معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى / بتصرف
متابعة سياسية رقم 679
متضمنات القرار 1441 ومتتالياته
رولف
إكاس
رولف
إكاس هو الرئيس التنفيذي للجنة الأمم
المتحدة الخاصة منذ 1991 حتى 1997، كان
إكاس رئيس مفتشي الأسلحة التابعين
للأمم المتحدة في العراق. وهو حالياً
المفوض الرفيع في الأقليات القومية
لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا
ورئيس اللجنة المعينة لمعهد ستوكهولم
الدولي لأبحاث السلام.
ـ
استهداف أسلحة العراق للدمار الشامل:
لقد
تم تبني قرار مجلس الأمن (1441) بعد
أسابيع من الإيروبكس الديبلوماسية،
حيث سمح بتجديد عملية التفتيش عن
الأسلحة في العراق ووضعت جدولاً
زمنياً لعملية التفتيش، مع حدود
إلزامية للامتثال العراقي. شعبية قرار
1441 مميزة فالولايات المتحدة وروسيا
وفرنسا وسورية كلهم يحبونه، بل وحتى
العراق يبدو أنه منقاد لبنوده بسهولة
بعض الشيء. قد تكون هذه الشعبية نابعة
من أن كلاً من هذه البلدان لديها فهم
مختلف لمتضمنات القرار. إذا كان الأمر
كذلك، فإن الجهد المبذول لنزع السلاح
قد يصل في النهاية إلى طريق متشعب، ذي
طريقين فرعيين ممكنين.
يؤكد
قرار مجلس الأمن 1441 على نزع أسلحة
الدمار الشامل لسببن بسيطين: أن هذه
الأسلحة تجعل صدام حسين تهديداً
دولياً خطيراً، وتمنحه نفوذاً هائلاً
في الخليج العربي، وفي الصراع (العربي
ـ الإسرائيلي). بغير هذه الأسلحة، فإنه
سينظر إلى صدام في كل من الصعيدين
الإقليمي والعالمي على أنه ليس أكثر من
سفاح محلي. لذلك، فإن من واجب المجتمع
الدولي أن يركز على برامج العراق
لأسلحة الدمار الشامل باعتبارها
التهديد الرئيسي والأكثر إلحاحاً رغم
أنه لا ينبغي إغفال انتهاكات النظام
الإنسانية الحالية وصلاته بالإرهاب
الدولي.
يؤكد
قرار 1441 لا على عملية التفتيشات فقط،
بل على جوهرها أي نزع السلاح. ولتحقيق
هذا الهدف، دعا القرار العراق بشكل
واضح إلى إعلان برامجه ذات العلاقة
خلال ثلاثين يوماً، هذا الوقت المحدد
الثابت هو عنصر أساسي في القرار 1441،
كما أنه يمارس الضغط على صدام ليلتزم
بقواعد اللعبة. بكل أرجحية، فإن العراق
سيعلن بسهولة عن مقدرات إنتاج الأسلحة
الأكثر وضوحاً، بما أن هذه المقدرات هي
معروفة أصلاً للأمم المتحدة. ومع ذلك
فإذا قرر العراقيون حذف بعض المواد من
لائحة الإعلان عن الأسلحة الخاصة بهم،
فإنهم بالتالي قد يكونون مترددين حتى
في إعلان مقدرات إنتاجهم المعروفة.
على
أي حال، فإن الإعلانات الإجبارية
المتعلقة بالبرامج الكيمائية
والبيولوجية ستشكل امتحاناً هاماً
لبغداد. ينتظر من العراق أن يعلن لا عن
برامج الأسلحة فقط، بل عن جميع برامجه
البيولوجية والكيميائية، ولأنه لا
يوجد هناك تحديد واضح لما يشكل. برنامج
أسلحة غير ذي علاقة، فإن هذا المطلب قد
يعني كل شيء من إنتاج المواد المنظفة
إلى وثائق حول برامج العراق البحثية.
ـ
التعامل مع عدم التجاوب العراقي:
في
حال عدم إعلان العراق لجميع برامج
أسلحته، سيحدث جدال في مجلس الأمن حول
ما إذا كان هذا يشكل خرقاً مادياً. رغم
أن تنفيذ البند الذي ليس واضحاً
والمتعلق بالخرق المادي قد يكون
مزعجاً، إلا أن المرء ينبغي أن لا ينسى
أن جوهر قرار الأمم المتحدة رقم 1441 هو
الإعلان عن الأسلحة وكشفها، ويعكس هذا
البند مقاربة مجلس الأمن الأخيرة في
التعامل مع انتهاكات العراق المحتملة.
إن مقدمة قرار 1441 تذكر بقرار مجلس
الأمن رقم 678، وهو القرار المخول
بالحرب في تشرين الثاني 1990 والذي سمح
لقوات الائتلاف أن تقوم بتحرير الكويت.
من الممكن قرن هذا القرار بالقرار 678
وهو قرار وقف إطلاق النار الذي أصدر
بعد حرب الخليج في عام 1990. بالنظر إلى
أنه لم يتم توقيع أي معاهدة سلام بعد
حرب الخليج، فإن هذا القرار بلغة
التقنية الخاصة، مايزال ساري المفعول
حتى اليوم، وأن أي خرق مادي لوقف إطلاق
النار هذا قد يشكل نظرياً قدح شرارة
الحرب.
بالمقارنة،
فإن الخرق المادي لقرار الأمم المتحدة
رقم 1441 يحدد بعدم التجاوب العراقي مع
نظام التفتيشات الجديد، لأن بعض أعضاء
مجلس الأمن أي (روسيا وفرنسا) اعترضتا
على فقرة (قدح شرارة الحرب) في القرار
الجديد، وتوجب صنع مقاربة تسوية. في
حال حدوث انتهاك عراقي، فإن مجلس الأمن
سيدعو إلى النظر في الرد. ويترك القرار
1441 إمكانية إصدار قرار آخر مفتوح أمام
في وضع مشابه، ولكنه لا يستلزم إجراء
كهذا بالضرورة. إن إمكانية إصدار قرار
ثان قد تقود إلى جدال موسع في المجلس،
والذي قد يتحول بدوره إلى ميكانزمية
لإحباط عمليات التفتيش المتمركزة على
قرار مجلس الأمن 1441، مما يعطي العراق
وقتاً فسيحاً وحرية للقيام بالمزيد من
برامج أسلحة الدمار الشامل.
ـ
عقبات محتملة:
يفرض
القرار 1441 نظام تفتيشات إلزامي في
العراق، ويمنح مفتشو الأسلحة حرية
وصول فورية بدون أي مراجعة إلى جميع
المواقع، بما في ذلك قصور صدام حسين
الرئاسية. ويتوقع
من المفتشين أن يقدموا تقارير عن
انتهاكات عراقية فوراً. إن نظام
تفتيشات مشدد من هذه النوعية سيمارس
ضغطاً هائلاً على العراق، نظراً لنجاح
(اليونسكوم) اللجنة الخاصة التابعة
للأمم المتحدة في نزع أسلحة العراق في
عقد التسعينات، فإن فريقاً جديداً من
المفتشين قد يكون فعالاً تماماً بشرط
أن يختار بعناية وأن يعطى القوى
المناسبة.
إن
تجنيد مفتشين ذوي مصداقية وعاليي
التأهيل سيكون أمراً أساسياً لنظام
التفتيشات الجديد. أيضاً فإن قيادة
الولايات المتحدة وإرشادها سيكونان
ضروريان لتسهيل عملية التفتيشات.
بالطبع ما
يزال هناك الكثير من
العقبات طويلة الأمد فقد يختار صدام
وحده ما لا يستطيع إخفاءه عن المفتشين.
ومن المرجح أنه كان يعمل بمثابرة
لإحراز المزيد من أسلحة الدمار الشامل
ولحجب المواقع ذات الصلة قديمة وحديثة.
ولأن العراقيين قد اكتسبوا خبرة عملية
كبيرة في التعامل مع أنظمة التفتيش في
عقد التسعينات، فإنهم يعرفون الكثير
من خدع التفتيش لتحديد أماكن تسهيلات
الأسلحة. لذلك فإن فريق تفتيشات جديد
قد يواجه تحديات مختلفة إذا ما فشلت
الحكومة العراقية في أن تكون متعاونة
بشكل كامل. بكلمات أخرى فلن تكون هناك
طريق سهلة لاكتشاف الانتهاكات. على
سبيل المثال فإن 90% من المعلومات
المقدمة من قبل الأشخاص الخائنين
لوطنهم هي معلومات باطلة، وذلك لأنهم
يقصدون المبالغة أو الإدلاء بمعلومات
خاطئة. لذلك حتى عندما يأتي أفضل خائن
عراقي بمعلومات ثمينة، فإن التحقق من
هذه المعلومات قد يتطلب وقتاً وجهداً
ليس بالقليل. عموماً، فإن عملية
التفتيشات تتطلب تحقيقاً مفصلاً
وإشارات تدقيق. لقد احتاجت اللجنة
الخاصة التابعة للأمم المتحدة إلى
أربع سنوات لاجتثاث برامج أسلحة
الدمار الشامل لذلك فإن من غير المحتمل
على الأرجح أن يحقق نظام تفتيشات جديد
أهدافه في فترة قصيرة من الزمن.
ماذا
بعد التفتيشات ؟
ما
إن تصل تقارير التفتيشات الجديدة إلى
هيئة الأمم المتحدة، سيحتاج أعضاء
مجلس الأمن للتفكر في اتجاه تحركهم
التالي، وستعتمد ردة فعل المجلس لا على
سلوك العراق وحسب، بل أيضاً على طبيعة
تقارير المفتشين. نظراً لتاريخ صدام
حسين في لعب ألعاب الغميضة، قد ينظر
البعض إلى نتائج بحث المفتشين على أنها
مبرر للحرب، بينما سيدعو آخرون بغير شك
إلى استمرار التفتيشات بدلاً من ذلك.
هذا السيناريو يزيد من حجم الضغط
المتمركز على المفتشين؛ رغم أنهم
مفوضون بكتابة الوقائع وحسب، إلا أنه
سيطلب إليهم حتماً تقديم شهادتهم
النوعية لفعالية عملية نزع السلاح.
يعود تقرير الخطوة التالية إلى مجلس
الأمن، ولكن حكم المجلس سيتأثر
بالتأكيد بتقييمات فيما لو أخذت الأمم
المتحدة مسار الحرب، فإن على جميع
الأطراف أن تعمل بحميمية مع المفتشين
لتدمير قدرات أسلحة الدمار الشامل
العراقية ولتأسيس جهاز رقابة نظامي
يمنع أي تطوير مستقبلي لأسلحة الدمار
الشامل العراقية.
|