مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الخميس 20 / 06 / 2002م

التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرقصحيفية الشرق العربي  |

.....

   
 

قراءات

قسم الترجمة ـ قراءات

الأقليات الشرق أوسطية : بين الاندماج والصراع

نقدم في التقرير التالي تلخيصاً لكتاب الأقليات الشرق أوسطية بين الاندماج والصراع وهو من تأليف موشيه ماعوز.

لقد أثرت الأقليات الدينية والإثنية، بشكل كبير على التطورات السياسية والاقتصادية والثقافية والإيديولوجية، في القرنين الآخرين. تركز هذه الدراسة على مصر والسودان ودول الهلال الخصيب، والتي تشتمل بعضها على ما نسبته 35% أو أكثر من الأقليات. لقد مرت علاقات هذه الأقليات مع أغلبية السكان في البلدان المعنية، وكذلك علاقاتهم المتبادلة داخل وعبر الحدود، بتغيرات حاسمة عبر الأجيال. في بعض الحالات، فإن أجزاء من المجتمعات الدينية المختلفة، ومن المجتمعات الإثنية الصغيرة؛ قد اندمجت بشكل تدريجي، أو تكيفت مع مجتمعاتهم القومية النامية. وفي حالات أخرى، فإن صراعات إثنية معينة، ودينية قد تفاقمت إلى حد العنف، وفي بعض الأحيان إلى حد الحرب. وتفصل هذه الدراسة العوامل والقوى والظروف التي أثرت في العلاقات الاجتماعية المتبادلة في المنطقة، تجاه كل من التعايش المشترك والعداء.. بتفحص دراسات واقعية من المنطقة.

خلفية تاريخية:

في الشرق الأوسط فإن الغالبية من الأقليات غير السنية، والإثنية لديها جذور تاريخية عميقة. إن المجتمعات القديمة من الأقليات الإثنية الدينية تشمل الأقباط في مصر، والأكراد والآشوريين والشيعة في العراق، واليهود في فلسطين القديمة، والشيعة والدروز في لبنان، والعلويين في سورية، وفرقاً مسيحية مختلفة في معظم أجزاء المنطقة. وقد ظهرت مجتمعات أو أقليات أخرى عبر القرون من خلال الهجرة، إما من منطقة إلى منطقة في الإقليم نفسه، أو من أماكن أبعد.

خلال الحكم العثماني في الشرق الأوسط، كان الوضع الثقافي والسياسي والاجتماعي للأقليات المختلفة يتحدد عموماً بالانتساب الديني أكثر من الانتساب الإثني.

أثناء القرن التاسع عشر، حدثت تغيرات حاسمة في مواقف وعلاقات المجتمعات الدينية الكبرى، هذه التغيرات كانت متأثرة جزئياً بالإصلاحات العثمانية، التي كانت تهدف إلى تحسين الإدارة والاقتصاد والمجتمع في الإمبراطورية، بأفكار وأساليب أوروبية بشكل جزئي، وقد رافق ذلك عنف كبير، وساهم في انبثاق حركات وطنية جديدة، علىالأخص في مناطق سورية ولبنان.

الأردن:

حتى اليوم، فإن الدولة الهاشمية كانت هي الدولة الشرق أوسطية النموذجية للاندماج السلمي للأقليات الدينية والإثنية في الدولة الوطنية. ويعود هذا إلى المجتمعات الصغيرة نسبياً من الأقليات المسيحية العربية وغير العربية، ويرجح أن يستمر هذا الوضع طالما أبقت الملكية على سيطرتها القوية، وأسسها الدستورية، وعملية الدمقرطة الخاصة بها.

مصر:

إن لدى الأقباط أصولاً مصرية قديمة، فهم يشتركون في خلفية اجتماعية وثقافية مع الأغلبية المسلمة، ويؤلفون نسبة صغيرة من الشعب، ويشاركون فقط ضمن الحد الأدنى مع القوى الأجنبية. وهكذا وباعتبارهم الأقلية المصرية الأكبر، فإن القبط الأرثوذكس ربما يكونون قد قبلوا بنفس عملية الاندماج السلمي في مجتمعاتهم الوطنية، كما فعل المسيحيون في الأردن. في الحقيقة فإن عملية الاندماج بدأت في أواسط القرن التاسع عشر، ولكنها كانت تقاطع بشكل دوري من قبل التحرك العسكري الإسلامي الذي كان يسبب توتراً مسيحياً ـ إسلامياً وقلقاً قبطياً!! وقد استمرت تأرجحات الاندماج والرفض عبر القرن العشرين، وكان العزل هو النموذج تحت أكثر الأنظمة سلطوية. منذ أواسط عقد التسعينات، قمعت قوات الأمن المصرية كثيراً من العنف المعادي للمسيحية. ومع ذلك فإن الأقباط قد استمروا في المعاناة من التمييز في مؤسسات حكومية معينة، في القطاع العام، وفي التعليم، وفي الحقل الاقتصادي، ولكنهم أصبحوا مهمشين مرة أخرى، فقد استمروا في الهجرة.

قد يكون الرئيس المصري حسني مبارك مهتماً بأزمة الأقباط، ولكن طالما بقيت الجماعات الداخلية والليبرالية، والعلمانية، والديمقراطية صغيرة وغير مؤثرة، فإن مبارك سيكون غير قادر على أن يضمن كون الأقباط أعضاء كاملين متساوين في الوطن المصري والمجتمعات السياسية. إن تدخلاً أمريكياً فعالاً لمصلحة الأقباط هو أمر غير محتمل الحدوث، وذلك لأهمية مصر الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة.

العرب واليهود في فلسطين قبل 1948:

تعود العلاقات المسيحية المسلمة في فلسطين التاريخية إلى الفتح الإسلامي في القرن السابع. وكان المسيحيون الذين يعيشون في فلسطين في ذلك الوقت عرباً. بحلول القرن العشرين، كافح عدد من المثقفين المسيحيين العرب لإنشاء قواعد مشتركة غير طائفية مع مواطنيهم المسلمين العرب. وقد فعلوا ذلك بالعمل على إحياء اللغة والثقافة العربيتين، وتقديم وطنية نشطة وأفكار قومية، والتأكيد على التهديد المشترك المحتمل الذي يفرضه المهاجرون اليهود، والذين بدأوا في الوصول منذ أوائل عقد 1880. في الحقيقة، فقد أصبح المسيحيون العرب شخصيات قيادية في حركة جميع العرب، وبعد ذلك في حركة الفلسطينيين العرب القوميين. إن التحدي الملحوظ للأقلية الصهيونية اليهودية استمر في كونه حافزاً رئيسياً للتماسك بين المسلمين والمسيحيين، وعلى الأخص بين النخبة في المجتمع القومي الفلسطيني.

رغم أن الفلسطينيين العرب كانوا الأغلبية ونعموا بمساندة جيرانهم، فإن المهاجرين اليهود كانوا قادرين على إنشاء مجتمع وطني قوي فترة الانتداب البريطاني. إن نجاح الأقلية اليهودية في تحقيق تكوين دولة في أيار /1948 سددت ضربة خطيرة لإيديولوجية جميع العرب، وكان الزعماء العرب السنيون قلقين، بشكل خاص من أن نجاح الأقلية اليهودية سيشكل سابقة للأقليات الأخرى في المنطقة، وسيشجعهم على القيام بفعل مشابه، ويدفعهم إلى تمزيق دولهم الخاصة.

عرب في إسرائيل:

خلال عقديها الأولين كدولة، عاملت إسرائيل الأقلية العربية فيها كمخربين محتملين (طابور خامس)، وفرضت قيوداً مشددة على العرب الإسرائيليين. وعندما اشتدت قوتها وأخذت تشعر بثقة أكبر، منحت حقوقاً أكثر عدلاً لمواطنيها العرب. رغم ذلك فقد استمرت في النظر إلى العرب لا على أنهم أقلية وطنية، بل كمجتمعات دينية منفصلة، ينبغي أن تتكيف أو تندمج في المجتمع وفي الدولة اليهودية. وكان الدروز هم الطائفة العربية الأساسية الأكثر قدرة على التكيف مع المجتمع والدولة اليهودية.

 عبر الوقت تحول عرب إسرائيل من العزلة إلى التكيف، فهم لم يثوروا ضد حكومتهم، وشارك عدد ضئيل منهم فقط في أعمال تخريبية أو تجسسية. ومع ذلك فإن الكثير منهم لا يمكن تحديد هويته ضمن دولة يهودية صهيونية، فالغالبية يتم تحديد هويتها على مستويات كثيرة ملحقة بالفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، على الأخص منذ 1967، وبعد توقيع أوسلو للمبادئ في 1993 أمل العرب الإسرائيليون أن التسوية النهائية بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية ستحل النزاع بين شعبهم ودولتهم.

إن أي دولة فلسطينية مستقبلية ستكون لديها أقليتها الخاصة: المسيحيون الفلسطينيون. وقد أنقصت الهجرة من عددهم إلى نسبة حوالي 4% من الشعب الفلسطيني اليوم. ومع ذلك فإن التزامل طويل الأمد بين المسلمين والمسيحيين الذين يعملون سوية للقومية الفلسطينية سيستمر على الأرجح، خصوصاً بين السياسيين والمثقفين والمهنيين والطبقات الوسطى الجديدة.

لبنـان:

لعدة عقود بعد 1943، فإن مسيحيي لبنان المارونيين، والشيعة، والنخبة السنية، تعاونوا في نظام تعددي وقانوني ديمقراطي لبناني تسيطر فيه الأقليات. ولكن تغيراً لصالح المجتمعات المسلمة، ولصالح القوميين العرب الراديكاليين، ولصالح الوجود العسكري الفلسطيني، وبسبب من التدخل السوري والإسرائيلي، أدى إلى إبعاد المارونيين ووضعهم في موقع دفاعي. بعد الحرب الأهلية الطائفية الدامية والمستشرية من 1975 ـ 1990، ولقد نالت الطوائف المسلمة نصيباً أكبر من السلطة في المؤسسات الحكومية بأمر سوري، هذا التوازن الجديد سيستمر على الأرجح لبعض الوقت مع استمرار الهيمنة السورية. وقد عاد النظام اللبناني إلى فترة ما قبل الحرب الأهلية، فمن جهة بقيت الميول الطائفية عالية، ولكن من جهة أخرى ظهر تحالف بين الشيعة والسنة والدروز والمسيحيين في البرلمان. مع كون الهدف النهائي لحزب الله تحويل لبنان إلى دولة إسلامية؛ فقد شكل تحدياً أصولياً للنظام اللبناني السياسي.

سورية:

إن محاولات إنشاء مجتمع وطني لا طائفي في سورية بدأت في وقت مبكر يقدر بقرن. قبل سيطرة نظام البعث وعلى الأخص أثناء قيام الدولة السورية المستقلة في 1918 ـ 1920. لقد عزز الانتداب الفرنسي اللاحق مع ذلك الطائفية الدينية الانفصالية. فبعد ذهاب الفرنسيين في 1946، أصبح القادة السوريون يعملون على تحقيق اندماج وطني. إن السير المتسارع للتحديث، وإنشاء نظام تعليمي وطني ساهم في تقريب الأقليات والقطاعات الأخرى من الشعب إلى بعضها.

ومع ذلك فإن الكثير من المسلمين السنيين لا يعتبرون الأنظمة البعثية ـ العلوية الموجودة في السلطة منذ عقد الستينات، غيرَ شرعية وقمعية وحسب، بل مهرطقة وغير إسلامية أيضاً. منذ أواخر عقد الثمانينات زاد الرئيس السوري من جهوده لكسب الولاء، أو على الأقل ليحافظ على إذعان المسلمين السنيين، وقد عزز بين السوريين العرب اندماجاً قومياً، كانت عناصره الرئيسية أفكار القومية العربية، والوطنية السورية، والوحدة اللاطائفية.

أما بالنسبة للأقليات الإثنية غير العربية، فقد عُرب معظمها جزئياً على الأقل، ودمجت أو كيفت مع الدولة السورية، ورغم كون المدنيين الأكراد قد تم استيعابهم على نحو خاص، فإن الكثيرين من الأكراد القبليين والقرويين في منطقة الجزيرة وشمال حلب قد كانوا عرضة لإجراءات قاسية بشكل دوري، هدفت إلى قمع هويتهم الإثنية، منذ عقد الخمسينات.

العراق:

إن نظام الأقلية البعثية السنية في العراق!! تحكم المجتمع الشيعي الذي يشكل أكثر من 50% من الشعب، ونسبة كبيرة الحجم من الأكراد الذين يشكلون حوالي 20% نظراً لطبوغرافية المنطقة الكردية في العراق، وتصميم القوميين الأكراد، والراديكاليين الشيعة والتدخل الدوري للقوى الخارجية؛ واجه العراق ما قد يكون العقبات الأكثر صعوبة في خلق مجتمع وطني. في أواخر عقد السبعينات وفي 1991، ثار مقاتلون شيعيون ضد الحكومة، وقد سحق نظام صدام حسين هذه الثورات بقسوة، لذلك فقد اختار الكثير من الشيعة العراقيين ألا يشاركوا في الاندماج الكامل، وفي الأنشطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي تتناسب مع قواهم الديموغرافية.

ويطالب الأكراد بشكل متكرر بأرض سياسية، أو بحكم ذاتي، وإن كانوا نادراً ما يطالبون بالاستقلال الكامل، كما طالبوا بتمثيل كامل في مؤسسات الحكومة، وفي حصة من عوائد النفط في كردستان. وقد رفضت معظم الحكومات العراقية مطالب بأراضي للحكم الذاتي، ورفضت أن تمنح الأكراد نصيباً متناسباً مع حجمهم من السلطة الحكومية أو من مصادر الدولة. بعض الأنظمة كانت تعد بالوفاء بمطالب الأكراد، ولكنها كانت تتجنب بعد ذلك تنفيذ تعهداتها بشكل كامل، في الوقت الذي تغذي فيه الجهات الخارجية النزاعات الكردية و تدعم بالتالي محاولتهم لتطوير سيطرتهم الخاصة على المناطق الكردية.

إن الوضع المستقبلي لكردستان العراق يعتمد بشكل كبير على مواقف وسياسات القوى الخارجية. ورغم أن الولايات المتحدة تحمي هذه المنطقة ثانية من التهديدات العراقية، فإنها ماتزال لا ترحب بربط سياساتها، ومصادرها وجنودها بإنشاء حكم ذاتي كردي قابل للحياة، ناهيك عن الاستقلال. وتعارض تركيا وإيران كذلك وجود كينونة كردية مستقلة، لأنها قد تشكل سابقة ينحو على أثرها شعباهما الكرديان. أكثر من هذا فإن صدام حسين يعارض بشدة الانفصالات الكردية، وسيقوم بتقديم تنازلات لشعبه الشيعي، محرضاً بذلك الشيعة ضد الأكراد.

جنوب السودان:

تبدو مشكلة جنوب السودان غير قابلة للحل في المستقبل القريب، يشكل السودانيون الجنوبيون ما نسبته 30% من سكان البلاد، وهم إما مسيحيون أو أرواحيون، ومقسمون ببن عدة جماعات أفريقية إثنية وقبلية، ويتحدثون عشرات اللغات العامية (اللغة الإنكليزية هي لغتهم المشتركة). لقد عاملت الحكومات السودانية المتتابعة حتى قبل استقلال البلاد الجنوبيين بازدراء وعداء وقسوة، واعتبرتهم شراذم وثنية وبدائية.

وتشارك البلدان الأفريقية غير العربية، والواقعة على حدود السودان الجنوبية، والتي تمت شعوبها بصلة إلى القبائل السودانية الجنوبية، تشارك الإثنية الأفريقية التضامن معهم. إن هذه الشعوب وحكوماتها لا يريدون دمج اقتصادهم الخاص، ومتاعبهم الاجتماعية بالاتحاد مع جنوب السودان. لقد سعوا بدلاً من ذلك إلى حل سياسي للمشكلة لحماية الشخصية الثقافية للإثنية الأفريقية من الشمال ومنع دمجهم الإكراهي.. أي تعريبهم وأسلمتهم، من قبل الحكومات السودانية المتمركزة في الشمال، ورغم أن بعض الحكومات السودانية قد وافقت أحياناً على حل كهذا، فإنهم لم يفوا بوعودهم و باتفاقياتهم الثنائية بشكل كامل، وقد حاولت الأنظمة المتعاقبة تعريب وأسلمة الجنوب، وهكذا استمر الصراع.

لأسباب مختلفة... تشمل الرغبة في تجنب سابقة انفصال في القارة، وتجنب عبء اللاجئين الجنوبيين، فإن دولاً قلة من الدول الأفريقية، وقلة من السودانيين الجنوبيين، يؤيدون إنشاء حكومة مستقلة.

الخلاصة:

لقد تعرضت الجماعات غير السنية في المنطقة، إلى تغيرات غير عادلة.. وفي بعض الأحيان تغيرات انقلابية، في وضعهم السياسي وفي علاقاتهم مع النخبة الحاكمة. ككلام عام، فإن النصارى في الطبقات العليا والوسطى قد دمجوا أنفسهم في المجتمعات الأكثر علمانية... الأردن وسورية والعراق والمجتمع الفلسطيني وبشكل دوري مصر. في البلاد ذات الحركات الإسلامية المقاتلة، أو ذات سياسات إسلامية عومل المسيحيون بتشكك وبغض وعنف في بعض الأحوال. ستستمر معظم الأقليات الدينية في الدول العربية الأخرى في الاندماج  والتكيف مع دولهم الوطنية المحتملة بدرجات وسرعة مختلفتين. وكلما أصبحت هذه الدول أكثر علمانية وليبرالية وديمقراطية أصبح سير الاندماج أكثر تقدماً.

إلا أن الأقليات الإثنية لم تندمج بالطريقة نفسها. إن قدر شعوب الأقليات الكبيرة في جنوب السودان والكردستان العراقيين أن تقوم بالكفاح من أجل الحرية أو الحكم الذاتي، حتى يحل نظام ديمقراطي حقيقي محل الحكومات الفاشستية القمعية في بلادهم، أو حتى يحدث تدخل دولي قوي لصالحهم.

بالطبع فإن إسرائيل لديها مشكلة الأقلية الإثنية الخاصة بها، فهي تريد أن تتعايش سلمياً مع مجتمعها العربي، في نفس الوقت الذي تحافظ فيه على شخصيتها اليهودية الديمقراطية، ورغم بدايتها الاستهلالية الخاطئة، ومشاكلها المستمرة، فقد قامت إسرائيل بجهود كبيرة لدمج أقليتها العربية. إن تطويراً أكبر لهذه العملية ومنع حدوث أزمات خطيرة ممكنة مع أقليتها الإثنية العربية القومية؛ هي أسباب إضافية وراء جهود إسرائيل للقيام بتسوية متفاوض عليها مع منظمة التحرير الفلسطينية.

بغض النظر عن حالة العلاقات العربية ـ الإسرائيلية، فإن النزاعات الإثنية الكبرى في الشرق الأوسط ماتزال خطيرة وغير محلولة. تستطيع واشنطن مساعدة الأكراد العراقيين والسودانيين لتشكيل حكمهم الذاتي الحقيقي. في نفس الوقت تستطيع واشنطن تشجيع ودعم صياغة ائتلافات متبادلة بين المجتمعات لتكافح لاستبدال الأنظمة القمعية وإنشاء أنظمة ديمقراطية فيدرالية، وتستطيع أيضاً تشجيع البلدان الأخرى للاستمرار في معاملتهم الإيجابية للأقليات بجعل معاملة كهذه شرطاً للمساعدة المادية من الولايات المتحدة.

ولكن وبشكل عام فإن الولايات المتحدة من غير المرجح أن تتدخل بقوة لصالح الأقليات الإثنية المقموعة والجماعات الدينية. بالأحرى فإن الفرص عالية لكونها ستحاول تجنب تنفير حلفائها العرب والدول العربية الأخرى، في الوقت الذي تقدم فيه أهدافها الاستراتيجية في الشرق الأوسط.. أي منع الصراعات الإقليمية، وحل النزاع العربي الإسرائيلي، وتأسيس نظام أمن إقليمي تحت رعايتها.

السابق

for

S&CS

للأعلى

2002 © جميع الحقوق محفوظة     

   

التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرقصحيفية الشرق العربي  |