مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم السبت 27 / 04 / 2002م

التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرقصحيفية الشرق العربي  |

.....

   
 

متابعات

فرصة واحدة أخيرة

دنيس روس

لقد جاء عدد من الإسرائيليين والفلسطينيين إليّ في الأسبوع الفائت يطلبون مخرجا من الوضع الذي أصبح أكثر ترديا من أي وقت مضى والذي وقعوا في شراكه. ويبدو أن العناوين تصبح أسوأ كل يوم. بالأمس، ثأر الإسرائيليون من مقتل ستة من جنودهم في نقطة تفتيش في الضفة الغربية، فقاموا بمهاجمة عدد من مكاتب ياسر عرفات ومركز الشرطة، وقتلوا على الأقل 16 فلسطينيا. إن لولبية التصعيد تتنامى، ولا تلوح هناك أي نقطة للنهاية .

إن الملزمة التي يمسك بها الفلسطينيون تصبح أكثر إحكاما، ولكن أفعال العنف لا تتوقف. والعنف حادث يومي، وهو يسوء يوماً بعد يوم. يرى الإسرائيليون فرصة ضئيلة في السلام أو الأمن. ويعلمون أنه لا توجد إجابة عسكرية لمشكلتهم الفلسطينية، ولكنهم كذلك لا يرون شريكا في السلام. من وجهة نظرهم، فإن عرفات لم يقل نعم عندما ظهرت الفرصة التاريخية لإنهاء النزاع. لقد حرض على الإرهاب مرات عديدة، وتغاضى عنه، إذا لم نقل أنه شجعه مرات عديدة. واليوم، وبعد الاستيلاء على سفينة كارين. إيه، فإنهم يتساءلون عما إذا كان يريد أو حتى كان قادراً على وضع الأمور تحت السيطرة. ويعتقد الفلسطينيون أن الإسرائيليين، بردودهم العسكرية، يعاملونهم كما لو أنهم ليسوا بشراً. إنهم يعانون بشكل يومي من الحصار الإسرائيلي المفروض على مدنهم وقراهم. ويعتقدون أن الإسرائيليين لا يريدون التنازل عن السيطرة على الأراضي المحتلة. ويرون أن بيت عرفات المعتقل في رام الله هو إذلال آخر، وهو في الحقيقة يؤدي إلى التعاطف معه ولا يقلل من قوة علاقته بهم.

ولكن هناك أصواتاً فلسطينية أخرى كذلك، هناك هؤلاء الذين يعرفون أن الانتفاضة قد أصبحت كارثة، ودمرت حيوات الفلسطينيين، واقتصادهم، وآمالهم وطموحاتهم. إنهم يعلمون أنه لا بد وأن هناك طريقا آخر. في الوقت الذي يجتذب فيه الغضب تأييدا متزايدا للعنف في الاستفتاءات الفلسطينية، فإن هذه لاستفتاءات تظهر كذلك غالبية من الفلسطينيين تفضل السلام .

إن الاستفتاءات في إسرائيل تظهر أن الإسرائيليين يريدون أكثر من أي شيء آخر الانتهاء من هذه المشكلة. إنهم لا يريدون احتلال المجتمعات الفلسطينية، إنهم يريدون أن يتم تحريرهم هم من الفلسطينيين، ولكنهم يشكون في كون الفلسطينيين مستعدين لتسوية أنفسهم للحياة في سلام مع إسرائيل .

في هذا المناخ، فإن هناك أملاً ضئيلاً للتفاوض على حل رسمي في الوقت القريب. إلا أنه أمر أساسي محاولة إعادة تأسيس شعور بأن ذلك ما يزال ممكنا وشعور بالأمل. ويتطلب القيام بذلك استجابات تقليدية وغير تقليدية .

ينبغي أن تكون البداية هي إنهاء العنف. إنني مستمر في الاعتقاد بأن عرفات ذو (صفة)، لأن الفلسطينيين وحدهم يستطيعون اختيار جعله غير ذي صفة. ولكنني أعتقد كذلك أن عليه أن يظهر للإسرائيليين ولنا أنه على استعداد لتحمل المسئولية .

من جانبنا، فإن الضغط عليه لكي ينفذ ما يطلب منه، دون توضيح أن هناك نتائج ستترتب على عدم تنفيذه، لم ينجح. وبنفس الطريقة، فإن مطالبته بالتنفيذ في مناخ يكاد يكون من المستحيل عليه فيه ذلك يفشل امتحان اختبار نهائي حقيقي .

لقد أخبرني فلسطينيون أحترمهم أنهم يعلمون ما عليهم أن يفعلوه عند هذه النقطة. إنهم يفهمون بشكل واضح أن عليهم القيام باعتقالات حقيقية، وأن ينهوا المنظمات الإرهابية، وان يجمعوا الأسلحة الغير شرعية، ويمنعوا أعمال العنف بشكل فعلي. وهم يقولون إنه ينبغي أن تتوقف إسرائيل عن القتل الموجه وتزيل الحصار عن الشعب الفلسطيني لمدة عشرة أيام. بحيث يتوفر لهم مناخ يستطيعون فيه البدء باتخاذ خطوات كهذه .

هل سيفعلون ما يقولون؟ لست واثقا. ولا أقول أن إسرائيل تخاطر بقبول طلب العشرة أيام. ولكن ما أعلمه أنها لا تمتلك الأمن اليوم ولن تحصل عليه خلال عشرة أيام من الآن طالما أنها لم تغير موقفها .

إنني أعلم أيضا أن إعطاء الفلسطينيين فرصة عشرة أيام قد لا يغير شيئاً. ولذلك فإنني سأوضح أنه ستكون هناك عواقب لإعطاء القيادة الفلسطينية... لإعطاء عرفات... فرصة واحدة أخيرة. إن متطلبات التنفيذ ينبغي أن تكون واضحة، وينبغي أن نخبر المصريين، والسعوديين، والأردنيين وحلفاءنا الأوروبيين بأننا قد أقنعنا الإسرائيليين بإيقاف هجماتهم لفترة (العشرة أيام) المطلوبة؛ وأن على عرفات أن ينفذ، وأنه إذا لم ينفذ فإننا سنعلق علاقاتنا معه. إن تعليق العلاقات ليس نهاية. وأن من الممكن أن يتم إلغاؤه بالتنفيذ. عدا عن ذلك، فإننا سنقدم توضيحاً بأنه وبينما لا نستطيع خلع القيادة الفلسطينية، فإننا نختار أن لا نتعامل مع قائد يرفض القيام بالحد الأدنى من متطلبات مسؤولياته .

عدا عن إعطاء الإسرائيليين للسلطة الفلسطينية عشرة أيام لتثبت أنها ستفعل ما هو ضروري، فقد حان الوقت للإسرائيليين لأن يراجعوا موقفهم تجاه الشعب الفلسطيني. إن إسرائيل ليس لديها الحق فقط ولكن أيضا عليها واجب توفير الأمن والحماية لمواطنيها. ولكن يجب أن يكون هناك طريقة لتوفير الأمن للإسرائيليين، بغض النظر عن امتثال السلطة الفلسطينية أم لا. إنه كذلك من مصلحتنا .

هناك شيء آخر بإمكاننا عمله. إن بإمكاننا بدء مبادرة إنسانية كبرى للشعب الفلسطيني. وهي لن تكون بديلاً لعملية سياسية ولكن استجابة لوضع يحيا فيه ما يزيد على نصف الشعب الفلسطيني تحت خط الفقر. بالنسبة لدول الخليج التي تدعي أنها قلقة حول ما يحدث للفلسطينيين، فقد حان الوقت لهم ليضعوا أموالهم حيث تنطق أفواههم. إن بإمكاننا أن نجعل من هذا مبادرة أمريكية عربية، تدار عبر ميكانزمية جديدة لتكفل وصول المساعدة والاستثمار بشكل مباشر إلى هؤلاء الذين يحتاجونها وبإمكانهم الاستفادة منها .

أخيراً، فقد حان الوقت للأساليب الغير تقليدية. مع هذا العدد الكبير من الإسرائيليين والفلسطينيين الذين يشكون في وجود حل، فقد حان وقت المساعي الغير رسمية، جهود الشعوب تجاه بعضها. إن منتديات يتحدث فيها الإسرائيليون والفلسطينيون عن شكاواهم الخاصة قد تجعل كلاً منهم يشعر بألم ومعاناة الآخر. علاوة على هذا، إذا كان هناك، كما يخبرونني، إسرائيليون وفلسطينيون يعتقدون أن بإمكانهم وضع هيكل لحل عادل، فليقوموا بذلك. لندع الإسرائيليين يرون أن هناك فلسطينيين يرحبون بالعمل معهم والقيام بتنازلات صعبة تتجاوب مع الاحتياجات الإسرائيلية. ولندع الفلسطينيين يرون أن هناك إسرائيليين مستعدين لإنهاء السيطرة الإسرائيلية على حيواتهم. لندعهم يظهرون أن التعايش السلمي ليس وهماً. ولندعهم يظهرون وجود طريق آخر. ولندعهم يثبتون وجود سبب للتراجع عن السقوط في الهاوية .

السابق

for

S&CS

للأعلى

2002 © جميع الحقوق محفوظة     

   

التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرقصحيفية الشرق العربي  |