الرئيسة \  مواقف  \  وجهة نظر : خمس مقدمات لتفكير موضوعي بعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم

وجهة نظر : خمس مقدمات لتفكير موضوعي بعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم

04.06.2024
زهير سالم



وجهة نظر :
خمس مقدمات لتفكير موضوعي بعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم

زهير سالم*
وكاتب هذه السطور أول من يعود.. بل يرى في العودة إلى وطنه حلمه الأخير.
ويبدو أن العديد من دول العالم، التي قاربت الملف السوري، لم يعد لديها ما تُعنى به غير الخطوات العملية، للتخلص من عبء اللجوء واللاجئين…
إن عناوين من مثل العودة الطوعية، والعودة الآمنة، هي في الحقيقة نوع من المساحيق التجميلية، لفعل غير إنساني، وقد يكون فاضحا ومخزيا للمتلبسين به.
إن أول ما يمكن أن نقرره في هذه المقدمة هو أن عودة اللاجئين السوريين في ظروفها المواتية، هي مصلحة استراتيحية عليا لسورية والسوريين. مصلحة استراتيجية تصادر كل أهداف عملية التغيير الديمغرافي في سورية المسلمة العربية الشآمية، بأبعاد هذه المؤامرة الدنيئة المخزية والمحزنة والتي تورط فيها الكثيرون، بعضهم بخبث وبعضهم بعماوة وجهل..
ولقد سبق لكاتب هذه السطور منذ عام ٢٠١٢ أن أطلق التحذير تلو التحذير من تتايع الناس على عمليات الهجرة، يوم كان بعض الساسة يرى في تزايد عدد اللاجئين في المخيمات، وفي أدنى الأرض وأقصاها؛ ورقةَ ضغط يمكن أن توظف ضد نظام الاستبداد والفساد.
وأعود فأقول، إن عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم مصلحة أمنية ووطنية وقومية وإسلامية عليا لسورية وللسوريين، ولدول الجوار، ولشعوب المنطقة الأصليين كافة ولكن وفق ما يلي:
أولا- كمقدمة حتمية لعودة اللاجئين عودة آمنة، لا بد من تبييض كل السجون والمعتقلات الأسدية بطريقة عملية برهانية..
من السخف أن نقنع الناس أن عودتهم إلى سورية ستكون آمنة، وما تزال المسالخ البشرية للأجهزة الأمنية، تفري فريها في أجساد السوريين وأعراضهم أيضا..
لكي نصدق الوعد بأنه لن يعتقل عائد ومن ثم لن يعذب ولن يغيب ويقتل، يجب أن تتم المطالبة والمبادرة إلى إطلاق سراح جميع المعتقلات والمعتقلين!!
إن تبييض السجون، وإطلاق سراح جميع المعتقلات والمعتقلين بمن فيهم الأطفال..سيكون مقدمة عملية، وشرطا منطقيا لإقناع أي سوري أن الوعد الآمن ممكن!!
ثم لا بد من، وعلى التوازي مع الأول، إسقاطِ جميع التهم الأمنية والسياسية أو الجنائية المبنية على حيثيات أمنية وسياسية، مثل تلك التهم المبنية على مثل القانون ٤٩/ ١٩٨٠ الذي يجرم ويحكم بالإعدام على جميع منتسبي جماعة الإخوان المسلمين. وكذا كل الاتهامات المبنية على خلفية التخلف عن التجنيد الإلزامي، الذي صارت الاستجابة له في ظرف تسليط الجيش على الشعب؛ هي الجريمة.
إذن لا بد من إسقاط كل التقنينات المريبة، التي تجرم الأبرياء والشرفاء من السورييين أولا، وما أكثرها في عهد الاستبداد والفساد. ولا بد أن يتم إحصاء كل ذلك من قبل لجان قانونية مختصة وعلى دراية كاملة بمنظومة الحقوق العدلية والإنسانية معا..
إن بقاء مثل القانون٤٩/ ١٩٨٠ معمولا به، يعني أن إسقاط أي تهمة عن أي مواطن حتى تاريخه، يجعله يفرك عينيه في الصباح التالي ليجد نفسه متهما حسب السيف الجائر المسلط على رقاب السوريين الأبرياء.وكذا ما يوصف بالتخلف عن خدمة إلزامية مريبة تحول الاستجابة إليها في لحظةٍ إلى انغماس في جرائم ضد الانسانية حسب القانون الشرعي والمدني والإنساني!!
وإنما ضربت مثلين سياسي وإداري، ويحتاج الأمر إلى فريق مختص لمتابعته حسب الاختصاص..وتنقية القانون السورية من كل افتئات على الحقوق المدنية والإنسانية.
ثالثا- ولا بد من كف أيدي الأجهزة الأمنية المتغولة والمتشعبة والمتضاربة عن أجساد الناس وأعراضهم وأموالهم..
ولن يتم ذلك إلا بأمرين
الأول حل جميع الأجهزة القائمة، وإحالة منتسبيها إلى نوع من التقاعد تحت الإشراف والمتابعة القضائية، بوصفهم متهمين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق عموم الشعب السوري..
ثم إتلاف كل المحفوظات المريبة "الأرشيف المريب" الذي يتهم المواطنين على الخلفيات المريبة. وأحيانا يكون وراء التهمة مرتزق غبي من الذين أدمنوا الوشاية بإخوانهم وجيرانهم.
ومن ثم التأسيس لجهاز مخابرات وطني عام مهمته حماية الوطن والمواطنين، وليس التجسس عليهم، أو ابتزازهم، أو تهديدهم..
ورابعا- ولا بد من إعلان سيادة القانون في سورية، بحيث لا يشعر الانسان السوري أن مهدد في أمنه، وفي سلوك أبنائه، تحت تأثير منظومات الفساد الاقتصادية والاجتماعية وعصابات زراعة وتهريب المخدرات، وبيع الفرص الوطنية للسفلة والمجرمين.
وأخيرا إعادة الهيبة والوقار الأخلاقيين للدولة والمجتمع في سورية، وتمكين السوريين من العيش الآمن، في ظل ظروف طبيعية مساعدة على الإنتاج والإنجاز والإبداع؛ والسوريون فيما أعلم أولياء كل ذلك والقادرون عليه والجديرون به..
ولن تُكنسَ أزمةٌ عصفت بصميم المجتمع السوري تحت البساط كما يظن الواهمون..
ثم إن أي تغيير في هوية المجتمع أو الدولة في سورية، سيكون المجتمع السوري هو المتضرر الأول منه بلا شك، ولكن مع ذلك وعلى السواء ستتضرر من ذلك دول الإقليم والجوار…
وأرجلنا في الفلق على السواء.
ولن ينجح السفراء الذين يصلون إلى دمشق في منع شحنات الكبتاغون ولا الحشيش ولا رسائل عصابات الإجرام…
يا ليت قومي يعلمون
لندن: ٢٦/ ذو القعدة/ ١٤٤٥
٣/ ٦/ ٢٠٢٤
____________
*مدير مركز الشرق العربي