معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
متابعة سياسية رقم 691
16 / 12 / 2002
دراسات
الشرق الأوسط:
أين
كان الخطأ ؟
مارتن
كريمر وليزا أندرسون
في
26 تشرين الثاني /2002 ألقى كل من مارتن
كريمر وليزا أندرسون محاضرة في
المنتدى السياسي الخاص التابع لمعهد
واشنطن. مارتن كريمر الباحث السابق في
معهد واشنطن ومؤلف البحث الذي نشر في
/2001 (أبراج عاجية على الرمال): (فشل
الدراسات الشرق أوسطية في أمريكا).
وليزا أندرسون عميدة الشؤون الدولية
في جامعة كولومبيا، ورئيسة اتحاد
دراسات الشرق الأوسط (إم.إي.إس. إيه).
فيما يلي تلخيص موجز لملاحظاتهما.
مارتن
كريمير
في العشرين سنة الماضية،
فشل خبراء الشرق الأوسط في شرح أو
السبق إلى إحداث تغيير في المنطقة التي
يدعون أنهم يدرسونها. وهذه الهزيمة هي
نتيجة لافتقارهم إلى البعد الفكري،
وكذلك إلى الخراب الذي حل بهذا الحقل
بسبب الإيديولوجيات المستعارة أو
نماذج الهواة.
إن مجموعة التفكير الناتجة كانت
عاطفية جداً لدرجة أنها أوصدت باب
استخدام الدليل الخارجي، وهو اتجاه
ترافق مع الميل العام في العلوم
الإنسانية والاجتماعية للحصول على
التأييد للمنح الدراسية.
وقد
أصبح الحقل الذي كان صغيراً في الأصل،
أكثر تطابقاً في طرق التفكير، إن لم
يكن متطابقاً بشكل أكبر مما قد يتخيله
المرء. لقد شهد العقدان الماضيان
تضييقاً في مجال موضوعات البحث
المقبولة والمحاولات الدراسية. وبحلول
11/أيلول/2001، استثنى هذا التضييق
الدراسة النظامية للفصائل الأكثر
تطرفاً من الإسلامويين، وسمحت فقط
بأكثر التحليلات تلطيفاً فيما يتعلق
بالفصائل الإسلاموية الأخرى.
لقد
أصبح أبطال هذا الحقل مرتبطين سياسياً
كباحثين مشهورين، وبشكل ملحوظ، إدوارد
سعيد فقط هذه السنة انضم (اتحاد دراسات
الشرق الأوسط) إلى نظيره الأوروبي لمنح
إدوارد سعيد أول جائزة دولية
لإسهاماته البارزة في دراسات الشرق
الأوسط. في الوقت الذي أعلنت فيه جامعة
كولومبيا عن منحه كرسياً في تاريخ
الشرق الأوسط يحمل اسمه. ونظراً لأن
دراسات الشرق الأوسط ليست حقل سعيد
الأكاديمي، بل هو على الأصح ميدان
تأييده السياسي، فإن هذا الاستعراض
للمراسم هو توقيع جماعي بشكل فعلي على
سياسياته وعلى تشوش المنح الدراسية
والفعاليات التي جاء ليجسدها.
لم يطور الحقل أداءه في
أعقاب هجمات 11/9، وقد أنكر رؤساؤه أن
الهجمات قد قدمت أي رؤية داخلية مميزة
للمنطقة، ونفوا فكرة أن حقلهم هو في
أزمة. لقد ترافق هذا الإنكار مع قرار
الكونغرس لإدخال ملايين الدولارات من
التمويلات الإضافية إلى الحقل، وهو
إجراء كان دافعه ذعر 11/9. ورغم أن هذا
التمويل قد أدرج تحت قانون (الأمن
القومي)، فإن بعضاً منه قد أجيز دون
إعادة تقويم. (على سبيل المثال، فإن
المخصصات الإضافية التي تزيد عن 20
مليون دولار في السنة للمراكز
الأكاديمية في الدول الإسلامية تحت
برنامج (العنوان السادس) (تايتل VI)
التابع لوزارة التعليم، والذي أصبح
شبه تخويل.
لقد
وصلت الدراسات الشرق أوسطية إلى نهاية
فكرية ميتة مشابهة لتلك التي وصلت
إليها دراسات الاتحاد السوفييتي بعد
سقوط الاتحاد السوفييتي، ومع ذلك، وفي
حين أن ضيق المصادر يفاقم الأزمة في
الحقل الأخير، فإن دراسات الشرق
الأوسط مغمورة بالأموال الجديدة
والتعيينات الأكاديمية، والتي، جنباً
إلى جنب، كان لها تأثير في تأجيل
الكثير من الإصلاح الضروري. ومع ذلك،
فإن بإمكان واشنطن أن تستخدم نفوذها
لتحفيز إجراء تغيير في الحقل. وستكون
إحدى السبل لهذا، تطوير مراقبة لـ (تايتل
6) عبر إنشاء لجنة إشراف، كما في (فلبرايت)،
وبرامج تعليم الأمن القومي. ونظراً
للمصلحة الوطنية في تحسين الفهم
الأمريكي للشرق الأوسط والمناطق
الأخرى، فإن (تايتل 6) هو في حاجة ماسة
للجنة كهذه؛ في الحقيقة فإن عدة أعضاء
في الكونغرس يدرسون الآن تشريعاً
جديداً لإنشاء واحد.
في
الجانب الإيجابي، لقد أثار كتاب (أبراج
عاجية على الرمال) تفحصاً أكبر لدراسات
الشرق الأوسط من قبل الجمهور ومن قبل
التلاميذ في الحقل. على سبيل المثال،
فإن العديد من الأبحاث والأفكار قد تم
وضعها على بساط المناقشة، وقد تلقى
الموقع المخصص للكتاب:
(
www.
worytawers.
org)
آلافاً
من الزوار كل شهر. وبدأ الصحفيون في
كتابة تقارير عن مشاكل الحقل في الصحف
العامة وفي (مؤرخ التعليم العالي) (كرونكل
هير إديوكيشن) وفي (كامبس ووتش) (مراقبة
حرم الجامعة) وهو مشروع في (منتدى الشرق
الأوسط) وهي ضمانات إضافية إلى مشاكل
دراسات الشرق الأوسط على الأجندة
العامة.
ليزا
أندرسون
إن
تقويم مارت كريمر لتأثير كتابه فيه
تشاؤم مفرط. إن الكثير من الاستجابات
الداخلية لبحثه النقدي قدرته حق قدره.
ورغم أن غالبية من في الحقل يوافقون
على كون الكتاب يبالغ في المسألة، إلا
أنه نظر إليه على نطاق واسع باعتباره
مداخلة مفيدة. وحتى قبل أن يتم طبع
الكتاب، لم يكن أحد في الحقل يعتقد أن
كل شيء كان على ما يرام في دراسات الشرق
الأوسط. لقد ظهر الكتاب في وقت كان فيه
قلق متزايد حول نقاط الالتقاء بين
الشرق الأوسط الحقيقي والميول في
الثقافة الأكاديمية الأمريكية.
إن
تهميش الحقل هو في الواقع انعكاسات
لتغييرات أوسع في العلاقة بين
الأكاديميات والمجتمع. إن الهدف
الأساسي من الجامعات الأمريكية كان
ثلاثياً: تعليم الأطفال متابعة
الأبحاث، وإنشاء ما يشار إليه الآن
بالمعرفة الجديدة. وتكوين المواطنين.
وتبليغ نقاشات الجمهور. مع مرور
الوقت، ضمر آخر هذه الوظائف، ويعود ذلك
جزئياً إلى حقيقة أن المحاولات
الأكاديمية قد أصبحت أضيق وأكثر
تخصصاً. ويقع جزء من المسؤولية في هذا
الاتجاه على نظام المراجعة الدقيق.
على
نحو متزامن، (ويتحمل بعض المسؤولية
كذلك)، عن هذا التخصيص الأكاديمي، هناك
انتشار أحواض التفكير اللاأكاديمية،
والذي أسفر عن وجودين متميزين
ومتوازيين من التحليل: الأول، متمركز
في الجامعات ويتألف من أشخاص محكومين،
وفي بعض الأحيان قد حدد من نطاق رؤيتهم
بالمراجعة المدقق فيها. وتشكل الثاني
من أشخاص مهتمين بسوق الأفكار الأوسع،
وهم منهمكون تماماً في الحوار العام
وفي إنشاء مواطن مطلع، ومع ذلك ليس
لديهم آليات نظامية للمحاسبة لتحافظ
على أمانتهم الفكرية. هذا الاستقطاب في
الوظائف فريد بالنسبة للدراسات الشرق
أوسطية، رغم أن ذلك يتفاقم في الحقل
بسبب مشاكل الشرق الأوسط نفسه.
ومع
ذلك، فإن هناك جدالاً في داخل دراسات
الشرق الأوسط أكثر مما يقترحه كتاب (أبراج
عاجية)، ولم يعد الحقل أكثر تطابقاً من
أي فرع آخر في العلوم الأكاديمية،
فالبعض في هذا الحقل يعارضون بقوة
وجهات النظر التحليلية وسياسة
الحكومة، ويقدمون الكثير من الحوارات
المثمرة والحماسية حول تشخيص وعلاج
مشاكل الشرق الأوسط. بالنسبة للكثير من
الأشخاص في الحقل، والذين ينحدرون من
هذه المنطقة، فقد جاءوا إلى الولايات
المتحدة تحديداً لأنها تمنحهم الحرية
ليعبروا عن آرائهم بانفتاح. صحيح أن
موضوعات أبحاث معينة قد تم استثناؤها
من أجندة الدارسين. على الأخص دراسة
إرهاب الشخص لم تكن أولوية. ومع ذلك فإن
الدارسين ينبغي أن يدرسوا القضايا
التي يعتقدون أنها ضرورية. إضافة إلى
ذلك فإن سجل دراسات الإرهاب كفرع لم
يكن بارزاً، وهي حقيقة توضح البغض
الأوسع في العلم السياسي للإرهاب.
كيف
نضمن تنوع المواقف التحليلية
والأساليب في العلوم السياسية ؟ إن
غياب التنوع هو النقطة السلبية
الأساسية للمراجعة المدققة، بنزعتها
إلى تقليص ما يراه الدارسون على أنه ذو
علاقة بعملهم. لهذا السبب فإن المراجعة
المدققة كآلية لتقديم المنح ليس فوق
المساءلة. ولكن هذه المشكلة تسم العلوم
الاجتماعية والإنسانية عموماً، وحلها
داخل دراسات الشرق الأوسط سيعتمد بشكل
كبير على تطورها في الفروع الأوسع.
|