اخر تحديث
الخميس-25/07/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ فَساد الفرد يؤذي .. وفَساد الرمز يدمّر
فَساد الفرد يؤذي .. وفَساد الرمز يدمّر
24.09.2017
عبدالله عيسى السلامة
*) الفرد العادي ، قد يرتكب معصية ، أو خطيئة ، أو جريمة ، يؤذي بها نفسه ، وبعضَ مَن حولَه ، مِن أهل ، أو جيران ، أو أقارب ، أو أصدقاء، أو غرباء ..في المجتمع الذي يعيش فيه. وجرائم الأفراد العاديين معروفة، محصورة في أنماط معيّنة من السلوك ، وفقَ التصنيفات القانونية والاجتماعية . فهي لا تعدو كونَها جريمةَ : سرقة ، أو قتل ، أو اغتصاب ، أو تزوير، أو تهريب , أو انتحال شخصية ، أو اقتناء سلاح بلا رخصة ، أو مخالفات مرورية ، أو نحو ذلك .. ممّا صنّفه رجال القانون في قائمة الجرائم..! وقد تكون جريمةَ زِنى ، أو ميسِر، أو سكر ( في المجتمعات التي تعدّ هذه الأفعال جرائم!). وقد يرتكب الفرد الواحد ، جريمتين أو أكثر، في وقت واحد ، أو أوقات متقاربة ، أو متباعدة. وقد صنّف رجال القانون ، الجرائمَ الفردية ، ثلاثةَ أصناف، هي : الجنايات ، والجنَح، والمخالفات .. ووضعوا لكل صنف منها ، ما يناسبه من العقوبات ، المخفّفة والمشدّدة، حسب نوع الجريمة ، وظروفها ، وطبيعة مرتكبها . وتظلّ جرائم الفرد ، مهما كثرت وتنوّعت ، واشتدّ خطرها وضررها، محصورةً في إطار معيّن ، لا تكاد تجاوزه ، حتى لو قتَل الفرد مئة نفس ، أو مئتين ، أو ألفاً، وحتى لو سرق مئات الملايين ، من أموال الناس..!
*) أمّا جريمة الرمز ، سواء أكان رمزاً سياسياً ، أم دينياً ، أم ثقافياً ، أم اجتماعياً.. (إذا كانت في الإطار الذي يَبني عليه رمزيتَه ، ويَستمدّ منه قيمة هذه الرمزية) فهي كارثة حقيقية ، على الشعب والوطن ، والأجيال القادمة! ذلك أن هذه الرموز، وضِعت في مواقع القيادة والرعاية للأمّة ، فما تَنتظر هذه الأمّة ، مِن قادتها ورعاتها ، إلاّ النفع والخير والصلاح ! فإن بادَروها بالغشّ والفساد والإفساد ، كانوا سبب ضياعها ودمارها ، وكانت أوزارهم أثقل من أوزار الآخرين ، من أفراد الأمّة .
والأمثلة الحيّة ، من جرائم الرموز، التي نراها أمامنا كل يوم ، صباحَ مساءَ، أكثر من أن تحصى !
1) السياسي الدجّال ، الذي يتاجر بالشعارات ، ويضلّل الأمّة ، ويقودها من إخفاق إلى ضعف ، إلى هزيمة ، إلى مصيبة ، إلى نكبة .. فيدمّر وطناً ويهلك شعباً.. هذا السياسي بأيّ مقياس يقاس ، بين أصناف المجرمين، وبأيّ ميزان توزن جرائمه ، بين الجرائم !؟ أيّ قاتل محترف ، أو لصّ خطير، أو مزوّر متمرّس ، أو مغتصِب دنيء .. يَرقى ، إلى مستوى إجرام هذا السياسي الخبيث !؟ وأيّة مومِس ، أو بَغيّ ، تصل في سلوكها الإجرامي الرخيص ، إلى مستوى هذا السياسي!؟
2) الرجل المعمّم ، الذي َيثقَف شيئاً من علوم الدين ، ويتزيّى بزيّ عالم الدين، ثم يبيع دينَه ، بعرَض مِن الدنيا يسير، أو يبيع دينه بدنيا غيرِه ، فيفتي للحاكم ، بما يمليه عليه الحاكم ، مِن فتاوى تضلّل الناس ، وتزيّف عليهم أمورَ دينهم ودنياهم .. ويَخطب على المنابر، في بيوت الله ، مزيّناً سلوك الحاكم الظالم الفاسد ، ومقدّماً له شهادات البراءة ، والطهارة ، والنقاء، والعبقرية ، والتقى ، والصلاح .. ليلتفّ الناس حول هذا الحاكم ، ويسبّحوا بحمده ،وهو أكذبُ مِن مسيلمةَ المتنبّئ الدجّال ، وأخبث من شيطان رجيم ! عالِم الدين الدجّال الرخيص هذا، بأيّ ميزان يوزَن ، مِن موازين المجرمين المحترفين !؟ وأيّ سمسارِ أعراضٍ نذل ، يصل أذاه ، إلى عشْرِ مِعشار الأذى ، الذي يلحِقه هذا المعمّم الأفاك، بشعبه ووطنه ، وأجيال أمّته اللاحقة !؟ وأيّة فاجرة ، مِن بغايا الدنيا كلها ،على امتداد الزمان والمكان ، يمكن أن تؤذي أمّة ، أو شعباً ، أو وطناً ، بعُشْر ما يسبّبه هذا المجرم ، للناس والأوطان ، باسم الدين ..!؟
3) المفكّر المثقّف ، الذي يضع النظريات الضالّة المضلّة ، التي يزيّف بها وعيَ الناس ، ويخدع عقولهم ، ويصوّر لهم زيفَ الحاكم الفاسد المجرم، هدىً وصلاحاً ، وعبقرية ، وإخلاصاً ووطنية فوق مستوى الشبهات ..! وهو يعلم أن الحاكم لصّ محترف ، خائن لشعبه ووطنه ، يبيع البلاد ومَن عليها ، وما عليها ، بيوم واحد يجلس فيه على كرسي الحكم ، أو بحفنة من الدولارات ، يودعها في البنوك الأجنبية ، أو يصرفها على بعض الليالي الحمراء ، في أوكار الرذيلة ..! هذا المفكّر المثقّف ( الكاتب، أو الأديب ، أو الإعلامي ) أين يوضَع في سِجلّ المجرمين المحترفين: اللصوص ، ومهرّبي المخدرات ، والبغايا ، وتجّار الأجساد الرخيصة ، والقتلة ، والمزوّرين ..!؟ ولو جمِعت جرائمهم كلها، فإنها لا تَعدل سطراً واحداً ، في سجلّ إجرامه الأسود الدنيء !
ونكتفي بهذه النماذج ، في هذا المجال ، فهي تدلّ على النماذج الأخرى، الواقعة في سياقها ، وتغني عنها !
*) المجرم العادي ، تنقطع جرائمه بموته . وإن بقيتْ لها تداعيات معيّنة ، فهي محدودة ، ولا تلبث أن تتضاءل مع الزمن ، وتضمحلّ ، وتتلاشى ..! أمّا المجرم الرمز، الذي يرتكب جرائمه بحقّ وطنه وشعبه وأمّته ، فإن جرائمه لا تنتهي بموته ، لأنها مدوّنة في عقول الناس وقلوبهم ، فساداً وضلالاً ، يورثها الآباء للأبناء ، ويعلّمها المربّون والمعلمون ، لِمن يتولّون تربيتهم وتعليمهم . وهي محفوظة في كتب وصحف وأشرطة ، تؤتي أكلَها الفاسد في كل حين ، وتداعياتُها الفتّاكة المدمّرة لا حصرَ لها..! وإذا لقوا ربّهم ، حاسَبهم على ضلالهم ، وضلال مَن يضِلونهم من الخلق ، على مرّ السنين . قال رسول الله (ص) : (مَن سَنّ سنّة حسنة ، فله أجرها وأجر مَن عَمل بها ، إلى يوم القيامة . ومَن سَنّ سنّة سيّئة ، فعليه وزرها ، ووزر مَن عَمل بها ، إلى يوم القيامة) .
*) وغنيّ عن البيان ، أن الجريمة التي يرتكبها الرمز ، بصفته فرداً عادياً ، لا صلة لها برمزيته ، أو موقع التوجيه ، أو الرأي ، أو القرار، الذي هو فيه .. أن هذه الجريمة ، لا تخرج عن كونها جريمة عادية ، يحاسَب عليها كما يحاسَب سائر المجرمين ! وإن كانت الجرائم العادية ، ممّن كان في موقع القدوة ، تؤثّر سلباً في نفوس الناس ، وتقلّل مِن ثقتهم بالقدوة، وبالأفكار والمبادئ التي يحملها !
*) ومعلوم ، كذلك ، أن الضرر الذي تسبّبه جريمة الرمز ، يزداد شدّة وخطراً، كلما ارتفع مقامه ، وعلا منصبه ، واتّسعت دائرة شهرته بين الناس..! فجريمة رئيس الدولة ، أعظم خطراً، وأشدّ ضرراً، من جريمة أحد وزرائه.. وجريمة الوزير ، أخطر من جريمة موظّف في وزارته ! وكذلك الأمر، فيما يخصّ الرموز المحسوبة على الدين ؛ فجريمة المفتي العامّ في البلاد ، أشدّ وأخطر تأثيراً وضرراً ، من جريمة عالِم صغير، في مدينة أو قرية ..! وبين الأعلى والأدنى درجات ، يحمل صاحب كل درجة منها ، من الوزر ، ما يناسب درجته. والأمر ذاته ، ينسحب على العاملين في مجال الثقافة والأدب، والتفكير والتنظير ، والإعلام ، وصناعةِ الكلام عامّة .. وتسويقِه بين الناس ، ليسهِم في توجيه عقولهم ، ومواقفهم، وتصرفاتهم..!
ولقد رويَ عن رسول الله (ص) ، أنه قال: ( ربَّ كلمة يلقي بها الرجل لا يلقي لها بالاً ، يهوي بها في جهنّم سبعين خريفاً !). أمّا إذا قال الكلمة ذاتَها، وأخبثَ منها ، عامداً متعمّداً ، ليضلّ بها الناس ، لقاءَ منصب ، أو مال ، أو جاه ، أو شهرة ، أو رضىً مِن سيّده الحاكم ومَن في فَلكه .. فإن ثِقل وزره ، عند الله ، ممّا لا يحتاج إلى بيان ، قياساً إلى الكلمة العابرة التي لا يلقَى لها بال . كما أن حقّ الناس عنده في الدنيا ، ممّا يَصعب التسامح به ، أو العفو عنه ..! (ولكلّ أجلٍ كِتاب) .