قسم
الترجمة والمتابعة
فقدان
هدف
اختبارات
الصواريخ والسياسة الأمريكية
في
الشرق الأوسط
سيمون
هندرسون: باحث مساعد في معهد واشنطن
خلال
الأيام القليلة الأخيرة من شهر أيار،
قامت إيران بإجراء اختبار صواريخ،
وأجرت باكستان ثلاثة اختبارات
متشابهة، وأطلقت إسرائيل قمر استطلاع
صناعي. كل واحد من هذه الأمثلة هو دليل،
إذا كانت هناك حاجة له أصلاً، على أن
الصواريخ آخذة في أن تصبح جزء مهما من
المشهد العسكري في الشرق الأوسط وجنوب
غرب آسيا. والسؤال الذي يطرح أمام
واشنطن هو كيف سيؤثر تنامي الصواريخ
المعقدة في الشرق الأوسط، وجنوب شرق
آسيا على استقرار هذه المنطقة
المتقلبة.
اختبارات
الصواريخ:
إيران
تضمن اختبار الصواريخ الإيراني في
أيار، صواريخ متنوعة من صواريخ نود ونج من شمال كورية،
والتي يطلق عليها الإيرانيون شهاب 3،
إلى جانب صواريخ من نوعية سكود والتي
استخدمها العراق وإيران بشكل مكثف في
حرب 1980 ـ 1988، عندما استهدف الطرفان
عواصم الآخرين ومدنهم الكبرى. ورغم أنه
تم استخدام رؤوس نووية شديدة الانفجار
فقط، كان الدمار شاملاً والتأثير على
المعنويات العامة أشد. إن مدى الشهاب
البالغ 800 ميل كما تقول التقارير يجعل
أهدافاً في إسرائيل سهلة المنال،
وكذلك القواعد الجوية التي تستخدمها
الولايات المتحدة في السعودية العربية..
حيث مركز العمليات الجوية الموحد في
قاعدة الأمير سلطان الجوية معرضاً
للهجوم.. وكذلك تركيا. يبدو أن الصواريخ
الإيرانية يمكن الاعتماد عليها بشكل
أقل من تلك التي في باكستان، ولكن
يعتقد أن طهران تستخدم مهندسين روساً
لتحسين السلاح، وقد أدت هذه المساعدة
إلى خلاف في قمة أيار بين بوش وبوتين في
موسكو.
باكستان:
اختبارات
باكستان في أيار، أدت إلى مخاوف من
تبادل نووي مع الهند، كانت استفزازية
بشكل خاص.. ومتحدية لسياسة الولايات
المتحدة. المثير للقلق أنه كان بين
هؤلاء المراقبين للاختبار الأول،
والذي جرى في 25 أيار (ميلاد النبي محمد)،
كان هناك عدة مراقبين أجانب. وتقول
التقارير أن هؤلاء ضموا على الأقل
أميراً واحداً من العربية السعودية (وهي
حليف رئيسي للولايات المتحدة في الشرق
الأوسط)، ومجموعة من شمال كورية (أحد
عناصر مجموعة الرئيس بوش لمحور الشر)،
وآخرون من ليبيا (والتي عرفتها حكومة
الولايات المتحدة كدولة راعية للإرهاب).
الصاروخ نفسه المدعو جهاري (وهو اسم
للمقاتل المسلم الذي هزم خصمه
الهندوسي)، اشتق من صاروخ نود ونج من
شمال كورية، والمصنوع وفقاً لصاروخ
سكود السوفييتي. من باكستان، فإن هذا
الصاروخ بمداه البالغ 950 ميلاً،
وبقدراته النووية،
بإمكانه أن يصل إلى معظم أجزاء الهند.
ومن السعودية العربية، بإمكانه أن
يضرب إسرائيل كلها ومعظم إيران. وستكون
كل من تركيا واليونان وإيطاليا ضمن
مداه بسهولة إذا تم إطلاقه من ليبيا.
إن
واشنطن قلقة حول ما يمكن أن يكون
اهتماماً سعودياً بقدرات باكستان
النووية الصاروخية. في أيار 1999 بعد أقل
من سنة على اختبار باكستان للقنبلتين
الذريتين، قام وزير الدفاع السعودي
بجولة في مصنع تخصيب اليورانيوم
المحمي وتسهيلات صناعة صاروخ جهاري في
كاهوتا خارج العاصمة الباكستانية
إسلام أباد. وقد أثارت الزيارة
احتجاجاً رسمياً من واشنطن، وأثارت
مخاوف من أن السعودية العربية كانت
تدرس الجهاري لتستبدل به صواريخ سي. إس.
إس ـ2 والتي اشترتها أصلاً من الصين في
عام 1998. لقد تدفقت هذه الصواريخ
الصينية إلى المملكة بشكل سري، وتوجهت
مباشرة إلى مهبط طائرات خاص في مزرعة
قرب الرياض يملكه الأمير سلطان، وهو
الشخص المحتمل الثاني للجلوس على
العرش بعد الأمير عبد الله. وقد تسبب
هذا الحادث في شجار ديبلوماسي بين
واشنطن والرياض، وأدى إلى مطالبة
الملك فهد بأن تقوم الولايات المتحدة
باستبدال سفيرها إلى السعودية
العربية، هوم هوران. منذ ذلك الوقت،
أبقى التقنيون الصينيون الصواريخ
مزودة برؤوس شديدة الانفجار وغير
فعالة، في قاعدتين جنوب الرياض. في
سيرته الذاتية، يصف مساعد وزير الدفاع
السعودي الأمير خالد بن سلطان (والقائد
العسكري السعودي السابق خلال عملية
عاصفة الصحراء) كيف تفاوض هو وأخوه
الغير شقيق بندر (السفير السعودي في
واشنطن) على صفقة الأسلحة مع الصين،
والتي تقدر كما تقول التقارير بـ 3.5
بليون دولار. وأخبر عن الأمير خالد
أيضاً أن الصواريخ كانت موجهة صوب
إسرائيل وإيران.
إسرائيل:
إن
إطلاق القمر الصناعي الإسرائيلي، يوضح
أن إسرائيل تبقى متقدمة على خصومها
الإقليميين تكنولوجياً، ولكنها ربما
تكون قد ضاعفت كذلك من جهودها لتحقيق
تكافؤ استراتيجي. وتشير التقارير
الأخيرة إلى أنه بعيداً عن الصواريخ
والطائرات حاملة الأسلحة النووية،
ركبت إسرائيل كذلك صواريخ ذات رؤوس
نووية على ثلاث غواصات تم شراؤها منذ
ثلاث سنوات من ألمانيا. إن غواصات كهذه
تعمل في المحيط الهندي بإمكانها أن
تواجه أي تهديد صاروخي من إيران
وباكستان. وستشكل كذلك إمكانية الضربة
الثانية، والتي تعني أن إسرائيل
بإمكانها أن توجه عقوبة ضخمة لأي دولة
تعد لهجوم نووي وكيميائي بيولوجي
مفاجئ يدمر قدرة إسرائيل على الرد
بالصواريخ ذات القاعدة الجوية أو
الأرضية.
سياسة
الولايات المتحدة:
لقد
تفاوت الرد الأمريكي العام تجاه إطلاق
الصواريخ، وتوقف على مقدار قلق البلاد.
في حالة إسرائيل، فإن سياسة الولايات
المتحدة قد عبرت عن صمت يشير إلى
استقالة ضجرة. في نفس الوقت، انتزعت
اختبارات الصواريخ الباكستانية كلمات
استنكار من واشنطن. وفيما يتعلق ببرامج
الصواريخ الإيرانية، قامت الولايات
المتحدة بحث فعلي لكل من روسيا والصين
لإنهاء تعاون الأسلحة مع هذه الدول.
لكن المعارضة الأمريكية الأكثر فعلية
ضد برنامج صواريخ في الشرق الأوسط كانت
لفترة طويلة موجهة ضد صواريخ العراق
البالستية طويلة المدى. إن العراق هو
الدولة الوحيدة في العالم التي يحظر
عليها من قبل مجلس الأمن امتلاك أسلحة
كهذه. فلا توجد معاهدة أسلحة دولية
تمنع امتلاك هذه الصواريخ، والتقييد
الوحيد على تصدير تكنولوجيا الصواريخ
هي معاهدة غير رسمية (نظام السيطرة على
تكنولوجيا الصواريخ) بين الدول
الصناعية الكبرى. وقد وافق العراق على
تسليم الصواريخ البالستية ذات مدى
يزيد على 100 ميل كجزء من وقف إطلاق
النار في حرب الخليج في 1991. ولكن بغداد
قد رفضت لثلاث سنوات منح حرية الوصول
لمفتشي الأمم المتحدة الساعين إلى
إثبات تجاوبها مع هذه الاتفاقية،
متذرعين بالادعاء المشكوك فيه بكون
جميع الصواريخ العراقية وتسهيلات
إنتاج الصواريخ قد دمرت. في أوائل
تموز، يتوقع أن يجتمع مسؤولو الولايات
المتحدة في فيينا مع وزير الخارجية
العراقي وفريق خبراء عراقيين لمناقشة
عودة المفتشين.
إن رد
فعل واشنطن الرخو نسبياً على اختبارات
الصواريخ في الشهر الأخير، وإطلاق
القمر الصناعي قد يكون محكوماً بعدد من
العوامل: الحاجة إلى نزع فتيل الأزمة
الهندية ـ الباكستانية، والحاجة إلى
ضمان تعاون باكستان المستمر في الحرب
في أفغانستان، والافتقار إلى النفوذ
على إيران، وحساسية السعوديين تجاه
الانتقادات، والتسليم بأن إسرائيل
تريد إبقاء قدراتها الاستخباراتية
مستقلة عن الولايات المتحدة. لقد قامت
إدارة بوش بإرسال إشارة قبول بنمو
التهديد الصاروخي المحتم من العالم
الثالث. في الأسبوع الماضي، انسحبت
الولايات المتحدة بشكل رسمي من معاهدة
مضادات الصواريخ البالستية وبدأت
بالعمل على إنشاء رادار جديد في ألاسكا
لمعرفة الصواريخ القادمة من بلاد مثل
جنوب كورية، وإيران، أو العراق، وقد
اختبرت الولايات المتحدة كذلك بنجاح
مضادة قذائف بالستية قاعدتها في سفينة.
مع ذلك
فإن هناك أسباباً قوية للولايات
المتحدة لتجعل معارضتها لاختبارات
الصواريخ أوضح وأعلى صوتاً. ربما عن
طريق إشراك مكانة الرئيس نفسه. إن
انتشار تكنولوجيا الصواريخ المتقدمة
قد يصبح مصدراً رئيسياً للتوتر في
الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا. فعندما
تترافق مع أسلحة الدمار الشامل، فإن
هذه الصواريخ تصبح مدمرة بشكل مرعب.
|