مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الثلاثاء 16 / 04 / 2002م

التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرقصحيفية الشرق العربي  |

.....

   
 

متابعات

اعداد قسم الترجمة

الرئيس بوش والشرق الأوسط

عام على انتخابه

ميشيل ماندلبوم، روبرت هنتر، ووليام كريستول

في 22/1/2002/ حاضر ميشيل ماندلبوم، وروبرت هنتر، ويليام كريستول في المنتدى السياسي الخاص التابع لمعهد واشنطن. والبرفيسور مدير لدراسات السياسة الخارجية الامريكية في مدرسة (النايتز) للدراسات الدولية والمتقدمة في جامعة (جونز هوبكنز). وروبرت هنتر مستشار كبير في شركة (راند) وسفير سابق للولايات المتحدة في (الناتو). ووليام كريستول رئيس تحرير (الستاندرد) الأسبوعية فيما يلي تقرير موجز عن ملاحظاتهم .أعد هذا التقرير ربيكا انجبير.

أولا : ميشيل ماندلبوم :-

في أعقاب الحرب الباردة، فإن أقاليم محددة من العالم (على سيبل المثال، أوروبا الغربية، شمال شرق آسيا، نصف الكرة الغربية) يجمع بين كونها مهمة للولايات المتحدة، وبين كونها حتى هذه اللحظة مستقرة نسبياً. إلا أن عدة أقاليم أخرى (على سبيل المثال، ما وراء صحراء أفريقيا، ووسط آسيا التي كانت سوفيتية سابقاً) هي أقاليم غير مستقرة ولكنها ليست ذات أهمية. إن الشرق الأوسط هو المنطقة الوحيدة التي تفتخر بالإزدواج التعس لكونها تجمع بين كونها مهمة وغير مستقرة .

إن (أحداث) 11/9 قد غيرت الطريقة التي تنظر بها الولايات المتحدة لهذه المنطقة. إن القضية الأكثر إلحاحاً والتي تواجه حكومة بوش اليوم هي الإرهاب، و(تنظيم) القاعدة هو أولويته الأولى. والعراق هو أولويته الثانية، ولكن هناك خلافاً جارياً حول فيما إذا كان التحرك ضد العراق سيعرض علاقات أخرى في المنطقة للخطر، وعلى الأخص علاقة الولايات المتحدة مع العربية السعودية. هناك أمر واحد واضح: بعد 11/9، فإن هؤلاء الذين يؤيدون اتخاذ إجراءات قسرية لإزاحة صدام حسين وضعهم أقوى بكل الطرق، بما في ذلك الطريقة التي تعد الأكثر...سياسية .

إن القيد الأول والرئيسي على نشاط الولايات المتحدة في الخارج هو حصر ما يرحب الشعب الأمريكي ببذله. وهو لن يكون كثيراً.. وبالتأكيد ليس دماءً لنشاطات لا تبدو متعلقة بشكل مباشر بالأمن الأميركي. هذا يضيق الحقل فوراً. إن مكافحة انتشار الأسلحة يتطلب بالأحرى دعماً مادياً في الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، فإنه وفي أعقاب 11/9، فإن الرئيس نفسه أصبح لديه دعم سياسي معتبر في الولايات المتحدة. ولذلك، ففي حال اختارت هذه الحكومة إزاحة صدام حسين من السلطة، فإن بإمكانها حشد الدعم السياسي الداخلي الضروري، حتى للقيام بعمليات عسكرية تقع فيها إصابات أميركية حقيقية .

بالإضافة إلى المحافظة على الدعم الداخلي، فإن المهمة الديبلوماسية لتشكيل ائتلاف موافقة أكثر من ائتلاف مشاركة لإزاحة صدام حسين لن يكون مستحيلاً، بل قد لا يكون صعباً كذلك. فصدام لا يحظى بالكثير من التأييد في العالم، في حين أن "منع انتشار الأسلحة" يتمتع بدعم ذي أهمية، خصوصاً بين الدول التي لديها أسلحة نووية. ولن يكون أمراً مستحيلاً ضمان عدم معارضة الدول الأقوى في العالم: الأوروبيين، والروسيين، والصينيين والهنود.. لعمل (عسكري) أمريكي، بل والأمل حتى في التعاطف معه. في الحقيقة، ففي أعقاب الحرب الباردة، يستطيع المرء أن يقول أن أي شئ يؤيده الشعب الأمريكي بجدية، هو شئ من الممكن حمل معظم بقية العالم على تأييده .

قضية رئيسية لاهتمام الحكومة الأمريكية: هي قضية  السعودية العربية، وهي بلد على الصعيد السياسي يقوم  نظامها على القمع وأما على الصعيد الشخصي فهو فاسد، وعلى الصعيد الاقتصادي غير كفؤ (الدخل الإجمالي لكل فرد أقل من نصف ما كان عليه منذ خمس عشرة سنة مضت). لقد أقامت الولايات المتحدة (وما تزال) تحالفاً مع العائلة المالكة السعودية منذ ستين عاماً، وكانت الصفقة الجوهرية فيه "النفط مقابل الحماية". إلا أن هذا التحالف تم تشكيله وتوجيهه بعيداً عن أعين الشعب وبين النخبة فقط. في 11/9، أدرك الشعب الأمريكي فجأة أن هذا التحالف الطويل الأمد قد سلك مساراً في السياسة الخارجية يذكر بالاتحاد السوفيتي و أنه (التحالف) على صعيد السياسة الداخلية له شبه قوى سياسية التمييز العنصري في جنوب أفريقيا. وبعد11/9، قد يبدأ الأميركيون في التساؤل عما إذا كان من مصلحة الولايات المتحدة ومصلحة العالم أن يسيطر نظام كنظام العائلة السعودية على احتياطي العالم من النفط. إذا كان هناك درس واحد يمكن لحكومة بوش أن تأخذه من أحداث 11/9، فسيكون أن القول بأن "ما هو جيد للعائلة السعودية المالكة جيد للولايات المتحدة " يستحق تدقيقاً قوياً .

ثانيا : روبرت هنتر

إن للعراق أولوية قصوى بلغة الأمن الأمريكي. فالولايات المتحدة لا تستطيع السماح لصدام حسين بأن يحرز أسلحة للدمار الشامل ووسائل إنتاجها. ومع ذلك، فسيكون أمراً في غاية الصعوبة خلق قضية تربط العراق بالإرهاب. لقد عمل صدام باجتهاد حتى لا يتم الإمساك به وهو يقوم بأي عمل تعتبره الولايات المتحدة إرهاباً .

إن المشكلة مع العراق ليست الإرهاب، بل على الأحرى احتمالية إحراز صدام لأسلحة الدمار الشامل. نوعان منها على الأخص: أسلحة نووية من الممكن نشرها، وعوامل بيولوجية من الممكن تحويلها إلى أسلحة. وتفرض كل منها تحديات كبيرة، وتُعتبر تهديداً حقيقياً. إن الحصول على هذه القدرة يمكن صدام حسين من أن يصبح لاعباً من نوع مختلف في المنطقة، لاعباً قد يسعى لمنعنا من المشاركة في أنشطة بالغة الأهمية لمصالحنا ولحلفائنا. وسيفرض هذا تهديداً مادياً خطيراً للولايات المتحدة ولا يمكنها أن توافق عليه .

ينبغي أن تبدأ الولايات المتحدة الآن بتشكيل قضية التحرك النهائي على العراق. على الحكومة أن تكون منفتحة على جميع البدائل، بما فيها مقدمة نظام تفتيش أسلحة فعال بهدف التخلص من أسلحة صدام للدمار الشامل. إن العمل مع الحلفاء، وخصوصاً الأوروبيين، سيكون أساسياً لصياغة شراكة ستكون حاسمة لأي تحرك ناجح ضد العراق وتتطلب أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها تصميماً وعملاً منتظماً .

إن أي عملية في حد ذاتها لن تكون سهلة. فستتطلب قواعد للعمليات في المنطقة، والذي يعني بشكل محدد السعودية العربية. ورغم أن مواجهة قضايا الإصلاح في العربية السعودية أمر مهم، فإن التعامل مع العراق له أولوية أكثر إلحاحية، وفي الحقيقة فإنه صعب تماماً على أي حكومة افتراض وجود مخاطر كبرى تتطلب تغيير السياسة المرجوة في غياب وجود تهديدات مباشرة وفورية للمصالح الأميركية. لهذا السبب، فلن يكون مدهشاً، فيما لو قررت الحكومة في مواجهة حجم التعامل مع العراق والمشاكل التي ستنشأ عن محاولة هندسة تغيير داخلي في العربية السعودية، أن تتخلى عن الثاني لتركز على الأول. ومما هو قابل لإعادة النظر فيه، أنه قد يكون هناك خلاف حول أن سعودية عربية ديمقراطية قد لا تكون أفضل تحقيق لمصالح أميركا في اللحظة الراهنة؛ ذلك أنه لو تم إجراء انتخابات حرة في السعودية العربية اليوم، فسيفوز أسامة ابن لادن على الأرجح. ولذلك، ففي الوقت الذي تبدو فيه الحكومة مؤيدة لحدوث تغيير في السعودية العربية، إلا أنه ليس أمراً ذا أولوية قصوى .

ما هو أكثر أهمية، إن على الولايات المتحدة أن توضح أنها (موجودة) في الشرق الأوسط لتبقى. إن الشرق الأوسط هو الآن ذا أولوية قصوى بالنسبة للولايات المتحدة؛ كما كانت أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.وينبغي على الولايات المتحدة أن تبين بشكل واضح أنها تتوقع من حلفائها أن يساندوها، وأنها ستقود حملة على الإرهاب بشكل كامل، وأنها ستبقى منغرزة في المنطقة حتى تنهي عملها، ولو كان ذلك عالي الكلفة. ويتطلب هذا تعلم الدروس من الجهود الماضية.. بشقيها الناجح والفاشل.. لتعزيز السلام العربي الإسرائيلي وللبقاء ضمن الارتباط. لا توجد دولة أخرى ولا حتى جماعة من الدول لديها ما لدى الولايات المتحدة من مكانة وتاريخ، ومصالح، وقدرة للقيام بما تستطيع الولايات المتحدة القيام به لدفع عجلة قضية السلام ما دام يضمن أمن إسرائيل .

ثالثا : ويليام كريستول

ينبغي أن تخاطب الحكومة العراق أولاً، مما سيقود إلى إعادة التفكير في العلاقات السعودية-الأميركية استبدال صدام حسين.. وعلى الأخص بنظام ديمقراطي مستغرب.. سيكون له تأثير هائل على مسألة العربية السعودية، والتي هي قضية هامة ولكن لها إلحاحية أقل بلغة أمن الولايات المتحدة الوطني. إنه لمن النفاق أن تقول قوى عظمى بأنها ملتزمة بتغيير النظام، وأن من غير المقبول لصدام أن يطور أسلحة الدمار الشامل...وأن تقوم بعد ذلك عن عزم ودراية بتبني سياسات لا تتخذ أي خطوات لكبح أسلحة الدمار الشامل هذه. ورغم أن الولايات المتحدة ينبغي أن لا تحبذ العمل من خلال الأمم المتحدة، إلا أن جزءاً من العملية الديبلوماسية التي تركز على مفتشي الأسلحة قد تكون فعالة في كسب الحلفاء وتهدئة الدول الأخرى في المنطقة. أخيراً، فإن على الولايات المتحدة أن تفكر بجدية أكبر حول ما إذا كانت تستطيع التسامح مع تطوير العراق وإيران لأسلحة الدمار الشامل بغير مراقبين، وبدون فرض عقوبات، ومع إنهماكها بشكل أكبر في رعاية محادثات سلام غير فعالة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. إن انسحاب الولايات المتحدة من السعودية العربية كمساهمة في جلب الاستقرار في نفس الوقت الذي تبقى فيه متحالفة ديبلوماسياً مع نظام فاسد هو أمر غير واقعي، ومن غير المرجح أن يختار الرئيس بوش هذا الطريق.

قبل أحداث 11/9، كان ينظر إلى تأجيل هذه القضايا على أنه سياسة مقبولة لأن التهديد لم يكن يبدو وشيكاً، وبإمكان المرء أن يتخيل أنه لربما مع بعض الحظ، لكان صدام حسين قد اجتاز المشهد أخيراً لكانت التطورات في إيران قد استمرت في التحرك في اتجاه إيجابي .

الآن، فإن التراخي نفسه هو خيار.. ولكنه خيار يعرض الشرق الوسط والعالم كله للخطر. إن التراخي سيوصل رسالة بأن أميركا غير مستعدة للمخاطرة وغير مستعدة لتشكيل عالم أكثر أمناً. إن رسالة كهذه ستكون لها عواقب دولية خطيرة. سيخسر حلفاء أميركا ثقتهم بها، مما سيثير بدوره سباق تسلح هائل، ضارٍّ بمصالحنا ومصالح حلفائنا. وسيعتقد هؤلاء الحلفاء أن الولايات المتحدة قد أقدمت على اتخاذ موقف ضد الطالبان لأن الطالبان لم يكن بإمكانهم الرد في الحقيقة، وأن أي دولة تشكل تهديداً عسكرياً جاداً (سواءً كان لديها أسلحة دمار شامل أم لم يكن) هي آمنة بشكل أساسي من التصرف الأميركي. إن عدم الرضى السعودي ليس حقيقة كافياً، أو ذا أهمية بما فيه الكفاية ليردع الحكومة عن اتخاذ إجراء هام بشكل أساسي للأمن الأميركي ولأمن المنطقة .

ينبغي أن لا يكون الأوروبيون مندهشين عندما تنتشر أمريكا جنوداً في العالم لحفظ الاستقرار ودعم الديمقراطية. لقد قامت الولايات المتحدة بعمل هذا في أوروبا لأكثر من خمسين سنة، وليس الأوروبيون هم المخولين الوحيدين ليكونوا المستفيدين من "إمبراطورية تحرر" أميركية. إن شعوباً أخرى تريد أن يتم تحريرها من الطغاة، وحلفاء آخرين يحبون أن يحظوا كذلك بالدعم الأميركي، وديمقراطيات مكافحة أخرى، ليست أقل قيمة من تلك التي كانت في أوروبا في أواخر عقد الأربعينات وأوائل عقد الخمسينات 1950، تريد المساعدة الأميركية. من الواضح، أن الأميركيين سيدفعون على الأغلب مقابل أي إجراء يتم اتخاذه رداً على هجوم مباشر على الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن الشعب الأميركي لديه أيضاً سجل وافي لدعم الحركات المكافحة والتي تصب في سياق مصلحتهم ومصلحة العالم .

وذلك في سبيل الديمقراطية والحرية. لا ينبغي أن يبقى الشرق الأوسط مستثنى من الحركة العالمية تجاه الديمقراطية الليبرالية .

السابق

for

S&CS

للأعلى

2002 © جميع الحقوق محفوظة     

   

التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرقصحيفية الشرق العربي  |