الرئيسة \  مواقف  \  وجهة نظر : ذكريات حلبية عن صلاة التراويح

وجهة نظر : ذكريات حلبية عن صلاة التراويح

28.03.2024
زهير سالم




وجهة نظر :
ذكريات حلبية عن صلاة التراويح

زهير سالم*
في حديث خاص وصف لي حميم صلاة التراويح التقليدية في تركية...
تذكرت تلك الصلاة في مساجد حلب، كنت فتى قد ناهزت، حين كان إمام المسجد المواجه لبيتنا يصليها بسبع عشرة دقيقة. وقرأ بنا مرة : (مُدْهَامَّتَانِ) وسجد...هذه ليست طرفة.
وكنت لا أصلي التراويح خلفه. وأختار مسجدا أبعد قليلا كان إمامه أكثر وقارا في صلاته ودعائه وتضرعه. فكنت أذهب إليه. وأصلي بصلاته..
مرة كان عندنا موعد في منطقة ميسلون، صليت وراء إمام، وكنت في العشرين من عمري، لم أستطع مجاراته بسرعة القيام والركوع والسجود، كان أشبه بنابض "زنبرك" مشدود... لا أريد ذكر الأسماء أخشى أن تحسب عليّ غيبة...
ثم بدأنا نسمع عن مساجد يصلي أئمتها بجزء، وأنها تُعلم الناس قبلا، فتقصد. من فريق، وتتجنب من آخر، ثم بدأنا نقصدها مع القاصدين، ونجدها بفضل الله ممتلئة.
قي حلب كنا نجفل - والعياذ بالله - من فكرة صلاة ثماني ركع. ونعتبر ذلك أمرا كبيرا. كنت قد حصلت على كتيب صغير عنوانه "أنوار المصابيح على ظلمات الألباني في صلاة التراويح." نسيت اسم مؤلفه. واضح من العنوان أن الأسلوب كان قاسيا، لا أدري لماذا كان العلماء قساة في الرد على بعضهم، ولعلنا اكتسبنا بعض هذه القسوة، ولكن الحياة لينتنا.
ذكرت مرارا أن المساجد في زمان فتوتنا لم تكن تكمل الصف الأول في صلاة الجماعة والصبح والعشاء ومن باب أولى التراويح.
في صلاة التراويح نفصل بين الترويحة والترويحة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ثم يتفنن الأئمة في ترتيب فواصل العد، في بعض المساجد، كان يترضون عقب كل أربع ركعات عن خليفة راشد على ترتيبهم، رضي الله عنهم أجمعين. في مسجدنا كنا نقرأ بعد الأربع الأولى الصمدية ثلاثا - ونسبح بعد الثمانية، ونعود إلى الصمدية بعد الاثنتي عشرة ركعة ثم إلى التسبيح بصيغة "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول وللا قوة إلا بالله العلي العظيم" نسبح بإيقاع خاص بصلاة التراويح، ثم إذا أردنا القيام لاستئناف الصلاة، نهضنا مع قول اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، لم يكن الجلوس بين الترويحات طويلا ولكنه يكفي لشرب كأس ماء للعطش, عند الركعتين الأخيرتين يعلن مؤذن المسجد "تمام التراويح يرحمكم الله" يعني أن العشرين قد اكتملت.
بعد أن تكتمل العشرين نظل جالسين للتسبيح والدعاء وإليكم الصيغة: نردد ثلاثا: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" ثم ندعو "اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، ونعوذ بك منك، لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" ثلاثا
ثم يعلن مؤذن المسجد صلاة الوتر يرحمكم الله، فينقسم المصلون إلى جماعتين شافعية وأحناف.
كل هذه الصلاة يتم ترتيبها بنصف ساعة. الإمام الحافظ يختار من سور المفصل لقصر الآيات، فالبقرة وأخواتها آياتها طويلة. وقلما قرأ الإمام في التراويح بأكثر من آية...
أعود إلى محدثي عن الوضع في تركية والذي اشتكى إمامه بأنه قرأ فبأي آلاء ربكما تكذبان وركع...
قلت له جميع المساجد هكذا ؟؟ قال كل الأئمة التقليدين هكذا، في بعض المساجد التي يؤم فيها الشباب، ومنهم مهاجرون بدأنا نتنفس...
 "إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه"
نحب الإمام الذي يصلي معنا وليس الذي يصلي بنا. نحب الإمام الذي يبكي صادقا ويبكينا...ضراعة قي طلب الشفاعة...
ركعتي تراويح في مسجد من مساجد حلب ثم تلطف بنا يا لطيف...
لندن: 9 رمضان/ 1445
19/ 3/ 2024
____________
*مدير مركز الشرق العربي