الرئيسة \  مواقف  \  وجهة نظر : وما ليّ لا ...

وجهة نظر : وما ليّ لا ...

15.04.2024
زهير سالم




وجهة نظر :
وما ليّ لا ...

زهير سالم*
كتبتُ للسوريين بالأمس -كل السوريين- ما يمكن أن يكتبه الشفيق الناصح المدّمى، المضرج بالدم والدمع على مدى نصف قرن…
‏كتبت لهم ما يكتبه الجد الذي يرى في احفاده أطفالا ناهزوا وهم لا يعرفون معنى البيت والسكن والحي والبلدة والمدينة والمدرسة أيضا!!
‏ويرى جيلا من الضائعات والضائعين..
‏وجيلا من المودعات والمودعين؛ أعياهم انتظار غائب لا يؤوب..
‏وهو يرى أمما من الجراد، له ألوان يجرد على الأرض السورية كل الذي يليه، فيهلكه، ليس حرثا ونسلا فقط، بل دينا وعقيدة وحضارة وثقافة وعمرانا…
‏كتبت كتابة الناصح المشفق، في زمن قلّ فيه الناصحون..
‏وقلت عسى يسمعني فيردفني من كل ألف واحد..و نحن من قوم قال أولهم:
‏لو كان في الألف منا واحد..
‏كتبت كل ذلك فنالتني ألسنة وتعليقات بعض الموتورين، من ضيقي العطن، سيئي الفهم، أو مسيئيه، أو من الذين لهم في كل هذا البلاء النازل في سورية وأهلها مصلحة..
‏ولم يكن كل هذا غائبا عن ذهني عندما توجهت للكتابة، ولا عندما كتبت، ولا عندما نشرت..
‏ولقد تابعت شاكرا حامدا ممتنا الكثير من ردود فعل أهل الحكمة والروية والفهم -ولن أقول أكثر مما توقعت فأغمط ناسنا- بل أقول، بل جاءتني أجوبة أهل الحكمة والتثبيت والدعم والتأييد من رموز من السوريين على محيط المنقلة السورية، فلكل عاقل سوري شجاع وحكيم مني كل الشكر والعرفان والتقدير..
‏ومع تفهمي لكثير من بواعث الشاكين والمشككين والمتوجسين والمرتابين، أريد أن أقول: ليس سهلا السير في طريق العقل وما يقتضيه. بل الأسهل دائما على الصخرة أن تنحط من أعلى الجبل، أو مصاحبة السيل، وركوب التيار..
‏وأقول لفريق ثالث ولو كان صاحبكم كما تقولون أو تتقولون..
‏فمالي لا أكتب لكم، وأنا المقيم في لندن، متكئ على أريكتي، خليا ناعما مكفيا، ما ليّ لا أكتب للناس: حتى آخر قطرة من دم..
‏وأزيد:،ولو انتقضت سورية حجرا على حجر، وأكثر اللعن والشتم والتحريش ما دام الوقود من دماء سوريين آخرين..
‏ما لي لا أكتب لكم ذلك، وأزيد في التحريش والتهويش، وألبسُ طيلسان الوطنية والثورية وأدافع عن عصبة بعصبية، وأغضب لطائفة بطائفية، فأنال أوسمة التمجيد في أسواق المجد الرخيص..
‏لست مدعيا، ولا متخرصا، ولا مصادرا على أحد قراره، ولا أنا قيم على الناس، ولكن يسوؤني:
‏يقولون أقوالا لا يعلمونها.. وإذا قيل هاتوا حققوا لم يحققوا..
لندن: ٥ شوال: ١٤٤٥
١٤/ ٤/ ٢٠٢٤
____________
*مدير مركز الشرق العربي