومذهبية وعرقية وسياسية.. ثم كان من نتائج وتداعيات هذا الاحتلال، اندلاع الثورات العربية  ضد الانظمة التي اعتبرت هي المسؤولة عما وصلت اليه الحال في المنطقة.... والمشهد الحالي اليوم في معظم هذه الدول هو على الشكل التالي:
- روسيا التي كانت حليفة العرب ونصيرة قضاياهم طوال عقود... اصبحت عدو لكل العرب نتيجة تدخلها بعنف وقسوة لتدمير سوريا وقتل ابنائها واحباط ثورة شعبها والحفاظ على نظام الاسد الديكتاتوري الذي يشبه كثيراً نظام بوتين في موسكو.
- الاقليات في المنطقة العربية اصبحت اكثر قلقاً على مستقبلها نتيجة انخراطها في النزاعات المسلحة، سواء برغبةٍ منها وبقرارٍ من قادتها..او بتوريطها بشكل غير مباشر... أو نتيجة قتالها للحفاظ على مكتسباتها كما يجري في سوريا حيث يقاتل ابناء الطائفة العلوية والى جانبهم شيعة من مختلف دول العالم للإبقاء على نظام طائفي في دمشق.
- في الوقت الذي يتحدث فيه الجميع، عن قاعدة حميميم الجوية العسكرية الروسية في سوريا، يتم تجاهل او اغفال وجود قاعدتين عسكريتين اميركيتين في سوريا.. اذ شارفت الولايات المتحدة على الانتهاء من بناء قاعدة جوية في شمال سوريا الواقع تحت السيطرة الكردية، وبدأت بناء قاعدة ثانية للأغراض العسكرية والمدنية. وقال موقع "باسنيوز" الذي يبث أخباره من أربيل، نقلا عن مصدر عسكري في تحالف قوات سوريا الديمقراطية المدعوم من الأكراد، قوله: إن أغلب العمل على مد مدرج في بلدة الرميلان بمحافظة الحسكة أنجز بينما يجري العمل لبناء قاعدة جوية أخرى في جنوب شرق كوباني الواقعة على الحدود السورية التركية.
- ايران التي قدمت نفسها حامية للقضية الفلسطينية وراعية لتنظيماتها وانها الخطر الاكبرعلى وجود الكيان الاسرائيلي..؟؟ وانها داعية للوحدة الاسلامية ولتجاوز الخلافات المذهبية بين السنة والشيعة..؟ تحول خطابها الى مذهبي طائفي واكثر حقداً مما كان البعض يعتقد...؟؟ واعطت الصراع على السلطة في سوريا والعراق واليمن وغيرها بعداً دينياً وعناوين ومفردات تاريخية...تؤجج الخلاف المذهبي والصراع الديني بين السنة والشيعة.. وتبين دون ادنى شك ان قضية فلسطين هي مجرد غلاف خارجي بل وهمي لمشروع ديني ايراني فارسي باطني..يعتمد القتل والتهجير والترهيب وشراء الضمائر والذمم والتحريض ادوات لتحقيق سياساتها وتنفيذاً لاستراتيجيتها..؟؟ والصراع بين السنة والشيعة قد عاد الى المربع الاول.... اي الى قرون سابقة وغابرة.. وحجم القتل المتبادل يؤكد لنا خطورة المرحلة المقبلة وما سوف تستهلكه من سنوات طوال ومن ارواح بريئة..؟؟
- الصراع بين القوى الجهادية او المتطرفة قد تنامى وتطور.. القتال يدور الان بين القاعدة وداعش ... اي بين قوى التطرف وتلك الاكثر تطرفاً..!! وبين الاعتدال السني والتطرف السني...؟؟ تماماً كما يدور صراع بدات تظهر بوادره بين الاعتدال الشيعي والتطرف الشيعي..وبين شيعة مؤيدين لايران وآخرين يرفضون الانتماء لمحور ايران...؟؟ ضمن الحشد الشعبي الشيعي في العراق وبين مقتدى الصدر وبين القوى المؤيدة لايران...؟؟
- تفاقم الصراع العرقي بين الاكراد وسائر شعوب المنطقة... وخاصةً العرب والتراك والفرس...اقليم كردستان العراق يتمتع بشبه استقلال.. اكراد ايران بدات ثورتهم تاخذ طابعاً مسلحاً... وفي سوريا قام الاكراد بتمييز تحركهم المسلح على امل الاستفادة ن تناقض مصالح القوى المتصارعة.. اي التلاعب.. بين التنسيق مع بقايا السلطة في دمشق او التماهي مع ثوار سوريا... املاً في تحقيق سلطة مشابهة لتلك التي في العراق...؟ولكن بعد ان ايدت الولايات المتحدة حق الاكراد في التسلح والقتال في شمال سوريا.. عادت وطلبت منهم عدم مواجهة الجيش التركي الذي زحف داخل الاراضي السورية لاجهاض الحضور الكردي المسلح... إذ إن الدولة التركية لا يمكن ان تقبل بوجود دولة كردية على حدودها الجنوبية... ووجدت قاسم مشترك ومصلحة لها مع سلطات ايران...في مواجهة التحرك الكردي المسلح..؟؟
- كما تم استنزاف موارد المنطقة البشرية بالهجرة والنزوح واللجوء والقتال والتهجير والاعتقال والاخفاء..كما مواردها الطبيعية في شراء السلاح .. وامكانياتها العسكرية في تدمير البنية التحتية لهذ الدول... خاصةً العراق وسوريا...واصبح الوجود الاميركي في بعض المناطق ضرورة ولكن كمستشارين ومدربين وليس كقوة احتلال...!!.
بناءً على ما نعيشه اليوم من وقائع... نرى ان الولايات المتحدة قد نجحت في نقل الصراع من اراضيها الى اراضي الخصم.... فتحول الصراع من مواجهة بين الشرق والغرب.. الى صراعٍ بين القوى المحلية على السلطة كما على الوجود... واستخدمت الولايات المتحدة، القوة الروسية لضرب الاسلاميين في سوريا بحيث تتحول وجهة الاسلاميين من المواجهة مع الولايات المتحدة الى المواجهة مع روسيا...؟؟ وتجاهلت الولايات المتحدة عن عمد تورط  دولة ايران ومجموعاتها المسلحة وجرائم ادوات ايران في دول المنطقة وبحق شعوبها....؟؟ مما اجج الصراع المذهبي..بين السنة والشيعة..؟ والاقليات في المنطقة او ما تبقى منها هي اليوم اكثر حاجة اليوم للرعاية الامنية قبل السياسية للاستمرار والبقاء والمحافظة على الوجود مما مضى...ما يسمح للولايات المتحدة بالتدخل اكثر.. ساعة تشاء.. او باستخدام القوى العسكرية التابعة لهذه الدولة او تلك للتدخل...وحماية من تريد حمايته او استخدام معاناته كذريعة للتدخل...مقابل الدعم العسكري او تأمين التغطية الجوية كما يجري في العراق او سوريا وليبيا...
إذاً القول ان استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة هي غير واضحة او غير جدية او ربما غير مقنعة هو كلام غير منطقي... لان النتائج تؤكد العكس.. وما يجري يخدم السياسة الاميركية واهدافها استراتيجية..واليوم اصبح الكل يناشد الولايات المتحدة التدخل.. وفي نفس الوقت كل الدول التي انخرطت في الصراع مع شعوب ودول المنطقة اصبحت في حال عداءٍ مع شعوبها لسنوات وعقود قادمة.. والدول أمثال ايران وروسيا التي ظنت انها تخدم اهدافها وطموحاتها.. وجدت نفسها في خدمة مشروع اميركي يتجاوز طموحاتها واكثر قوة وبامكانه فرض واقع جديد ساعة يشاء بقوته العسكرية وامكاناته الاقتصادية والمالية...وتاكد للجميع ان اسرائيل هي دولة ذات حصانة ومناعة.. وكل من انخرط في الصراع مع شعوب ودول المنطقة... تعاون مع اسرائيل او استشار اسرائيل او قام بالتنسيق معها عسكرياً ولوجستياً وسياسياً واقتصادياً..او اعاد انتاج علاقاته معها...؟؟ لذلك يمكن القول ان ما نعيشه اليوم من صعوبات وصراعات هو نتاج ونتيجة الاستراتيجية الاميركية ..التي وضعت عقب احداث 11 ايلول/سبتمبر من عام 2001...
__________
مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات