الرئيسة \  تقارير  \  فورين أفيرز : التراجع الروسي الخطير.. الكرملين لن ينهار دون مقاومة

فورين أفيرز : التراجع الروسي الخطير.. الكرملين لن ينهار دون مقاومة

05.11.2022
الجزيرة

Untitled 8

فورين أفيرز : التراجع الروسي الخطير.. الكرملين لن ينهار دون مقاومة

الجزيرة

الخميس 3/11/2022

نشرت مجلة "فورين أفيرز" (Foreign Affairs) الأميركية مقالا لاثنين من الباحثين الأميركيين زعما فيه أن الهجوم الذي شنّه الجيش الأوكراني على مدينة خاركيف في سبتمبر/أيلول أثبت مقدار الخطأ الذي ارتكبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزوه جارة بلاده الشرقية.

وطبقا لمدير برنامج الأمن عبر الأطلسي في مركز الأمن الأميركي الجديد، أندريا كيندال تايلور، وزميله بالمركز مايكل كوفمان، فإن أوكرانيا وجهت ضربة حاسمة، وأخذت زمام المبادرة من القوات الروسية وأفقدتها قوة الدفع والحماسة.

وهن وانخفاض في الروح المعنوية

وكشفت النجاحات التي أحرزها الأوكرانيون في ساحة القتال عن مدى الوهن الذي أصاب الجيش الروسي من انخفاض الروح المعنوية، ونقص القوة البشرية، وتدهور نوعية الجنود.

وبدلا من رفع الراية البيضاء، تعامل بوتين مع تلك المشاكل بأن أصدر أوامره بتعبئة عسكرية جزئية، وفرض عقوبات أشد على الجنود الذين هربوا من ساحات المعارك أو استسلموا، ومضى قدما في ضمّ 4 مناطق أوكرانية "بشكل غير قانوني".

وجاء تعامل بوتين مع تراجع حظوظ روسيا في أوكرانيا مثلما فعل إزاء اضمحلال دورها على الساحة الدولية، بأن ضاعف من رهانه المحفوف بالمخاطر. ودهشة بوتين الواضحة تظهر -برأي كاتبي المقال- أن الحرب في أوكرانيا دفعت بلاده نحو الانحدار.

تقلص النفوذ الروسي على أوروبا

وفي هذه الأثناء، تمضي أوروبا نحو تقليل اعتمادها في مجال الطاقة على روسيا، وذلك سيحد من نفوذها في القارة، ويقلص عائدات حكومتها التي تعتمد اعتمادا كبيرا على صادرات الطاقة.

ويعتقد الباحثان أن العقوبات الدولية غير المسبوقة وضوابط التصدير تحد من وصول روسيا إلى رأس المال والتكنولوجيا، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع موسكو أكثر في مجال الابتكار.

وكلما استشعرت روسيا أنها عرضة للخطر، حسب المقال، حاولت تعويض نقاط ضعفها بالاعتماد على أدوات غير تقليدية، بما في ذلك الأسلحة النووية، تماما مثلما تفعل في أوكرانيا وأماكن أخرى.

تهديد روسيا قد لا يتراجع

بعبارة أخرى، قد تتضاءل قوة روسيا ونفوذها، لكن ذلك لا يعني أن التهديد الذي تمثله روسيا سيتراجع تراجعا كبيرا، بل من المحتمل أن تتفاقم بعض جوانبه.

وحتى لو خسر بوتين الحرب، فإن المشكلة التي تسبّبت فيها روسيا لن تُحل، بل سيزيد طينها بلة في العديد من المناحي.

لقد وجهت الحرب في أوكرانيا ضربة للنفوذ الاقتصادي العالمي لروسيا، حيث من المتوقع أن ينكمش ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 6% في العام الحالي، وفقا لصندوق النقد الدولي. وربما تكون هذه مجرد البداية حيث لم تشعر روسيا بعد بوطأة الإجراءات الغربية.

معاناة بعض الصناعات الروسية

وستحدّ ضوابط التصدير الغربية من وصول موسكو إلى التقنيات والمكونات الرئيسة، وذلك سيعيق الاقتصاد الذي يعتمد اعتمادا كبيرا على المدخلات والمعرفة الأجنبية. وهناك بالفعل مؤشرات على معاناة تواجه صناعة السيارات والقطاعات التجارية الرئيسة الأخرى التي يتجلى فيها بشكل خاص اعتماد روسيا على المكونات أو القطع الأجنبية.

ثم إن وضع روسيا بوصفها قوة رئيسة في مجال الطاقة "غير مستقر"، ومن المؤكد أن أوروبا تواجه تحديات في تأمين بدائل لواردات الطاقة الروسية في العقد المقبل. ولكن على المدى البعيد، فإن النفوذ السياسي الذي يستمدّه الكرملين من صادرات الطاقة سوف يتضاءل.

وستحول العقوبات الغربية -المزمع دخولها حيز التنفيذ بنهاية 2022- دون إصدار التأمين التجاري لشحنات الناقلات الروسية، مما يزيد من مخاطر وتكاليف المعاملات النفطية الروسية. وفي غضون ذلك، تفرض مجموعة الدول السبع سقفا على سعر بيع النفط الروسي.

وبمرور الوقت، قد يضيق الخناق على روسيا وتكون مجبرة على تقديم تخفيضات أكبر على أسعار نفطها. وهناك دلائل متزايدة على انخفاض الصادرات الروسية، ومن ثم تقلص الإيرادات، وذلك ما دفع الحكومة إلى خفض ميزانيتها في العديد من الإدارات بنسبة 10%.

هجرة العقول والموهوبين

وستخفض أوروبا على نحو مطرد وارداتها من الطاقة الروسية، ومن ثم لن تتاح لموسكو مساحة كبيرة للتفاوض مع المستهلكين الآخرين، مثل الصين والهند. وتعاني روسيا من استفحال هجرة أفضل مواهبها، مثل المبرمجين والمهندسين والمتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، مما سيحد من قدرتها التنافسية في المستقبل.

ويمضي الباحثان في مقالهما إلى أن الاقتصاد الروسي يتجه نحو الندرة، والانكفاء على الذات، والانفصال المستمر عن الاقتصاد العالمي.

ومع تدهور الأوضاع، سيزداد يأس الكرملين، ويلجأ إلى وسائل غامضة أو غير مشروعة لتجاوز القواعد التي تحكم التجارة العالمية التي لم يعد له مصلحة فيها، وكلما ازداد تهميشه وتهديده ستقلّ القدرة على التنبؤ بسلوكه وضبطه.

صعوبة التكهن بخلف بوتين

ويرى الكاتبان أن قبضة بوتين على السلطة في روسيا تبدو أضعف الآن من أي وقت مضى، حتى يصعب التكهن بمن سيخلفه في الحكم.

ولقد حذر بعض المحللين من أن زعيم روسيا القادم قد يكون أسوأ بالنسبة للغرب. ورغم أن تايلور وزميله كوفمان لا يستبعدان هذا السيناريو تماما، فإنهما يعتقدان -في مقالهما بفورين أفيرز- أن احتمال حدوثه قد يكون أقل مما يتوقعه كثيرون.

المصدر : فورين أفيرز