في وداع الراحلين
في ذمة الله..
الأخ المهندس الداعية أحمد عبد الهادي العثمان "أبو صهيب"
نزيل عمان مهاجرا إليها منذ مطلع الثمانينات
زهير سالم*
ونقول للأخ الراحل الحبيب وداعا بل إلى لقاء على منابر من نور إن شاء الله، منابر وُعد بها المتحابون في الله.
ويلومني بعض أهل اللوم على ما أكتب، وكيف أكتب، ولماذا أكتب!!
ولو عرفوا ما عرفت، وشربوا من كأس الوفاء الذي شربت، لكتبوا ربما أكثر مما كتبت..!!
وأراني أقف حين أودع أحبابي وخلاني وإخوان دربي، أمام ديوان ركب تعده إن عددت بالألوف…تجد نفسك أمام جمهور كله رجال!!
ومع كل فرد من هؤلاء لو كان كات منتبع؛ قصة تقص، ومأثرة تروى..!!
أرأيتم قصص الإخوة المعتقلين، وأخص
منهم التدمريين، وأخص منهم الذين قضوا ومضوا، ثم أؤشر منهم على الذين هم بين ظهرانينا اليوم، لو كان بيننا من يسمع فيعي ثم يعيد فيروي!!.. لكان لنا في تاريخ الرجال ديوان..!!
ثم أرأيتم إلى جيل المهجّرين، الذين عشنا بجمعنا في غمارهم، وكان لكل واحد منهم من يسجل تجربته،، ويقارب حالته لكان لنا إلى جانب ذلك الديوان المتشح بالألم والصبر والمعاناة ؛ديوان آخر مثل "الصاية الباذنجانية" حيث يوازي سواد الغربة ولأوائها الأصفرُ الذي يخفف عتمة السواد أحيانا، وأحيانا يبهج ويسر..
ورحم الله أخانا أبا صهيب.
الأخ الصدق، أخا الصبر، وأخا العطاء والبذل والفضل.
هي خمسة وأربعون عاما أبى فيها أن يعطي الدنية فيعود، ولو عاد لعاد إلى ما يطمح إليه، أو طمح إليه الكثيرون…!!
وقد تعوّد الأخ الراحل الحبيب من فعل الخير كفالة الطلبة الطيبيين، الذين لا يجد أهلوهم سعة، ليؤمنوا لهم دراسة جامعية تليق بمستواهم العلمي…!!
بالأمس أي منذ أسبوع، أبكاني أخ خريج الديوان الأول، ديوان تدمر، قال: عندي شابان تخرج الأول من الثانوية العامة بمعدل تسع وتسعين، فجعلت منه عاملا في مطعم، وتخرج الثاني بمعدل ٩٨ فجعلت منه عاملا في مقهى، وطويت على جرح أخي أبكي أواه… أواه…
كان مداراة مثل هذا وتداركه شأن أبي صهيب يوم كان مهندسا بين حلب والباب، وظل ذلك شأنه يوم صار إلى مهجره في دار هجرته في عمان…
شكا لي أحد هؤلاء الذين كان يحوطهم في عمان يوما فقال ، شكا إليّ ما أرى أنه من حق أن أذكره في صفحة وداع أبي صهيب اليوم، قال: يا أخي يظل يمر علينا ويلاحقنا على صلاة الفجر وصلاة العشاء!! قلت: وأنعم به.. ولكن لم تحدثنا عن "صدور" الغداء ظاهرها وباطنها مما كنتم تغترفون..!!
أخي الراحل الحبيب أبا صهيب وداعا
اللهم اغفر له وارحمه وأحسن نزله وزده ولا تنقصه..
اللهم ما عرفناه إلا برا تقيا كريما معطاء، وقد صار نزيلا للبَر الكريم الرحمن الرحيم.. وهو إلى رحمتك اليوم أحوج منه إلى ثنائنا…
اللهم وأحسن عزاء أهله جميعا، وإخوانه وأهل خاصته من الدعاة الكرام من إخواننا من أهل مدينة الباب سابقهم ولاحقهم..
واغفر لنا إذا صرنا إلى ما صار سابقونا إليه…
وجعلت من شأني، في دار شتاتي، أنني كما نعيتُ أخا من إخواني، أن أجمع إلى نعيي له، نعي إخاء وحب ووفاء، أن أجمع مع أول فريضة أؤديها، أربع تكبيرات هي صلاة الجنازة وقد غاب جلنا عن جلنا..
أدعو فيها للأخ الفقيد…
اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا.. اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه..
وإنا لله وإنا إليه راجعون
لندن: ٢٢/ جمادى الأولى/ ١٤٤٦
٢٣/ ١١/ ٢٠٢٣
____________
*مدير مركز الشرق العربي