ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 16/06/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

ملف مركز الشرق العربي

الأب باولو والثورة السورية

15-6-2012

 

النظام السوري يرحل راهبا إيطاليا أعفته البطريركية الكاثوليكية من مهامه

بيروت: ليال أبو رحال

الشرق الاوسط

14-6-2012

بعد أكثر من ثلاثين عاما قضاها متنسكا في دير مار موسى الحبشي للسريان الكاثوليك في جبال القلمون قرب مدينة النبك شمال العاصمة دمشق، يغادر الأب الإيطالي باولو دالوليو سوريا نهاية الأسبوع رغما عنه.

باولو الأب الإيطالي المولد، السوري الهوى، اختار زيارة مدينة القصير بداية الشهر الجاري صائما. واجتمع بثوارها وتبرع بدمه ورفع الصلوات إكراما للشهداء والمعتقلين، مؤكدا أنه يريد أن تكون صلاته «علامة رجاء كي يزهر الربيع السوري ويعطي ثمار الوحدة والحوار تحت شعار التعددية».

وفي حين ذكر ناشطون سوريون أمس أن النظام، وبعد نشر مقاطع فيديو لزيارته إلى القصير، قرر إبعاد الأب الإيطالي بذريعة أنه «خرج عن نطاق مهمته الكنسية»، قالت مصادر مقربة من الأب باولو لـ«الشرق الأوسط» نقلا عنه، إنه بات موجودا في السفارة الإيطالية في دمشق بعدما منحته السلطات السورية ستة أيام لمغادرة سوريا، مؤكدة أن «مغادرته تأتي بعد إنهاء خدماته من قبل بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام بعد خدمة استمرت أكثر من 30 عاما في سوريا».

وفي وقت لاحق من مساء أول من أمس، أكدت إذاعة الفاتيكان خبر مغادرة الأب باولو لسوريا، مذكرة بأنه دعا للحوار منذ بدء النزاع ورفض أي تدخل عسكري أجنبي. وندد الأب باولو للإذاعة عينها بـ«التضليل الإعلامي» في سوريا، وقال: إنه يجري «تضليل للرأي العام من قبل أولئك الذين يوهمون الناس بأنها مجرد معركة ضد الإرهاب»، مبديا أسفه لأن هذا «الكذب تردده حتى وسائل إعلام كاثوليكية».

وكان النظام السوري قد أصدر بحق الأب باولو مذكرة إبعاد نهاية العام الفائت، بعد توجيهه رسالة الميلاد التي دعا خلالها النظام السوري إلى الاعتراف بالتعددية والإقرار بالحريات والمحافظة على سلامة الشعب السوري، محذرا من خطورة تجاهل هذه المطالب. لكن اتصالات على أكثر من مستوى حالت من دون ترحيله بالتزامن مع تلقيه نصائح بالانصراف إلى واجباته الدينية داخل الدير.

وبدأ الأب باولو زيارة إلى مدينة القصير بداية الشهر الجاري على خلفية أحداث ذات طابع طائفي أدت إلى تهجير مئات العائلات المسيحية. ونقلت وكالة «فيديس الفاتيكانية» منذ أيام عن الأب باولو قوله: «اخترت زيارة القصير لأني أريد بحضوري معالجة الاستقطاب الطائفي الذي تشهده المدينة. أصغيت إلى طلب بعض العوائل المسيحية التي رأت أعزاءها مخطوفين، وأريد أن أقوم بأفضل ما لدي، من خلال الصلاة والصوم لرأب الانقسامات».

ويظهر شريط فيديو على موقع «يوتيوب» الأب باولو وهو يتوجه للثوار داخل إحدى الغرف قائلا: «البقية من النصارى أمانة بأعناقكم بوصية من رسول الله عليه السلام»، موضحا «أن المرة الأولى التي تحدثت فيها إلى العلن (عن موقفه من الثورة السورية) كانت للمطالبة بكامل الاحترام للمستشفيات والأطباء والممرضين ليقوموا بأعمالهم بشكل إنساني حيادي»، منتقدا أداء الهلال الأحمر السوري.

وفيما يلوذ رجال دين كثر، مسيحيون ومسلمون، بالصمت منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في سوريا، ساكتين عن الانتهاكات الجسيمة بحق الأبرياء والمدنيين، لم يتخل الأب باولو عن رسالته في السلام والدفاع عن المظلومين أيا كانت هويتهم أو انتماؤهم الطائفي. وخلال جلسة مع الثوار في مدينة القصير منذ أيام، بث ناشطون مقاطع مصورة عنها على مواقع التواصل الاجتماعي، توجه الأب الذي يجيد التحدث بالعربية بطلاقة للجالسين معه بالقول: «إن سوريا التي نضحي كلنا في سبيلها سوف تحترم الإنسان بالدرجة الأولى»، ليضيف بعدها: «إن مجتمعا متنوعا كهذا عليه أن يستفيد من حسن الجوار، ومن الأساس الاجتماعي وخصوصيات سوريا الرائعة، حتى نبني الظروف الثقافية الحضارية لاجتياز نظام لا أحد يريده ولا حتى أصحابه».

ويظهر شريط فيديو آخر على موقع «يوتيوب» طبيبا سوريا يدعى محمد المحمد لم يجد أحدا يقدم له سماعته الطبية ومنظار أذن، وهما كل ما بقي من عيادته التي دمرت في بابا عمرو، إلا الأب باولو.. حملهما وتوجه للأب باولو في القصير قائلا: «لم أجد إنسانا أغلى منك ممن التقيتهم حتى هذه اللحظة»، مضيفا: «ليعوضنا الله أحسن منها إما بالشهادة وإما بالنصر».. فابتسم الأب باولو طالبا من الله أن يبارك الطبيب قبل أن يضمه إليه ويقول: «كلنا بابا عمرو».

=================

أهالي القصير: الثوار لم يهددوا المسيحيين.. وأغلب حالات النزوح كانت مشتركة

إدلبي: من الطبيعي أن تكون هجرتهم أوسع نطاقا بحكم المخاوف من حالة تشدد إسلامي

سوريون ينزحون عن قراهم في حمص جراء الاستباكات المتواصلة بين القوات السورية والجيش الحر (رويترز)

لندن - بيروت: «الشرق الأوسط»

الشرق الاوسط

15-6-2012

نفى مسيحيون مناهضون للنظام من أهالي مدينة القصير بمحافظة حمص، صحة ما نقلته وكالة أنباء الفاتيكان الرسمية حول إنذار وجهه قائد في الجيش الحر للمسيحيين «بمغادرة القصير فورا». واستنكر بيان صادر باسم أهالي القصير ونشرته تنسيقية المدينة تلك الأنباء، نافيا أن تكون المساجد قد أذاعت نداء ينذر «الإخوة المسيحيين بالرحيل».

وأكد البيان أن «أغلب العائلات المسيحية التي نزحت من المدينة قد نزحت مع العائلات المسلمة منذ فترة شهرين تقريبا؛ نتيجة القصف الهمجي المتواصل والعشوائي من قبل دبابات ومدفعية و(هاون) الجيش الأسدي الذي لم تميز قذائفه بين مسيحي ومسلم، وحتى أن قناصات الجيش الأسدي استهدفت المسلمين والمسيحيين على السواء». ولفت البيان إلى أن تقرير وكالة الفاتيكان لم يبن على «أساس الواقع»، كما أن النداء المذكور لم يحصل.

وكانت وكالة «فيديس» البابوية الرسمية ذكرت في تقرير لها نشر منذ أيام، أن أعدادا كبيرة من المسيحيين في بلدة القصير السورية غادروها بعد تلقيهم إنذارا من القائد العسكري للثوار في البلدة. وأضافت الوكالة أن مدة الإنذار انتهت يوم الخميس الماضي، وأن غالبية مسيحيي البلدة، البالغ عددهم نحو 10 آلاف، هربوا من القصير الواقعة في محافظة حمص التي أصبحت ساحة معركة وسط سوريا. وجاء في تقرير وكالة الأنباء البابوية «أن بعض المساجد في المدينة أعادت إطلاق الرسالة، معلنة من المآذن أنه يجب على المسيحيين أن يرحلوا عن القصير».

أحد سكان القصير، من الناشطين في الحراك السلمي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الحادثة وقعت، ولكن ليست على النحو الذي تم تداوله»، ووضعها في إطار «الأخطاء التي ترتكب عادة جراء حالة الفوضى والقمع الشديدين»، ولفت إلى أن «قائد مجموعة من الثوار، وليس من الجيش الحر، تحدث إلى مجموعته في رد فعل على مجزرة الحولة وتوعد العلويين والشيعة والمسيحيين إذا لم يعلنوا انضمامهم للثورة ومساندة الثوار فعليهم الرحيل فورا، لأنهم لن يقبلوا بأي شخص موال للنظام أو ساكت على جرائمه في البلدة».

وأضاف الناشط أن تلك الأنباء أثارت الكثير من الاستياء لدى جميع أهالي المدينة، التي كانت وما زالت نموذجا للتعايش. وقد جرى اجتماع حضره الوجهاء من المسيحيين والمسلمين وتم التبرؤ من ذلك الكلام، واعتبر «ضمن الأخطاء التي يقع فيها بعض الثوار، ويسيء للثورة ويخدم أهداف النظام وغاياته». وفيما بدا أن الأمر انتهى، يقول الناشط إن هناك من عاد وسرب تلك الأنباء لوسائل الإعلام الأجنبية وضخمها «لغايات باتت مكشوفة».

الناشط عمر إدلبي، ممثل لجان التنسيق المحلية وعضو المجلس الوطني السوري، الذي زار القصير لأسبوعين قبل عودته إلى مدينته حمص لينضم إلى الثوار وينشط بالعمل الميداني، قال: «أخطاء كثيرة ارتكبت، لكن ليس كما وصف»، مشيرا إلى أن «الأخطاء كانت تأتي من أفراد معزولين، هم بالأصل جهلة وبعضهم مجرمون سابقون، جرى ردعهم مرات عديدة».

مدينة القصير التي يسكنها أكثر من 50 ألف نسمة غالبيتهم من المسلمين السنة، مع أقليات مسيحية وعلوية وشيعية، يشكل فيها المسيحيون الكاثوليك الأقلية الكبرى. ولم يتبق من سكانها سوى بضعة آلاف، حيث نزح غالبية السكان ومن جميع الطوائف باتجاه لبنان ودمشق والقلمون منذ شهرين مع تصاعد العمليات العسكرية الشرسة والقصف العنيف.

وتقول أم باسل، وهي نازحة من حمص إلى لبنان: «لم يبق بيت في حارتنا وسط المدينة لم يتعرض للقصف.. حارتنا تضم المسيحيين والمسلمين والعلويين؛ ولم نشعر يوما من الأيام بأننا مختلفون بل إخوة وأهل. وعندما اندلعت الثورة في البلاد، هناك من شعر بالخوف من النظام، وهناك من وقف إلى جانبه، كل حسب مصالحه وليس حسب طائفته».

وتتابع أم باسل: «جرت مشكلات كثيرة بين الناس في المدينة، إلا أن حارتنا حافظت على علاقات المودة بين السكان، ولكن القصف العنيف والفوضى وانتشار السرقة دفعتنا إلى النزوح». وتضيف من مشاهداتها أن «حاجز قوات الجيش النظامي كان قريبا من بيتنا، وكل يوم هناك اشتباك وإطلاق نار، فضلا عن القنص الذي حرمنا من التحرك داخل المنزل. وكنا لكي نعبر في الغرفة نركض أو نزحف على الأرض بعيدا عن النوافذ.. ولا يمكننا ليلا إشعال النور، ولا التحرك في العتمة». هذا الواقع عاشه كل أبناء المدينة دون استثناء، كما تقول أم باسل، «حتى إن العيش بات مستحيلا».

واحد من وجهاء القصير نفى بشدة وجود تهديدات طائفية قائلا: «الثوار والجيش الحر ليسوا مجموعة واحدة تحت قيادة واحدة، هناك مجموعات مسلحة متعددة، إضافة لوجود عصابات استفادت من حالة الفوضى. هذه المجموعات تقوم بأعمال نهب وسرقة وتخريب وخطف، وهناك مساع دائمة من الأهالي لتطويق تلك المجموعات والتغلب عليها، ولكن استمرار القصف والعنف والقتل الممنهج من قبل النظام يجعل مهمة الأهالي والوجهاء بالغة الصعوبة».

ويتهم الرجل النظام وأجهزته الأمنية، التي وصفها بـ«القمعية»، بأنها من «تستهدف العقلاء بالقنص والقصف، لأن هذا النظام يريد تعميم حالة الفوضى لتبرير بقائه». كما أشار إلى أن النظام والموالين له «يستغلون الأخطاء التي تجري لافتعال صراع طائفي بين المسلمين والمسيحيين».

وهنا يلاحظ الوجيه أن النظام دائما «كان يدفع المسيحيين للمواجهة مع المسلمين في القصير، ولا يدفع أبناء الطوائف الأخرى كالشيعة والعلويين، مع أن المتعاملين مع النظام وأجهزته الأمنية في القصير ينتمون لكل الطوائف»، وحذر الوجيه من أن «ينجح النظام في جعل المسيحيين تحديدا كبش فداء في معركته من أجل البقاء».

ويرى إدلبي أنه «من الطبيعي أن تكون هجرة المسيحيين على نطاق أوسع من غيرهم بحكم المخاوف التي يضمرونها في أنفسهم من حالة إسلامية متشددة ظهرت بوادرها مرارا، غير أن الواعين يعملون على تلافي أي إشكال قد ينجم عنها، فينجحون كثيرا ويفشلون مرات».

يخشى الناشطون على الثورة من حالة الفوضى التي تعم القصير.. ويتحدث أحمد، وهو أحد أبرز الناشطين الإعلاميين في المدينة قبل الثورة، قائلا: «علينا أن لا ننسى أن مجتمعنا أنهكه الفساد، فالقصير كمنطقة حدودية شجع النظام فيها التهريب على مدى ثلاثة عقود، مما أدى إلى بروز ثلاثة أجيال من المهربين بكل ما يعنيه ذلك من سلوك اجتماعي خارج عن القانون». ويتابع أنه «في ظل غياب الدولة وجد هؤلاء فرصة ذهبية لفرض سيطرتهم بالقوة على المجتمع، لكن وجود عقلاء ونخب واعية، كان صمام الأمان بوجه الفلتان المجتمعي»، لافتا إلى أنه منذ بداية الثورة حصلت حوادث عدة «أخذت طابعا طائفيا، لأن هناك من يريد لها أن تبدو كذلك؛ وليس لأنها طائفية في الواقع».

ويعقب شاب مسيحي نزح مع عائلته إلى لبنان، طالبا تسميته رياض، بالقول: «المسيحيون أقلية تعرضت للظلم كسائر الأطياف السورية في ظل حكم البعث، وهم كأقلية في محيط سني ثائر ومسلح باتوا في موقف محرج جدا، بين خوفهم من النظام وبطشه، والخوف من التيارات الإسلامية الغريبة عن المجتمع السوري، كـ(القاعدة) والسلفيين المتطرفين».

ويضيف أن هذه المخاوف زادت مع «انتشار السلاح بين الثوار، وغالبيتهم من المسلمين.. كما سلح النظام أبناء الطائفة العلوية، وبقيت الطائفة المسيحية كيانا ضعيفا غير متماسك، وموزعا جغرافيا، وغير مسلح في مهب المخاوف، وغير قادر على الاستمرار بالوقوف على الحياد. كما أنهم غير قادرين على الانخراط بالثورة على نحو أوسع أكثر وضوحا؛ في ظل وجود نظام متوحش».

وبقي المنخرطون المسيحيون في الثورة بشكل علني «قلة»، بينما الأغلبية من الداعمين لها «يعملون سرا». ومؤخرا استشهد شاب يعد من أهم الناشطين الإعلاميين، وهو المخرج السينمائي المسيحي باسل شحادة مع اثنين من رفاقه في حي باب سباع، ولولا استشهاده ما علم بنشاطه أحد. ولفت رياض إلى أن «النظام منع أهل باسل من تشييعه في الكنيسة التي أغلقت أبوابها، بينما شيعها رفاقه المسلمون في حمص وبكنيسة أم الزنار التي تعرضت للقصف العنيف».

ويشكل المسيحيون نحو 10 في المائة من سكان سوريا، ولكن وضعهم في المناطق المتوترة يزداد صعوبة. وفي القصير يؤكد الناشط الإعلامي أحمد أن «قوات الجيش عندما اقتحمت المدينة كان أكبر تمركز لقواتها عند الكنيسة، مع أنها الكنيسة الوحيدة في المدينة. وبهذا التمركز حرم الأهالي من الصلاة، وباتوا يقصدون الكنائس في القرى القريبة من أجل عقود الزواج والإجراءات الأخرى.. النظام هو من حرم المسيحيين في القصير من الكنيسة؛ وليس الثوار». واستغرب أحمد «تركيز الإعلام الغربي على ما قاله قائد مجموعة صغيرة، بينما تجاهل وجود دبابات ومدرعات على باب الكنيسة».

كما نقلت وكالة الأنباء البابوية عن مصادر أن «مجموعات إسلامية متطرفة في صفوف المعارضة السورية في القصير تنظر إلى المسيحيين على أنهم كفار، وتصادر بضائعهم وترتكب إعدامات سريعة بحقهم، وهي مستعدة لإشعال حرب طائفية». وقال تقرير الوكالة البابوية «إن المسيحيين النازحين من القصير انتقلوا إلى قرى قريبة من دمشق، وبعض العائلات حاولت بشجاعة البقاء في بلدتها، ولكن لا أحد يعرف المصير الذي ينتظرهم».

ويعقب أحمد بأنه «في اليوم الذي نشر فيه تقرير الوكالة البابوية، كانت القصير تتعرض لقصف عنيف من قبل دبابات النظام، وقتل رجل مسيحي على يد قناص بينما كان يشتري الخبز من الفرن الآلي، وظل على الأرض ينزف لأكثر من ساعتين، ولم يتمكن أحد من سحبه لأن القناص كان يطلق على كل من يحاول الاقتراب منه. وبعد معاناة كبيرة نجح الثوار في سحبه بواسطة سيخ ونقله إلى المشفى الميداني، إلا أنه كان قد استشهد».

ويظل الأمر الذي يبدو غير مفهوم لوكالة الأنباء البابوية ذاتها - كما الحال للآخرين - هو أسباب الإنذار الذي يأمر المسيحيين بالرحيل عن القصير، التي قالت عنها إنها «غير معروفة»، مشيرة إلى أن الإنذار «بحسب البعض يهدف إلى تجنيب المؤمنين مزيدا من المعاناة».

=================

الأب دالوليو سيغادر سورية

المصدر: روما ــ أ.ف.ب التاريخ: 13 يونيو 2012

أعلن، أمس، الكاهن اليسوعي الايطالي باولو دالوليو مؤسس رهبنة دير مار موسى في شمال دمشق، والذي عمل من اجل الحوار بين المسيحيين والمسلمين، لاذاعة الفاتيكان انه سيغادر سورية. وأوضحت اذاعة الكرسي الرسولي، أن الاب دالوليو الذي دعا الى الحوار منذ بدء النزاع ورفض أي تدخل عسكري اجنبي، سيغادر في غضون ايام بطلب من المطران الذي يتبع له. وندد الكاهن مرة جديدة بـ«التضليل الاعلامي» في سورية. وقال انه يجري «تضليل قسم من الرأي العام»، من قبل اولئك الذين يوهمونه بأنها «مجرد معركة ضد الارهاب». وأسف لان هذا «الكذب» تردده «حتى وسائل اعلام كاثوليكية». وأوضح ان ما يجري هو «مأساة مسلمة»، يجد المسيحيون انفسهم فيها. وكان الاب اليسوعي وجه، أخيرا، رسالة الى مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سورية كوفي أنان، يتمنى فيها حصول «تغيير في هيكلية الحكم» بدمشق ومضاعفة عدد القبعات الزرق 10 مرات.

=================

السفير البابوي لدى سوريا يؤكد أن المسيحيين لم يتعرضوا لاضطهاد من قبل المعارضة

المونسنيور ماريو زيناري: انحدار نحو الجحيم قد بدأ في سوريا

بيروت: «الشرق الأوسط»

15-6-2012

حذر السفير البابوي لدى سوريا، المونسنيور ماريو زيناري، من «معلومات أوردتها وسائل إعلام عن عمليات اضطهاد يتعرض لها المسيحيون بأيدي بعض الجماعات المعارضة المسلحة»، معتبرا أن «المسيحيين يتقاسمون المصير المحزن لجميع المواطنين السوريين لا يوجد أي تمييز محدد بحقهم، ولا حتى اضطهاد، ومن المهم أن نكون يقظين وأن نرى الوقائع على حقيقتها»، مشيرا إلى أنه «لن يسارع إلى المقارنة بين وضع المسيحيين في سوريا، ووضعهم في بلدان أخرى في المنطقة».

وجاء كلام المونسنيور زيناري خلال مقابلة مع إذاعة الفاتيكان حيث أكد أن «انحدارا نحو الجحيم قد بدأ في سوريا من الناحية الإنسانية»، ودعا المسيحيين إلى أن «يقوموا بدور الجسر على كل الصعد لأن ذلك رسالتهم»، رافضا تبنّي موقفا من مصطلح «الحرب الأهلية»، الذي بدأ المجتمع الدولي استخدامه لوصف تدهور الأوضاع في سوريا».

وأضاف زيناري إلى أن «المسيحيين يتحركون في ظروف مؤلمة جدا»، وأوضح أنه «في حمص، حيث يوجد كهنة ورجال دين، يتصرفون بشكل مثالي مجازفين بحياتهم ويؤدون دور جسر، عبر محاولة الوصول لوقف إطلاق النار، أو إخراج أشخاص من أحياء علقوا فيها».

ويأتي تصريح المونسنيور زيناري بعد أيام على إصدار وكالة «فيديس» البابوية الرسمية تقريرا أشارت فيه إلى أن أعدادا كبيرة من المسيحيين في بلدة القصير السورية، غادروها بعد تلقيهم إنذارا من القائد العسكري للثوار في البلدة. وأضافت الوكالة أن مدة الإنذار انتهت يوم الخميس الماضي، وأن غالبية مسيحيي البلدة، البالغ عددهم نحو 10 آلاف، هربوا من القصير الواقعة في محافظة حمص التي أصبحت ساحة معركة وسط سوريا. وجاء في تقرير وكالة الأنباء البابوية أن «بعض المساجد في المدينة أعادت إطلاق الرسالة، معلنة من المآذن أنه يجب على المسيحيين أن يرحلوا عن القصير».

من جهتها، نشرت تنسيقية مدينة القصير للثورة السورية بيانا صادرا عن أهالي البلدة نفوا من خلاله أن تكون المساجد قد أذاعت نداء ينذر المسيحيين بالرحيل. وأكد البيان أن «أغلب العائلات المسيحية التي نزحت من المدينة قد نزحت مع العائلات المسلمة منذ فترة شهرين تقريبا، نتيجة القصف الهمجي المتواصل والعشوائي من قبل دبابات ومدفعية و(هاون) الجيش الأسدي الذي لم تميز قذائفه بين مسيحي ومسلم، حتى إن قناصات الجيش الأسدي استهدفت المسلمين والمسيحيين على السواء». ولفت البيان إلى أن تقرير وكالة الفاتيكان لم يبن على أساس الواقع، كما أن النداء المذكور لم يحصل».

وتتهم المعارضة السورية نظام الأسد بالسعي منذ اندلاع الثورة ضده، إلى بث خطاب تخويفي داخل صفوف المسيحيين السوريين عبر وضع عبوات مفخخة داخل الأحياء التي يقطنونها، وآخر هذه العبوات كان في منطقة القصاع ذات الغالبية المسيحية في دمشق.

وتؤكد مصادر المعارضة أن النظام السوري لا يريد أن ينضم المسيحيون إلى الحراك الشعبي، لأنه ستسقط حينها نظرية حماية الأقليات التي يسوق لها هذا النظام بشكل موارب.

ويشكل المسيحيون في سوريا نحو 10 في المائة من إجمالي عدد السكان، تختلف نسبة وجودهم، حسب المناطق السورية. فبينما تصل إلى 20 في المائة في منطقة الجزيرة الفراتية و10 في المائة في حلب والمنطقة الساحليّة 15 في المائة، تنخفض إلى 5 في المائة في كل من دمشق ومنطقة سهل الغاب في محافظة حماه.

=================

الاب الايطالي المبعد من دمشق: “جثتي هي التي تخرج من سوريا”

يونيو 15, 2012

الفاتيكان (ا ف ب) -

سوريون نت

اكد الاب اليسوعي الايطالي باولو دالوليو الذي يعمل منذ ثلاثين عاما من اجل الحوار بين المسيحيين والمسلمين، الخميس ان “جثتي واقفة على قدميها هي التي تغادر سوريا” حيث “ابقى مئة في المئة”، وذلك قبيل مغادرته هذا البلد.

وفي مقابلة مع اذاعة الفاتيكان، ابدى الكاهن الايطالي المقيم منذ ثلاثين عاما في سوريا “مرارته الشديدة” بسبب مغادرته بطلب من الكنيسة والسلطات.

وقال “افكر في هذا البلد المقسم، المتألم، الجريح حتى الموت. (افكر) بالشبان الكثر المسجونين، بالاشخاص المعذبين الكثيرين، بالشبان المسلحين في مختلف الخنادق، الذين يستحقون العيش في بلد يعيش بسلام، متعدد وديموقراطي”.

واضاف “الالعاب الاقليمية الكبرى تجعل منهم احيانا دمى، واحيانا صانعي حرب اهلية وحشية”.

ورأى ان “الازمة السورية هي الساحة المأساوية لمواجهة اقليمية بين السنة والشيعة سبق ان ادت الى التضحية بلبنان والعراق بسبب هذه العقلية الانتحارية”.

وأكد ان دير مار موسى الذي اعاد بنفسه ترميمه على بعد 80 كلم شمال دمشق قبل ثلاثين عاما لاستقبال رهبان، سيبقى مفتوحا.

وقال “السوريون المسلمون، اكثر حتى من المسيحيين، لديهم حس مرهف تجاه الاماكن المقدسة، والدير المكرس للصداقة الاسلامية – المسيحية سيكون محترما ومحبوبا من الجميع”.

ويضم الدير الواقع في منطقة شبه صحراوية على هضبة يتم الوصول اليها سيرا على الاقدام والذي يعود تاريخ بنائه الى القرن السابع للميلاد، عددا صغيرا من الرهبان والراهبات.

=================

النظام السوري يرحل راهبا إيطاليا أعفته البطريركية الكاثوليكية من مهامه

  Aawsat  2012-06-14:

بيروت : ليال أبو رحال

بعد أكثر من ثلاثين عاما قضاها متنسكا في دير مار موسى  الحبشي للسريان الكاثوليك في جبال القلمون قرب مدينة النبك شمال العاصمة دمشق ، يغادر الأب الإيطالي باولو دالوليو سوريا  نهاية الأسبوع رغما عنه.

باولو الأب الإيطالي المولد، السوري الهوى، اختار زيارة مدينة القصير بداية الشهر الجاري صائما. واجتمع بثوارها وتبرع بدمه ورفع الصلوات إكراما للشهداء والمعتقلين، مؤكدا أنه يريد أن تكون صلاته «علامة رجاء كي يزهر الربيع السوري ويعطي ثمار الوحدة  والحوار تحت شعار التعددية»

=================

كلنا بابا عمرو.. والأب باولو . . بقلم: بدر الدين حسن قربي

 أخبار الشرق  – الإثنين، 11 حزيران/يونيو 2012

كلنا بابا عمرو، كانت نداء الأب باولو دالوليو في اللحظة التي اقترب منه الطبيب محمد المحمد، يقدم إليه أغلى ماعنده، منظاراً لفحص الأذن وسماعة طبية من بقية متبقية، كان قد أخذها معه إلى بلدة القصير بعد تدمير عيادته ومشفاه الميداني مع مادُمّر من حي بابا عمر، وهو يخاطبه: لن أجد خيراً منك لمثل هذه الهدية، ولعلّ الله يعوضّني عنهما الشهادة أو النصر.  يتقبل الأب باولو الهدية قائلاً: أنت بطل هذا الحي.  ولكن الطبيب لم يفوّتها له منوّهاً أن أبطاله هم أطفاله، وأنه ليس إلا خادماً لبابا عمرو، وجندياً من جنود ثورة الحرية والكرامة، مبيناً أن زيارته له ولمن معه من العاملين من المسعفين والممرضين، رسالةٌ سلمية إنسانية لكلّ الصامتين من كل الأقليات، يقابلها بأنه ليس بيننا من يعاديكم لأننا أخوة الوطن.

إن في زيارة الشاب الإيطالي المولد، والسوري الهوى والعشق، الأب باولو المهاجر من ثمانينات القرن الماضي، والذي أقام في دير مار موسى الحبشي راهباً في أحد جبال القلمون قرب مدينة النبك الذي رممه بمعاونة مَنْ حولَه من ناسٍ أحبّهم وأحبّوه، لبلدة القصير/حمص في الرابع من الشهر الجاري بعد كل القصف والتدمير والمجازر التي كانت فيها، ولقائه طبيبها والعاملين معه في الإسعاف والمعالجة، وتبّرعه بدمه وهو صائم لأرواح الشهداء وتضامناً مع المعتقلين، وجلوسه معهم على مائدة طعامهم، وبكائه الأطفالَ والشهداء وكأنه أب حقيقي لكل شهيد، أبكى ببكائه الجميع.  إن في كل ماكان في الزيارة من الفعل الإنساني البحت، وردة فعل النظام عليها بالطلب إليه مغادرة سوريا، يؤكد حقيقة هذا النظام المحتضِر مهما قيل عنها مذهباً وطائفة وإعلاماً، بإنها لاتخرج عن الطبيعة المافياوية التي لاتمتلك ممنوعات ولا مقدّسات، ولاقيماً ولا محرمات، بل هي علاقة الآلهة التي تفرض طاعتها على عبيدها وشبيحتها دون تردد، وترفض تقبل أي عمل إغاثي إنساني أو أي شكل من أشكال التعاطف أيّاً كان مع ضحايا جرائمه ومجازره.

وللانصاف أيضاً، نذكّر بأن هذه ليست المرة الأولى من الفعل الإنساني للأب باولو بشأن الثورة السورية، بل أظهر موقفاً ناضجاً ومتفهماً لها، عندما لفت عناية من يهمه الأمر في نداء الميلاد الذي نشره في كانون الأول/ ديسمبر الماضي مقترحاً على النظام صورة خروج له من أزمته مع شعبه، تتبدّى اعترافاً بالتعددية وإقراراً للحريات، ومحافظةً على سلامة كلّ المواطنين وكرامتهم، ومحذراً في الوقت نفسه بأنه مالم يحصل السورييون على ديمقراطية تعددية مدنية وتوافقية تحترم الجميع على تباين صفاتهم وهوّيّاتهم، فإن سوريا مأخوذة إلى أيام أليمة للجميع وقد تتهدد وحدتها.  وإنما  كان الرد في حينها على هذه المقترحات الإنقاذية بالطلب إليه مغادرةَ سوريا بحجة خروجه عن نطاق مهمته الكنسية والرعوية، وهو أمر عُولج في وقته على مايبدو بخيار الصمت.

النظام السوري لايريد صنفاً من أمثال الراهب باولو، بل يريد أصنافاً تقف في صفه ضد شعبٍ خلقه ربي حراً، يريد مقاومته خالية من الذل والعبودية، ويريد ممانعته خلواً من النهب واللصوصية.  ويأبى النظام إلا أن يسقينا إياها مغموسة بكل أصناف القمع والاستبداد والفساد، وبكل معاني التوحش ترويعاً وتعذيباً وقتلاً وتنكيلاً، ومعه كل كهنة الاستبداد والقمع، من إعلاميين وسياسيين وإعلاميين ورجال دين ومحازيب، يبرّرون ويرقّعون ويخوّفون ويشطّفون، ويشعلون المباخر تغطيةً على روائح فسادٍ، ونتنِ استبدادٍ وعفونات نظام، استوجب الدفن والرحيل منذ أمد بعيد.

الأب باولو..!! أنت في بلدك سوريا وبين أهلك ورعيتك، وأنت في قلوب جميع السوريين الأحرار، لأنك الإنسان الذي رفض بما أنعم الله عليه من نعمة العقل والفكر وروح الحوار والتفاهم أن يكون ظهيراً للمجرمين.

بدر الدين حسن قربي

=================

الأب باولو يغادر دمشق: ما يجري في سوريا "مأساة مسلمة" يجد المسيحيون أنفسهم فيها

شوف اخبار

١٣ حزيران ٢٠١٢

أعلن الكاهن اليسوعي الإيطالي باولو دالويلو، مؤسس رهبنة دير مار موسى في شمال دمشق والذي عمل من أجل الحوار بين المسيحيين والمسلمين، لإذاعة الفاتيكان اليوم إنه سيغادر سوريا.

وأوضحت إذاعة الكرسي الرسولي أن الأب دالوليو الذي دعا الى الحوار منذ بدء النزاع ورفض أي تدخل عسكري أجنبي، سيغادر في غضون أيام بطلب من المطران الذي يتبع له.

وندد الكاهن الثلاثاء 12 حزيران 2012، مرة جديدة بـ"التضليل الإعلامي" في سوريا. وقال انه يجري "تضليل قسم من الرأي العام" من قبل أولئك الذين يوهمونه بأنها "مجرد معركة ضد الإرهاب". وآسف لأن هذا "الكذب" تردده "حتى وسائل إعلام كاثوليكية".

وأوضح أن ما يجري هو "مأساة مسلمة" يجد المسيحيون أنفسهم فيها.

وكان الأب اليسوعي قد وجّه أخيراً رسالة الى المبعوث الدولي كوفي عنان يتمنى فيها حصول "تغيير في هيكلية الحكم" في دمشق ومضاعفة عدد القبعات الزرق عشر مرات.

=================

الفاتيكان يتهم قائد الثوار في القصير السورية بتهجير المسيحيين من البلدة

نالاخبار القبطية

تاريخ النشر: 6 بؤونة 1728 ش – 13 يونيو  2012 م

جاء في تقرير نشرته وكالة الأنباء البابوية الرسمية أن اعدادًا كبيرة من المسيحيين غادروا بلدة القصير السورية، التي تشهد اشتباكات عنيفة منذ أشهر بعد أن أنذرهم قائد الثوار العسكري في البلدة، عبر رسالة معلنة من المآذن.

لندن: أفادت وكالة “فيديس” البابوية الرسمية أن أعدادًا كبيرة من المسيحيين في بلدة القصير السورية غادروها

بعد تلقيهم “انذارًا” من القائد العسكري للثوار في البلدة.  واضافت وكالة الأنباء الرسمية للفاتيكان أن مدة الانذار انتهت يوم الخميس، وأن غالبية مسيحيي البلدة البالغ عددهم 10 آلاف هربوا من القصير الواقعة في محافظة حمص التي اصبحت ساحة معركة وسط سوريا.

وجاء في تقرير وكالة الأنباء البابوية “أن بعض المساجد في المدينة أعادت إطلاق رسالة معلنة من المآذن أن على المسيحيين أن يرحلوا عن القصير”.

وتشهد القصير منذ اشهر اشتباكات عنيفة بين مقاتلي المعارضة السورية المسلحة والقوات الموالية للرئيس بشار الأسد. وتقع البلدة الاستراتيجية قرب الحدود اللبنانية وكانت مركزًا لتهريب السلاح والامدادات الطبية الى الثوار في مدينة حمص التي تبعد نحو 25 كلم الى الشمال الشرقي، والتي شهدت نزوح المسيحيين منها باعداد كبيرة، بحسب وكالة انباء الفاتيكان.

وأضافت وكالة “فيديس” في تقريرها أن القس اليسوعي الأب باولو دال اوغليو، اقام في القصير لمدة أسبوع مؤخرًا “يصلي ويصوم من أجل السلام في غمرة النزاع”.

وما زالت اسباب الإنذار الذي يأمر المسيحيين بالرحيل عن القصير “غير معروفة”، بحسب وكالة الأنباء البابوية، مشيرة الى أن الانذار “بحسب البعض يهدف الى تجنيب المؤمنين المزيد من المعاناة، فيما تكشف مصادر أخرى “استمرارية تتركز على التمييز والاضطهاد”. ويذهب فريق ثالث الى أن المسيحيين جاهروا بولائهم للدولة ولهذا السبب يطردهم جيش المعارضة”، كما جاء في تقرير وكالة الفاتيكان.

ويشكل المسيحيون نحو 10 في المئة من سكان سوريا ولكن وضعهم في مناطق النزاع يزداد صعوبة. وما زال كثير من المسيحيين يؤيدون الأسد بسبب تسامح حكومته مع الأقليات الدينية، كما تقول صحيفة لوس انجيلوس، مشيرة الى أن كثيرًا من المسيحيين يخشون أن تسفر سيطرة الاسلاميين على الحكم عما اصاب المسيحيين من اضطهاد وقمع في العراق المجاور بعد الغزو الاميركي عام 2003.

وأعادت الصحيفة التذكير بأن اسلاميين متطرفين فجروا كنائس وأحرقوا متاجر  مسيحيين وأجبروا مئات آلاف المسيحيين العراقيين على الفرار الى سوريا، التي تعتبر منذ زمن طويل ملاذًا آمنًا للمسيحيين، بحسب الصحيفة.

وأكد متحدثون بإسم المعارضة السورية مرارًا أن الثوار السوريين لا يستهدفون المسيحيين أو الأقليات الأخرى، وانهم يؤمنون بإقامة مجتمع ديمقراطي بعد اسقاط الأسد. ويتولى قيادة الانتفاضة سوريون من الأغلبية السنية التي عانت من حكم أسرة الأسد الذي ينتمي غالبية اركان نظامه الى الأقلية العلوية. وتمكنت قيادة الأسد من البقاء في السلطة لأسباب بينها اقامة تحالفات مع الأقليات ومع قطاع مهم من السنة، بحسب صحيفة لوس انجيلوس تايمز.

ونقلت وكالة انباء الفاتيكان عن مصادر أن مجموعات إسلامية متطرفة في صفوف المعارضة السورية في القصير “تنظر الى المسيحيين على أنهم كفار وتصادر بضائعهم وترتكب اعدامات سريعة بحقهم وهي مستعدة لاشعال حرب طائفية”.

وقال تقرير الوكالة البابوية “إن المسيحيين النازحين من القصير انتقلوا الى قرى قريبة والى دمشق وأن بعض العائلات حاولت، بشجاعة، البقاء في بلدتها ولكن لا أحد يعرف المصير الذي ينتظرها”.

وفي خبر سابق حول المسألة السورية :

رأى رئيس أساقفة الروم الملكيين الكاثوليك في فرنسا المطران فيليب تورنيل كلوس في شهادة أرسلها إلى وكالة  “فيدس” الفاتيكانية للأنباء أن “السلام في سوريا يمكن إنقاذه اذا اعترف الجميع بالحقيقة”. وقال: “بعد سنة من الصراع لا يزال الوضع على أرض الواقع بعيداً من الإطار الذي يفرضه تضليل وسائل الاعلام الغربية”.

أضاف تورنيل كلوس الذي زار أخيراً مدناً مختلفة كدمشق وحلب وحمص، أنه في حمص التي تسمى “مدينة الشهداء، احتلت قوات المعارضة اثنين من الأحياء (ديوان البستان والحميدية)، حيث كل الكنائس والاسقفيات”.

وأوضح “إن ما نراه أمامنا خراب شامل، كنيسة مار إليان نصف مدمرة، وكنيسة سيدة السلام لا يزال يحتلها المتمردون”. كذلك فان “منازل المسيحيين تضررت بشدة من جراء القتال وأفرغت تماما من أصحابها الذين فروا من دون أخذ أي شيء معهم… لا يزال حي الحميدية ملجأ حصينا لجماعات مسلحة مستقلة بعضها عن البعض مدججين بأسلحة ثقيلة”.  

واعلن أن “جميع المسيحيين وهم 138 ألف نسمة، فروا إلى دمشق ولبنان، بينما لجأ آخرون إلى المناطق الريفية المحيطة بحمص”. وذكر بأن “كاهنا قتل وأصيب آخر بثلاث رصاصات في بطنه، ولا يزال كاهنان آخران هناك، لكن الأساقفة الخمسة الذين كانوا في المدينة اضطروا إلى اللجوء إلى دمشق ولبنان”.

واشارت الوكالة الارسالية الكاثوليكية 'فيدس' الثلاثاء الى نزوح كثيف للمسيحيين من بلدات مثل القصير بحيث بات يقدر عددهم بنحو الف مقابل عشرة الاف مسيحي قبل بدء اعمال العنف.

وبحسب فيدس انهم ارغموا على النزوح بعد انذار وجهه فصيل مسلح من المعارضة بقيادة عبد السلام حربة.

وافادت مصادر محلية لفيدس ان المسيحيين في القصير يتعرضون للاضطهاد مثل منعهم من التنقل واجبارهم عندما يلتقون مسلما على احترام اولوية العبور له 'كما كان في زمن الخلافة العثمانية'.

والاب باولو دالوليو قام بترميم دير مار موسى الحبشي التابع للكنسية السريانية الكاثوليكية قرب النبك في محافظة ريف دمشق على بعد 80 كلم شمال العاصمة السورية، واعاد الحياة الرهبانية الى هذا الدير القديم الذي عاش فيه لثلاثين عاما. وقد صدر بحقه قرار طرد من السلطات في تشرين الثاني (نوفمبر) لكنه لم ينفذ، كما زار ديره مهددين نحو ثلاثين مسلحا في شباط (فبراير) الماضي.

=================

صدر النظام يضيق بمؤسس حوار الأديان في سوريا

الأب باولو دالوليو يندد بـ'التضليل الإعلامي' الذي يمارسه النظام ضد الرأي العام، ويفند فكرة 'المعركة ضد الإرهاب' بسوريا.

First Published: 2012-06-12

ميدل ايست أونلاين

'ما يجري في سوريا هو مأساة مسلمة يجد المسيحيون أنفسهم فيها'

الفاتيكان - اعلن الكاهن اليسوعي الايطالي باولو دالوليو مؤسس رهبنة دير مار موسى في شمال دمشق والذي عمل من اجل الحوار بين المسيحيين والمسلمين، لاذاعة الفاتيكان انه سيغادر سوريا.

واوضحت اذاعة الكرسي الرسولي ان الاب دالوليو الذي دعا الى الحوار منذ بدء النزاع ورفض اي تدخل عسكري اجنبي، سيغادر في غضون ايام بطلب من المطران الذي يتبع له.

وندد الكاهن الثلاثاء مرة جديدة بـ"التضليل الاعلامي" في سوريا. وقال انه يجري "تضليل قسم من الرأي العام" من قبل اولئك الذين يوهمونه بانها "مجرد معركة ضد الارهاب". واسف لان هذا "الكذب" تردده "حتى وسائل اعلام كاثوليكية".

واوضح ان ما يجري هو "مأساة مسلمة" يجد المسيحيون انفسهم فيها.

وكان الاب اليسوعي وجه اخيرا رسالة الى المبعوث الدولي كوفي انان يتمنى فيها حصول "تغيير في هيكلية الحكم" في دمشق ومضاعفة عدد القبعات الزرق عشر مرات.

وروى ايضا في وسائل اعلام الوضع الماسوي الذي شهده عندما توجه بملء ارادته الى غرب حمص بين نهاية ايار/مايو وبداية حزيران/يونيو، في منطقة يسيطر عليها متمردون من السنة. وذهب اليها ليعيد مسيحيين مخطوفين الى مدينة القصير الواقعة بين الحدود السورية اللبنانية وحمص.

واشارت الوكالة الارسالية الكاثوليكية "فيدس" الثلاثاء الى نزوح كثيف للمسيحيين من بلدات مثل القصير بحيث بات يقدر عددهم بنحو الف مقابل عشرة الاف مسيحي قبل بدء اعمال العنف.

وبحسب فيدس انهم ارغموا على النزوح بعد انذار وجهه فصيل مسلح من المعارضة بقيادة عبد السلام حربة.

وافادت مصادر محلية لفيدس ان المسيحيين في القصير يتعرضون للاضطهاد مثل منعهم من التنقل واجبارهم عندما يلتقون مسلما على احترام اولوية العبور له "كما كان في زمن الخلافة العثمانية".

والاب باولو دالوليو قام بترميم دير مار موسى الحبشي التابع للكنسية السريانية الكاثوليكية قرب النبك في محافظة ريف دمشق على بعد 80 كلم شمال العاصمة السورية، واعاد الحياة الرهبانية الى هذا الدير القديم الذي عاش فيه لثلاثين عاما. وقد صدر بحقه قرار طرد من السلطات في تشرين الثاني/نوفمبر لكنه لم ينفذ، كما زار ديره مهددين نحو ثلاثين مسلحا في شباط/فبراير الماضي.

=================

كاهن إيطالي في سورية يندد بمحاولات "التضليل الإعلامي" لتصوير ما يجري على أنه "معركة ضد الإرهاب"

موقع أخبار الشرق - الثلاثاء، 12 حزيران/يونيو 2012 17:11  بتوقيت دمشق

اعلن الكاهن اليسوعي الايطالي باولو دالوليو مؤسس رهبنة دير مار موسى في شمال دمشق والذي عمل من اجل الحوار بين المسيحيين والمسلمين؛ انه سيغادر سورية بعد ضغوط من النظام السوري والمطران الذي يتبع له، مندداً بالتضليل الإعلامي الذي تقوم به وسائل إعلام بعضها كاثوليكية؛ لإيهام الناس بأن ما يجري في سورية هو معركة ضد الإرهاب.

وأوضحت اذاعة الكرسي الرسولي ان الاب دالوليو الذي دعا الى الحوار منذ بدء النزاع ورفض أي تدخل عسكري اجنبي، سيغادر في غضون ايام بطلب من المطران الذي يتبع له.

وندد الكاهن الثلاثاء مرة جديدة بـ"التضليل الاعلامي" في سورية. وقال انه يجري "تضليل قسم من الرأي العام" من قبل اولئك الذين يوهمونه بأنها "مجرد معركة ضد الارهاب". وأسف لأن هذا "الكذب" تردده "حتى وسائل اعلام كاثوليكية". وأوضح ان ما يجري هو "مأساة مسلمة" يجد المسيحيون انفسهم فيها.

وقال الاب اليسوعي: "أنا اعتبر أن من واجبي أن تمارس حرية التعبير الكاملة على أساس الالتزامات التي اتخذتها الحكومة السورية رسمياً طوال عام 2012، ولكن هذا قد خلق وضعا أجبر السلطات الكنسية في واقع الأمر لكي تطلب مني مغادرة البلاد منعاً لأسوأ العواقب " مشيراً إلى أنه سيترك سورية في الايام القليلة المقبلة، لكنه أوضح أن "هذا لا يعني البتة أنني سأكف عن الالتزام ثقافياً وروحياً بصورة مطلقة من أجل مسيرة لحل هذا الصراع المأساوي وفي سبيل دمقرطة هذا البلد الرائع".

وكان الكاهن اليسوعي قد وجه "رسالة مفتوحة" في ايار/مايو الى الموفد الدولي كوفي عنان أمل فيها بحصول "تغيير ديموقراطي حقيقي" و"تغيير في بنية السلطة" في دمشق، اضافة الى ارسال عدد كبير من الجنود الدوليين لحماية المدنيين. ويبدو أن النظام السوري لم يستطع تحمّله بعد هذه الرسالة فطلب منه مجدداً المغادرة.

وروى ايضا في وسائل اعلام الوضع الماسوي الذي شهده عندما توجه بملء ارادته الى غرب حمص بين نهاية ايار/ مايو وبداية حزيران/ يونيو، في منطقة يسيطر عليها مسلحون من السنة. وذهب إليها ليعيد مسيحيين مخطوفين الى مدينة القصير الواقعة بين الحدود السورية اللبنانية وحمص.

واشارت الوكالة الارسالية الكاثوليكية "فيدس" الثلاثاء الى نزوح كثيف للمسيحيين من بلدات مثل القصير بحيث بات يقدر عددهم بنحو ألف مقابل عشرة آلاف مسيحي قبل بدء اعمال العنف. وزعمت فيدس انهم أرغموا على النزوح بعد انذار وجهه فصيل مسلح من المعارضة بقيادة عبد السلام حربة، وفق زعمها.

ونقلت فيدس عن مصادر لم تسمها زعمها؛ ان المسيحيين في القصير يتعرضون للاضطهاد مثل منعهم من التنقل وإجبارهم عندما يلتقون مسلما على احترام اولوية العبور له "كما كان في زمن الخلافة العثمانية" حسب زعمها.

والأب باولو دالوليو قام بترميم دير مار موسى الحبشي التابع للكنسية السريانية الكاثوليكية قرب النبك في محافظة ريف دمشق على بعد 80 كلم شمال العاصمة السورية، وأعاد الحياة الرهبانية الى هذا الدير القديم الذي عاش فيه لثلاثين عاما. وقد صدر بحقه قرار طرد من السلطات السورية في تشرين الثاني/نوفمبر لكنه لم ينفذ، كما اقتحم ديره نحو ثلاثين مسلحاً من النظام السوري في شباط/ فبراير الماضي.

شهادة من بابا عمرو:

من جهته، نقل الدكتور محمد المحمد، مسؤول المشفى الميداني في بابا عمرو في حمص قبل انتقاله إلى القصير، أن الأب دالوليو الذي زار القصير في مهمة الإفراج عن مسيحيين كانوا مخطوفين؛ أصر على التبرع بالدم بعدما تعرضت البلدة لمجزرة، وبكى على شهدائها، وأبلغهم بأنه كان صائماً تضامناً مع شهداء ومعتقلي الثورة السورية.

وكتب المحمد على صفحة أطباء بابا عمرو على الفيسبوك عن زيارة دالوليو:

أنت بطل باباعمرو؟ ... كانت أولى كلماته.

أجبته بأني خادم باباعمرو أرضي وعرضي ولست سوى جندي من جنود الثورة لي هدف سأبقى أعمل لأجله فإما الشهادة أو النصر.. بابا عمرو حتى أطفالها أبطال..

شهد معنا المجزرة الأليمة..

بكى معنا وكأنه أب حقيقي لكل شهيد..

تحدّثنـا عـن تلاقي الأرواح..

فنحن في سورية نرسم خارطة الأديان بتسامح ومحبة ندعم الوحدة الوطنية ونسعى إلى دولة مدنية تحضن الجميع وتضمن الحقوق لكل الطوائف.

أنــــا صائم (الأب باولو) لأرواح الشهداء وتضامناً مع الأسرى في سجون الإحتلال الأسدي لعلّ الله يفك قيدهم.

سألني هل التبرع بالدم يبطل الصيام؟

قلت لا.. فتبّرع بدمائه لأجل ثورتنا

فسألته: اليوم خميس وأنتم تصومون الأحد؟

فقال: أنا صائم لعل الله يفك الأسرى ويشفي الجرحى.

=================

المجموعات الارهابية وجهت للمسيحيين إنذاراً من المساجد انتهى الخميس الماضي، والأسقف الفرنسي "فيليب كلوس" يدلي بشهادة مخيفة بعد أيام قضاها في ثلاث مدن سورية

12-06-2012 22:35

إن سيريا أكدت وكالة أنباء "فيدس" البابوية الرسمية أن قرابة عشرة آلاف مواطن سوري من التابعية المسيحية فرّوا من بلدة "القصير" في حمص وضواحيها، بعد تلقيهم إنذاراً بالمغادرة من زعيم ما يسمى "الجيش الحر" في المنطقة، وجاء في تقرير الوكالة أن أعداداً كبيرة من المسيحيين في بلدة القصير السورية غادروها بعد تلقيهم انذاراً من المسمى بـ"القائد العسكري للثوار في البلدة"، وأوضحت الوكالة بالقول: "إن مدة الانذار انتهت يوم الخميس الماضي (7 حزيران)، وأن غالبية مسيحيي البلدة البالغ عددهم 10 آلاف هربوا من القصير الواقعة في محافظة حمص التي اصبحت ساحة معركة وسط سورية، وقالت الوكالة إن بعض مساجد البلدة "أعادت إطلاق رسالة معلنة من المآذن أن على المسيحيين أن يرحلوا عن القصير".

وتشهد القصير منذ اشهر اشتباكات عنيفة بين مسلحي ما يسمى "الجيش الحر" الذي يسيطر عليه الإسلاميون والتكفيريون، والجيش السوري والأجهزة الأمنية، وتقع البلدة الاستراتيجية قرب الحدود اللبنانية، وكانت مركزاً لتهريب السلاح والامدادات الطبية الى المتمردين في مدينة حمص التي تبعد نحو 25 كلم الى الشمال الشرقي، والتي شهدت نزوح المسيحيين منها بأعداد كبيرة، بحسب وكالة انباء الفاتيكان.

ويشكّل المسيحيون نحو 10 في المئة من سكان سورية، لكن وضعهم في مناطق النزاع يزداد صعوبة، وما زال كثير من المسيحيين يؤيدون الأسد بسبب تسامح حكومته مع الأقليات الدينية، كما تقول صحيفة "لوس أنجلس تايمز"، مشيرة الى أن كثيراً من المسيحيين يخشون من المتطرفين الاسلاميين في سورية وتكرار مشهد ما أصاب المسيحيين من اضطهاد وقمع في العراق المجاور بعد الغزو الاميركي عام 2003.

وأعادت الصحيفة التذكير بأن اسلاميين متطرفين فجّروا كنائس وأحرقوا متاجر مسيحيين وأجبروا مئات آلاف المسيحيين العراقيين على الفرار الى سورية، التي تعتبر منذ زمن طويل ملاذاً آمناً للمسيحيين، بحسب الصحيفة.

ونقلت وكالة انباء الفاتيكان عن مصادر أن مجموعات إسلامية متطرفة في صفوف المعارضة السورية في القصير "تنظر الى المسيحيين على أنهم كفار، وتصادر بضائعهم وترتكب اعدامات سريعة بحقهم، وهي مستعدة لإشعال حرب طائفية"، وقال تقرير الوكالة البابوية "إن المسيحيين النازحين من القصير انتقلوا الى قرى قريبة والى دمشق وأن بعض العائلات حاولت، بشجاعة، البقاء في بلدتها ولكن لا أحد يعرف المصير الذي ينتظرها".

وفي 30 أيار نشرت الوكالة تقريراً أشارت فيه إلى قيام "عصابات من ميليشيات المعارضة السورية بأعمال عنف ضدّ المسيحيين"، حيث خُطِف المسيحي "اندريه ارباش"، وهو أب لعائلة عمره 30 عامًا، في شهر كانون الثاني الماضي قبل أن يعثر عليه ميتاً، ووقع العديد من المسيحيين ضحايا لأعمال خطف، والقصير مدينة عاشت فيها جماعة من الروم الكاثوليك، وهم الأغلبية في سورية، تقارب الـ10 آلاف شخص، وتنقل عن الأب "باولو دالوليو" قوله: "هرب المسيحيون كلهم تقريباً من المدينة، وبقي منهم القليل"، وكان الأب اليسوعي ضيفاً عند عائلة كاثوليكية، لأنّ بيت الرعية في القصير ليس آمناً، موضحاً بالقول: "أريد أن تكون صلاتي وحضوري علامة رجاء، كي يزهر الربيع السوري ويعطي ثمار الوحدة والحوار تحت شعار التعددية".

وكانت الوكالة نفسها نشرت في الرابع من الشهر الجاري تقريراً قالت فيه، استناداً إلى شهادة الأسقف الفرنسي "فيليب تورينول كلوس"، إن الحقيقة على أرض الواقع "بعيدة، مما يفرض من التضليل في وسائل الإعلام الغربية"، وأكد الأسقف الذي قضى في سورية بضعة أيام زار خلالها دمشق وحلب وحمص، التي أسماها بـ"المدينة الشهيدة"، أن "مسلّحي المعارضة احتلوا مقاطعتين (حيين في المدينة) ، ديوان البستان والحميدية، حيث توجد جميع الكنائس ودور الأسقفية"، وأوضح بالقول: "المشهد المؤلم بالنسبة لنا هو الخراب الكامل، فكنيسة مار اليان شبه مدمرة وكنيسة سيدة السلام لا زالت محتلة من قبل المتمردين، ولحقت أضرار كبيرة ببيوت المسيحيين، وفرغت تماماً من ساكنيها الذين هربوا دون أن يأخذوا شيئاً معهم، أمّا مقاطعة الحميدية فلا زالت ملجأً منيعاً للمجاميع المسلحة المستقلّة إحداها عن الأخرى، والتي تحمل الأسلحة الثقيلة، وتُموّل من قطر والسعودية، وجميع المسيحيين هربوا إلى دمشق ولبنان، والتجأ آخرون في الأرياف المحيطة، وقُتِل كاهن وجُرِح آخر بثلاثة رصاصات في البطن، ولا زال قسم منهم يعيش هناك، ولكنّ الأساقفة الخمسة لجؤوا إلى دمشق ولبنان".

=================

الأب باولو دالوليو (دال أوغليو) : “مسيحيو سوريا يخافون الديمقراطية “

Posted on 26 أكتوبر 2011 by المترجمون السوريون الأحرار

الأب باولو دال أوغليو (دالوليو) متحدثاً عن مآلات الديمقراطية: “مسيحيو سوريا يخافون الديمقراطية “

منذ ثلاثين عاماً، اختار الأب اليسوعي باولو دال أوغليو أن يعيش في سوريا حيث أسس مؤسسة” الخليل” في دير مار موسى. وبالرغم من الأزمة التي تغرق سوريا فإن الأب باولو يريد التمسك بإمكانية المصالحة الوطنية ويدعو جميع الأطراف إلى اختيار خياراللاعنف.

-       كيف  تفسر الأزمة التي تجتاح سوريا؟

الأب باولو:

إن سوريا اليوم هي ضحية نوعين من التوتر. الأول: ذو طبيعة ثقافية متعلقة بتغير الأجيال حيث أن قسماً كبيراً من الشعب السوري لم يعد يريد العيش تحت وطأة ديكتاتوريةاستبدادية، الأمر الذي كان مقبولاً أو متحملاً  من قبل، إلا أنه لم يعد كذلك الآن. أما التوتر الثاني: فهو ذو طبيعة دينية وعرقية حيث أن النظام السوري قام على مبدأ الهيمنة المطلقة لعائلة الأسد المنحدرة من الأقلية العلوية والمرتبطة بالأقليات الأخرى في البلاد، فضلاً عن بعض الموالين السنيين بالمصالح الاقتصادية أو العشائرية. إن هؤلاء الذين يتمسكون بالسلطة اليوم ليسوا مستعدين للتخلي عنها. إلا أن قدرة النظام على المضي إلى أقصى الحدود باستخدام “منطق القوة” قد تجاوزت كل الحدود المعقولة.

-       لماذا ينقسم المجتمع المسيحي بين دعم النظام وبين البقاء على الحياد؟

- يخشى مسيحيو سوريا من الديمقراطية لدرجة القبول أحياناً بما يرتكب من ممارسات منافية كلياً لحقوق الإنسان. و هذا يعود إلى نتائج الحرب الأهلية اللبنانية والتي تركت أثراً عميقاً في مسيحيي سوريا بسبب عمق الروابط العائلية بين البلدين، وكذلك إلى رغبة قوى خارجية معينة مؤخراً في إدخال  الديمقراطية إلى العراق مما أسفر عن اضطهاد المسيحيين العراقيين حيث لم يترك لهم خياراً سوى المنفى.

سواء كان في لبنان أو في العراق أو في مصر فإن التجربة الديمقراطية حتى الآن تعتبر كارثية للمسيحيين.

-هل سيؤدي إرساء الديمقراطية في سوريا بالضرورة إلى تهميش المسيحيين أو رحيلهم؟

هذا ما يعتقده الكثيرون! لا تشكل الديمقراطية قسماً من الإرث الثقافي لمسيحيي سوريا.

لم تكن الديمقراطية يوماً موجودة في بنية الكنيسة التي لا تعمل أصلاً وفق نموذج ديمقراطي، هذا النموذج غائب أيضاً على صعيد العائلة التي تحكمها السلطة الأبوية، وبطبيعة الحال لم يكن موجوداً على مستوى المجتمع الذي لم يعرف الديمقراطية إطلاقاً على هذا النحو.

يواجه المسيحيون خياراً صعباً: نحن نطالبهم بأن يثقوا بنظام ديمقراطي لا يعرفون عنه شيئاً، والذي قد يكون بمثابة مخاطرة بفقدان كل شيء، ولذلك فإن غالبيتهم يستمرون في دعم نظام يحميهم بدلاً من الرهان اليوم على قيم مجردة ونظرية.

-       المسلمون هم أول من طالب بإرساء الديمقراطية في سوريا والدعوة إلى سقوط النظام الدكتاتوري لبشار الأسد؟

بلا شك، ولكن بالنسبة لمسلمي هذا البلد فإن الديمقراطية تعني نهاية ديكتاتورية الأقليات واستعادة الأكثرية السنية لدورها في تولي الأمور، هذه الأكثرية التي تعيش اليوم في حالة تشبه إلى حد بعيد حالة الأكثرية الشيعية في العراق تحت حكم صدام حسين.

-       هل يوجد نظام سياسي قابل للتأقلم مع تعقيد المجتمع السوري؟

نعم، سيكون نظاماً لا تلعب فيه الطائفة دوراً حاسماً في اتخاذ القرار وإنما سترغم السلطة الممنوحة من الدستور المجتمع كله على إيجاد حلول توافقية.

هذا ما يسمى بـ “الديمقراطية التوافقية”، حيث ينبغي لاعتماد أي قرار مهم الحصول على موافقة واسعة، وبإجماع 70 ٪ من الأصوات تقريباً، وليس مجرد الأكثرية زائد واحد. في نظامٍ كهذا، سيكون للرئيس دوراً تحكيمياً وليس قيادياً.

-       هل ما زال باستطاعة بشار الأسد التحول إلى حَكَم أم أن الوقت قد تأخر؟

هناك أمل ضئيل. بالرغم من ذلك فإننا لا نريد إغلاق باب الحوار. مازال بإمكان النظام التخلي عن منطق العنف وذلك بقبوله خسارة قسم من سلطته إن كان لا يرغب بخسارة كل شيء في المستقبل.

إلا أن خيار اللاعنف يجب أن يكون مقبولاً من الجميع، فعلى المظاهرات أن تبقى سلمية، كما أننا نعارض أي شكل من أشكال التدخل العسكري الخارجي، ونشجب العقوبات الاقتصادية التي تحاصر الفقراء بينما تزيد مدخرات الأغنياء.

-       هل هناك أي أمل في عكس الاتجاه القمعي الواسع الممارس من قبل النظام؟

سيكون هذا أمراً صعباً، لكون ثقافة اللاعنف لا تمثل جزءاً من ثقافة هذا البلد. لقد قمنا بتنظيم أسبوع (تحت عنوان) “مصالحة”، كما أننا نناشد جميع حركات السلام في جميع أنحاء العالم كحركة الكشاف العالمية أو منظمات حقوق الإنسان الدولية لتلعب دور الوسيط لمساعدة الأطراف المتنازعة على التواصل.

كي نعيش الغد معاً، يجب أن نحترم اليوم كرامة الآخر لكونه إنساناً بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى.

 المصدر:

La Croix

================

رسالة مفتوحة لأجل سوريا – من الأب باولو إلى كوفي عنان

28/05/2012 BY كبريت  0 COMMENTS

حضرة الأمين العام السابق للأمم المتحدة السيّد كوفي عنان

السلام عليكم ورحمة الله،

أود أولاً أن أعبر من خلال هذا البيان العلني عن الشكر الجزيل لقبولكم هذه المهمّة الحسّاسة جدّاً بهدف خلاص سوريا وتوطيد السلام في المنطقة. نتمسك بمبادرتكم كما يتمسّك الغارقون بطوق النجاة! حضرتكم أحرزتم نجاحاً بتجاوز العائق الروسي المتمثل برفض أي اقتراح يتضمن تغييراً ديمقراطياً حقيقياً.

سوريا يمكنها ويتوجب عليها في المدى البعيد أن تشكل عنصر اتّزان بالنسبة للإشكاليات الإقليمية، بدل أن تصبح سرطاناً مفكِكاً. فأغلبية السوريين، بحسب إدراكي، يفكّرون بمنطق تعدّدية الأقطاب المتوازنة أكثر منه بمنطق حرب باردة جديدة.

تقليدياً يقف الشعب السوري ضد الامبريالية ولكنّه أكثر من ذلك بكثير يدعم ويفضل خلق قطب عربي يمثّل رغبة هذا الشعب بالتحرر وحقّه في تقرير المصير. تفترض هذه المشاعر الشوق إلى الديمقراطية الحقيقية والاعتراف بكرامة كلّ من المكونات الثقافية والدينية لهذا المجتمع بالإضافة إلى الاعتراف بكرامة كلٍّ من أفراده.

يتسم الحراك الإقليمي اليوم بإشكالية صعوبة التعايش بين الشيعة والسنة، نتيجة الصراع القائم بينهما، وهذا يولِّد ضررًا جسيمًا للأقليات الأخرى وخاصة المسيحية منها. تميّز الربيع العربي بمطالبة الشبيبة بالحقوق والحريات، لكنه مُعرَّض للانزلاق إلى العنف الطائفي خاصةً إذا ما تنصّل المجتمع الدولي من مسؤولياته فسيطر التطرف.

السيد عنان، تدركون، حضرتكم، أكثر من أي شخص آخر أن الإرهاب الدولي “الإسلامي” هو وجهٌ من بين آلاف الوجوه لـ “اللاشرعية – الغامضة” العالمية العاملة في تجارة المخدرات والأسلحة وتجارة الأعضاء البشرية والرق الأبيض وغسيل الأموال والثروات الطبيعية … الخ، الأمر الذي يوضّح أن المستنقع المخابراتي العالمي المتشعّب يتجاور مع فلك الأنظمة الإجرامية التي تتصف أيضا بجوانب إيديولوجية دينية أو غير دينية.

يدهشنا أن أعلى ممثلي الأمم المتحدة وخلال أيام قليلة جداً تبنّوا فرضية مسؤولية القاعدة عن التفجيرات “الانتحارية” في سوريا. وإذا تبنّى العالم الاعتقاد القاتل للحرية والقائل إن الضرورة الوحيدة هي قمع الإرهاب، فلا يبقى سوى انسحاب مراقبي الأمم المتحدة غير المسلحين، مما يترك المجال مفتوحاً أمام القمع الذي يصبح حينئذٍ، بعيون الرأي العالمي، بمثابة “الشر الأصغر” مقارنة بِشَرِّ التطرف. يصبّ استمرار حرب أهلية متوسطة الشدة وطويلة المدى في مصلحة القوة النووية والطائفية الإسرائيلية مشكلاً بذلك نتيجة جانبية لنظرية محاربة الإرهاب. إذا أضفنا لهذا أن “العرب” ليسوا ناضجين ثقافياً للديمقراطية الحقيقية، كما يدّعي البعض، فعندئذٍ تخسر الحرية الرهان! وفي هذه الحالة لن يبقى من بديل سوى تقسيم البلد على أساس طائفي، ولعلّ دور مراقبي الأمم المتحدة سيقتصر عندئذ على اجتناب المجازر الوحشية حتى لا يتكرر ما حدث في البوسنة بشكل مُعيب للمجتمع الدولي.

بسبب بعض التجارب غير الناجحة لمراقبي الأمم المتحدة، في كثير من الأزمات السابقة، يبقى تفاؤلنا مشروطاً بظهور إرادة تفاوضية في مجلس الأمن وداخل سوريا، مما يتطلب مؤازرة ملتزمة وواسعة من المجتمع المدني الدولي للمجتمع المدني المحلي. كما أن ضمان احترام وقف إطلاق النار وحماية المدنيين من القمع لأجل السماح بإقلاع جديد للحياة الاجتماعية والاقتصادية يحتاج ثلاثة آلاف مراقب أممي لا ثلاث مائة. من الأمور الملّحة إلغاء العقوبات الاقتصادية العامة المفروضة على البلاد ككل، فهي عقاب لأضعف الشرائح الاجتماعية.

ثمة حاجة لقدوم ثلاثين ألف “مرافق” لاعنفي من المجتمع المدني العالمي لكي يساعدوا على الأرض في انطلاق الحياة الديمقراطية بشكل متجذّر محلياً، فمن الواجب دعم إقامة تنظيم حكومي مؤسّس على مبدأ حكم الدوائر التوافقي (Subsidiarity)، مع احتمال الميل إلى تبنّي الهيكلية الفدرالية المُراعية لأهم الخصوصيات الجغرافية (إنّما الفدرالية تنفي التقسيم!). إنّ إعطاء الثقة لحكم السكان المحليين الذاتي والسماح لهم بتحديد مصيرهم هما شرطان لإعادة سيادة القانون ومكافحة أي شكل من أشكال الإرهاب دون الوقوع من جديد في أزمة القمع الكلي والطائفي.

يشكّل تأسيس لجان محلية تعمل من أجل المصالحة تحت حماية المراقبين وبتنسيق مع منظمات الأمم المتحدة المتخصصة حاجة ماسة وضرورية، وهناك حاجة أيضًا إلى لجان تختص في البحث عن المعتقلين والمخطوفين والمفقودين من جميع الأطراف المتصارعة، كما يلزم طرح مشكلة إعادة التأهيل الإنساني للشبيبة التي انجرفت إلى الانتماء لمنظمات إرهابية وإجرامية.

حضرتكم أكدتم أن توطيد السلام يتطلب آليات سياسية تفاوضية. والسؤال هنا، هل يمكن أن نتصور حصولاً لهذا التفاوض بطريقة فعالة دون تغيير في بُنى النظام، خاصة حين تشكّل الحكومةُ مجرّد واجهة وليس النظام الحاكم سوى هيئة مطيعة لنواة غامضة من زعماء كبار؟ لا بد من إنقاذ الدولة فإنها ملكية الشعب ولكن أولاً يجب عتقها.

السيد عنان العزيز والمحترم، تشكل مبادرتكم مرحلة نوعية في تاريخ ممارسة المسؤولية الدولية لحل النزاعات المحلية، وإن الحضور السلمي للأمم المتحدة اليوم في سوريا يشكل فعلاً نبوياً على طريق غاندي، وقيمته تفوق الأزمة الآنية المحلية التي تقصد مبادرتُكم حلّها. لتكن الأولوية لحماية حرية الرأي والتعبير في المجتمع المدني السوري فدون ذلك يستحيل السعي إلى الأهداف الجوهرية لبناء الوئام الوطني.

مع التقدير والشكر

باولو دالوليو – الراهب بولص

تمّ تعريب النص الأجنبي بإشراف من المؤلف بتاريخ 25/5/2012

=================

كاهن ايطالي يناشد أنان “انقاذ” سوريا

2012/05/230

اخبار بروم

أكد الاب اليسوعي باولو دل اوغليو في رسالة الى موفد الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان، على ضرورة “انقاذ” الدولة السورية و”تحريرها”، معربا عن امله في تغيير تركيبة الحكم وزيادة عناصر بعثة مراقبي الامم المتحدة عشرة اضعاف.

ورسالة الكاهن الايطالي المنشورة في مجلة “بوبولي” اليسوعية، هي نداء استغاثة الى الامين العام السابق للامم المتحدة. وكتب الاب اليسوعي المقيم في سوريا، والذي ينادي بالحوار بين المسيحيين والمسلمين، “اننا نتمسك بمبادرتكم كما يتمسك غرقى بزورق نجاة”.

واضاف الاب دل اوغليو ان “الديناميكية الاقليمية تتميز اليوم بصعوبة حقيقية في التعايش بين الشيعة والسنة وفي التنافس بينهم. وهذا ما يولد صعوبات خطرة ايضا للاقليات الاخرى ولاسيما المسيحية”.

وكتب الاب دل اوغليو ايضا “كررتم القول بضرورة البدء بعملية سياسية تفاوضية من اجل عودة السلام. لكن هل في وسعنا ان نتخيل ذلك من دون تغيير حقيقي لبنية الدولة، خصوصا في وضع تضطلع الحكومة فيه بدور الواجهة ويخضع نظام الحكم ايضا لمجموعة غامضة من كبار المسؤولين؟ من الضروري فعلا انقاذ الدولة، انها ملك الشعب. لكن من الضروري تحريرها في المقام الاول”.

واعتبر الاب اليسوعي من جهة اخرى ان “ضمان احترام وقف اطلاق النار وحماية المجتمع الاهلي، يحتاجان الى ثلاثة الاف عنصر من الامم المتحدة وليس الى ثلاثمئة”.

واقترح ايضا ان “يساعد 30 الف +مرافق+ من كل اطياف المجتمع الاهلي، ميدانيا في التطوير الدقيق للحياة الديموقراطية” وان تتألف بصورة عاجلة “لجان مصالحة محلية تحت حماية قوات الامم المتحدة”.

وطلب الاب دل اوغليو “الغاء العقوبات التي لا تستهدف افرادا محددين وتعاقب فئات الشعب المعوزة والابرياء”.

وقد اسس هذا الكاهن اليسوعي في الثمانينات دير ما موسى للسريان الكاثوليك الذي يبعد 80 كلم شمال دمشق. وصدرت في حقه في تشرين الثاني/نوفمبر مذكرة ابعاد لم تنفذ.

=================

الأب باولو دالّوليو -كاهن ايطالي مقيم في سوريا: اهتمام ضئيل بالانتخابات

حمص (4 أيار/مايو) وكالة (آكي) الايطالية للأنباء

قال كاهن ايطالي مقيم في سوريا إن “جمهور الناخبين في سوريا لا يبالون كثيرا بالانتخابات البرلمانية المزمع عقدها في السابع من شهر أيار/مايو الجاري”، علاوة على “افتقار البلاد إلى الجو المناسب لمواجهة سياسية ناضجة” تعليقا على الانتخابات المقبلة التي قاطعتها المعارضة في الداخل، ووصفها بـ”الشكلية”، المنسق العام لهيئة تنسيق قوى التغيير الديمقراطي المعارضة حسن عبد العظيم أمس

وفي تصريحات لوكالة (آكي) الايطالية للأنباء الجمعة، رأى مؤسس رهبنة دير مار موسى الأب باولو دالّوليو أن “المجتمع الدولي بنفسه يبدو أنه لا يؤمن بهذه الانتخابات، نظرا لغياب منظمات مستقلة تراقب عملية التصويت”، لكن “الأمر الأكيد الوحيد أن هذه الانتخابات تعني نهاية نظام حزب البعث، الذي شكل البنية الأيديولوجية لحكومة دمشق على مدى أربعين عاما”، في الواقع أنه “بناء على قرار من (بشار) الأسد فقد حزب البعث احتكاره للمشهد السياسي، وستجلس في البرلمان الجديد أحزابا عديدة ومرشحين مستقلين” وفق توضيحه

كما تطرق الراهب اليسوعي إلى “تواجد المجموعة الأولى من المراقبين في سوريا المعنيين بمراقبة وقف اطلاق النار وفقا لخطة المبعوث الخاص لجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، كوفي أنان”، والذين “منذ وصولهم البلاد هدأت وتيرة القمع بشكل نسبي”، لذلك “ربما كانت هناك وراء الكواليس إمكانية لإعادة تنظيم المقاومة وجوٌّ من الأمل الحذر إزاء خطة أنان”، لكن “الجدل السياسي ضئيل جدا” حسب تأكيده

وذكّر الكاهن الايطالي بـ”المأساة الإنسانية الدائرة، مع ما يقارب المليوني لاجئ داخلي، والذين يعيشون اليوم بعيدا عن منازلهم”، من جرّاء النزاع الذي اندلع في آذار/مارس العام الماضي، وتسبب حتى الآن بمقتل 12 ألف شخص على الأقل، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، وأضاف “نحن في حالة طوارئ دائمة، ولست أرى حلا سياسيا”، فمن ناحية “هناك نظام تجاوز بكثير إمكانية المفاوضات”، ومن ناحية أخرى “هناك مقاومة غير مستعدة لتقديم تنازلات”، لذلك “ينبغي أن تكون هناك وساطة على أعلى المستويات، يمكنها إيجاد حل دستوري للأزمة السورية”، وإختتم آملا بـ”نموذج فدرالي لأجل مستقبل البلاد” على حد تعبيره.

=================

كاهن ايطالي في سوريا: نجازف بتكرار ما حدث في رواندا

موقع أخبار الشرق - الأربعاء، 14 آذار/مارس 2012 17:03  بتوقيت دمشق

حذّر كاهن ايطالي مقيم في سوريا من أن "المجتمع الدولي إن لم يفعل شيئا إزاء الوضع في سوريا، فسيتكرر بشكل مصغر ما حدث في رواندا".

وفي تصريحات إذاعية الثلاثاء، أضاف مؤسس رهبنة دير مار موسى الحبشي (قرب دمشق) الأب باولو دالوليو اليسوعي: "إننا قلقون للغاية من زيادة العنف في البلاد"، معربا عن "الحزن العميق للمجزرة التي وقعت في حمص وراح ضحيتها الأطفال أيضا"، ووفقا للأب اليسوعي فهو "بادرة قوية للكارثة التي تنجرف البلاد إليها" وفق تأكيده.

ورأى الأب دالوليو الذي أمضى 35 عاما من حياته في سوريا، أنه "يجب أن يتخذ خيارا دوليا باللاعنف، وإرسال عشرات الآلاف من المرافقين المسالمين لمصاحبة عملية المصالحة بين الشعوب"، مشددا على أن "هذا يتطلب التزاما إيجابيا من جانب السلطات المحلية والمجتمع الدولي، فلكل منهما مسؤوليته الأخلاقية"، وختم بالقول "لا أعتقد أن المجتمع الدولي يمكنه أن يستمر في النظر إلى هذه الكارثة دون أن فعل شيء، وإلا فسيتكرر بشكل مصغر ما حدث في رواندا" على حد قوله.

(المصدر: وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء)

 

=================

مسيحيو سوريا يتعرضون للتهديد بالقتل من النظام

يشاركون في إغاثة المناطق المنكوبة من جراء القمع والحصار

السبت 03 ربيع الثاني 1433هـ - 25 فبراير 2012م

حسام ميخائيل قتل بأيدي النظام السوري

بيروت – محمد زيد مستو

العربية نت

يتعرض المسيحيون السوريون المؤيدون للثورة لمضايقات واسعة من قبل النظام السوري، وصلت في بعض مراحلها إلى قتل المعارضين المسيحيين، في وقت تتركز فيه جهود نسبة كبيرة من الناشطين ورجال الدين المسيحيين على إغاثة المناطق المنكوبة جراء القمع والحصار من قبل النظام.

وحسب ناشط مسيحي من ريف دمشق، فإن الحكومة السورية عممت على مصارف وبنوك سورية خلال الأسابيع الأخيرة أمرا بعدم التعامل مع مدير مكتب العلاقات المسكونية بالكنيسة المريمية (الكنيسة الأرثوذكسية)، بسبب ما قالت السلطات إنها تهم تبييض أموال.

وتأتي تلك الخطوة وفق الناشط، بعد وصول أموال من الكنائس في الخارج لمساعدة الشعب السوري والمنكوبين التي كانت الكنيسة تعمل عليها.

وأمس الجمعة، قتلت قوات الأمن، حسام ميخائيل المره، الذي أشارت مصادر إلى انتمائه للجيش الحر الذي يشن عمليات ضد نظام الرئيس السوري.

وأقدمت ميليشيات تابعة للرئيس السوري قبل أسابيع على قتل باسيليوس نصار بحماة، واتهمت جماعات إرهابية بقتله، وفق ما ذكر التلفزيون السوري.

لكن الناشط، الذي يعمل على توصيل المعونات الغذائية للأحياء المتضررة، أكد أن الأب باسيليوس كان يعمل على إغاثة المناطق المنكوبة، وأنه تعاون مع الأطباء بحماة، ولكنه تعرض للقتل أثناء قيامه بإسعاف أحد الجرحى بحي الجراجمة، وهو ما أكده راهب كان يشارك الأب باسيليوس في تقديم الجهود الإغاثية.

كما أقدمت القوات السورية في سعيها لإخافة المسيحيين، إلى ضرب دير سيدة صيدنايا بقذيفة لا تحتوي مواد متفجرة، بسبب إسهام القائمين عليه بإيصال الأدوية والإعانات للأماكن المتضررة.

وتساهم عدة كنائس في دمشق وبعض المدن، بالإعانات والمحاضرات ضد النظام.

أما الناشطون المسيحيون فتتم مضايقتهم واستدعاءهم للتحقيق والتضييق عليهم بطرق غير مباشرة، عبر إيصال رسائل تهديد استدعاء شبه شهري للتحقيق.

كما أكد الناشط أنه تعرض للتهديد عن طريق عائلته عبر اتصالات تدعوه إلى وقف نشاطه الثوري أو تصفيته، وهو ما دفع العديد من الناشطين المسيحيين إلى الفرار خارج البلاد، مثل الناشطة يارا نصير وآخرين عملوا بمنطقة القصاع وباب توما وباب شرقي، وهي مناطق مسيحية في مدينة دمشق.

وقبل نحو ثلاثة أشهر، عبّر المحتجون والمعارضون في سوريا عن تضامنهم مع راهب إيطالي يقيم في دير تاريخي بسوريا منذ عشرات السنين، بسب مواقفه الداعية إلى إقرار حرية الإعلام و"الديمقراطية التوافقية" في البلاد.

وأطلق الناشطون على أحد أيام التظاهر حينها تسمية "سوريا وطنك يا باولو"، رداً على دعوة وجهتها الحكومة السورية للأب اليسوعي الأصل، باولو دالوليو، رئيس دير مار موسى الحبشي القريب من مدينة "النبك" بريف دمشق إلى مغادرة سوريا، بدعوى أنه خرج عن نطاق مهمته الكنسية.

سعي لكسب الأقليات

ومنذ بداية الثورة سعى النظام السوري إلى كسب المسيحيين وأقليات سورية إلى صفه، للتماهي مع الدعاية الرسمية بأن المتظاهرين هم جماعات مسلحة، تستهدف التعايش الطائفي في سوريا كما ذكرت مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان في أول تعليق رسمي على المظاهرات التي خرجت في سوريا.

وخلال الأشهر الأولى شهدت سوريا أنشطة كنسية وزيارات قام بها أساقفة ورهبان من دول مجاورة تأييداً للنظام السوري.

لكن آخرين أعلنوا في بيان لهم نشروه في يوليو/ تموز من العام الماضي، أنه انطلاقا من كون الدين المسيحي دين العدالة والحق والمساواة والمحبة، فإن المسيحيين في سوريا لا يمكن إلا أن يكونوا صفا واحدا مع "إخوانهم في الوطن في حركتهم السلمية نحو الحرية والعدالة والمساواة ومحاربة الظلم.

وحسب البعض، فإن نص الدستور على حصر رئاسة الجمهورية بالمسلمين، أثار غضب المسيحيين وحتى المسلمين أنفسهم، الذين اعتبروا أن رئاسة الجمهورية موضوع وطني لا طائفي.

وفي محافظة حمص، اعتبر شاب أن مهاجمة الأمن لكنيسة أم الزنار التاريخية وسرقة محتوياتها، أجج مشاعر المسيحيين ضد النظام كثيراً، ودفعهم للمشاركة بقوة في المظاهرات.

ولدى المسيحيين المعارضين للنظام السوري، العشرات من الصفحات التي تنشر أخبارا ومقاطع فيديو عن الثورة على موقع "فيسبوك".

وقالت ناشطة سورية، تعمل على تصوير المظاهرات، إن الاحتجاجات تشهد حضورا لافتاً لمسيحيين، لكن مع ذلك فإن الحضور المسيحي غير كاف، حسب وصفها.

وهو ما عبّر عنه جورج صبرا، عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري، في تصريح سابق لـ"العربية"، بأن عدم تحرك المسيحيين في سوريا إلى جانب إخوانهم بشكل فعال في الثورة، يرجع إلى تأخر الكنيسة في إظهار موقف حقيقي، يضع المسيحيين في قلب الصورة.

وقال صبرا إن هناك في الطائفة المسيحية السورية من يصطف مع النظام، ومن هو موجود في صفوف المعارضة، مثل بقية الطوائف، وعلى مستوى النخب، شارك المسيحيون بفعالية في جميع نشاطات الثورة، من الميدان وحتى المنابر السياسية والإعلامية، أما على مستوى الكتل الجماهيرية وكتل المجتمع، لم يتحرك المسيحيون في صفوف الثورة.

=================

الأب باولو دالوليو: على الفاتيكان التدخل لوضع حد لمأساة سوريا

8-2-2012

نورسات

وفي نداء أطلقه بعد أيام قليلة من أحداث حمص واستخدام حق النقض الذي فرضته روسيا والصين على قرار مجلس الأمن بالتدخل، أوضح الأب باولو دالوليو لوكالة آكي الايطالية للأنباء أن "مبادرة الفاتيكان عليها أن تأخذ في الاعتبار حساسية وحِدّة المعاناة الراهنة للجماعات المسيحية الأرثوذكسية البيزنطية، التي تمتلك علاقات وطيدة ببطريركية موسكو، وهي بالتالي تلعب دوراً غاية في الحساسية في هذه اللحظة الحرجة، فضلاً عن الأرمن الذين يمثلون غالبية بين المسيحيين السوريين".

وأشار الكاهن اليسوعي إلى أن "الوضع في سوريا وصل إلى حد يتطلب حشد كل النوايا الحسنة التي من شأنها أن تلعب دور الوساطة وتؤدي إلى تفاوض فاعل بين الأطراف المتنازعة"، معربا عن "الأمل بأن "يوظف الفاتيكان تجربته الطويلة في الحوار مع العالم الإسلامي سنّيا كان أم شيعيا"، محذرا من "خطر أن ينتهي الأمر بالمجتمع السوري المسيحي كذلك العراقي، في ظل الحرب الأهلية الجارية وفي حال تطورها وانتشارها"، ومن هنا تأتي "استحالة إرجاء مبادرة فاعلة تنطوي على محاولة لإقامة حوار مع طهران وموسكو، فضلا عن القاهرة وباريس وأنقرة".

ولفت الأب دالوليو إلى أن "سوريا تعيش مأساة حقيقية"، وبالتالي "ينبغي علينا إيجاد حلول مقبولة لدى الأغلبية العظمى"، محذراً من أن "الأمور إن استمرت على هذا النحو فستؤدي إلى خسارة البلد، وتفكك الشرق الأوسط وشح الآفاق الديمقراطية"، مؤكداً "أنني أعارض وبشكل واضح أي منطق قمعي لمن يفكر بحل الوضع عن طريق العنف وبالأكثر التدخل العسكري والدولي" في سوريا.

 

وخلص الكاهن الايطالي إلى القول "لقد حان الوقت لكي يقوم المجتمع المدني العالمي بمبادرة فاعلة من خلال إرسال آلاف المرافقين العزل المروجين للسلام إلى سوريا على أساس الاتفاقات المتفاوض عليها، حتى لو كان من جانب واحد فقط".

=================

هل تضيق سوريا عن المستعرب باولو دالوليو؟

إميل أمين

الشرق الاوسط

7-2-2012

هل مقولة الضيق في الصدور وليس في الأمكنة صحيحة؟

يبدو أن ما جرى في سوريا أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) المنصرم يؤكد ذلك، إذ لم تعد بلاد الشام المضيافة تتسع لأهلها، فكيف لها أن تتسع لراهب صوفي عاشق لها وللعالم العربي، ومستعرب يمثل علامة مثيرة جدا في تاريخ المنطقة العربية المعاصرة، أعاد للأذهان ذكريات المستشرق الفرنسي الكبير لويس ماسينيون في بدايات القرن العشرين؟

من هو باولو دالوليو، ذاك الذي وصفه الفيلسوف الفرنسي المعاصر ريجيس دوبريه بأنه مسيحي استثنائي، وذلك في المقدمة التي كتبها لكتاب الأب باولو أو الراهب بولس باللغة العربية، كما يحب أن ينادى، وعنوان الكتاب «عاشق للإسلام... مؤمن بعيسى»، وما قصته في سوريا مع دير مار موسى الحبشي، ولماذا طلبت إليه الحكومة السورية مغادرة أراضيها الأيام الماضية.. هل لأنه صوت صارخ في البرية السورية؟

ولد باولو دالوليو في العاصمة الإيطالية روما لأسرة كاثوليكية متدينة رغم أن والده شغل مناصب سياسية متقدمة في الحزب المسيحي الديمقراطي، لكن الابن انخرط في بدايات حياته داخل الحزب الاشتراكي الإيطالي، ومنه إلى الاتجاه الاشتراكي المسيحي.

بدأ باولو سلك حياته الرهبانية ضمن الرهبنة اليسوعية، حيث درس الفلسفة في جامعة نابولي. وفي أوائل الثمانينات زار منطقة الشرق الأوسط لدراسة اللغة العربية، وتسجل في جامعة دمشق كلية الشريعة كمستمع، وفي صيف عام 1982 ذهب إلى دير مار موسى الحبشي الذي كان مهجورا وقتها، والواقع على بعد ثمانين كيلومترا عن دمشق باتجاه الشمال، ويبعد عن مدينة النبك نحو 5 كيلومترات باتجاه الشرق عن طريق العرقوب، وهو دير سرياني قديم يعود تاريخه إلى منتصف القرن الحادي عشر.

كان مقصد باولو الدخول في خلوة روحية لمدة عشرة أيام، غير أنه هناك اكتشف ثلاث أولويات وأفقا لحياته، وشعر بارتباط وجداني بهذا المكان، فبدأ على هذا الأساس بتنظيم عملية ترميم الدير في صيف عام 1984، ولم تشغله إعادة البناء والترميم عن متابعة دراسته، ليحصل من كلية «البروباغندا فيدا» في روما سنة 1989 على درجة الدكتوراه عن رسالة بعنوان «مفهوم الرجاء في الإسلام»، تلك المفاهيم التي ستقوده لاحقا إلى محكمة عقائدية في حاضرة الفاتيكان.

نجح الأب باولو في ترميم الدير وأعاد إليه نسق الحياة الرهبانية المسيحية الأولى، وجعل منه واحدا من أهم مراكز حوار الأديان في المنطقة وموضع جذب سياحي ديني منقطع النظير.

ماذا عن الأولويات التي اكتشفها الأب باولو في دير مار موسى؟ أولى الأولويات الثلاث في هذا التأسيس المتجدد هي استعادة اختبار المعنى المطلق للحياة الروحية في حياة الصلاة بتمام المجانية، حيث شكل هذا الدير السرياني القديم شهادة فعالة لقيمة الحياة الروحية في ماضي هذه المنطقة، كما أن حالة الخراب التي وصل إليها الدير قد تشير إلى خطر فقدان هذه القيمة.

ومن الجدير بالذكر أن الحياة الرهبانية النسكية كانت تشكل دائما عنصرا جوهريا من عناصر تكوين الشخصية الروحية المسيحية في الشرق، كذلك شكلت الحياة الرهبانية النسكية المسيحية قيمة هامة في العالم الإسلامي ثقافيا ورمزيا وصوفيا.

أما الأولوية الثانية فهي الحاجة إلى خلق نوع من حياة رهبانية تعبر عن البساطة الإنجيلية التي يتجسد فيها التناغم مع البيئة الطبيعية من جهة، والمسؤولية تجاهها وتجاه المجتمع المحيط بها من جهة أخرى، مما يدعو إلى إعادة اكتشاف قيمة العمل اليدوي مع قيمة الجسد والأشياء في سبيل إظهار جمالية ملؤها الإنصاف والمجانية.

وأما الأولوية الثالثة فهي الضيافة، فقد كان لممارسة الضيافة معنى مقدس لدى الرهبان القدماء، بناء على قيمة اعتبرت ربانية في هذه المنطقة عبر العصور، فالدير مكان لقاء لتعميق تقدير خصوصيات العمومية الثقافية لا لنسيانها، وعلى هذا فالأمر إلا يتم في جو من تكريس الانغلاقيات المذهبية، بل يساهم في التحرر من مجتمع التقسيمات في سبيل بناء تدريجي لحضارة الشركة والتضامن.

هذه الأولويات جسدها الأب باولو عبر العقود الثلاثة المنصرمة تجسيدا حيا بأفعال ومؤتمرات وندوات ولقاءات وضيافة، كلها أضافت إلى سوريا بعدا حضاريا وإنسانيا عربيا وعالميا، لا سيما وأنها جرت في ظل أفق مهم للغاية هو أفق العلاقة الإسلامية المسيحية، الذي اعتبره الأب باولو ورهبان الدير جزءا لا يتجزأ من دعوتهم.

هذا الأفق جعل اللغة العربية الفصحى لغة القرآن هي لغة الجماعة الرهبانية هناك في حياتها الاجتماعية والتعبدية، رغم وجود رهبان من جنسيات غربية متعددة، وقد أدى هذا الخيار إلى إنشاء مكتبة متخصصة لخدمة الباحثين والمدرسين في ميدان الحوار بمساعدة عدد من الأصدقاء، ولا تقتصر مواضيع الكتب المقتناة على المجالات التقليدية في العلوم الدينية المسيحية أو الإسلامية، بل تشمل العلوم الإنسانية أيضا، أي «العلوم الجسر»، وذلك في سبيل المزيد من الاستيعاب للظاهرة الدينية كعلم الإنسان «إنثروبولوجيا» مثلا، والفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع... إلخ.

كما أولى الأب باولو وجماعته اهتماما خاصا لدراسة فكر الباحث الكبير في العلوم الإسلامية والتصوف لويس ماسينيون، الذي يعد منبع إلهام لجماعة الدير، بسبب التزامه الفكري وأسلوب حياته كتلميذ للسيد المسيح.

في مقدمة دوبريه لكتاب الأب باولو يقول: «لو أن شخصا غيره تصدى للدفاع عن هذه الأطروحة بهذا العنوان (مسيحي يحب الإسلام) لوجد نفسه في موقف المتحدي المستفز للهامش والاستثنائي أو موقف السذاجة التي تثير الشفقة».

وقد يعن لنا أن نتساءل مع دوبريه، ما الذي مثله للإسلام الأب باولو الذي حصل على سيامته الكهنوتية بحسب الطقس السرياني لا اللاتيني؟

عنده أن الأمر ليس دراسة جامعية، وليس افتنانا عاطفيا، إنه علاقة انثقاف حي مع هذا الدين، بكل ما يكتنفه من حركية وصعوبات، منطلقا من رفضه للمواقف المسبقة والجاهزة التي تحشر الإسلام في خيار من اثنين حديين، إما النموذج الأندلسي القديم في صورته المثالية، أو الصورة الأفغانية السوداء والمقاتلة والإرهابية.

والشاهد أن الحديث عن الأب باولو وفكره في حاجة إلى كتاب مفصل لراهب مسيحي عمل على تحويل محبته للإسلام والمسلمين عبر واقع حي في عيون الغربيين إلى أفعال حية، تكسر حدة الخوف من الإسلام وظاهرة الإسلاموفوبيا (Islamophobie) إلى اتجاه معكوس لتحبيب وتقريب الإسلام من الغربيين عبر الـ«Islamophilie» ودفعهم لوضع التصورات الصحيحة في نصابها القانوني، بحسب الفيلسوف الفرنسي الثائر.

على أن ما جرى ويجري في سوريا من بحور وأنهار ودماء زكية كان لا بد أن يستصرخ الأب باولو كصوت صارخ في البرية السورية، ولهذا أعلن مع جماعة ديره وعدد من الأصدقاء والزوار عن أسبوع للجهاد الروحي من أجل المصالحة بين أبناء سوريا الأم في أواخر شهر سبتمبر (أيلول) المنصرم، وفي الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الفائت أُصدر بيان صحافي في هذا الشأن.

لم يكن الجهاد الذي دعا إليه الأب باولو سوى صوم وصلاة وقراءة في الإنجيل المقدس، وتلاوة القرآن الكريم، والتأمل في نصوص مختارة عن السعي اللاعنفي لأجل الإصلاح، عبر الغفران والحوار الأخوي المصغي وتقبل الاختلاف غير المشروط.

يؤكد نص البيان على أن «الخوف دخل قلب البيت الواحد، والدير الواحد، لكن أسبوع الجهاد الروحي أثبت إمكانية النجاح والتواصل، عندما نتنازل عن احتكار الرأي والوطنية».

ولعل الجريمة التي لم يغتفرها النظام السوري للأب باولو هي تأكيده وجماعته الرهبانية على «العطش إلى الحقيقة والرغبة في التخلص من الأكاذيب، ورفضهم لمنطق الحرب الأهلية الطائفية والنزاع المسلح على أشكاله».

والشاهد أن ما أفقد القائمين على الأمر في سوريا توازنهم إزاء راهب مجرد من ممتلكات الدنيا ومباهج الحياة كشفه لحقيقة مؤكدة، «لا حوار ولا إصلاح دون توفير صادق لحرية الرأي والتعبير، في تعددية تخدم الموضوعية، وتضامن معنوي من العائلة العالمية، دون مثالية تكاد تتجاهل خطر التآمرات، وأن لا إصلاح دون احترام سلامة المواطنين سواسية، وذلك بمساعدة هيئات مشرفة مدنية ومستقلة».

على أن قضية الأب باولو ازدادت سخونة في الأول من الشهر الماضي عندما أشار في تصريحات إعلامية إلى ضرورة حماية المدنيين، واستخدام مصطلح «مناطق آمنة»، لا سيما المستشفيات والحرم الجامعي، وفي نظره لا بد من المحافظة على إنسانية كل مواطن وكرامة الميدان الأكاديمي بإبعاد التصادم العنيف عن قدس أقداس الإنسانية.

هذا الحديث اعتبرته القيادة السورية دعوة للتدخل الخارجي ضد سوريا، مع أن الراهب المستعرب يؤكد في بيان لاحق له بتاريخ الثالث من ديسمبر تحت عنوان «التباسات وتوضيحات» أن الأمر لا يحتاج إلى تدخل خارجي، ولا يتطلب حماية من الجو، ولا إنشاء مناطق عازلة، بل يكفي أن تطلب سوريا حضور منظمات إنسانية سلمية لا عنفية، تأتي لتساهم مع هذا الشعب الكريم عبر حماية المواطنين على كل انتماءاتهم في بناء المجتمع التعددي الديمقراطي الناضج، الذي تشتاق إليه حسب ما يرى في حركة الجماهير الساحقة.

كان ما تقدم ومعه عدة مقابلات صحافية أجنبية أساء البعض ترجمتها، وحور البعض الآخر مضامينها لدغدغة مشاعر القراء الغربيين، لا سيما الفرنسيين منهم، كافية لأن تتخذ وزارة الخارجية السورية قرارا بطرد الأب باولو خارج سوريا، بوصفه متعاطفا مع الثوار، ولم يخلُ الأمر من تضامن بعض مسيحيي سوريا الذين يرون أن خلاصهم مع نظام الأسد وضياعهم في غيابه، وهي قضية جدلية قائمة بذاتها. ومن أسف استخدم هؤلاء روايات تعود بنا إلى «الشماعة التقليدية»، العلاقة مع إسرائيل واختراق الصراع العربي الإسرائيلي السوري منه تحديدا، في حين أن القضية عن بكرة أبيها سورية داخلية.

غير أن الإيجابي في المشهد هو ذلك التضامن الشعبي السوري مع الراهب اليسوعي، فقد أصدر ناشطون سوريون بيانا أعربوا فيه عن قناعاتهم بأن الأب باولو اتخذ موقفا أساسه ضرورة معالجة الأزمة بالاستناد إلى فكرة الديمقراطية التوافقية، التي يمكن العمل بها عبر مرحلة انتقالية على أساس الحوار البناء من أجل النجاة من منطق سفك الدماء، وبناء نظام ديمقراطي، وشددوا على ضرورة عدم إبعاد الأب باولو عن سوريا، بل وطالبوا بتكريمه «إلى أقصى حدود التكريم»، مؤكدين أنه «يستحق لقب المواطن السوري عن جدارة».

يكتب مراسل «نيويورك تايمز» معلقا بالقول: «اتخاذ قرار طرد الأب باولو يرسل رسالة واضحة إلى الجميع بأن دعم النظام للمسيحيين ليس غير مشروط، وهؤلاء الذين يجرؤون على معارضه الأسد أو الذين يدعون إلى حوار لتغيير الدولة، سيتم اعتبارهم من المعارضة، وهذا سيضع المسيحيين الحاليين في مأزق. إن سعيهم للتغيير يعني تعرضهم للخطر، والتزام الصمت إزاء الظلم الحاصل يعني اختصار المسيحية إلى ديانة، ويلغي اعتبارهم مؤمنين يسعون لتحقيق رسالة الإنجيل في العدل والمحبة والسلام». إكراما لسوريا ومسلمي الشرق الذين أحبهم اختار الأب باولو الصمت قائلا: «أرحب بتهدئة الأجواء والانسحاب من الخوض بالتحليل السياسي، لأن لي واجبا غاليا وجوهريا في هذا الوطن، هو واجب ديني وروحي، لذلك أفضل الصمت الملتزم داخل البلد على الكلام غير المسؤول في المنفى».

هل ستنجح سوريا في اجتياز محنة طرد الأب باولو، أم ستزيد خطاياها المميتة في حق شعب قبل حق المستعرب الأجنبي؟

 كاتب مصري

=================

الفاتيكان: قلق وتعاطف لسقوط ضحايا مدنيين وللعنف المتصاعد في سورية                               

الثلاثاء، 07 فبراير 2012 - 01:28

اخبار العرب

الفاتيكان - وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء - أعربت حاضرة الفاتيكان عن ''القلق والتعاطف لسقوط ضحايا مدنيين ولحالة العنف المتصاعد وصعوبة إيجاد حلول لها'' في سورية

وقال مدير دار الصحافة الفاتيكانية الأب فيديريكو لومباردي في تصريحات لوكالة (آكي) الايطالية للأنباء أنه ''من الواضح أن هذا القلق حي وحاضر، حتى أن البابا تناول هذه المسألة في كلمته أمام أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي'' حسب تعبيره

وكان البابا بندكتس السادس عشر قال أمام السفراء المعتمدين لدى دولة الفاتيكان في التاسع من الشهر الماضي "أشعر بقلق بالغ لوضع السكان في البلدان التي تعاني من توترات وعنف متعاقبة، ولاسيما في سورية، حيث آمل في وضع نهاية سريعة لاراقة الدماء وفي بداية لحوار مثمر بين الأطراف السياسية، برعاية وجود مراقبين مستقلين" على حد قوله

كان الأب اليسوعي باولو دالوليو، المقيم في سورية منذ سنوات عديدة، قد طلب اليوم التدخل الدبلوماسي للكرسي الرسولي "على أعلى مستوى" مشيراً الى أن "خطورة الوضع الراهن في البلاد تتطلب تعبئة كل النوايا الحسنة القادرة على التوسط وحمل الأطراف الفاعلة للصراع على التفاوض" حسب تعبيره

=================

أفكار متقطِّعة حول مأساة متفائلة: إلى الأب باولو دالوليو

أكرم إنطاكي

الجمعة 16 كانون الأول (ديسمبر) 2011

تعلَّم أن تكون أكثر ذكاءً

وإن لم ترغب في أن تكون السندان

كن أنت المطرقة...

فاوست... غوته

*

1. في الواقع الراهن أو... كلُّ شيءٍ على ما يرام!

لم يعد بوسع أحد أن ينكر بأن أمورًا كثيرة قد تغيرت منذ بداية الأحداث، رغم أن هذا التغير ما زال مستمرًا ولم يكتمل بعد. للوهلة الأولى، تبدو الأمور عاديةً في المدينة، أو لنقل، تبدو كما تدَّعي وسائل الإعلام الرسمية. لكننا تغيرنا كثيرًا، وما زلنا نتغير. فهذا قانون الحياة، وهذه سنَّة الكون. وأول مظاهر هذا التغيير أن الكثير منا أصبح، بشكل عام، يفكَّر بما يتجاوز إطار "الصور البرَّاقة" التي يقدِّمها لنا الإعلام الرسمي، كما أصبح يفكر فيما وراء الخطاب، وأصبح الكثير منا يسعى، كل من موقعه، إلى تغيير أولياء الأمر في مدينتنا.

لذلك لا تقلقوا أيها السادة، فكلُّ شيءٍ على ما يرام! نعم، كلُّ شيءٍ على ما يرام!

لذلك، لا تأبهوا لهذه الحواجز التي قد تصادفكم حين تحاولون "التوغل" في بعض الأحياء، أو في بعض الضواحي أو في بعض المدن والقرى الملتهبة؟ لا تأبهوا لأولئك المدججين بالسلاح الذين قد يستوقفونكم ويستوقفون المارَّة فيدققون في أوراقكم الثبوتية، ويسألون من أين جئتم وإلى أين أنتم ذاهبون؟! لا تأبهوا!... فكلُّ شيء طبيعي... إنهم مجرد أخوة لنا يعتقدون أنهم يلاحقون "عصابات مسلَّحة" تروِّع الآمنين!. لأن القصة من منظورهم هي كتلك التي كانوا يرونوها لنا حين كنَّا أطفالاً "قصة أبطال وحرامية".

وتتساءلون لماذا أصبح الناس جميعًا يهتمون بالسياسة؟ ولماذا أصبحوا أكثر ثقةً بأنفسهم وبالآخرين؟ ولماذا أصبحوا يتحدثون بطلاقة، مع من يعرفون ومن لا يعرفون، عن أمور كانت حتى الأمس القريب "محظورة"؟ ولماذا كثر الباعة الجوَّالون في قلب أسواق المدينة؟ ولماذا تفرغ المدينة بالكامل في أيام الجمعة؟ وما الذي تفعله يا ترى تلك الحافلات المليئة بشباب مدجج بالعصي والسلاح الخفيف في ساحات المدينة الفارغة، أو قرب الجوامع، في انتظار انتهاء صلاة الظهيرة؟ قطعًا لأن هناك أشياء تتغير، ولأن هذه الأشياء ليست تراهات، إنما هي أمور جوهرية.

وتتساءلون هل هذه يا ترى بشائر تلك الحرِّية التي كنَّا وما زلنا نحلم بها؟ وتتساءلون عن ماهية تلك المظاهرات التي ما زالت تعمُّ مختلف أنحاء المدينة، والتي دخلت شهرها التاسع؟ وعن تلك الألوف التي قضت ولم تزل تعرض حياتها للخطر وهي تواجه الموت؟ وعن تلك الصدور العارية التي تواجه الرصاص هاتفةً للحرِّية و/أو مكبِّرة لإله الجنود؟ عن أولئك الذين يتحدون الموت وهم يرقصون ويغنُّون؟

أتراها بلدنا التي انتفضت في وجه الظلم، والمطالبة بالحرِّية والعدالة؟ أم أنهم مجرَّد مجموعة من المشاغبين؟

لذلك أعتقد، أن لا داعي للقلق أيها الإخوة! فكلُّ شيء على ما يرام! نعم، كلُّ شيءٍ على ما يرام!

2. في الثورة والإصلاح أو... في العنف أو اللاعنف

كلُّ شيء على ما يرام رغم أن الأوضاع التي نعيشها اليوم في مدينتنا ليست أوضاعًا عادية، فكلُّ الدلائل تؤكد على أنها "أوضاع استثنائية"، انفجار حدث فجأة لأنه لم يعد بوسع معظمنا قبول الحال التي كانوا فيها، أو حالة استمرت لأن أولياء الأمر لم يعد بوسعهم الاستمرار في التعاطي بالطريقة التي كانوا يتعاطون بها.

حالة لم نكن نسعى إليها بمجملنا، ولم نكن حتى نتوق لها، حالة يسمونها ثورة، وهي ليست بالشيء اللطيف، لأن الثورة الاجتماعية والسياسية – أية ثورة اجتماعية أو سياسية – وما يرافقها من خراب وموت ودمار هي بشكل عام حالة قميئة وغير مستحبة، خاصةً وأنها تعيدنا من حيث المحصلة إلى نقطة بداية كان من الواجب أن نتفكَّر بها من زمان، حالة يتحتم علينا فيها مواجهة أنفسنا و السعي إلى معالجة أمراضنا قبل أن نواجه الآخرين ونتعاطى معهم.

وأتفكَّر فيما الذي يشير إليه الأصل اللاتيني لكلمة تحدَّث عنها ذات يوم كوبيرنيكوس في أطروحته حول دوران الكواكب [1]]. وأجدني، ربما بسبب رفضي للظلم وللفجور، أتقبَّل ذلك المفهوم الذي كنت أرفض، وأتفهَّم لماذا أصبحت اليوم أشعر بالحنين إلى علم الاستقلال القديم الذي بدأ يصبح علمًا للثوار.

وأتفكَّر بما تحمله الثورة، أية ثورة، من خراب وموت ودمار، وهل كان بالإمكان تجنُّبها، لأنها عنف كان كلُّ عاقل منا يأمل بأن لا يقع، وأن يتمُّ تجنُّبه عن طريق الإصلاح. إصلاح لم يحدث في نهاية المطاف، وربما لم يكن ممكنًا أن يحصل... فكانت مشيئة الآلهة.

وكان ما حصل هو النتيجة الطبيعية التي أوصلنا إليه فجور أولياء الأمر، أولئك الذين لم يكن بوسعهم التواصل بصدق مع مواطنيهم، ولا تقبُّل مفهوم المشاركة في إدارة شؤون المدينة. وأتفكَّر أنه ليس بوسع الفاسدين أن يصلحوا ما أفسدوه، ولا أن يحاربوا الفساد. كما ليس بوسع المتجبرين أن يعودوا بشرًا عاديين. ما أدى، بكلِّ بساطة، إلى وقوع ما حصل.

وأتفكَّر بأن العقلاء منا، وقد يئسوا من إمكانية الإصلاح، كانوا يريدونها ثورة سلمية، لأننا شعب مسالم في نهاية المطاف، لأننا أمَّة وسط تكره العنف وتقبل بالتسويات حتى ولو كانت على حسابها.

أتفكَّر أن هذه الثورة بقيت، بشكل عام، رغم كلِّ ما مورس تجاهها من عنف مفرط، لاعنفية من حيث العمق كما بقيت سلمية، رغم أن أولياء الأمر حاولوا كلَّ ما في وسعهم كي يخرجوها من سلميتها معتمدين على ما يعاني منه مجتمعنا من أمراض ومن علل.

3. في الطائفية أو... في إمكانية تجاوزها

ونعيد اكتشاف أنفسنا. ونعاود التفكير بأمراضنا كمجتمع وكمدينة. ونتلمَّس أن أولى هذه الأمراض وأكثرها خطرًا، كما يتضح لنا اليوم، هي فئويتنا الضيقة وطائفيتنا. لأننا حتى أمس قريب، قبل حدوث هذا الانفجار، كنا نرسم لأنفسنا – في أذهاننا وفي وسائل إعلامنا – صورةً ورديةً نتخيلها وتقول إننا بلد الإخاء والمحبة لمجرَّد وجود ذلك الشكل الخادع من التعايش، الذي لم يكن أكثر من عدم اقتتال، بين تلك الفئات والطوائف والأحزاب التي تتشكَّل منها مدينتنا.

لأننا حتى أمس قريب كنا مجرَّد أفراد وجماعات وطوائف وأحزاب تعيش إلى جانب بعضها من دون أي تواصل حقيقي ولا تفاعل. كلٌّ يعيش بين جماعته ويحصر تواصله الحقيقي معها، من دون أن يفكر في كيف يمكن أن يكون هناك مشروع عيش مشترك بين بشر مختلفين ومتمايزين في نهاية المطاف.

لقد كنا نتعايش أيها السادة. نعم كنا فقط نتعايش. أما اليوم، ومن خلال ما حصل ويحصل، ها نحن ندفع ثمن انعدام التواصل الحقيقي فيما بيننا. حول هذا الموضوع كان أصدق وأجمل ما قرأته لسمير فرنجية [2]] الذي وضع الأصبع على الجرح حين قال:

... احتجتُ إلى وقت غير قليل كي أدرك أن نقيض العنف ليس، ببساطة، السلام بين طوائف وأحزاب، وإنما هو "صلة الوصل" بين أفراد ينتمون إلى طوائف وجماعات مختلفة. وهذا فارق يبدو صغيرًا، لكنه جوهري وحاسم. وعليه، فقد اتخذ الحوار الذي اضطلعتُ به بُعدًا آخر مختلفًا. لم يعد الهدف هو البحث عن تسويات، بل صار التوصُّل إلى بلورة مشروع مشترك للحياة بين مختلفين. عندئذ بدأت تنجلي أمامي فكرة "العيش معًا" le vivre ensemble وتتقدَّم على فكرة التعايش الطائفي coexistence communautaire التي كانت سائدة حتى ذلك الوقت.

أو حين حاول أن يتلمَّس الطريق للخروج من المأزق الذي نعيش. لأنه...

في هذه المرحلة من التلمُّس والتفكير برزت صعوبة جديدة: إذا كان العيش معًا يتعلَّق بالأفراد على نحو خاص، فأين نجد هؤلاء في مجتمع تسوسه طائفية صلبة لم تزدها الحرب إلا صلابةً وتَغَوُّلاً؟ هل نقوم بعملية فرز بين "علمانيين" و"طائفيين"، فنتوجه إلى الفئة الأولى وننحِّي الثانية؟ وكيف يمكن الفرز والانتقاء حين تكون هوية الفرد الواحد مكوَّنة من انتماءات متعددة؟ هل ينبغي "اختزال" الهوية بحيث لا نحتفظ منها إلا بمكوِّن واحد، أم ينبغي "ترتيب" الانتماءات المتعددة داخل ذواتنا، بحيث نوفر لها إمكان التناغم بدلاً من التنافر، فنتقبَّل بالتالي مبدأ "الهوية المركَّبة"؟

وأتفكَّر أننا بمعظمنا، لم نفهم إلى الآن تعدد انتماءاتنا وتعقد هويتنا المركبة التي تجبرنا الأحداث على إعادة اكتشافها.

ونعاود اكتشاف تفردنا، وهوياتنا المتعددة، وطائفيتنا لنصل في النهاية، ومن خلال هذا الانتماء الصغير المركَّب، إلى فهم مصلحتنا، البديهية، في بناء مشروع عيش مشترك وفي التواصل، مع التأكيد على أن هذا النضج يبقى في حالة امتحان دائم جرَّاء التطورات والأحداث. إذ يمكن أن يُمتَحن في بعض الأوقات بما قد يرى من تجاوزات طائفية تدفعه إلى انقطاع الرجاء، أو بانبعاث "مخاوف" من ماضٍ سحيق حَسِبَ أنه مضى وانقضى، أو بالخشية من مستقبل يبدو غامضًا.

وقناعتي الراسخة أن هذا النضج سيتحقق في نهاية المطاف، لأن لا طريق سواه...

وذلك، ومن هذا المنظور، أجدني أؤكد في الوقت نفسه على علمانيتي وعلى مسيحيتي...

4. في الذرائعية... و/أو... في المبادىء والقيم

لذلك، أرجوك يا صديقي الحبيب، لا تحدِّثني بعد الآن عن المبادىء المجرَّدة، وعمَّا ينجم عنها من قيم خالدة، ما دمت أسير ذاتك الصغرى وشرنقتك الضيقة. لذلك، أرجوك لا تحدِّثني عن آفاقك الرحبة، وأنت ليس بوسعك أن ترى أبعد من سرَّتك الرحمية.

لأن كلَّ مبادئك وقيمك لا تعني في نهاية المطاف شيئًا ما لم تجد طريقها إلى قلوب البشر! وما لم تنعكس بعمق، من خلالك ومن خلالهم، على أرض الواقع الذي فيه يعيشون.

وأجدني من هذا المنظور أصبح ذرائعيًا إلى أقصى الحدود، وفي الوقت نفسه مبدئيًا إلى أقصى الحدود.

وأجدني من هذا المنظور أقبل الطائفية كأمر واقع لأني ابن هذا المجتمع وهذه المدينة، وأرفضها وأحاربها في العمق، كمرض نعاني منه، من منطلق إنسانيتي وفهمي لضرورة بناء وعيش مشروع عيش مشترك مع أبناء مدينتي.

وأتفكَّر أني في موقفي هذا لا أتناقض مع نفسي ولا أتنكَّر لمبادئي وقيمي. وأتساءل أليس هذا ما عبَّر عنه بكلِّ صدقٍ مارتن بوبر حين قال:

عالم الإنسان مزدوج، وهذا يتَّفق مع موقفه الثنائي.

موقف الإنسان ثنائي، وهذا يتَّفق مع الطبيعة المزدوجة للكلمات الأساسية التي ينطق بها [3]

لأن...

الكلمات الأساسية لا تعني أشياءً، إنما هي توحي بعلاقات.

الكلمات الأساسية لا تصف شيئًا بوسعه أن يكون موجودًا بشكل مستقل عنها. لكن، حين يتم النطق بها، فإنها تقدِّم الوجود.

الكلمات الأساسية تنطق بلسان الكائن.

فإن قلت أنت، فإن أنا الممزوجة بها، من خلال أنا–أنت، تقال معها.

وإن قلت هو، فإن أنا الممزوجة بها، من خلال أنا–هو، تقال معها [4]

وأيضًا، لأن زماننا الذي يشهد هذه المآسي المتفائلة هو من تلك...

... الأزمنة التي تتجلى فيها الكلمة الحية هي تلك التي يتجدد فيها تضامن الصلة بين الـأنا وبين العالم؛ والأزمنة التي تسود فيها الكلمة المؤثرة هي تلك التي يحافظ فيها على التفاهم بين الـأنا وبين العالم؛ والأزمنة التي تصبح فيها الكلمة متداولة هي تلك التي يصبح فيها الاغتراب بين الـأنا وبين العالم، كفقدان للواقعية، وكتوسع في الإيمان، مكتملاً – وحتى هناك تكون الارتعاشة الكبرى، وحبس الأنفاس في الظلام، وإعداد الصمت.

لكن هذا المسار ليس دائريًا. إنما هو الطريق. ففي كل دهر تصبح النهاية أكثر جورًا ويصبح الانقلاب أكثر تهشمًا. يصبح الظهور الإلهي أقرب من أي يوم مضى، أقرب بكثير من المجال القائم بين الكائنات، وأقرب إلى تلك المملكة المستورة في وسطنا، هناك بيننا. فالتاريخ مقاربة غامضة. وكل لولب في طريقه يقودنا في الوقت نفسه إلى انحطاط أعمق وإلى انقلاب أساسي. لكن ما يبدو من جانب الإنسان وكأنه انقلاب، يدعى بلغة الله خلاصًا... [5]] لهذا تراني، وفي قلب المأساة المتفائلة التي نعيشها، ما زلت...

5. أحلم!

لذلك، ومن أجل الخروج من المأزق الذي نعيشه بشكل إيجابي، أعود إلى نفسي أولاً... وأتفكَّر بذلك الآخر الذي هو أنا. ومن ثم... أتفكر بعمق بما سيحصل.

لأن منطق الحياة يقول إن هذا الوضع، بطريقةٍ أو بأخرى، سوف ينتهي وسوف يتغيَّر إيجابيًا، وإلا فنحن لسنا جديرين بهذه الحياة ولا بهذه المدينة الجميلة التي وهبتنا إياها آلهتنا.

لذلك تراني، وكما قال ذات يوم مارتن لوثر كنغ:

... على الرغم من مصاعب اللحظة وإحباطاتها، مازال عندي حلم. وإنه لحلم عميق الجذور... [6]]

لذلك تراني، مثله، أدعو الجميع إلى تبني الحلم نفسه. لأن:

... أمتنا سوف تنهض ذات يوم وتطبِّق معنى عقيدتها الحقيقي: "نحن نعتبر هذه الحقائق بديهية، ألا إن البشر قاطبة مخلوقون سواسية".

أنه عندي حلم أنه ذات يوم، وهو يوم قريب بإذن الله، سيتلاقى أبناء مدينتي بكلِّ محبة وهم يضحكون ويمرحون معًا، المسلم منهم والمسيحي، السنِّي منهم والعلوي، العربي منهم والكردي. لأننا جميعًا أبناء هذه الأرض وهذه المدينة... ولأننا جميعًا أخوة...

عندي حلم أنه ذات يوم، وهو يوم قريب بإذن الله، ستصبح مدينتي التي انتهت من التسلُّط والطغيان والفجور واحةً للحرِّية وللعدالة وللديموقراطية...

عندي حلم أن أحفادي الخمسة (والذين أحلم بأن يصبحوا قريبًا ستة وسبعة وثمانية...) سيلتقون في بلد لن يسألهم فيه أحد عن دينهم ولا عن معتقدهم...

وهكذا سيتحقق ذلك اليوم الذي سيتمكن فيه أبناء الله جميعًا من الإنشاد بمعنى جديد: "وطني، لكَ، يا أرض الحرية الحلوة، لكَ أنشد. يا أرضًا مات عليها جدودي، يا أرض مفخرة الحاجِّ، من كلِّ سفح جبل، فلتجلجل الحرية."

***

[1] De revolutionibus orbium coelestium (On the Revolutions of Celestial Bodies).

[2] مقالة بعنوان رحلة إلى أقاصي العنف، ملحق النهار، 18-11-2011.

[3] مارتن بوبر، أنا وأنت، الفصل الأول، ترجمة أكرم أنطاكي، معابر للنشر، دمشق، 2010. وتجدون الفصل المذكور على الرابط التالي أيضًا:

http://www.maaber.org/issue_april10...

[4] المرجع السابق.

[5] مارتن بوبر، أنا أنت، الفصل الثالث، ترجمة أكرم أنطاكي، معابر للنشر، دمشق، 2010. وتجدون الفصل المذكور على الرابط التالي أيضًا:

http://www.maaber.org/issue_novembe...

[6] http//www.maaber.org/issue_septemb...

* أكرم إنطاكي هو رئيس تحرير موقع "معابر " السوري، وهو من أرقى المواقع الفكرية والفلسفية التي أتيح لنا الإطلاع عليها على الإنترنيت العربي. نحث قارئ "الشفّاف" على متابعة موقع "معابر " الذي يثبت، في هذه المحنة التي تعيشها سوريا، أن النخبة والثورة ليسا نقيضين.

=====================

باولو دالوليو.. نورعلى درب الأنسنة

مروة كريدية

ايلاف

12-12-2011

ثمة خيمة تلامس السماء هناك في ساحة دير مار موسى الحبشي حيث يلتقي أبناء ابي الانبياء ابراهيم الذي كان أمّة، يختبرون الحياة على طريقتهم في علاقة مع الأبدي على نحوٍ لا يُحد في اطار تقليد ديني واحد بل يتجاوز الى أبعد من الشكليات الى الجوهر حيث الحكمة الحقيقية.

إنه رجل ينشد السلام وينادي بالمحبة وسط عنف دامٍ، وما زال يرجو عالما أفضل في قلب المأساة التي تزداد تأزما، ولطالما سعى عبر ترميمه لدير مار موسى في النبك الانخراط في حياة ثقافية فاعلة بعيدا عن كل عصبية لا سيما فيما يتعلق بالحوار بين الأديان والشعوب، حتى تحول الدير في السنوات العشر الأخيرة الى ملتقى تهوى اليه افئدة كثيرين، في لقاءات عفوية وجلسات تأمل ضمت عديدين من دعاة اللاعنف منهم المفكر جودت سعيد.

هكذا عرفت الاب باولو او الراهب بولص (كما يحب ان يسمي نفسه وهي التسمية العربية لباولو ) عبر محبيه المنتشرين في أقصاع الأرض؛ ولقد شعرت بأسى عميق وحزن شديد فور سماعي خبر طرده من سورية بسبب ما وُصِف بأنه "خروج عن نطاق مهمته الكنسية" واطلاقه نداء يدعو فيه إلى المصالحة والاعتراف بالتعددية وبحريّة الرأي و التعبير والنشر. وهو الذي مابرح ينادي بإعمال الأخلاق في المجتمع وادارة شؤونه حيث يرى ان "الديموقراطية بدون تصور روحي لا تعني شيئا، تُصبح علبة فارغة، منهجية بدون غاية، آلة دقيقة جدًّا كالطائرة يمكن ان توصلك من قارة الى قارة، كما يمكن أن تقودك الى تدمير نفسك ".

قرار الطرد جاء في نفس اليوم الذي اختتم فيه الدير اعمال "أسبوع الجهاد الروحي من أجل المصالحة بين أبناء سوريا الأم" وقد ورد في البيان الصحفي الصادر يومها :" جاهدنا، رهبان الدير وراهباته وأصدقاءه وعدداً من الزوّار من فسيفساء سوريا الرائع، بالصوم والصلاة، واجتمعنا يوميًا في الكنيسة لقراءة الإنجيل المقدس وتلاوة القرآن الكريم، والتأمل في نصوص مختارة عن السعي اللاعنفي لأجل الإصلاح عبر الغفران والحوار الأخويّ المُصغي وتقبّل الاختلاف غير المشروط. والتزم معنا روحيا في المشاركة في هذا الأسبوع عدد كبير من الأصدقاء (أشخاص وجماعات) في أنحاء كثيرة من العالم، فاختبرنا معاً عمق الشراكة والوحدة أمام الله."

 لم أشأ ان استغل صفاء المكان وحكمة المقيمين عليه لأزج فيهم بزواريب السياسية المقيتة، وتريثت اكثر من اسبوع لاستوضح الامر كي لا أجر "الحادثة " الى خانة هذا الطرف اوذاك، وكي لا يُستغل الحدث في دائرة الاصطفافات الى حيث لا يريد محبي السلام الذين ترفَّعوا منذ بداية الأحداث عن كل الجراح وأدانوا كل انواع العنف وأصروا على الوحدة والسلمية والشراكة من أجل الاصلاح. ولعل الجملة التي ختم بها بولص توضيحاته تعبّر عن دقة المرحلة حيث قال :

 "أفضل الصمت الملتزم داخل البلد، على الكلام اللامسؤول في المنفى".

=====================

لماذا يتضامن السوريون مع الأب باولو؟

فايز سارة

الحياة

11-12-2011

تشهد سورية تحركاً غير مسبوق، يتعلق بطرد الأب اليسوعي باولو دالوليو، الـذي يعيـش فـي ديـر مـار مـوسـى الـقـريب مـن النـبـك شـمال دمـشق منذ ثـلاثين سـنة قـضـاهـا كأقرب ما يكون إلى حياة مواطن سوري مجتهد، حريص على شؤون بلده الثقافية والاجتماعية والروحية. وهو سلوك بدأ مع وصوله الى سورية واستمر يلازمه.

والأساس في قضية الأب باولو، أن جهات رسمية سورية أبلغت مصادر كنسية ضرورة أن يغادر الرجل البلاد بحجة «أنه خرج عن نطاق مهمته الكنسية»، وهي ذريعة لا يمكن اعتبارها كافية لطلب المغادرة، والتي تسرب خبرها إلى أوساط سورية قبل أن ينتقل إلى صفحات الـ «فايسبوك»، ما فتح الباب على تداعيات شعبية، وقد جاءت في سياقها ثلاثة نشاطات، كان أولها قيام سوريين بفتح صفحة تضامن مع الأب باولو لإبراز رفض السوريين لقرار السلطات إبعاده، والثاني إصدار بيانات تدين القرار وتطالب السلطات بوقف تنفيذه، منها بيان اصدره مثقفون سوريون وآخر أصدره شبان وناشطون، وثالث النشاطات كان دعوات تضامن عامة سعت إلى إدخال موضوع التضامن مع الأب باولو في سياق حركة الاحتجاج الشعبي في سورية عبر السعي إلى تسمية «جمعة سورية وطن الأحرار… وطنك أيها الأب باولو».

وكما هو واضح، فان رد الفعل الواسع على قرار طرد رجل الدين اليسوعي، يملك مبرراته، ليس في روحية السوريين التي تتجلى على نحو واضح في حراكهم الشعبي انفتاحاً وتآزراً وتضامناً في وجه قرارات العسف، إنما أيضاً في الروابط التي أقامها الرجل مع أوساط سورية تتعدى منطقة القلمون التي يعيش فيها الى مناطق أخرى سورية، وصلت إليها سمعة الرجل وعلاقاته. وقد أضاف إليها دخوله على خط الحراك السوري وتفاعلاته من الباب العريض في مشاركة السوريين قلقهم، ثم في تقديمه رؤية لمعالجة الأزمة السورية.

فالرجل الذي وصل إلى سورية أوائل الثمانينات، اختار العيش في دير مار موسى القريب من مدينة النبك في القلمون، وقد تـحـول الـدير مـن بـناء بـسـيـط إلـى مـركز روحـي وثـقـافي واجـتـمـاعـي كـبـيـر بفـعل جـهـود الأب بـاولو ومــسـاعديه الـذين بـذلـوا جـهوداً اسـتـثـنائيـة طوال ثـلاثـة عـقود متـلاحـقة، وكان مـن تـعـبيـرات الـتـحـول في حياة دير مار موسى، توسيع إنـشـاءات الدير وتطوير بنيته التحتية وخدماته والاعتماد المتزايد على المصادر الـذاتـيـة في حياته اليومية، إضافة إلى حـضـوره في حياة سكان المنطقة من المسلمين والمسيحيين الذين يعرفون الأب باولو عـن قرب، ويتـعـامـلـون مـعه كـواحـد مـنـهـم، يـشاركهم في كثير من تفاصيل حياتهم وخـاصـة في الـعادات والـتقـالـيـد، وفـي تعزيز أوجه العلاقة بين المواطنين، بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية.

تحول الدير بفعل حضور الأب باولو فيه إلى مكان لقاء باحثين ودارسين ومهتمين، فعقدت فيه ندوات وجرت نقاشات لم تقتصر موضوعاتها على الشأن الديني والعلاقات بين الأديان، بل أضافت إليها موضوعات معرفية هي في صلب الاهتمامات الإنسانية المعاصرة، وكثير منها في صلب اهتمام السوريين.

وكان من الطبيعي لرجل بهذه الحساسية الروحية والإنسانية، أن يتحسس آلام السوريين في ضوء ما شهدته البلاد منذ أواسط آذار الماضي، فوقف عند تلك الأزمة محللاً طبيعتها، قبل أن يرسم خطوط الخروج منها. وفسر الأب باولو الأزمة بالقول: سورية ضحية نوعين من التوتر: الأول ذو طبيعة ثقافية، حيث إن قسماً كبيراً من الشعب السوري لم يعد يريد العيش تحت وطأة ديكتاتورية استبدادية، والثاني يمثله التمسك المطلق بالسلطة والمضي إلى أقصى الحدود في استخدام «منطق القوة»، الذي تجاوز كل الحدود المعقولة.

وفي ضوء تطور الأحداث السورية التي أدت إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة، إضافة إلى ترديات سياسية وأمنية، رأى الأب باولو أن ثمة حاجة للمصالحة وتحقيق وفاق يأخذ في الاعتبار جديّاً ما يُطالب به كلّ من الأطراف بطريقة معقولة، تترافق مع تـحـقيق شـروط أسـاسية، أهـمها الاعـتراف بالتـعدديـة وبحرية الرأي، ثم حريّة التعبير عنه، ثمّ حرية النشر مع احـترام الآراء الأخرى وتقديرها والحفاظ على سلامة جميع المواطنين وكرامتهم.

ونتيجة المصالحة من شأنها أن تأخذ البلد من الأزمة إلى حل، في إطار مرحلة انتقالية تقوم الخطوة الأولى فيها بتوفير الأمن للمواطنين من دون منع المطالبة بالحريات وممارستها بطريقة سلمية. إضافة إلى توفير الأمن للمؤسسات والمرافق العامة، وضمان حرية التنقل ضمن البلد وعدم تعطيل النشاط الاقتصادي، ومحاربة التهريب، لا سيما تهريب السلاح، أثناء هذه الفترة الانتقالية.

ويرافقها اتفاق لتشكيل لجنة عُليا لوضع مشروع تعديل الدستور، تتمثل فيها تيارات المعارضة كلها والقوى الوطنية جميعها. يعود لهذه اللجنة تحديد وتنظيم الانتخابات المقبلة وضمان نزاهتها بمشاركة اللجان الشعبية المحلية مع التغطية الإعلامية التعددية الحرة. لا بد لهذه اللجنة من إرساء وفاق وطني جديد، واقتراح الخطوط الرئيـسـة للدستور الجديد لضمان توطيد ديموقراطية وطنية توافقية لا تغلُّبية، تعددية لا أُحادية الجانب.

والديموقراطية التوافقية، التي تمثل الأساسَ -وفق رؤيته- لحل الأزمة، مبنية على أهمية دور الرئاسة باعتبارها جهة ضامنة للوحدة الوطنية والتي تلعب دور الحَكَم الأعلى والمحامي عن كل كتلة اجتماعية مهمشة على اختلاف الأسباب. لذلك لا بد من انتخاب هذا الرئيس من خلال عملية توافقية تفاوضية، وأيضاً من خلال إيجاد الحل الوسط الأمثل بين مكونات المجتمع. ويـسـتكمـل دور الرئاسة في فكرة الديموقراطية التوافقية باعتماد كيانين تمثيليين، أولهما مجلس نواب يتم انتخابه انطلاقًا من قوائم لكل الأحزاب على أرض الوطن كله، والثاني مجلس للشيوخ يجمع ممثلي المناطق، ما يساعد في ضمان تمثيل المكونات الوطنية المتصلة بالانتماء العرقي أو الديني وغيرهما.

وتتمة نـظام الديـموقراطية التوافقية في إقامة السـلطة التنفـيذية تتمثل في المزاوجة بين التعيين والانتخاب، حيث يُعيِّن رئيسُ الجمهورية رئيسَ مجلس الوزراء، الذي يقوم بتشكيل الحكومة تحت موافقة مرجحة لمجلسـَي النواب والـشـيوخ، فيما ينـبـغي انتخاب المحافظين من مجالس المحافظات لضمان التوافق الاجتماعي المحلي والتناغم الطائفي.

الحياة

=======================

أسقف سوري: على الاسد أن يسمح بانتقال سلمي للسلطة.. وسورية “معه أو بدونه” ستواصل مسيرتها

موقع أخبار الشرق – الأربعاء، 07 كانون1/ديسمبر 2011 05:45  بتوقيت دمشق

سورية اليوم   – سياسة 

قال أسقف سوري إن على الرئيس “بشار الأسد أن يسمح بانتقال سلمي للسلطة هناك حيث يمكن للناس القرار بشأنها من خلال تصويت ديمقراطي وحر، فإرادة الشعب هي صاحبة السيادة”، تعليقا على التطورات الأخيرة في البلاد.

وفي تصريحات لخدمة الإعلام الديني التابعة لمجلس الأساقفة الايطاليين أضاف رئيس أساقفة الكلدان في حلب المطران أنطوان أودو، أن “على سوريا سواء مع الأسد أم غيره، أن تكون قادرة على مواصلة مسيرتها”، فيجب على “الشعب أن يختار دون اللجوء إلى العنف كما حدث في ليبيا”، فهو “أحد طموحاته المشروعة” وفق تأكيده.

وقال المطران أودو، بحسب ما أوردته وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء، أن الخوف الأكبر بالنسبة له “يكمن في اندلاع حرب أهلية”، والتي “من شأنها أن تؤدي بسوريا إلى ظروف مشابهة لما حدث في العراق”، مشددا على أن “بلادنا ليست بحاجة إلى حرب بل إلى إصلاح وحقوق، وتحديث للمرافق، وتعددية، وأن تحاول الحكومة القيام بذلك”، وختم بالقول إنه “لا يمكن إشعال فتيل المواجهات الطائفية من خلال فرض ضغوط اقتصادية، فليس هذا عملا لخير سوريا وشعبها” على حد تعبيره.

الأب باولو دالوليو:

وفي شأن متصل، دعا ناشطون سوريون إلى عدم إبعاد رجل الدين اليسوعي الأب باولو دالوليو وتكريمه إلى أقصى حدود التكريم، بل ومنحه المواطنة السورية.

واستنكر الناشطون في بيان تم تعميمه عبر الإنترنت ما تردد عن نيّة السلطات السورية إبعاد الأب دالوليو الذي يعيش في سورية منذ ثلاثين عاماً، وأشادوا بدوره في تحويله دير مار موسى القريب من مدينة النبك (80 كم) شمال دمشق والذي اعتكف به منذ عقود من أنقاض إلى “مركز روحي وثقافي واجتماعي كبير”، وبحرصه على شؤون سورية الثقافية والاجتماعية والروحية طوال هذه المدة.

وأوضح البيان الذي وقّعه العديد من ناشطي المجتمع المدني والمثقفين والفعاليات السياسية والاجتماعية في سورية أن تعبيرات التحول في حياة دير مار موسى “لا تكمن في توسيع الدير وتطوير بنيته التحتية وخدماته بالاعتماد على المصادر الذاتية، والأهم منها حضوره في حياة سكان المنطقة من المسلمين والمسيحيين الذين يعرفونه ويتعاملون معه كواحد منهم، وفي تعزيز أوجه العلاقة بين المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية”.

وأعربوا عن قناعتهم بأن الأب باولو اتخذ موقفاً أساسه “ضرورة معالجة الأزمة بالاستناد إلى فكرة الديمقراطية التوافقية، التي يمكن العمل بها عبر مرحلة انتقالية على أساس الحوار البناء من أجل النجاة من منطق سفك الدماء وبناء نظام ديمقراطي”. وشددوا على ضرورة عدم إبعاد الأب باولو عن سورية، بل وطالبوا بتكريمه “إلى أقصى حدود التكريم”، وأكّدوا على أنه “يستحق لقب المواطن السوري عن جدارة”.

إلى ذلك أنشأ مجموعة من الناشطين السوريين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) بعنوان (لا لطرد الأب باولو من سورية)، شددوا فيها على أن ضرورة عدم طرده ووصفوه بأنه “إنسان رائع”، وأنه لم يميّز يوماً في تعامله مع الناس على أساس الدين، وسجّل في هذه الصفحة أكثر من خمسة آلاف وخمسمائة مؤيد.

وكانت السلطات السورية قررت إبعاد الأب باولو بذريعة أنه خرج عن نطاق مهمته الكنسية، على خلفية مواقفه المؤيدة للثورة السورية، من خلال نداء الميلاد الذي دعا فيه إلى المصالحة والاعتراف بالتعددية وبحرية الرأي والتعبير.

(المصدر: أخبار الشرق ووكالة (آكي) الإيطالية للأنباء)

=====================

بيان ضد إبعاد الأب باولو دالوليو عن سوريا

05/12/11 GMT 8:12 AM

بيروت - الرأي نيوز: وصلنا عبر الفايسبوك البيان الأتي موقع من مجموعة من المثقفين السوريين ضد ابعاد الأب الايطالي باولو دالوليو: تردد ان السلطات السورية، قررت ابعاد رجل الدين اليسوعي باولو دالوليو، الذي يعيش في سوريا منذ ثلاثين عاماً، قضاها كاقرب مايكون الى حياة مواطن سوري مجتهد حريص على شؤون بلده الثقافية والاجتماعية والروحية. وهو سلوك بدأ مع وصوله الى سوريا واستمر يلازمه لاحقاً.

 

ان الابرز في ملامح حياة الاب باولو، اعتكافه في دير مار موسى القريب من مدينة النبك في القلمون، وقد تحول من أنقاض... الى مركز روحي وثقافي واجتماعي كبير بفعل ادارة الاب باولو وبمشاركة مساعديه الذين بذلوا جهوداً استثنائية طوال عقود متلاحقة من السنوات.

 

وتعبيرات التحول في حياة دير مار موسى، لاتكمن في توسيع الدير وتطوير بنيته التحتية وخدماته بالاعتماد على المصادر الذاتية، فهذه هي الاسهل، والاهم منها حضوره في حياة سكان المنطقة من المسلمين والمسيحيين الذين يعرفون الاب باولو عن قرب، ويتعاملون معه كواحد منهم، يشاركهم في تفاصيل حياتهم، وفي تعزيز اوجه العلاقه بين المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية. وقد ادار في الدير لقاءات وعقد ندوات شملت الشأن الديني والعلاقات بين الاديان، وموضوعات معرفية في صلب الاهتمامات الانسانية المعاصرة، وبعضها في صلب اهتمام السوريين.

 

وكان من الطبيعي لرجل بهذه الحساسية الانسانية، ان يتحسس آلام السوريين في ضوء ماشهدته البلاد منذ اواسط آذار الماضي، فاتخذ منها موقفاً اساسه ضرورة معالجة الازمة بالاستناد الى

 

فكرة "الديمقراطية التوافقية"، التي يمكن العمل بها عبر مرحلة انتقالية على اساس الحوار البناء من اجل النجاة من منطق سفك الدماء، وبناء نظام ديمقراطي، يجد حلولا لاحتياجات المواطنين، ويحفظ كرامة الانسان مركزا على ضرورة بقاء المظاهرات سلمية، ورفض العنف والعقوبات الاقتصادية، ومعارضة التدخل العسكري الخارجي.

 

اننا كمواطنين سوريين من المثقفين والفعاليات السياسية والاجتماعية، نؤكد ان الاب باولو بما كرسه من حضور في حياة السوريين وفي انتمائه وخدماته للمكان، لايجوز ان يبعد عن بلد وشعب احبه وعمل من اجله الكثير، بل ينبغي ان يكرم الى اقصى حدود التكريم. نعم لا لابعاد الاب باولو الذي يستحق بالفعل لقب المواطن السوري عن جدارة.

 

فايز سارة كاتب وصحافي

حازم النهار كاتب وناشط

نارت عبد الكريم شاعر وصحفي

روزا ياسين حسن كاتبة وروائية

ميشيل كيلو كاتب

خولة دنيا كاتبة

نبيل مرزوق ناشط وباحث اقتصادي

مها حسن روائية سورية

مازن درويش ناشط واعلامي

ماجد رشيد العويد: قاص وروائي.

مروان العش - ناشط سياسي

محمد حجي درويش..ناشط سياسي وحقوقي

افروديت قاسم ممثلة

حسان عباس اكاديمي وكاتب

حسين العودات كاتب وصحافي

صبحي حديدي، كاتب

جبر الشوفي ناشط سياسي

غالية قباني.. كاتبة وصحافية

لمى هاشم مواطنة سورية

سعاد جروس كاتبة وصحفية سورية

فواز حداد روائي سوري

حياة ديب مواطنة سورية

جورج صبرا كاتب وسياسي

لمى قنوت-ناشطة

نادر جبلي ناشط سوري

راغدة العزيزي صحافية

طوني سعاده ناشط اجتماعي

غسان المفلح كاتب

هند عبود قبوات اكاديمية وناشطة

قاسم بلال ناشط سوري

سليمان يوسف. ناشط وباحث بقضايا الأقليات

بكر صدقي – كاتب

حسام سارة رسام كاريكاتور

رديف مصطفى ناشط حقوقي

=======================

ناشطون يطالبون بمنح رجل دين إيطالي المواطنة السورية

الإثنين 05 كانون الأول 2011, 08:02

كورداونلاين

دعا ناشطون سوريون إلى عدم إبعاد رجل الدين اليسوعي الأب باولو دالوليو وتكريمه إلى أقصى حدود التكريم، بل ومنحه المواطنة السورية

دعا ناشطون سوريون إلى عدم إبعاد رجل الدين اليسوعي الأب باولو دالوليو وتكريمه إلى أقصى حدود التكريم، بل ومنحه المواطنة السورية

واستنكر الناشطون في بيان تم تعميمه عبر الإنترنت ما تردد عن نيّة السلطات السورية إبعاد الأب دالوليو الذي يعيش في سورية منذ ثلاثين عاماً، وأشادوا بدوره في تحويله دير مار موسى القريب من مدينة النبك (80 كم) شمال دمشق والذي اعتكف به منذ عقود من أنقاض إلى "مركز روحي وثقافي واجتماعي كبير"، وبحرصه على شؤون سورية الثقافية والاجتماعية والروحية طوال هذه المدة

وأوضح البيان الذي وقّعه العديد من ناشطي المجتمع المدني والمثقفين والفعاليات السياسية والاجتماعية في سورية أن تعبيرات التحول في حياة دير مار موسى "لا تكمن في توسيع الدير وتطوير بنيته التحتية وخدماته بالاعتماد على المصادر الذاتية، والأهم منها حضوره في حياة سكان المنطقة من المسلمين والمسيحيين الذين يعرفونه ويتعاملون معه كواحد منهم، وفي تعزيز أوجه العلاقة بين المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية"

وأعربوا عن قناعتهم بأن الأب باولو اتخذ موقفاً أساسه "ضرورة معالجة الأزمة بالاستناد إلى فكرة الديمقراطية التوافقية، التي يمكن العمل بها عبر مرحلة انتقالية على أساس الحوار البناء من أجل النجاة من منطق سفك الدماء وبناء نظام ديمقراطي". وشددوا على ضرورة عدم إبعاد الأب باولو عن سورية، بل وطالبوا بتكريمه "إلى أقصى حدود التكريم"، وأكّدوا على أنه "يستحق لقب المواطن السوري عن جدارة"

إلى ذلك أنشأ مجموعة من الناشطين السوريين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) بعنوان (لا لطرد الأب باولو من سورية)، شددوا فيها على أن ضرورة عدم طرده ووصفوه بأنه "إنسان رائع"، وأنه لم يميّز يوماً في تعامله مع الناس على أساس الدين، وسجّل في هذه الصفحة أكثر من خمسة آلاف وخمسمائة مؤيد

وكانت السلطات السورية قررت إبعاد الأب باولو بذريعة أنه خرج عن نطاق مهمته الكنسية، على خلفية مواقفه المؤيدة للثورة السورية، من خلال نداء الميلاد الذي دعا فيه إلى المصالحة والاعتراف بالتعددية وبحرية الرأي والتعبير

(آكي)

=====================

هجرة المثقفين السوريين والخوف من الحرب الأهلية

هناك من صمت وهناك من يشارك في التضليل:

2011-12-05

القدس العربي 

دمشق 'القدس العربي' ـ من أنور بدر: ذات يوم ما أعددّت للفضائية السورية مجموعة أفلام قصيرة بعنوان 'أصواتهن' عن مجموعة متميزة من الأصوات الشابة في سوريا واللّواتي امتلكن موهبة الصوت الجميل إن صح التعبير، وأتيحت لهن فرص تدريب وتثقيف أوصلتهن إلى دراسة فن الغناء الشرقي أو الأوبرالي الغربي، لكن مؤسسات الثقافة والإعلام التي أهدرت كل طاقات الإبداع في مجتمعنا لم تكتشف لهنّ دورا بعد في فضائها الفني، باستثناء بعض الاحتفالات التي تأخذ طابعا استعراضيا تتباهى فيها تلك المؤسسات بأنها تمتلك دارا للأوبرا في سوريا، وبأنها تستطيع تقديم تلك الأصوات ضمن حفلات جماعية أو فردية.

ومن بين تلك الأصوات المتميزة حقيقة كانت لينا شماميان التي التقيتها لاحقا في أكثر من حفل، واكتشفت كم تعمل بجد على تطوير الموسيقا والأغنية العربية بالتعاون مع الموسيقار وعازف الساكسفون باسل رجوب الذي لحن لها ألبومها الغنائي الأول 'ها الأسمر اللون' عام 2005 وتابعت معه في 'شامات' عام 2007 إلى جانب العزف في كل حفلاتها الفنية، لكن تجربة لينا الفنية بدأت في سن مبكرة حيث أحيت أول حفل غنائي في الخامسة من عمرها، وظلت وفية لهذه الموهبة حتى بعد تخرجها من كلية الاقتصاد عام 2002 إذ قررت الانتساب للمعهد العالي للموسيقا، حيث درست الغناء الكلاسيكي لكنها اهتمت أيضاً بألوان موسيقية مختلفة مثل الجاز والموسيقا الأرمنية وصولاً إلى الموسيقا الشرقية محاولةً تقديم مشروع ثقافي فني ينطلق من استعادة التراث الغنائي السوري وبعض الكلاسيكيات الشرقية بإيقاعات وتوليفات موسيقية معاصرة، تقول شماميان عن هذه التجربة: 'حاولت إعادة الحياة لبعض الأغاني التراثية قبل أن يطويها الزمن، كونها تحمل تذكارات جيل كامل من السوريين وتعبر عن طريقة حياتهم'.

حصلت شماميان على الجائزة الثانية في مهرجان الدول الفرانكفونية، ونالت منحة المورد الثقافي في مصر لإنتاج ألبومها الأول، وعلى جائزة الشرق الأوسط من إذاعة 'مونت كارلو' مع الموسيقار باسل رجوب عام 2006.

شماميان هي سورية من أصل أرمني، وقد اكتشفت في تجربتي الإعلامية مع هذه الأصوات وجود ذلك الاندماج الثقافي العميق بين الأرمن في سوريا وبين ثقافة المنطقة وفنونها، ولعل أهم مطربة سورية من أصول أرمنية فقدناها كانت ربا الجمال، وأول خريجة غناء أوبرالي في سوريا كانت مدام 'أراكس' التي لم تأخذ أي فرصة حتى للتدريس ضمن المعهد العالي للموسيقا بالرغم من كونها أهم من ساهم بصناعة وتدريب أصوات الكثير من خريجات المعهد آنف الذكر، ويجدر بنا ذكر الصوت الذي هاجر إلى الغرب بقصد الدراسة واستقرت بين نجوم الغناء الأوبرالي هناك وأقصد 'تالارا دمركجيان' التي يكاد لا يعرفها حتى العاملون بالوسط الفني في بلادنا، لكنني استعرض هذه الكوكبة من الأصوات الرائعة في مجالات الغناء الكلاسيكي والشرقي أيضا الآن، لأعود إلى لينا شماميان التي ودعتنا جميعا على صفحتها في الفيس بوك عندما قررت الرحيل، وهي لم ترحل لأنها تفتقد فرصة عمل، بل لأنها قررت استمرار الانتماء إلى سوريتها المغدورة، إلى مجتمع التآخي المسيحي الإسلامي، إلى أحلام الدولة المدنية والثقافة التي لا تفرق بين أفراد المجتمع، فكتبت إلى الأب 'الياس زحلاوي' الذي شكل في مرحلة ما منارة ثقافية، فاحتضن في مسرح كنيسته تجارب فنية مبكرة لشباب اليسار السوري وأمسيات أدبية للشاعر 'فرج بيرقدار' أو القاص الراحل 'جميل حتمل' وغيرهم ممنلم تستطع المراكز الثقافية الرسمية أن تحتضنها في ذلك الوقت، كما صدحت في كنيسته بأجمل الأناشيد الصوفية والمدائح النبوية إلى جانب التراتيل الكنسية، كتبت شماميان إليه معاتبة ذلك النكوص الخائف من الآخر بصفته الشعب، نكوص إلى الصمت وأحيانا أكثر من ذلك في رسالته إلى وزير خارجية فرنسا 'ألان جوبيه'. كتبت بلغة بسيطة تقول:

'الأب زحلاوي ô

منذُ بدأتَ مشروع (التآخي) المسيحي الإسلامي مع الشيخ المرحوم حمزة شكور على المسارح .. ولم تفعلوا شيئاً لتغيير الوضع المجحف في حال الزواج المختلط الذي ترفضه كما كل رجال الدين والمتدينين في سوريا، بل وتلتفون حوله، وهو واقع قائم شاء الجميع أم أبى- والتآخي لم يكن يوماً عرضاً مسرحيّاً ô بل هو حياة اليوم السوري

أنت من علّمني أن أقول الحق الذي أؤمن به حتى وإن رذلني كل أخوتي من بني الأرض (الصوفانية كانت إيمانك وحدك واستمريت عليه رغم اتهامهم لك بالكثير، واليوم آمن بها الكثير)ô

أي حقّ في السياسة يا أبتِ ؟

أنا ضد العنف ô كل عنف .. والعنف لا يأتي يوماً من طرف واحد

نحنُ نتوسّد الدفء ليلاً ô ولنا (أخوة) تتوسد الألم والبرد في حمص أولاً وغيرها الكثير ô وهذا الألم ليس عرضاً مسرحياً

منذ بدأت تخوض غمار العمل السياسي الذي لا يقرب العمل الحق مهما كان صادقاً: ما عدت تمثلني.

لم يعد صوتك يذكّرني بصوت الله على الأرض لأنه لم يكن عادلاً ô.. بعد أن كانت جوقة الفرح مشروعك الأول أول من ذكّرني بصوت الله فيّ. خجل أصواتكم أوصلنا اليوم لكل هذا الألم ô وليغضب مني من يشاء ô فكلنا نعلم بداخلنا أننا لو كنّا مكانهم كنا احتجنا محبة رجال الدين لا تجنّبهم .. وغضب سوريا وألمها منا اليوم أكبر منا جميعاً.

الأب زحلاوي ô رجال الدين، بكل محبة / بكل حزن: سأرحل.

وأضيف: تمنيت لو أنك وجهت رسالتك إلى أمهات الشهداء أو المخطوفين أو المعتقلين أو الغاضبين أو الخائفين أو المحزونين السوريين ô بدل وزير الخارجية الفرنسي (أو إضافة إليها مثلا)'.

واعتذر أني أخذت ما كتبته شماميان على صفحتها الفيسبوكية كاملاً، لأنني وجدته شهادة ضرورية في هذا الزمن الذي تراجع فيه الكثير من المثقفين والمتنورين إلى مساحة الخوف فسكنوا التضليل وضللوا الآخرين، مثال الكاتب والسيناريست الدرامي 'فؤاد حميرة' الذي كتب يعترف 'رغم يقيني أنَّ النظام لم يقدِّم إلى الآن الإصلاحات المطلوبة والمرجوَّة، ورغم يقيني أنه لن يفعل ذلك مستقبلاً، فقد قدَّم عبر جملة ما سمَّاه 'إصلاحات' كلَّ ما يستطيع تقديمه الآن وغداً، إلا أني في الوقت ذاته أعترف، وأنا بكامل قواي العقلية، بأنَّ تهديدات وزيرة الخارجية الأمريكية بحرب أهلية في سورية، تجعلني أقتنع بما قدَّمه النظام، ولو مؤقتاً، فإذا خُيِّرت بين ôحرب أهلية تحرق الأخضر واليابس، وجملة إصلاحات غير كافية وغير مقنعة، فلا شكَّ في أنَّ خياري سينحاز إلى الإصلاحات، خاصة أنَّ الشعب كسر حاجز الخوف وبات يعرف قيمة نزوله إلى الشارع وقدرته على تحصيل مزيد من الإصلاحات ومزيد من الحريات والمطالب'.

وأعتقد أن كثيرين يشاطرون 'حميرة' وسواه مخاوفهم، لكنهم يتحدثون عن 'الإصلاحات غير الكافية' ولا يتحدثون عن الدم المراق في مساحة الوطن، ويختارون تلك الإصلاحات على خيار الحرب الأهلية دون أن يقولوا لنا من الذي يجرّ سوريا إلى هذا الخيار المرفوض أصلاً من الجميع، وأعتقد أن 'فؤاد حميرة ومن خلال وجوده في الوسط الدرامي يعرف أكثر من غيره كيف يجري تقسيم البلاد وتقسيم المكونات الواحدة، وربما كانت البداية بتقسيم الفنانين والمثقفين إلى موالاة ومعارضة، وهو يدرك أكثر من غيره مأساة هجرة هؤلاء الفنانين والمثقفين أو تهجيرهم خارج وطنهم، لماذا فرت زميلتك الرائعة 'ريما فليحان' إلى الأردن وهي ليست من العصابات السلفية كما تدري؟ ولماذا هربت الفنانة 'مي سكاف' أو الفنان 'فارس الحلو'والعشرات من زملائهما خارج سوريا؟ لماذا هربت الكاتبة الروائية 'سمر يزبك' وغيرها؟ لماذا يهاجم بيت الروائي السوري 'نبيل سليمان' في قريته 'البودي'؟ ويحرق بيت آل 'الملحم' في قريتهم 'بوحكفا'؟ وكلهم كما تعلم ليسوا سلفيين ولا مسلحين يا عزيزي!

نعم هناك خوف من 'حرب أهلية' كما كتب الأستاذ 'عبد الباري عطوان' في صحيفة 'القدس العربي' لكنه لم يكتف بذلك بل قال: 'حرب أهلية يجب منعها'، ولا يكون ذلك بالاستسلام للحل الأمني وسباق الدم المسفوك في كل الاتجاهات، بل بالمزيد من التلاحم بين مكونات الشعب السوري وتلويناته الغنية، يكون برفض التسلط والاستبداد وما نتج عنه، يكون بالوقوف مع 'بيان الحليب لأطفال درعا' ومع 'بيان المثقفين'، يكون بالوقوف مع ظهور الممثلة وخريجة المعهد العالي للفنون المسرحية 'فدوى سليمان' وخروج حارس منتخب الكرامة عبد الباسط ساروت في حمص، بذلك فقط نحمي سوريا من خيار الحرب الأهلية، والتي لن تكون أكثر من 'زوبعة في فنجان' كما كتب الناقد 'صبحي حديدي'.

لكنني أعود ثانية إلى المغنية لينا شماميان لأقول لها أن الحياة تتسع لكل النقائض دوما، وأرجو أن ننظر إلى صورة الأب زحلاوي الرمادية مقابل صورة الأب 'باولو دالوليو' اليسوعي الذي صدر بحقه قرار أمني بالإبعاد عن دير مار موسى الحبشي الذي قام بشكل شخصي بترميمه عبر السنين الثلاثين الأخيرة، ليكون مقر رهبانية نسكية سكنته منذ عام 1991، وجعل منه منارة للثقافة والمحبة وفكرة التعايش المشترك حيث ملتقى حوار الأديان التي تجتمع في بنوتها لإبراهيم الخليل. ولنقرأ ياعزيزتي ما كتبه الأستاذ 'ميشيل كيلو' في موقعه الإلكتروني 'المسيحيون في سوريا هم جزء من الشعب السوري وجزء من نسيجه وليسوا طائفة... نحن لسنا طائفة ولا يجوز أن نتصرف كطائفة'.

=================

ماذا تضمن نداء الميلاد حتى قامت السلطات السورية بإقصاء الأب باولو دالوليو؟

Thu 01 Dec 2011 - 6:07:00 PM

mtv

لم يعجبهم نداء الميلاد لهذا العام، ربما لان المحبة ليست من شيمهم ولأن الحرية والتعددية التي يطالب بها الشعب باتت خطية مميتة، والدليل على ذلك ما أعلنته أخيرا لجنة الامم المتحدة أن عدد القتلى في سوريا وصل إلى الأربعة آلاف بما يشبه الحرب الاهلية.

لم يرقهم النداء، هم الذين تعودوا أن يتخلصوا من كل من يزعجهم، غير أن الجدير بالذكر هو أنهم لم يستعملوا معه القتل وسيلة، إنما جعلوا له قيمة وقرروا إبعاده.

أقصي الأب الإيطالي باولو دالوليو بقرار من السلطات السورية بذريعة أنه خرج عن نطاق مهمته الكنسية، وهو المقيم منذ ثلاثين عاما في دير مار موسى الحبشي القريب من مدينة النبك في ريف دمشق بعدما قام بترميمه كاملا بنفسه ابتداء من عام 1984 لينتهي منه قبل سنتين فقط.

غلطته أنه ضمّن نداء السلام لهذا العام دعوة للمصالحة التي تطبق وقف شروط أولها الاعتراف بالتعددية وبحريّة الرأي، ثم حريّة التعبير، ثمّ حريّة النشر مع احترام الآراء الأخرى وتقديرها والحفاظ على سلامة كلّ المواطنين وكرامتهم.

وفي ما يلي نداء الميلاد 2011 للاب باولو:

"ما نأمل أن يوجهه الرعاة السوريون إلى رعاياهم المسيحيين

وإلى كلّ السوريين ذوي الإرادة الطيبة والرجاء الصالح

أيها الأحبّاء سلام ومحبة وتضامن ومصالحة من الفادي وبعد،

قد رأينا من المناسب أن نراسلكم بخصوص خدمة المصالحة التي نعتبرها من واجبنا المقدّس ومن صلب موهبتنا. نعتقد أنّه لا يحقّ لنا في سبيل معالجة الوضع المأساوي الراهن أن نتبنّى أي مشروع غير إنجيلي أو أن نخالف، ولأي سبب كان، أخلاقَ مسيحنا ومواقف أمّه الطاهرة وسنن الرسل والتلاميذ في الكنيسة الأولى.

لن يحمينا من شرّ هذا الدهر سوى الطاعةُ لمعلّمنا يسوع، وديع الناصرة والمتواضع المصلوب، المسيح القائم من بين الأموات.

تعود هذه السنة أيضًا ذكرى طفل المغارة الذي وُلِد في مذودٍ حقير في ظرف فقر أهله، تشرّد أمّه وحيرة وليّ أمره. إنّ هذا المشهد لا يعجبنا، كما أن مشهد المصلوب لا يشرّفنا... ولكن ما عاناه مسيحُ الناصرة وأهله من الشدائد والاضطهادات يُضيء لنا الطريقَ الصحيحة في الظروف الحاليّة.

إنّ بلدنا في حالة خطرة جدًا وقد اصطفّ البعض منّا مع طرف والبعض الآخر مع أطراف أخرى. فعلينا أن نتساءل: أين واجب الجماعة التي تطيع الإنجيل؟ ألم تزل وظيفتها تكمن في خدمة الوئام والمصالحة في الحاضر كما كانت في الماضي؟

كثيرون هم الذين يتكهنون بانتهاء قريب للأحداث الكارثية الجارية بتوفيق وانتصار هذا الصف أو ذاك ... بينما يتنبّأ الآخرون بالمزيد من التصاعد في العنف وبالوصول إلى تقسيم البلد بشكل دائم مع دفع مئات الآلاف من الضحايا البشرية، وفقدان الوحدة والاستقلال، وضياع دور الأمة وشرف الوطن إلى أجل غير مسمّى.

وهنا الأمر الأول الذي لا بدّ لنا أن نصرّح به: مهما حدث في بلدنا وبأي طريقة سيحدث وبأي نتيجة سيأتي بها، نحن تلاميذ يسوع، نبقى متضامنين مع كلّ سوريّ بغضّ النظر عن انتمائه السياسي أوالديني أوالعشائري أواللغوي. يبقى كلٌّ منّا متضامنًا مع جاره ولا يختار بين جارٍ وجار إلا دعمًا للإنصاف ودفاعاً عن الضعيف. فلنستعدّ، عند الشدّة، لتقدمة المأوى لجارنا كائنًا من كان، ولنعرف أنّه عند الخطر لايأوينا إلّا جارُنا الذي تشاطَرْنا معه منذ الطفولة خبزَ الأفراح والأحزان.

في الوقت الحالي ليس علينا أن نلصق الاتهامات بهذا أو ذاك أو أن نحكم على أصناف المواطنين المتنازعين.

علينا أن نقول للجميع إننا نرغب بخدمة المصالحة وأن نبرهن رغبتنا هذه بالأفعال. فعلى كلِّ حال وفي نهاية المطاف لا بدّ من المصالحة. الكلّ يعلم أنّه، أرابحًا كان أم خاسرًا، يأتي يومٌ عليه فيه أن يتفق مع خصمه أو أن يهاجر.

لا نعلم الشكلَ الذي سيأخذه بلدنا بعد هذه الأيّام الأليمة للجميع والمليئة بالرجاء والحزن معًا، بالحماس والتشاؤم، بالشجاعة والخوف، بالتضحية والجرم. لا ندري،

هل سيحافظ الوطنُ على وحدته وبأي شكل؟ هل سيتمتّع المواطنون بالمزيد من الحريّة أو يفقدونها؟

هل سيحصل شعبُنا على ديمقراطية تعددية ومدنية وتوافقية تحترم الجميع على تباين صفاتهم وهوّيّاتهم، أو يحصل عكس ذلك على "تغلّبيّة" يُظلَم فيها المواطنُ باسم أكثرية متحجّرة؟

نشعر في هذه الأزمة أن دورنا هو دور الحوار والتواصل وبناء الجسور وخدمة المصالحة.

هل يا تُرى ينبع اختيارُنا "اللاعنف" من خوفنا وضعفنا أم من فضيلة وقرار؟ يجوز الوجهان، ولكنّ الخوف تحكّم بنا طويلًا منذ الماضي وإلى الآن مما جعل البعضَ منّا يستمرّون في أخذ مواقف موالية لقمع الحريّات ورفض التغيير والالتجاء إلى الأمس والتمسّك به. هل هذا هو طريق الخلاص والحق؟

وهل يمشي على طريق الرجاء والحريّة ذاك الذي اختار أن يمارس الاغتيالات "على الهوية" والخطف وغير ذلك من الممارسات المشينة؟ وهل يا تُرى يتصرّف هو أيضًا بدافع من الخوف والضعف؟ وأخيرًا هل تبرر الغَيرة الدينية أو المذهبية التقليل من كرامة وإنسانية الآخرين مع التكفير والتهميش؟

مع كلّ ذلك نبقى على قناعتنا أنّ المصالحة تتم بين الأعداء لا الأصدقاء! وتنجح بتحقيق وفاق يأخذ بعين الاعتبار جديًّا ما يُطالب به كلّ من الأطراف بطريقة معقولة، وهنا نحاول أن نقدّم خدمتنا المسيحية المتواضعة لا كطرف بل كوسيط.

والأمرُ الثاني: إنّما دورنا خدمة المصالحة، ولكنّ للمصالحة عددًا من الشروط الأساسية التي إن غابت أصبح اسمها خضوعًا واستسلامًا. أهمّ هذه الشروط هو الاعتراف بالتعددية وبحريّة الرأي، ثمحريّة التعبير عنه، ثمّ حريّة النشر مع احترام الآراء الأخرى وتقديرها والحفاظ على سلامة كلّ المواطنين وكرامتهم.

فلنأخذ بعين الاعتبار أنّ سوريا ليست جزيرةً منعزلةً فهي على علاقة مع كلّ الناس في الاتجاهات الأربعة ... فالانغلاقُ قاتل وخانِق. إذًا لماذا لا توفر سوريا مجالًا للتصالح بين الأطراف المتنافسة والمتنازعة في منطقة الشرق الأوسط بدلًا من أن تقدّم لها ميدانًا لمعاركها على حساب شعبنا؟ إننا ندري كم عانى شعبنا في سبيل وفائه حفاظًا على قضايا الأمّة المشروعة ... ولكن هل يا ترى يفيد الأمّة أن نقتل ونخوّن بعضنا البعض؟

نضطر أن نستمع في هذه الأيام إلى خطابات يفرزها التطرّف وينقصها الاتّزان، مع أننا لا نجد في الكتب السماويّة، لا في عهدَي الكتاب المقدّس ولا في القرآن الكريم، وأيضًا لا نجد في مؤلّفات حكماء الماضي والحاضر ما يؤيّد الانقسام بين الناس والانزواء وعدم الإصغاء لآراء من خلقهم الله وإيّانا سكانًا لأرض واحدة لا تحتمل التشرذم ... هناك ما اسمه تفاوضٌ واتّفاق ودستور واعتراف بالخصوصيات المحليّة ... وللعقلاء حلول كثيرة أمّا أهل الغفلة فلا شيء يرضيهم ويذهبون إلى الهلاك ويجرّون إليه غيرهم وحتّى البلد برمّته ولا شيء بوسعه أن يوقفهم.

طبعًا، هناك تآمر، بل تآمرات، ولا يَكمُن خلاصُنا في انخراطنا في منطق التآمرات بل في البحث عن التعاون مع كلّ إنسان حرّ ذي إرادة طيبة في المنطقة كما في العالم. يستحيل هذا دون الترحيب الحقيقي الصادق بوسائل الإعلام العربية والأجنبية على تنوّعها، لأن الحقيقة تظهر عبر تعددية الصحافة واستقلالها. وأيضًا نتجرأ أن نقترح الاستعانة بمؤسسات إنسانية مستقلة كالصليب/الهلال الأحمر لمساعدتنا، نحن أهل سوريا، في سبيل إيقاف النزاعات المسلّحة وحماية المدنيين العُزّل.

 

أحباءنا المسيحيين، يأتي الأمر الثالث وينبع من قناعة وتعليم بطاركة الشرق ومن توصيات مجمع الأساقفة برئاسة بابا روما لأجل الشرق الأوسط (2010) وهو أنّ وجودنا مع المسلمين في الوئام والتقدير وضعٌ يريده لنا الله المحب للبشر، وهو وجود تاريخي ومصيري. هذه بلدنا ولا شك منذ قديم الزمان، منذ ألفي سنة على الأقل، وهي أيضًا وبالتأكيد البلد المشترك بيننا وبين المسلمين منذ أربعة عشر قرنًا.

حان وقت التحرّر من مخاوفنا وأفكارنا المسبقة تجاه مشاركة المسلمين في الحِراك السياسي. لا ريبَ أنّ هناك أسباب قلقٍ بسبب التطرّف والعنف لدى البعض، كما لا يمكن لآخرين تصوّر نظامٍ سياسي يقرّر عن أكثرية المواطنين معتبرًا إيّاهم غير ناضجين وغير عارفين بخير البلد، فلنبحث عن الحلّ في التفاوض لا في التهميش.

للأسف اختار فيما مضى عدد كبير من الإخوة والأخوات من رعايانا الهجرة عن البلد وتزداد هذه الظاهرة اليوم. الأسباب مفهومة وفي كثير من الأحيان معقولة إلّا أنّ طفل المغارة يدعونا إلى بذل جهد جديد لخدمة السلام والوئام في سوريا. هو الذي يرسل إلى قلوبنا رجاءً جديدًا وتعزية غير موصوفة ترمّم قلوبنا الجريحة وتجعلنا أكثر التزامًا في السعي نحو المصالحة في كلّ حال وعلى كلّ حال.

بمناسبة ميلاد هذا الطفل العجيب ملك السلام ترغب قلوبنا أن تعبّر عن التضامن والمشاركة في حزن كل عائلة فقدت عزيزًا في هذه الأحداث المأساوية وكذلك نطلب التعزية لأهالي المعتقلين والمفقودين والجرحى والمقاتلين، وندعو لكلّ جائع وبردان ولكلّ معرّض للخطر والانتقام ... ونطلب النور لكلّ مسؤول في كلّ طرف وانتماء لكي يختار بصدق طريق المصالحة. فليس من عدلٍ وإنصاف دون مسامحة وغفران.

حمانا وهدانا وشفانا الرحمن، وقصّر محنتنا، وكلّ عامٍ وأنتم بخير وسوريا بخير"

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ