معهد
واشنطن لسياسة الشرق
الأدنى
متابعة
سياسية رقم 828
عام
حافل لإدارة بوش
في
الشرق الأوسط
نظرة
أولية على عام 2004
في
14 كانون الثاني 2004 حاضر كل من ستانلي
غرينبرغ وويليام كريستول في المنتدى
السياسي الخاص لمعهد واشنطن. السيد
غرينبرغ المدير التنفيذي الرئيس في
مؤسسة أبحاث غرينبرغ كوينلان روزنر،
وقد عمل كمستشار إستفتاءات للرئيس بيل
كلينتون ومؤلف كتاب: الأمريكيتان
طريقنا السياسي الحالي المسدود وكيف
نخترقه (توماس دون، 2004). السيد كريستول
محرر الستاندرد الأسبوعية ومؤلف مشارك
في الكتاب الأكثر مبيعاً للنيويورك
تايمز: الحرب على العراق طغيان صدام
ورسالة أمريكا (كتب انكونتر، 2003). فيما
يلي تقرير موجز عن ملاحظاتهما.
ـ
ستانلي غرينبرغ:
ستلعب
قضايا السياسة الخارجية في انتخابات
2004 دوراً أكبر مما لعبته في أي
انتخابات حديثة، وسيلعب الشرق الأوسط
بشكل خاص دوراً جوهرياً في مداولات
السياسة الخارجية. إن سياسة الرئيس
جورج دبليو بوش الخارجية، متشابكة
بشكل كبير مع سياسته الداخلية، في
الواقع، فإن اهتمامات الإدارة
الداخلية غالباً ما تؤثر على قراراتها
في السياسة الخارجية.
عندما
تسلمت إدارة كلينتون الحكم للمرة
الأولى، منع مستطلعو الآراء من القيام
باستفتاءات في مواضيع تتعلق بالسياسة
الخارجية، ومن الاجتماع مع مستشاري
الأمن القومي. وقد اتخذ هذا الإجراء
بهدف تجنب إعطاء انطباع بأن قرارات
الحكومة في السياسة الخارجية كانت
موجهة بحسابات سياسية. على العكس من
ذلك، فقد لعبت الاعتبارات السياسية
دوراً هاماً بشكل واضح في تشكيل
استجابة إدارة بوش لقضايا تعتبرها
مهمة. على سبيل المثال، فإن توقيت قرار
الحرب على العراق في الكونغرس كان
مرتبطاً بدون شك بالاستفتاء المتضائل
في العدد للإدارة في ذلك الوقت. على نحو
مشابه، فلا ينبغي أن يكون من المدهش أن
الإدارة لم تضع أي ضغوط على رئيس
الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون في
الأشهر الأخيرة. في الحقيقة، فإن من
الصعب إيجاد أي نطاق لم تشكل فيه
الاعتبارات السياسية جزءاً حاسماً من
عملية صنع القرار في البيت الأبيض.
في
الغالب يعود تركيز إدارة بوش على
السياسة إلى حقيقة كون هيئة المنتخبين
منقسمة تماماً. في الوقت الحالي، فإن
الشعب الأمريكي هو شعب ديمقراطي بنسبة
46% وجمهوري بنسبة 46%. وهي حقيقة سكانية
مؤثرة بغض النظر عمن هو في البيت
الأبيض. إن البيت والنواب منقسمون
تماماً، والعدد الكلي لمشرعي الدولة
في البلاد هم تقريباً كذلك. في نفس
الوقت، فإن معظم الميول السكانية
الاجتماعية هي بشكل متناغم..
وإن لم يكن درامياً يفضلون
الديمقراطيين، بالتالي، فإن إدارة بوش
تكون معظم قراراتها باتجاه الاحتفاظ
بالسلطة.
قبل
هجمات 11 أيلول، كان الرئيس يعتلي إدارة
مترددة، ذات وعي ذاتي بتجنب المقارنات
بإدارة ريغان. لم تكن البلاد تتطلع إلى
استمرار عهد ريغان، وقد عكست
الاستفتاءات هذا الميل. لقد غير 11
أيلول هذه الديناميكيات بشكل كبير،
وإن كان ذلك بشكل مؤقت. لقد ارتفعت
شعبية بوش بشكل حاد بعد الهجمات كنتيجة
لمبادراته، وبخاصة في المسائل الأمنية.
ثم عادت شعبيته إلى شكلها في الانخفاض
الثابت. ورغم أنها ارتفعت لوقت وجيز،
في كل مرة تتخذ فيها الإدارة استجابة
رئيسية لـ 11 أيلول، (على سبيل المثال،
اجتياحات أفغانستان والعراق)، أو حققت
هدفاً رئيسياً (على سبيل المثال، القبض
على صدام حسين)، فإن اتجاه الانخفاض قد
عاد إلى الظهور بعد فترة وجيزة من هذه
الأحداث. لقد لاحظ البيت الأبيض
بالتأكيد هذه الظاهرة. في الحقيقة فإن
الدرجة التي ساهم فيها الرئيس بوش في
القضايا الأمنية وقضايا السياسة
الخارجية، والطريقة التي يستخدم بها
القوة العسكرية متعلقة بجهود الإدارة
لزيادة شعبيته.
إن
التحول الذي خضع له الرئيس بعد 11
أيلول، لم يكن نتيجة لارتفاع شعبيته في
استطلاع الرأي حوله فحسب ؛ بل كان بعمق
أكبر لأنه وجد رجليه منغمستين في عملية
تعبئة للجمهور ليستجيب للهجمات وليهمل
القيود المتعددة الأطراف التي
منعت الولايات المتحدة من استخدام
قوتها لدعم الحرية في العالم بأسره.
لقد لعبت أحداث 11 أيلول بالتالي دوراً
جوهرياً في إعادة إحياء النظرية
الريغانية للعالم. على نحو مشابه، فقد
كانت الحرب على العراق تهدف إلى تسجيل
عدة بنود من المنبر الريغاني:
استثنائية أمريكا والتزامها بالحرية،
وقدرتها على استخدام القوة العسكرية
دون تقييدات من المؤسسات متعددة
الجنسيات. ورغم أن الحرب كانت متجذرة
في السياسة، إلا أنها كانت كذلك تهدف
إلى جعل الرؤية الأوسع لبدء عهد ريغاني
جديد مقبولة.
ـ
ويليام كريستول:
سيكون
أمام انتخابات 2004 رهانات أكثر مما كان
أمام أي انتخابات رئاسية. بعد عقد كانت
فيه البلاد مقسمة بشكل حاد، ومتشككة
حول توجهها ؛ فإن انتخابات هذا العام
ستؤسس لتوجه واضح لسياسات الولايات
المتحدة. إذا ما تمت إعادة انتخاب
الرئيس بوش، فإنه سيعتقد دون شك أنه قد
أعطي تفويضاً كبيراً للحكم مع أكثرية
جمهورية متزايدة في الكونغرس. في حين
ستكون لهزيمة بوش نتائج مختلفة بشكل
حتمي. ورغم أن الجمهوريين يستطيعون
تماماً الاحتفاظ بالسيطرة على كل من
البيت ومن المجلس، فإن رئيساً
ديمقراطياً جديداً سيكون قادراً على
الأرجح أن يحكم بنجاح من ستة أشهر إلى
اثني عشر شهراً على الأقل، اعتماداً
على قوة حزب ديمقراطي منشط، وعلى تفويض
مرتكز على هزيمة بوش، وعلى التعاون مع
الجمهوريين الحداثيين. بكلمات أخرى،
فإن انتخابات 2004 سينتج عنها تغييرات
سياسية هامة بغض النظر عمن سيكون
الفائز.
لم
يحدث منذ انتصار ليندون جونسون في عام
1964 أن تم انتخاب رئيس مع كون حزبه في
وضع السيطرة على كلا مجلسي الكونغرس،
ولهذه الانتخابات تأثير رئيس على كل من
الديبلوماسية العامة والمناخ السياسي.
إن إعادة انتخاب جونسون وربما
انتخابات 1980 لرونالد ريغان، وهو عام
سيطر فيه الجمهوريون على مجلس الشيوخ..
قد يكون أفضل نموذج يمكن على أساسه
تقويم أسلوب البناء الهيكلي ورهانات
الانتخابات القادمة.
عامل
رئيسي آخر هو التحزبية، والتي أصبحت
هامة بشكل متزايد رغم ما يعتقده الكثير
من العلماء السياسيين. إن تماسك الحزب
في الكونغرس هو الآن أكبر مما كان عليه
خلال تسعين سنة تقريباً، والأحزاب
نفسها هي أكثر اختلافاً بالنظر إلى
القضايا الاقتصادية وبشكل خاص
المؤشرات الاجتماعية والثقافية. إضافة
إلى ذلك، فإن تصويت الحزب الواحد بين
المنتخبين قد وصل إلى مستويات غير
مرئية في التاريخ الحديث.
إضافة
إلى هذه المميزات الهيكلية، فإن أهمية
الانتخابات القادمة هي في أنها ستكون
أول منافسة رئاسية منذ هجمات 11 أيلول.
كرد فعل على هذه الهجمات، تبنى الرئيس
بوش مجموعة جريئة من الأفكار
والمبادرات في السياسة الخارجية،
وسيحكم المصوتون عليها كلها في هذه
الانتخابات. إضافة إلى ذلك، فقد مضت
سنون كثيرة منذ أن تميزت انتخابات
رئاسية بانقسام كبير بين المقاربات
المقترحة من قبل الأحزاب في السياسة
الخارجية، وخصوصاً في وقت تعتبر فيه
اعتبارات السياسة الخارجية هامة
تماماً.
ستجري
هذه الانتخابات مقابل أرضية الحرب على
العراق. وقد بقي ما يزيد على 100 ألف جندي
أمريكي في ذلك البلد، وقد كان كل
المرشحين الديمقراطيين إما ضد الحرب
من البداية أو أنهم أصبحوا ضدها بعد أن
صوتوا للسماح بها. إن تقلب هوارد دين قد
غير بشكل كامل من ديناميكيات الحزب
الديمقراطي بدفع المرشحين الآخرين إلى
تبني مواقف أكثر أهمية من الحرب. في
الواقع فإن من غير الممكن تحليل السباق
الديمقراطي دون الإشارة للحرب. ولأن
عدداً من حيوات الأمريكيين هي موضع
رهان، ولأن التكاليف المالية للحرب
نفسها هي موضع تساؤل، فإن العراق (إضافة
إلى الحرب على الإرهاب) سيكون القضية
الجوهرية في فصل الحملة، حتى عبر قضايا
متعلقة أخرى (على سبيل المثال، الصراع
العربي الإسرائيلي والدمقرطة) هي
بالتأكيد هامة لرؤية الرئيس بوش للشرق
الأوسط.
لقد
نصح معظم مستشاري الرئيس للسياسة
الخارجية بتجنب المجازفةَ
والمخاطرةَ التي تبناها. في الواقع،
فلا يوجد مستشار سياسي جيد كان يمكن أن
يحرضه على شن حرب في العراق دون أن تكون
النتائج واضحة، خصوصاً وأن الكثير من
الجنود مايزالون منتشرين هناك وهم
يعانون من الإصابات يومياً. يعود الفضل
لبوش في تجاوزه للكثير من مستشاريه
السياسيين في تشرين أول وتشرين ثاني 2003،
يرفض خطة انسحاب منظمة. إنه يقامر بكل
شيء على الوضع في العراق والحرب على
الإرهاب، وكلاهما لا تتم تعبئتهما
بالسياسة، بل بالمثاليات التي يعتقد
بها هو وإدارته بقوة. هذه المقامرة
ستكون القضية الجوهرية في انتخابات 2004.
|