مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأحد 24 / 03 / 2002م

التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرقصحيفية الشرق العربي  |

.....

   
 

دراســات

السلام تحت مظلة السلاح النووي الصهيوني

   لن يستطيع أي حاكم عربي أن يصارح شعبه بأنه يعيش تحت مظلة السلاح النووي اليهودي، وإن بقاءه إنسانا ووطنا حرثا ونسلا مرهون بكرم الأخلاق الصهيوني، والحس الإنساني اليهودي، الذي يدفع اليهود إلى التحلي بمكارم الأخلاق، وترك هؤلاء الأناسي، الذين يحيطون بجوهر الوجود الإنساني المتمثل بالإنسان اليهودي، يعيشون . الزعماء العرب المتفوقون دائما والمبدعون دائما، لا يحبون أن يذكرهم أحد بهذه الحقائق حتى وهم يؤكدون كل يوم أن السلام خيارهم الاستراتيجي..

السياسية النووية الصهيونية :

   لاشك أن القوة العسكرية الصهيونية أصبحت مؤهلة لمواجهة أي دولة تحاول تهديد الأمن الصهيوني حيث ارتفعت قدرات و إمكانيات تل أبيب النووية في فترة وجيزة فمنذ عام 1969 حتى عام 1973 كانت إسرائيل تمتلك عددا محدودا من القنابل النووية ثم ارتفعت إمكانياتها عام 1996 إلى أكثر من 200 قنبلة و رأسا نووية ما بين 30 - 40 قنبلة نووية استراتيجية ونحو 140 قنبلة نووية تكتيكية وصغيرة ، وترفض التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ، من جانب آخر تعمل إسرائيل وفق استراتيجية تقوم على منع أي دولة عربية من امتلاك سلاح نووي حتى لو أدى ذلك إلى استخدام القوة

   ويتصل بما سبق نظرية الأمن الإسرائيلية التي ترتكز على ضمان توفير القدرات الشاملة لما تراه ضروريا لتأمين كيان الدولة وحماية مصالحها الحيوية ، وبصفة خاصة من خلال القدرات العسكرية المتقدمة ، لذا سعت إسرائيل لامتلاك منظومة كاملة من أسلحة الدمار الشامل بمختلف أنواعها ، فضلا عن وسائل حملها وإطلاقها بمستوياتها التكتيكية و الاستراتيجية المختلفة ، ومن هنا سعت الولايات المتحدة لضمان التفوق الكمي و النوعي لإسرائيل ، لدرجة أنه اصبح جزءا من السياسة الخارجية الأمريكية بدءا من إدارة الرئيس كبندي وحتى اليوم

أسس السياسة النووية الصهيونية :

   بدأت الأوساط الأمنية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة بمناقشة للاستراتيجية النووية للدولة العبرية ،و التي تم وضعها مع بداية الثمانينات وتستمر حتى عام 2010 ، مما يحتم على صانع القرار العربي معرفة أسس و ماهية هذه السياسة ، حيث تقوم هذه السياسة على الأسس التالية:

أولا - تحقيق جوهر سياسة الأمن الإسرائيلية: في الاعتماد على الحدود الآمنة، و التفوق التكنولوجي والنوعي في التسليح، والارتباط بحليف قوي، وممارسة إحدى استراتيجيات الردع ضد مصادر التهديد وهي سوريا والعراق ومصر وإيران و ليبيا حتى عام 2010 . وقد كان الحليف النووي حتى منتصف الستينيات هو الولايات المتحدة، ثم انضمت أليهما فرنسا و أبرمت مع إسرائيل اتفاق عام 1994 حول التعاون الثنائي في مجال الأبحاث النووية و تطوير الصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية .

ثانيا - السبق في امتلاك القدرة النووية العسكرية في منطقة الشرق الأوسط و الحرص على احتكار السلاح النووي في المنطقة، ومنع أية دولة عربية من تنفيذ برنامج نووي عسكري، سواء بالعمل العسكري المباشر مثل ضربة عام 1981 لمفاعل تموز -1 العراقي أو بتوظيف الضغوط الأمريكية على الدول العربية لإحباط برامجها النووية ومنع تطويرها.

ثالثا - رفض الاكتفاء بالضمانات الأمنية سواء كانت مظلة نووية كالمظلة النووية الأمريكية فوق اليابان أو بعض دول جنوب شرق آسيا ، أو بتعهدات متبادلة مع دول التهديد المحتمل لإسرائيل بعدم البدء باستخدام الأسلحة النووية في الصراعات الإقليمية المسلحة المحتملة

رابعا - رفض الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية المبرمة في أول يوليو 1968 والتي تقرر المد اللانهائي لها عام 1995 ، وكذا رفض الانضمام إلى أية اتفاقية لإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط قبل إبرام تسويات سياسية نهائية مع الفلسطينيين و السوريين

خامسا - اعتبار أن أمن إسرائيل يأتي من قبل الأمن المتبادل مع دول الجوار شاملة دول الطوق و دول العمق العربية ، ومن ثم تسعى إسرائيل كنمط سلوكي لتطوير تسليحها النووي ، وترفض (أسوة بالولايات المتحدة) وضع قيود على استخدام الأسلحة النووية التكتيكية محدودة العيار ضد القوات العربية التي (يفترض) أن تبدأ الهجوم على إسرائيل ، وبخاصة إذا اقتربت القوات العربية من الحدود الآمنة لإسرائيل.

سادسا - ربط الإعلان عن قدرة إسرائيل النووية بتحولها من سياسة الردع بالشك، إلى سياسة الردع العلني، وهو ما تحقق في نوفمبر 1990 في خطاب الرئيس الإسرائيلي حاييم هيرتزوغ إلى دافيد شيسل عضو مجلس العموم البريطاني الذي أكد على أن إسرائيل تملك السلاح النووي ، ولكن اعترافها بالقدرة النووية العسكرية لا يبرر أي مناقشة للقيود على الأسلحة الكيميائية بحوزة بعض الدول العربية أو سعي بعض دول عربية أخرى لامتلاك وسائل متنوعة للردع فوق التقليدي .

سابعا - الاحتفاظ بالقدرة النووية العسكرية و تطويرها حتى عام 2005 كحد أدنى ، وعدم التوقف عن إنتاج أسلحة نووية جديدة ، وتطوير دورة الوقود النووية ما لم تقبل الدول العربية نزع أسلحتها الكيميائية و البيولوجية وربط هذا التوقف باستقرار التسوية السلمية للصراعات الإسرائيلية مع الدول العربية.

ثامنا - حرمان العرب من تحقيق التوازن الاستراتيجي العسكري مع إسرائيل و استغلال المتغيرات الإقليمية في المنطقة العربية لتطوير البرامج النووية الصاروخية الإسرائيلية ودعم الدفاع عن المنشآت النووية بالصواريخ الاعتراضية ، وتطوير اختيار الأهداف المعادية وتتبعها بواسطة الأقمار الصناعية الإسرائيلية و الأمريكية

تاسعا - الاستخدام المرحلي لسياسة سلام الردع أو السلام النووي لفرض التسوية السياسية على سوريا و السلطة الفلسطينية و لمنع دول الجوار و العمق العربية من التدخل في فلسطين إذا تدهور الموقف بإعلان قيام الدولة الفلسطينية.

عاشرا - إمكانية القيام بتفجير نووي تجريبي عندما تبدأ جولة صراع مسلح بالأسلحة التقليدية كإنذار استراتيجي بالاستعداد لاستخدام السلاح النووي إذا كان سير العمليات الحربية في غير صالح إسرائيل.

أسس استراتيجية الردع النووي الإسرائيلي :

   تعتمد استراتيجية الردع النووي الإسرائيلي على الأسس التالية :

   استعداد إسرائيل للخيار النووي مع بدء فترة التوتر المسلح السابقة لقيام حرب مع تبني مدرسة النهاية الصغرى في استخدام الأسلحة النووية ذات الأعيرة الصغيرة لتحقيق الردع النووي المحدود للخصم ، وبما يخدم سرعة وقف القتال وبدء المفاوضات السياسية في ظروف مواتية لإسرائيل

   قبول توجيه ضربة نووية مسبقة في حالة اتخاذ الدفاع الاستراتيجي وتوقع الهجوم العربي من أكثر من اتجاه ، حيث توجه الضربة عندئذ بأسلحة مسرح العمليات وبأعيرة حتى 5 كيلو طن بالطيران و الصواريخ ضد أخطر تشكيلات التجمع الاستراتيجي للقوات المسلحة في أخطر الاتجاهات الاستراتيجية مع الاستعداد لاستغلال نجاح الضربة و التحول للهجوم ، وذلك عند عدم جدوى الوسائل و القوى التقليدية في درء التهديد و إحباط المخاطر على أمن إسرائيل

اللجوء إلى الضربات النووية المضادة ضد أهداف مدنية كبرى إذا تم تهديد الكيان الإسرائيلي داخل حدود فلسطين المحتلة،وذلك دفاعا عن بقاء إسرائيل ومنع ضرب العمق الإسرائيلي بالطيران و الصواريخ أو تعرضه للاختراق ، وبخاصة في الاتجاه الشمالي لإسرائيل ، ومن ثم يمكن لإسرائيل اكتساب المبادأة و التحول للهجوم على الجبهة التي وجهت أليها الضربات النووية.

   إمكان اللجوء إلى الضربات النووية أو التقليدية الوقائية ضد المنشآت النووية العربية و الإسلامية لمنع الدول العربية و إيران من امتلاك قدرة نووية تكتيكية ، وهو الأمر الذي يوضح جدية التهديد الإسرائيلي لإيران قبل عام 2002 الذي يرجح أن تصل فيه إيران إلى العتبة النووية. = استخدام الرادع النووي في مواجهة العجز العربي عن توجيه تهديدات جدية مؤثرة على أمن إسرائيل ، وبالاستناد إلى الرادع النووي يمكن لإسرائيل القيام بتوجيه ضربات تقليدية محددة ضد القوات السورية في سهل البقاع أو ضد جنوب لبنان و البنية الأساسية في لبنان ، مع الاطمئنان إلى تجربة حرب الخليج الثانية التي منع الرادع النووي الأمريكي فيها العراق من استخدام الأسلحة الكيميائية ضد القوات الأمريكية التي اخترقت الأراضي العراقية.

   تحقيق نقلة في المجال النووي بإقامة محطات القوى النووية ، بالإمكانيات الذاتية لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر و إنتاج نظير البلوتونيوم 239 وباستخدام مفاعلات الديوتيريوم ISDU في السهل الساحلي الإسرائيلي كأسبقية أولى ثم في النقب كأسبقية ثانية.

   يتضح مما سبق مدى التهديد الخطير الذي تشكله السياسة النووية الإسرائيلية للعرب ، الأمر الذي يستلزم معه ضرورة الاستعداد لهذا الخطر من خلال تطوير الترسانة العسكرية التي تتملكها دول المنطقة ، وتحديث الجيوش و استبدال معدات الأسلحة القديمة بأخرى جديدة يكون ذلك سواء بالاعتماد على الذات أو عن طريق إبرام معاهدات و اتفاقيات للتعاون العسكري بين دول المنطقة، كل ذلك من أجل مواجهة الخطر النووي الإسرائيلي الداهم.

السابق

for

S&CS

للأعلى

2002 © جميع الحقوق محفوظة     

   

التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرقصحيفية الشرق العربي  |