كتاب
(أزمة الإسلام)
برنارد
لويس
Bernard.
Lews
ترجمة الباحثة : ميسرة زهير سالم
هوامش وتعليق : الأستاذ زهير سالم
لن نسبق إلى الحديث عن كتاب (أزمة
الإسلام)، سنباشر ذلك عندما سنبدأ
الخوض في صفحات الكتاب. وإنما سنحاول
أن نقدم تعريفاً ابتداء بالمؤلف
برنارد لويس.. الذي قضى أكثر من نصف قرن
يكتب ويحاضر في (الإسلام). طبعاً من حق (برنارد
لويس) أن يعمل على توظيف جهده ورؤيته
لخدمة قضية يؤمن بها. ومن البلاهة أن
ننتظر منه أن يتعب ويجهد ليخدم الإسلام
أو أهله، أو على الأقل ليخدم الحقيقة
الموضوعية المجردة في نزوع مثالي قلما
تجسد في بشر...
من حق برنارد
لويس أن يعبر عن رؤيته، وأن يخدم
قضيته، وأن يوظف علمه وقلمه في هذا
السبيل، ومن حقنا بل من واجبنا أن نحذو
حذوه وأن نفعل فعله، وأن نجد ونجهد
ونتعب ونشقى لبذل الجهد وتوظيفه في
خدمة قضايانا، ومن هنا فإننا لا نعتبر
من الإساءة للبروفيسور (برنارد لويس)
في شيء أن نصفه بأنه صاحب قضية يجهد
لخدمتها ونصرتها. بل إن الإساءة
للإنسان أن يتهم بالعبثية أو بالعيش
على هامش الحياة، أو أن يوصف بأنه يوظف
جهده لخدمة الآخرين الذين لا يمثلون له
ولقومه إلا مفهوم العداء.
إن ثوب (البروفيسور)
الذي يحمل معنى القداسة طالما دنسته
الأهواء البشرية حتى غدا من البلاهة
الاغترار به، أو الانتظار من صاحبه أن
يكون فوق بشريته.. كمدخل لدراسة كتاب (برنارد
لويس) أزمة الإسلام. نقدم للمتابع
تعريفاً شاملاً بالبروفيسور المذكور.
برنارد
لويس
البطاقة
الشخصية
ولد برنارد لويس في لندن عام
1916، وهو مستشرق بريطاني الأصل، يهودي
الديانة، صهيوني الانتماء، أمريكي
الجنسية.
تخرج من جامعة لندن سنة 1936،
ودرس في باريس، وتتلمذ على كل من
ماسينيون الذي كان يعنى عناية خاصة
بتاريخ الفرق الإسلامية وبالتصوف.
وعلى هاملتون جب الذي نال على يديه
الدكتوراه عن اطروحته في تاريخ
الإسماعيلية.
عمل برنارد في جامعة لندن
مدرساً في قسم التاريخ ـ معهد الدراسات
الشرقية الإفريقية ـ حتى ترأس هذا
القسم في أول أكتوبر 1957، وظل رئيساً له
مدة خمسة عشر عاماً. ثم انتقل إلى قسم
دراسات الشرق الأدنى بجامعة برنستون
بولاية نيوجرسي الأمريكية سنة 1973،
بالإضافة إلى عضويته الدائمة في معهد
برنستون للدراسات المتقدمة. حصل
برنارد على الجنسية الأمريكية سنة 1982،
وهو الآن أستاذ متقاعد، ومازال يحتفظ
بمكانته العلمية في الجامعة.
وظف برنارد علمه وإمكاناته
وذكاءه لخدمة قضيته (المشروع الصهيوني)
بأبعاده السياسية والثقافية، فتقاطع
مع المشروعين الغربي الأوربي في مرحلة
ومع المشروع الأمريكي في مراحل. ودون
أن نزعم أن برنارد لويس لم يكن يتقاطع
مع الحقيقة. فهو في منهجه العلمي ليس
رصيناً لا يمكن النيل منه ولكنه في
الوقت نفسه كان يجيد جملة أمور:
ـ الانتقائية حيث يختار من
الحقائق، ومن السياقات التاريخية ما
يؤيد رؤاه.
ـ التعميم في غير محله حيث
يعتبر الجزئية أساساً ويلغي الكلية،
ويعتبر الفرد ويترك الجماعة، ويعتبر
الفرق ويضرب عن الأصل.
ـ وهو يجيد توظيف الحقائق
الصغيرة على نحو يجعلك تعجب ببراعته
وقدرته على الإقناع، ببداهات ومعلومات
تنتزع من سياقتها لتوظف في سياقات أخرى.
ـ وكصاحب قضية دخل برنارد
دائماً بآراء مسبقة حاول أن يجد لها في
عالم الإسلام والمسلمين شواهدها.
كتب برنارد لويس كثيراً.
وتداخل في تاريخ الإسلام والمسلمين،
حتى اعتبر مرجعاً فيه، فكتب عن
الحشاشين وعن أصول الإسماعيلية
والفاطمية والقرامطة، وكتب في التاريخ
الحديث كتابات ليست في مستوى البحوث
التي قدمها في الكتابات التاريخية،
ذلك أن النزعة الصهيونية التي يصرح بها
هو ويؤكدها سيطرت على كتاباته في
التاريخ الحديث، فظهرت أقرب إلى
الكتابات الإعلامية منها إلى الكتابات
العلمية المنهجية. وكتب عن الإسلام
والغرب، وعن صدام الحضارات تأسيساً
لما كتبه زميله (صموئيل هنتينغتون)،
وكان العنوان الفرعي لهذا الكتاب (المسيحيون
والمسلمون واليهود في عصر الاكتشافات)،
وكتب عن الشرق الأوسط: ألفا سنة من
التاريخ من فجر المسيحية حتى يومنا
هذا، وكتب عن الساميين وغير الساميين).
ا.هـ عن (مركز المدينة
المنورة لدراسات الاستشراق).
يمثل برنارد شخصية دمثة،
فهو سهل الأخلاق، لين العريكة، تخرج
على يديه الكثير من طلاب الشهادات
العالية العرب والمسلمين، الذين
يحتفظون عنه بذكريات طيبة، وهو عذب
الأسلوب، سلس العبارة، مقنع في إيراد
الحجج وتوظيفها، ولا سيما لغير
المختصين.
كتب عنه الأستاذ جلال أمين
في الحياة مقالاً ضافياً من حلقتين
أطلق عليه فيه (دليل الرجل الذكي إلى
التشهير بالمسلمين) راجع الحياة (26ـ27/7/2003).
يقول الأستاذ جلال أمين عن
برنارد (.. رجل نشر في الستين عاماً
الماضية عدداً كبيراً من الكتب
التاريخية عن العرب والمسلمين والشرق
الأوسط. تفصح عن علم واسع وانكباب طويل
على المصادر التاريخية الأصيلة ما
أكسبه شهرة كمؤرخ خبير بأي شيء يتعلق
بالإسلام، ولكن لا رغبة عنده البتة
في ذكر الحقيقة الكاملة عن الإسلام بل
لديه دافع قوي للغاية بسبب ولائه
للصهيونية لذكر ما يسيء إلى الإسلام
والمسلمين).
ويضيف الأستاذ جلال: (.. ترددت
الأخبار إذا عن قرب برنارد لويس في
السنين الأخيرة من آذان صانعي القرار
في الولايات المتحدة كلما تعلق الأمر
بمصالح أمريكية في الشرق الأوسط
وعلاقتها بهذه الدولة العربية أو تلك).
ويورد الأستاذ جلال أمين في
مقاله ستة مبادئ، جعلها برنارد منهجية
له في التشهير بالمسلمين، نختصرها في
هذا المقام وننصح بالعودة إليها على
موقع الحياة في التاريخ المذكور أعلاه.
المبدأ الأول: وهو أبسط
المبادئ وأوضحها ؛ لا تدخر أي جهد في
إلحاق أي وصمة عار بالإسلام والمسلمين.
المبدأ الثاني: يتعلق
بالكراهية (إذ لا يكفي أن يكون هذا
العدو (العربي والمسلم) حافلاً بمختلف
النقائص والعيوب، بل يجب أن يحمل قدراً
كبيراً من الكراهية العمياء لأصدقائك
وعلى الأخص للأمريكيين).
المبدأ الثالث: (لا يكفي أن
يكون عدوك مليئاً بالعيوب، ويحمل لك
فائق الكراهية، بل لا بد أن يكون قوياً
وقادراً على الإضرار بك..)
المبدأ الرابع: ( وهو على
قدر كبير من الأهمية، أن تحاول قدر
الإمكان ألا تظهر هذا العدو على أنه
مجرد حفنة قليلة من الأشخاص أو نسبة
صغيرة من المسلمين..)
المبدأ الخامس: (لا تنس أن
للمسلمين حججاً مضادة لحججك وبعضها لا
يخلو من قوة جعلت الكثيرين يشكون في
سلامة موقفنا.. لا تظن أن من الأفضل
تجاهلها.. الأفضل أن تذكر هذه الحجج
وترد عليها).
المبدأ السادس والأخير: (يتعلق
بإسرائيل، وذلك أنه يجب ألا تنسى أن
تشويه سمعة الإسلام والمسلمين يستخدم
عدا خدمة بعض المصالح الأمريكية
المباشرة في البلاد الإسلامية، تحسين
صورة إسرائيل لدى الرأي العام..).
أما جهاد الخازن الصحفي
المشهور فيكتب عنه في زاويته (عيون
وآذان) بعد قراءته لكتابه (أزمة
الإسلام) الذي نقدمه للقراء (وقد
تملكتني رغبة في أن أصفه بمستشرق
تحريفي، غير أن سمعته أكبر من أن
أطالها بقلمي، لذلك أكتفي بالقول إن
لويس الذي بدأ ليبرالياً وانتهى على
يمين أرييل شارون، يخلط السم بالدسم
مرة أخرى ويتحدث عن موضوعية وهو يغرف
من بحر علمه الزاخر عن الإسلام، ليصل
إلى استنتاجات مرفوضة مستهجنة..)
ويكتب الدكتور عصام نعمان
في مقاله (أمريكا والمسلمون مشكلة
علاقة) وهو محام وكاتب ووزير لبناني
سابق أن برنارد لويس سبق هنتينغتون إلى
نظرية صراع الحضارات (قبل هنتينغتون)
أدلى المؤرخ اليهودي البريطاني برنارد
لويس بدلوه في مسألة الصدام الحتمي بين
الإسلام والغرب مفسراً ذلك بأسباب
سياسية وحضارية وديموغرافية. ففي
مقالته الشهيرة (جذور الغضب الإسلامي)
اعتبر لويس المسلمين كياناً واحداً
موحداً أمكنهم في إطاره تحديد علاقتهم
بالغرب بلغة السخط والعنف والحقد
واللاعقلانية.
مؤلفات برنارد لويس:
وإذا كنا في مركز الشرق
العربي، طلاب حقيقة، نسعى إليها
ونحاولها فإننا نعتبر هذا التعريف
بالمؤلف مدخلاً صالحاً لقراءة كتابه
أزمة الإسلام أو (حرب مقدسة وإرهاب غير
مقدس). آملين أن نوفق في تقديم الكتاب،
وقراءته من وجهة نظر إسلامية عربية
موضوعية. نستفيد مما فيه من حق، ونوضح
ما سواه.
من أشهر مؤلفات
برنارد لويس:
ـ
العرب في التاريخ
ـ
الغرب والشرق الأوسط
ـ
العرق واللون في الإسلام
ـ
ظهور تركية الحديثة
ـ
استانبول وحضارة الإمبراطورية
العثمانية
ـ
الحشاشون فرقة ثورية في الإسلام
ـ
يهود الإسلام
ـ
لغة السياسة في الإسلام (قدم مركزنا
دراسة عنه)
ـ
أين مكمن الخطأ
ـ
وأخيراً (أزمة الإسلام) أو (حرب مقدسة
وإرهاب غير مقدس).
للعودة
|