مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأربعاء 10 / 09 / 2003م

ـــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | البحث في الموقع |
ـ

.....

   
 

متابعات

معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

 متابعة سياسية رقم 772

هل يستطيع الأمريكيون والأتراك والأكراد

الانسجام معاً في شمال العراق ؟

سونير كاجابتي: زميل كبير ومنسق لبرنامج الأبحاث التركي في معهد واشنطن.

مؤخراً، فإن خيبة الأمل بين أنقرة وواشنطن بسبب فشل تركية في إمداد الدعم الكامل لحملة العراق قد انتهت إلى ما يخشى إلى حد كبير من أنه ورطة. في 4 / تموز/2003 احتجزت قوات الجيش الأمريكي أحد عشر جندياً تركياً من جنود العمليات الخاصة في السليمانية في شمال العراق، والذين يمكن أن يكونوا استناداً إلى الاستخبارات العراقية الكردية يقومون بالتخطيط لإلحاق الضرر بالمسؤولين الأكراد في كركوك. لحسن الحظ فلم يحدث هناك إطلاق نار ولم يتضرر أحد في الحادث. ومع ذلك، تبقى الحقيقة بأن جنود الولايات المتحدة قد اعتقلوا جنوداً من تركية، حليفة حلف الناتو التي نظر إليها على أنها واحدة من أصدقاء أمريكا المخلصين حتى أواخر 2002.

إضافة إلى ذلك، فإن الأتراك كانوا كما يقال يتآمرون على الأكراد، والذين هم أفضل أصدقاء أمريكا في العراق. كيف نفسـر هذه السلسلة من الأحداث غير السارة ؟ وماذا يمكن عمله لمنع وقوع حوادث مشابهة في المستقبل ؟ ما هو أكثر أهمية، هل تستطيع الولايات المتحدة وتركية التحرك قدماً في شمال العراق ؟

خلفيـة:

عندما ذكرت الأنباء حادث 4 / تموز للمرة الأولى أمسكت واشنطن عن التعليق على مستوى عال باستثناء تعليق الناطق باسم الإدارة ريتشارد باوتشر في 7 / تموز بأن الجنود الأتراك منهمكون في (نشاطات مقلقة). بالعكس من ذلك، فقد ردت أنقرة بقوة. وقد دعا وزير الخارجية التركي عبد الله جول وزير الخارجية الأمريكي كولن باول، إلى رفض الادعاءات بأن الجنود الأتراك كانوا متورطين في نشاطات مؤذية وطالب بإطلاق سراح المحتجزين. وقد ذهب الجيش التركي إلى مدى أبعد معبراً عن خيبة أمله من الولايات المتحدة. في 7 / تموز، صرح رئيس هيئة الأركان العامة (حلمي أوزكوك) أن الحادث أشعل شرار أشد (أزمة ثقة) خطيرة حتى الآن بين اثنين من حلفاء الناتو وطالب بإطلاق سراح الجنود الأتراك.

أين تقف الولايات المتحد وتركية ؟

لحسن الحظ، فإن الأزمة قد ذوت بسرعة في 7 / تموز، بعد مناقشة بين نائب الرئيس ديك تشيني ورئيس الوزراء التركي طيب أردوغان، تم إطلاق سراح المحتجزين. حتى والأمر كذلك، ينبغي دراسة متضمنات الحادث لمستقبل العلاقات الأمريكية التركية. بشكل خاص ينبغي الإجابة على الأسئلة التالية:

هل بدئ بالحادث على مرتكزات محلية، مع اتخاذ جنود الولايات المتحدة تصرفاً تلقائياً تجاه الجنود الأتراك ذوي النزعة الاستقلالية وإعلام واشنطن وفقاً للواقع ؟ أم هل كانت أنقرة وواشنطن منهمكتين في هذه الحلقة المتسلسلة من البداية تماماً ؟ من الصعب التحقق من انهماك واشنطن وأنقرة بالضبط في الحلقة المتسلسلة قبل أن تصدر لجنة التحقيق المزدوجة، المنعقدة حالياَ، ما توصلت إليه. ومع ذلك، حتى إذا افترضنا أن الحادث كان موضعي المنشأ أي أن بعض الجنود الأتراك انهمكوا في نشاطات معادية للأكراد دون علم أنقرة، والجنود الأمريكيون احتجزوهم دون إذن من واشنطن أو سبب موجب.. إلا أنه سيبقى رغم ذلك تطور مقلق، يلقي الضوء على عدم الرضا الصرف الذي يشعر به ضباط الرتبة المتوسطة من كلا الجانبين تجاه بعضهم البعض. بكلمات أخرى، فإن أزمة العراق قد أعادت صياغة المفاهيم المتبادلة للجنود الأمريكيين والأتراك: إنهم ينظرون إلى بعضهم البعض على أنه خصوم أكثر من كونهم حلفاء. أما إذا ما جرت هذه الأحداث بمعرفة واشنطن وأنقرة التامة، فإنها ستشير إلى وضع أكثر سوءا حتى أن مباراة الشطرنج على شمال العراق وطبيعة الحكم الكردي هناك قد سممت العلاقات الأمريكية التركية إلى حد لا يمكن تخيله.

مـاذا بعـد ؟

من الواضح، أن الوضع الحالي للعلاقات الأمريكية التركية تترك مجالاً كبيراً لما يطمح إلي عمله، بسبب كبير نظراً للطريقة التي تنظر بها واشنطن وأنقرة إلى أجندة كل منهما في حرب ما بعد العراق. يعتقد الكثيرون في أنقرة أن واشنطن ستقوم في النهاية بإنشاء دولة كردية في شمال العراق، في حين أن الكثيرين في واشنطن مقتنعين بأن تركية تحاول تشويش الأمور هناك. ويشكل هذا تحدياً كبيراً: فطالما بقيت الولايات المتحدة وتركية على خلاف في شمال العراق، فإن هناك فرصاً عالية لأن تتدهور علاقاتهما بشكل أكبر بحوادث مشابهة لحادث 4 / تموز. ما الذي يمكن عمله لمنع حدوث تدهور كهذا ؟

بكل وضوح، فإن إعادة بناء الثقة بين واشنطن وأنقرة فيما يتعلق بشمال العراق لن يكون سهلاً. ومع ذلك، إذا وافق الطرفان والأكراد العراقيون على الدخول في فترة تهدئة بهدف التفكير في التوصيات السياسية التالية، فلا ريب أن هذا سيساعد.

*    توصيات لتركية:

ـ العمل مع واشنطن لإنهاء الإرهاب الكردي في شمال العراق، ينبغي لتركية أن تجد العزاء في كونها قد انتصرت في معركة عسيرة ضد حزب العمال الكردستاني. لقد استطاعت الجماعة إنزال الخراب في شمال شرق تركية خلال عقد التسعينات جزئياً بسبب قدرتها على العمل بحرية نسبية في ظرف فراغ السلطة الذي ظهر في شمال العراق بعد حرب الخليج. الآن يستطيع الأتراك الاستفادة من الوضع الأمني المحسن في شمال العراق والعمل مع الولايات المتحدة لنزع سلاح حزب العمالي الكردستاني، الذي أعيد تسميته مؤخراً بـ(جمعية حرية وديمقراطية كردستان).

ـ ابتداء النظر إلى الأكراد العراقيين، مثل التركمان، على أنهم جزء من العائلة التركية. لفترة شهور قبل حرب العراق، أبدت أنقرة اهتماماً نشطاً ومبرراً بالتركمان، والذين هم ذوي علاقات حميمة بالأتراك. رغم ذلك، تبقى الحقيقة هي أن الأكراد من عائلة الأتراك كذلك. إن تركية دولة يفخر فيها الكثيرون من الناس ذوي الخلفيات الدينية والإثنية بكونهم أتراك. (هناك عدد ليس بالقليل من الجنرالات والسياسيين الذين حاربوا ضد حزب العمال الكردستاني كانوا هم أنفسهم ذوي أصول كردية). ينبغي أن تكون هذه العناصر أساس الموقف التركي تجاه الأكراد في العراق.

*    توصيات للأكـراد:

ـ النظر إلى تركية على أنها الطريق إلى العالم الخارجي والمرساة للغرب. إن المنطقة الكردية في شمال العراق مشطورة بين إيران في الشرق وسورية في الغرب. على المدى القصير يترك ذلك لهم قناتي اتصال بالعالم الخارجي: بغداد وتركية. من هنا فإن تركية متزنة تماماً بحيث تقدم للأكراد العراقيين إذناً بحرية الوصول إلى الغرب، سواء للتجارة مع أوروبا أو لتصدير النفط (إن خط النفط الأساسي الذي يمتد من شمال العراق إلى البحر المتوسط يمر عبر تركية) إضافة إلى ذلك، فطالما بقي العجز في الديمقراطية والإسلام الراديكالي يزعج الشرق الأوسط، فإن تقاليد تركية العلمانية والديمقراطية ستزود الأكراد العراقيين، الذين استقبلت همتهم الذاتية في إنشاء مجتمع مفتوح بالكثير من الهتاف، ستزودهم بمرساة إيديولوجية في الغرب.

*    توصيات للولايات المتحدة:

ـ تذكر أن حلفاء من مثل تركية من النادر وجودهم، حتى إذا لم يكونوا مثاليين. رغم أن الكثيرين في واشنطن منزعجين من تأييد تركية المتأخر للحرب على العراق، فإن إيذاء تركية بشكل أكبر (على سبيل المثال، بقرار الإبادة الجماعية المعلق في مجلس الشيوخ، والذي سيتسبب في خلق رد فعل وطني معاد لأمريكا في تركية) لن يعزز مصالح الولايات المتحدة. مؤخراً، فإن الرأي العام التركي، تقليدياً بين أكثر المؤيدين للأمريكيين، قد أصبح أكثر عدائية لأمريكا. إن مشاعر كهذه لا يبدو أنها راسخة، بل هي نتاج لأحداث العام الفائت. وإذا تركت لتختمر فإن معاداة الأمركة قد تمد جذوراً عميقة في تركية. إن هذا خطير بشكل خاص في وقت بلغ فيه تأييد الأمركة أعلى درجة له في الشرق الأوسط، وفي وقت لم يستقر فيه الوضع في العراق بعد.

ـ تذكر أن أهمية تركية للولايات المتحدة تمتد إلى ما هو أكثر من العراق. الشراكة التركية الإسرائيلية، على سبيل المثال، أمر ثمين لتفكير الولايات المتحدة الاستراتيجي في الشرق الأوسط. إن دعم أنقرة مطلوب كذلك في حوض طاقة كاسبين الغني. على سبيل المثال، ونظراً لروابط تركية الجغرافية والثقافية العديدة مع أذربيجان، فإن بإمكان أنقرة أن تلعب دوراً في تأمين تجول سلمي هناك في ضوء كون صحة الزعيم حيدر علييف ضعيفة منذ زمن طويل. إن البديل للتعاون الأمريكي في منطقة كاسبين هو التأثير الروسي ـ الإيراني.

بالعمل برصانة وبشكل متزايد لإعادة تركية إلى القطيع، فقد يكون باستطاعة واشنطن في النهاية تأسيس علاقة عملية مع أنقرة. والبديل هو أنقرة تسير في الاتجاه الخاطئ.السابق

for

S&CS

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

ــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | البحث في الموقع |
ـ