وجهة نظر :
أنت قلق لأنك تريد أن تقلق
زهير سالم*
أنت تريد أن تقلق!!
وتلك الغيمة العابرة في سمائك الذاتية مجرد بخار لطيف.. ربما يحولها إلى طل قليل من الاستغفار..
الذبابات السوداء التي تظل تطير أمام عينيك، يقول الطبيب أن سببها نقص في السائل الزجاجي للعين، وليست هي نذير شؤم، ولا داعي اضطراب. والطير الذي طار عن شمالك، لو كان يعقل لأفرحك فطار عن يمينك، هل عقلت الآن معنى الطيرة، التي نفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حياة الناس، حين قال: ولا طيرة، يعني لا سانح ولا بارح..لا طير ولا غزال ولا أرنب ولا إنسان..
ولا حقيقة للكلمات التي تعلمتها من جدتك أنك كلما سمعت نعيب الغراب تقول له "خير يا طير" الغراب ينعب لأمور كثيرة منها أنه يغوي صويحباته؛ وهو لا يهتم بك لا كثيرا ولا قليلا فلا تقلق..
لون أول سيارة تطلع من وراء المنعطف أبيض أو أسود أو أحمر لا يعني شيئا يمكنك ان تقلق من أجله، وربما زحمة المرور هي التي شاركت في ترتيب إطلالة السيارات، فلا تغطِ قلقك بألوان السيارات وسرعاتها!! فكون السيارة سوداء، وكون الذي يقودها رجل بقلنسوة لا يعني شيئا!!
ولا تقلق آذا طرفت عينك اليمين، وغير صحيح انها إذا طرفت أنذرتك بالبكاء والأنين، لا مانع ان تصدق، إذا طرفت عينك الشمال انها تبشرك بالفرح التمام، ليس لأن ذلك حقيقة، بل لتفرح قليلا فقط وتخرج من سجن هذه السوداء. وإشارات المرور الخضراء دائما أمامك ابتسم لها ما ابتسمت لك، ولكن احذر ان تحمر عينك من الاشارة الحمراء وينعكس ظلها شؤما عليك..كان حبيبك الذي تزعم انك تحبه "يحب الفأل ويكره الطيرة والتشاؤم"
ولا يعني شيئا طنين أذنيك، وأسأل الله أن لا يذكرك أحد من خلقه الا بخير، وكذا لطول شوقك لأحبابك تحك حاجبيك، وتستبشر باللقاء، لا تطل الانتظار ولكن ادع الله أن ييسرك للقياهم، ولا تنس إن صرت عجوزا ان تحذر من تهدل شعر حاجبيك على عينيك، فتشوش رؤيتك عليك..
افرح إذا حكك كفك اليمين، ولكن لا تنسَ أنك لن تقبض إلا رزقك، ولكن لا يقلقك أن يحكك كفك الشمال، فإنما متعة الكسب عند الانفاق فانفق ما استطعت بالمعروف..
لا تقلق..
لا تقلقك من أحلامك الرمضانية، ولاسيما بعد السحور، وتذكر أن ما كل الرؤيا مثل رؤيا سيدنا ابراهيم
وأخوك الذي لم يرد عليك التهنئة في رمضان لعله ولعله ولعله إلى التسع وتسعين لعله..
كان المفكر الوجودي جان بول سارتر يكرر: جهنم هي الآخرون..
وعندنا كل المحنة في الأغيار…
إذا ذكرتَه فذكرك… فلماذا تهتم بالأغيار؟؟
كل هذا الحديث أوجهه لك يا زهير لعلك تقنع أو تستفيد…
لندن ١٢/ رمضان/ ١٤٤٤
٣/ ٤/ ٢٠٢٣
____________
*مدير مركز الشرق العربي