الرئيسة \  مواقف  \  وجهة نظر : كيف تراكب الفصحان !!؟؟

وجهة نظر : كيف تراكب الفصحان !!؟؟

18.04.2023
زهير سالم

وجهة نظر :
كيف تراكب الفصحان !!؟؟
زهير سالم*
نعيش في الاسبوعين الاولين من كل نيسان، ذكريين يهودية ومسيحية، تحمل كل منهما عنوان "الفصح" وتحتفي كل منهما بمناسبة دينية خاصة، لا علاقة لها بالأخرى…
يؤرخ الفصح اليهودي لذكرى خروج اليهود من مصر، متمردين على استبداد فرعون، سروا بغلس عجلين، لم يحملوا من متاع بيوتهم شيئا، خبزوا عجينهم فطيرا وانطلقوا مع نبيهم موسى عليه السلام يحثهم الخوف من فرعون من خلفهم، ويجذبهم تطلعهم الى الحرية من أمامهم، يقولون لنبيهم: إنا لمدركون، ويجيبهم كلا إن معي ربي سيهدين..
والفصح المسيحي، والذي نعيش اليوم ذكرى جمعته "الحزينة" أو "العظيمة" أو "السوداء" فهو يمثل الذكرى البهيمية لعملية خيانة السيد المسيح من قبل يهوذا الاسخريوطي، وتسليمه للرومان، ومن قبل تحريض بعض كهنة اليهود عليه، الحاكمّ الروماني بيلاطس، ومطالبتهم بصلبه، وقولهم لبيلاطس دمه في أعناقنا وأعناق ذريتنا الى يوم الدين..
في تلك الجمعة المملوءة بالشر أصدر بيلاطس الروماني حكمه بالصلب على السيد المسيح، وتقول الرواية المسيحية أنه اقتيد في طريق الآلام يحمل صليبه على كتفيه، وترهقه سياط الجنود العتاة، وأنه في عصر تلك الجمعة تم صلبه ودفنه وأنه مكث في قبره من غروب الجمعة، وسائر السبت مع ليل الأحد، ليقوم من قبره ضحى الأحد، ويصعد الى السماء. وهذه هي الرواية المسيحية با ختصار فكانت الجمعة جمعة الآلام، وكان الأحد عيد القيامة العظيم، حيث يردد المسحيون المسيح قام حقا قام، يقصدون قام من قبره، وأزاح الصخرة العظيمة عن فتحة القبر، وأشهد الرعاة على قيامه…
العقيدة الاسلامية، لا تنفي المؤمراة على السيد المسيح، لا تنفي أن جريمة الصلب التي اشترك فيها كهنة اليهود مع الحاكم الروماني قد وقعت، ولكنها تخالف جذريا في شخص المصلوب، وتقرر بحزم ان المصلوب كان رجلا آخر ألقي عليه شبه السيد المسيح، وأن هذا الشبيه هو يهوذا الخائن نفسه.
(وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ)
لم يخذل الله السيد المسيح، الذي هو عبد الله ورسوله، ولم يتركه للموقف الحرج حتى يصيح: إيلي .. إيلي.. لم شبقتني..
يبقى لنا أن نحفظ إن المجرم ارتكب الفعلة ولكن على الشخص الخطأ..
ويبقى لنا أن نسأل: كيف تراكبت هاتان الذكريان في يوم واحد من أيام العام..
مرة أخرى فتش عن الكهنة واصحاب السلطان..
١٧ رمضان/ ١٤٤٤
٧ نيسان ٢٠٢٣
____________
*مدير مركز الشرق العربي