الرئيسة \  تقارير  \  وول ستريت جورنال : أمريكا تواجه تحديات متزايدة في الشرق الأوسط وسط مكاسب روسية وصينية

وول ستريت جورنال : أمريكا تواجه تحديات متزايدة في الشرق الأوسط وسط مكاسب روسية وصينية

27.03.2023
إبراهيم درويش

وول ستريت جورنال : أمريكا تواجه تحديات متزايدة في الشرق الأوسط وسط مكاسب روسية وصينية
إبراهيم درويش
لندن- “القدس العربي”:
الاحد 26-3-2023
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا من إعداد مايكل أر غوردون، وديون نيسباوم، وجارد ماسلين، حول التحديات المتزايدة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتعرض قواتها لهجمات متكررة.
وأضافت الصحيفة أن التحولات الجيوسياسية والمكاسب الروسية والصينية، باتت تعقّد من خطط واشنطن في المنطقة. وتحدث التقرير عن تجاهل الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران في سوريا، التحذيرات الأمريكية، حيث شنت هجومين على موقعين للولايات المتحدة في شرق سوريا، وجرحت جنديا أمريكيا يوم الجمعة.
وفي يوم الخميس، قتلت هجمات للجماعات التي تدعمها إيران، متعهدا أمريكيا وجرحت خمسة آخرين في هجوم بالمسيرات. وشنت هجمات منفصلة على “القرية الأمريكية” وهي قاعدة عسكرية في شرق سوريا حيث تم نشر القوات الأمريكية. وتم استهداف القاعدة بثلاث مسيرات انتحارية، تم إسقاط اثنتين منهما عبر الدفاعات الأمريكية، أما المسيرة الثالثة التي ضربت الهدف، فقد أحدثت أضرارا بالمبنى، ولكنها لم تتسبب بإصابات. وفي يوم السبت، تعرضت القرية الأمريكية لضربة بالمسيّرات الساعة 2:19 صباحا، ولكنها لم تحدث أضرارا مادية أو بشرية.
واستمرت تحركات الميليشيات الإيرانية، في الوقت الذي حذر فيه الرئيس بايدن يوم الجمعة، بأن إدارته ستتحرك لو تعرضت القوات الأمريكية لإطلاق النار. وقال إن “الولايات المتحدة لا تريد النزاع مع إيران”، ولكنها مستعدة “للرد بقوة وحماية شعبنا”.
وتعلق الصحيفة أن زيادة الهجمات التي ينسبها المسؤولون إلى جماعات سلحتها إيران، أثارت أسئلة حول رد إدرة بايدن، وإن كان قويا بطريقة تردع تلك الجماعات أم لا؟
ويأتي الضغط الجديد من الميليشيات المسلحة، في وقت تحاول واشنطن الانسحاب من الشرق الأوسط، وسط تزايد تأثير المنافسين الجيوسياسيين، إيران وروسيا.
وبدأت الأعمال الانتقامية عندما تم ضرب موقع أمريكي في مدينة الحسكة، شمال- شرق سوريا، واتهمت أمريكا إيران بالمسؤولية عن ذلك، ثم أرسلت مقاتلتين لضرب موقعين قالت إنهما استُخدما لتخزين العربات ومعدات جوية. وردّت الجماعات بعد ساعات بضرب القوات الأمريكية واستهداف رادار أمريكي قرب الحسكة كان يتعرض للصيانة في وقت الهجوم، إلا أن الرادار العامل قدم تغطية من الهجوم، رغم أن طريقة حماية الموقع ستكون جزءا من تحقيق المسؤولين الأمريكيين في ما بعد الضربة.
وتتزامن الهجمات مع الصفقة التي رعتها الصين بين السعودية وإيران قبل أسبوعين، وأخرى رعتها روسيا بين السعودية وسوريا بشكل وضعهما في مركز السياسة بالشرق الأوسط الذي طالما سيطرت عليه الولايات المتحدة. ولا تزال واشنطن القوية المهيمنة في المنطقة، إلا أن التحولات الجيوسياسية وإعادة ترتيب الصفوف، باتت تعقّد من الجهد الحزبي المشترك لتخليص المصالح الأمريكية من المنطقة، وتوجيه التركيز إلى تنافس القوى العظمى مع روسيا والصين.
وسيمثل صعود هاتين الدولتين وزيادة الهجمات من الجماعات الموالية لإيران، امتحانا لالتزام أمريكا بالمنطقة. ونقلت الصحيفة عن عمر العبيدي، من الجمعية البحرينية الاقتصادية قوله: “لم يتم إخراج الولايات المتحدة من المنطقة، بل هي التي تريد تخفيض تأثيرها”. وأضاف: “يرغب مجتمع صناعة السياسة الأمريكية في التخيل بأن كل طرف بالمنطقة سيتعايش بطريقة سلمية وعضوية، إلا أن واقع انسحابها هو من يفتح نافذة لروسيا والصين كي تزيدا من تأثيرهما”.
وتتزامن الأحداث مع ذكرى عشرين عاما على حملة “الصدمة والترويع” في العراق، والتي عبّرت عن استعداد أمريكي لاستخدام قواتها لحماية تأثيرها بالمنطقة، وعجزها عن تشكيل الأحداث فيما بعد. وبعض عقدين على النزاع في الشرق الأوسط، تشعر الولايات المتحدة بالتعب.
وتقول ياسمين فاروق، الزميلة عير المقيمة في معهد بيكر بجامعة رايس: “تفقد أمريكا بالتأكيد قدرتها المطلقة على تشكيل اتجاه المنطقة”، مع أن واشنطن تظل الشريك الأكبر في مجال الأمن بالشرق الأوسط. وعبّر قادة الولايات المتحدة عن رغبة في حماية القوات الأمريكية ودول الشرق الأوسط من التهديدات التي تمثلها الجماعات الموالية لإيران. ولدى أمريكا 900 جندي في شمال- شرق سوريا، و2500 جندي في العراق لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.
وهذه هي المرة الرابعة التي ترد فيها الولايات المتحدة على الجماعات الموالية لإيران في العراق وسوريا. وأدى هذا لانتقاد الجمهوريين لإدارة بايدن بأنها لم تكن قوية بالقدر الكافي لمنع هجمات الجماعات المسلحة. وقال النائب الجمهوري عن تكساس مايكل ماكول، وعضو لجنة الشؤون الخارجية: “لقد تحطمت قدرتنا الردعية ضد إيران”.
وأكد المسؤولون الأمريكيون يوم الجمعة بأنهم ملتزمون بحماية القوات والمنشآت والحلفاء في الشرق الأوسط، لكنهم لا يتطلعون لحرب مع إيران أو أية دولة بالمنطقة. وعلّق المتحدث باسم البنتاغون الجنرال بات رايدر، أن “تركيزنا في سوريا هو على مهمة هزيمة تنظيم الدولة، ولا نريد نزاعا أو تصعيدا مع إيران، ولكن الغارات التي قمنا بها تهدف لإرسال رسالة واضحة لإيران بأننا نتعامل مع حماية جنودنا بجدية وأننا سنرد سريعا وبحسم حالة تعرضوا للتهديد”. ويرى أساف أوريون من معهد الأمن القومي الإسرائيلي، أن الولايات المتحدة بحاجة لمزيد من استعراض العضلات في الشرق الأوسط لو أرادت استعادة نفوذها.
وفي عهد إدارة بايدن استُخدمت القوة للرد عندما تعرضت المواقع الأمريكية للهجوم، حيث شنت الجماعات الموالية لإيران 78 هجوما على القوات الأمريكية منذ عام 2021 بحسب القيادة المركزية. ولم تتخل إيران عن هدفها بإخراج الولايات المتحدة من معاقلها القوية في الشرق الأوسط، لأنها تتواصل بإيجابية مع السعودية حليفة الولايات المتحدة، حسبما تقول لينا الخطيب، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام بلندن.
وباتت إيران تتعامل مع كل قضية في المنطقة على حدة، فهي تعيد العلاقات مع السعودية من جهة، وتضرب القواعد الأمريكية في سوريا من جهة أخرى. ورأى قادة الخليج تردد أمريكا في حمايتهم. وبالنسبة للسعوديين جاءت اللحظة عام 2019، عندما تعرضت منشآتها النفطية لضربات من إيران، ولم تفعل الولايات المتحدة شيئا. وبالنسبة للإمارات، فاللحظة جاءت العام الماضي، وردّ إدارة بايدن البطيء على صواريخ الحوثيين التي ضربت أراضيها. وبحث البلدان عن سياسة مستقلة للتعامل مع روسيا والصين.
وأثارت واشنطن قلق حلفائها في الشرق الأوسط عندما حاولت احتواء الخطر النووي الإيراني. وفي عام 2015، وقّعت إدارة باراك أوباما على الاتفاق النووي مع إيران، قبل أن ينسحب منه دونالد ترامب في 2018، ثم قتل في عام 2020 القيادي العسكري الإيراني الجنرال قاسم سليماني. إلا أن محاولات بايدن لإحياء الاتفاق النووي أثارت قلق الحلفاء في الخليج. ولدى الولايات المتحدة علاقات قوية وتأثير مع حلفاء رسميين بالشرق الأوسط مثل الأردن وإسرائيل ومصر التي تتلقى مليارات الدولارات من المساعدات السنوية.
وتظل الولايات المتحدة في مركز جهود توحيد الدول العربية التي لا تقيم علاقات مع إسرائيل مثل السعودية. وروجت إدارة بايدن لفكرة مظلة أمنية لدول المنطقة بما فيها إسرائيل لمواجهة التهديد الإيراني والجماعات الوكيلة عنها. ورحب المسؤولون الأمريكيون بالصفقة الصينية لأنها تخفف التوتر في الشرق الأوسط، لكنهم عبّروا في أحاديثهم الخاصة عن شكوك في التزام إيران بالاتفاق مع السعودية.
ورأت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية الحالية فشلت في ردع إيران والجماعات الموالية لها. وقالت: “التراجع له ثمن كما تعلم الأمريكيون الدرس الأصعب منذ انسحابهم من أفغانستان عام 2021. ورأى أعداء مثل فلاديمير بوتين بأنها رسالة أنه لو قام بغزو أوكرانيا فلن يتدخل بايدن. وقدرة الولايات المتحدة للردع ضعفت الآن. وتقوم إيران وجماعاتها المسلحة بامتحان إرادة الولايات المتحدة في سوريا والعراق والأمريكيون هم الهدف”.
وتقول الصحيفة إن الصور الأكبر هنا هي أن إيران وجماعاتها توصلت لنتيجة مفادها أن الولايات المتحدة تريد مخرجا من الشرق الأوسط وهي مستعدة لدفع الخروج وإلحاق إصابات. وتريد إيران تحول سوريا إلى محمية لها، وستفرح لو خرج الأمريكيون منها ومن العراق الذي تحدّت فيه جماعاتها جيشه ونافسته على الهيمنة.
أما في سوريا، فسيحاول النظام العميل لإيران توطيد أركان حكمه وتهديد إسرائيل. ولو كان بايدن ووزير دفاعه لويد أوستن يؤمنان بالمهمة الأمريكية في هذين البلدين، فالمهمة الأولى هي حماية القوات والمواطنين الأمريكيين، وزرع الخوف في قلوب الأعداء، بأن الرد سيكون قاتلا وحاسما لو استهدفوا الأمريكيين.