الرئيسة \  مواقف  \  وجهة نظر : من أحاديث العيد.. اختلاف دون نفور

وجهة نظر : من أحاديث العيد.. اختلاف دون نفور

02.07.2023
زهير سالم



وجهة نظر :
من أحاديث العيد..
اختلاف دون نفور
زهير سالم*
ذكرني حبيب بأخي الحبيب استاذنا محمد الحسناوي..رحمه الله تعالى.
اعتقدت دائما أن علاقتنا كانت أنموذجا..
وأحب أن أحكيها أيضا كأنموذج.
عندما كنا في حلب كانت علاقتي بالأخ الشاعر الأديب محمد الحسناوي علاقة تلميذ بأستاذ.
أقر له بالأستاذية، وألتمس منه مزيدا من علم ومن توجيه.
وعندما طبعت رسالتي الصغيرة في قراءة غزوة تبوك "الطريق إلى تبوك" التمست منه ان يتفضل عليّ أن يكتب لي مقدمة، ففعل مشكورا مأجورا..
وعندما طبعت طبعتي الثانية، وأعدت نشر مقدمتها بعد سنين، عاتبني في ذلك؛ فأجبته: العين لا تعلو على حاجبها يا أستاذ،ؤوبقيت في مواطن كثيرة إذا تحدث معي بلغة الالزام بما فيه مندوحة، أنزل على رأيه..
أول عملنا في الاطار التنظيمي، كنت معه في أول مكتب سياسي تأسس في جماعة الاخوان المسلمين، ومنذ البداية بدا خلاف أساسي في وجهات النظر بين تيارين من الاخوان..
كنت مع لفيف من شباب الإخوان، القائمين على العمل في مدينة حلب نؤمن بمقولة: وادعو أهل الشر ما وادعوكم. ونردد دائما: لا تطرقوا على الشرير بابه. لا تنبهوا الشرير من غفلته، سواء كانت غفلته حقيقية أو مصطنعة. كنا نؤمن بضرورة أن يكون لنا وقت أفضل للبناء والتوعية والانتشار. ونؤمن بالانتشار الذي سماه الشهيد البنا "المجتمع المسلم" كصيرورة تنبني عليها تلقائيا المرحلة القادمة.
كنا دائما نخاف من الفريق الذي قال عنه الامام البنا: ليسوا إخوانا ولا مسلمين، الذين اغتالوا النقراشي في مصر، ونتساءل بجدية وبراءة؛ أين صار مصير هؤلاء في جسم الإخوان المسلمين..؟!
وكان الأستاذ محمد الحسناوي مع لفيف من الاخوة الآخرين يؤمنون بما يسمونه مرحلة القضم، أو المنازلات الجانبية، وأبسط ما كانوا يؤمنون به أنهم يستطيعون دائما أن بسيطروا على الحريق إذا أشعلوه، وأن جميع الأعمال التي يقدمون عليها تبقى تحت سيطرتهم..
أكثر من ربع قرن، وأنا بشخصي الضعيف ومن أقف في صفهم من إخوان كثر، في خلاف في الرأي مع الطريقة التي كان الاستاذ الحسناوي أحد ممثليها.
ربع قرن داخل سورية وخارجها، ونحن مختلفون على هذا.
كثيرا ما كان يحتد بيننا النقاش، وترتفع الأصوات، ويذهب بنا الانتصار لما يظن كل واحد منا أنه الحق كل مذهب؛ ثم يلتفت إلي أخي وأستاذي ابو محمود رحمه الله تعالى فيسالني وهو يبتسم: ما بعرف أنا لماذا أحبك؟؟ فأقول له: لأنني أحبك، ونمضي..
ما قمنا من مجلس وفي قلب أحدنا على الآخر شيء.
حتى في صفوف الإخوان المسلمين كنا نعتقد أن الاستاذ محمد الحسناوي رحمه الله كان رمزا للصفاء والسمو والتسامح والإخاء والمحبة، كان لا يعرف كيف يكره، ولا كيف يحقد..
كان دائما يلح علينا أن نقرأ كتاب: الحرب الثورية " "أندريه بوفر" أنا عاتب عليه رحمه الله تعالى، لأنني مع رفضي لمبدا الخضم والقضم والصدام قرأت الكتاب ربما مرتين.. ولكن الذين كانوا يرفعون الراية مضرجة بدماء الآخرين؛ لم يقرؤوا الكتاب إلا أمانيّ
رحم الله الأخ محمد الحسناوي ورفع مقامه في عليين
أحب الاخوة إليّ الاخوة الذين لا يحقدون.
لندن: ١١ ذو الحجة/ ١٤٤٤
٢٩/ ٦/ ٢٠٢٣
____________
*مدير مركز الشرق العربي