قسم
الترجمة والمتابعة
بين
عبد الله وشارون:
حكومة
بوش تتمعن في خيارات الشرق الأوسط
ديفيد
ماكوفسكي: باحث كبير في معهد واشنطن.
يقوم
سيل من الزوار بزيارة الولايات
المتحدة للتحدث مع مسؤولي حكومة بوش
الكبار حول الشرق الأوسط. وقد يكون
الزائر الأكثر بروزاً الأمير عبد الله
ولي العهد السعودي، الحاكم السعودي
الفعلي والذي كانت آخر زيارة له إلى
الولايات المتحدة منذ ثلاث سنوات. كضيف
خاص استضافه الرئيس بوش في مزرعته في
كروفورد، تكساس الأسبوع الماضي. وتشمل
لائحة الزوار الآخرين الذين سيلتقون
بالرئيس بوش: الرئيس المصري حسني
ومبارك، وملك المغرب محمد السادس،
ورئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.
في الأسبوع التالي، يستضيف الرئيس بوش
رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون،
وبعد ذلك بوقت قصير ملك الأردن عبد
الله. اليوم ستستضيف دائرة الحكومة
ديبلوماسيين كباراً يتعاملون مع الشرق
الأوسط، سيتدفقون من الاتحاد
الأوروبي، وروسيا، والأمم المتحدة.
هذه البلدان والمنظمات أخذت تتشاور مع
بعضها ومع الولايات المتحدة أكثر مما
كانت تفعل في الماضي.
وبينما
يجتمع الرئيس مع هؤلاء القادة ويتفكر
في الخيارات المعروضة أمامه، فإن هناك
تغيراً ملحوظاً في التركيز العام
لحكومة بوش على الشرق الأوسط، بعيداً
عن الأجندة المقصورة فعلياً على
مكافحة الإرهاب بعد 11/9. وخطاب الرئيس
بوش للكونغرس في سبتمبر الماضي، وخطاب
اتحاد الولاية في كانون الثاني، إن
المبدأ النشط في هذه الحكومة كان الحرب
على الإرهاب. لقد نجح العنف في الميدان
الإسرائيلي الفلسطيني في تغيير أجندة
الرئيس بوش، رغم أنه ترافق مع مبادرة
السلام السعودية التي قدمها ولي العهد
السعودي الأمير عبد الله في القمة
العربية في بيروت منذ ستة أسابيع.
السعوديون
يغيرون الأجندة:
في
أعقاب 11 أيلول كان هناك الكثير من
التركيز الأمريكي على حقيقة أن خمسة
عشر من أصل تسعة عشر مختطفاً جاؤوا من
السعودية العربية. وتحرك تسلط الأضواء
بالتالي إلى التمويل السعودي
للمتطرفين الإسلامويين والمدارس
المعادية لأمريكا، ومادة الكراهية
المعادية لأمريكا في مناهج المدرسة
السعودية والإعلام التابع للحكومة.
ومع ذلك، فلا يوجد دليل على أن هذه
القضايا قد بحثت في محادثات كروفورد
بجلاء. على العكس، يبدو أن ولي العهد
عبد الله كان ناجحاً في قلب الطاولات
وجعل الميدان العربي ـ الإسرائيلي
موضع التركيز حصراً في محادثاته، فيما
يفهم من التقارير، أن الأمير عبد الله
جعل وجوده في كروفورد بحد ذاته تنازلاً
رئيسياً، وأصر على أن يعاد الدفع له
بالعملة العربية الإسرائيلية. لقد كان
من الصعب جداً رؤية عرفات يتم إطلاق
سراحه من رام الله بالأمس، بغض النظر
عما يستحق، وأن يعتبر هذا الإطلاق
شيئاً هزيلاً لحصيلة نتجت عن تهديدات
سعودية بالابتعاد عن واشنطن. ورغم
الإنكارات، فيبدو أن عبد الله قد كرر
تهديداته من آب الماضي في محادثاته،
مما يدل ضمناً على أن السعوديين قد
يقطعون تدفق النفط، أو يقومون بمعانقة
صدام حسين. إن طريقة سوق التهديدات
كانت ناجحة للرياض. وكما تقول تقارير
صحيفة الواشنطن بوست في 10/شباط، فإن
ولي العهد عبد الله كان قد هدد الرئيس
بوش في آب الماضي بقوله (اذهب
أنت في طريقك، وسأذهب أنا في طريقي. من
الآن وصاعداً سنحمي مصالحنا الوطنية،
بغض النظر عن مواضع مصالح أمريكا في
المنطقة). وقد شجع هذا مجلس الأمن
على أن يطلب في بداية سبتمبر من الرئيس
بوش إلقاء خطاب يؤيد فيه تصوراً لدولة
فلسطينية، في الأمم المتحدة في وقت
لاحق من ذلك الشهر، وليخطط للقاء مع
عرفات في ذلك الوقت. إن اللقاء المخطط
له مع عرفات تم إيقافه بسبب 11/9، ولكن
الرئيس بوش ألقى الخطاب.
إن
إطلاق سراح عرفات اللاحق بعد مؤتمر
كروفورد يظهر فعالية العضل
السعودي. وهو يثير تساؤلاً فيما
إذا كان هذا النموذج سيحتذى في النتيجة
التي اقترحها السعوديون في مبادرتهم
في بيروت في آذار.. أي، حلاً مفروضاً (بالقوة)
مرتكزاً إلى خطوط وقف إطلاق النار في
الـ 1967. إن القدرة السعودية على طرح هذه
الفكرة لم تعد خيالية كما كانت تبدو في
الماضي. فالنجاح السعودي حتى الآن في
التأثير على حكومة بوش هو أحد أربعة
أسباب لكون مقاربة كهذه لا يمكن
إبعادها.
ثانياً،
فإن السعوديين والعرب والآخرين يبدون
ناجحين في إقناع الرئيس بوش بأن
استمرار التوتر في الميدان العربي
الإسرائيلي سيقضي بالفشل على هدف
مركزي للسياسة الخارجية لحكومة بوش،
أي إسقاط نظام صدام حسين.
ثالثاً،
وفقاً للتقارير، فيبدو أن ولي العهد
عبد الله كان ناجحاً في كروفورد في
إقناع الرئيس بوش بأن مقاربة الرياض
ستكون مختلفة عن تلك التي طرحته في عقد
التسعينات، عندما وجهت الولايات
المتحدة بنفوذها الحكومات
الإسرائيلية تجاه معاهدة نهائية مع
الفلسطينيين، ولكن القادة العرب لم
يفعلوا أي شيء مقارنة بعرفات. ويدعي
السعوديون أنهم مستعدون (لقسم من العمل).
إذا وجهت الولايات المتحدة شارون، فإن
السعوديين سيضغطون على عرفات ويضمنون
أن تقوم السلطة الفلسطينية بمحاربة
الإرهاب. بالطبع فإنه مايزال غير واضح
فيما إذا كانت الرياض ستفعل ذلك. ويقول
مسؤولون أمريكيون كبار بأن عرفات قد
أثبت أنه متشكك من رسائل ديبلوماسية
هادئة من قادة عرب إذ اعتقد أن هدفهم
إرضاء واشنطن. ويقولون أنه سيتحرر من
شكوكه فقط إذا قام هؤلاء القادة بإعلان
انتقاداتهم، وهو شيء لم يقوموا به
أبداً بشكل فعلي.
رابعاً،
فإن مقاربة الزخم السعودي قد زودت
بالطاقة من قبل قوة أخرى: الخواء الذي
نتج عن رفض شارون لإتباعٍ علني
لاستراتيجية للغزوات في الضفة الغربية
مع استراتيجية سياسية في مواجهة
القضايا الواقعة في متناوله. في نفس
الوقت، في مقابلة له الليلة الماضية مع
المستضيف في (خط الليل) تيد كوبل، أكد
شارون على أنه سيأتي بخطة مفصلة خلال
لقائه مع بوش في الأسبوع التالي. ذكر
شارون أيضاً فكرة مؤتمر سلام خلال رحلة
باول الأخيرة في المنطقة، ولكنه أعطى
تفاصيل قليلة جداً.
خيارات
المؤتمر:
بينما
تتنافس حكومة بوش حول فيما إذا كانت
ستدعو إلى مؤتمر سلام للشرق الأوسط،
ينبغي أن نشير إلى أن أي مؤتمر سيواجه
الكثير من العقبات، بما في ذلك دور
عرفات، وارتباط أي معاهدة بالإصلاح
السياسي والاقتصادي الفلسطيني، ودور
المجتمع الدولي فيما يتعلق بهذه
المحادثات، ورغم ذلك فإن العقبة
العظمى ستكون على الأرجح مجال هذه
المحادثات. وفيما يلي الخيارات
الممكنة:
ـ
معاهدة مفروضة: سيطلب من إسرائيل
العودة إلى خطوط وقف إطلاق النار في 1967،
ربما مع تعديلات صغيرة مثل ثوابت
كلينتون في كانون أول/2000، وستتم معارضة
هذه المقاربة بالتأكيد من قبل شارون،
الذي سيراها خطة مفروضة تهدف إلى تقسيم
القدس وتعريض أمن إسرائيل للخطر،
بجعلها تتنازل مع الوقت عن حدودها
الشرقية، ووادي الأردن. سيعتقد شارون
أنه يستطيع حشد الجمهور الإسرائيلي ضد
الفكرة بعد سنة ونصف من العنف و(تفجيرات
القتل)، والاعتقاد السائد في إسرائيل
بأن القيادة الفلسطينية قد أظهرت
القليل جداً من الاهتمام بالتسوية أو
بمكافحة الإرهاب.. وهي أمور تراها
إسرائيل كحجر أساس لاتفاقيات أوسلو.
ـ
مؤتمر المعاهدة المرحلية: سيتم
تكريس المؤتمر للتفاوض على تأسيس
الدولة الفلسطينية، في جزء من الضفة
الغربية وغزة، جنباً إلى جنب مع جهد
اقتصادي دولي لإنعاش الاقتصادين
الفلسطيني والإسرائيلي. وقد قبل شارون
بفكرة دولة فلسطينية، ولكن معاهدة
مرحلية من الممكن أن تتم معارضتها من
قبل الفلسطينيين. معتقدين بأن
المبادرة السعودية وثوابت كلينتون قد
أوصلتهم بعد عذاب قريباً من حدود 1967،
ولكون أوسلو التدرجية حررتهم من الوهم
في الماضي، فإن من المرجح أن يقوم
الفلسطينيون بمعارضة أي شيء يقصر عن ما
نسبته 100% من مطالبهم من الأرض.
ـ
معاهدة جزئية إضافة إلى مؤتمر جدولة
للوضع النهائي: إن مؤتمر كهذا،
والذي سيكون في مكان ما بين المقاربتين
الأوليين، قد يركز فورياً على اتفاقية
مرحلية، بينما يضع جدولاً لحل القضايا
المختلف عليها، مثل قضية اللاجئين
والقدس. وفي حال تمت استمالة
الفلسطينيين لقبول هذه المقاربة،
فإنهم على الأرجح سيرغبون في جدول
ثقيل، والذي سيرغبون كذلك في أن يقوم
المجتمع الدولي بتعزيزه. في المقابل
فإن إسرائيل ستسعى على الأرجح إلى جدول
مريح مستند إلى أداء فلسطيني مبرهن مع
الوقت في أجواء مكافحة الإرهاب،
والتسوية لضمان حس بالتوازن بين
المفاهيم التي تحكم عملية السلام هذه:
الأرض للفلسطينيين والسلام لإسرائيل.
|