وقف
حماس لإطلاق النار: خلفية تاريخية
تنبؤات
مستقبلية
سيث
ويكاس: باحث مساعد في معهد واشنطن
إن وصول مبعوث
الولايات المتحدة الجنرال أنتوني زيني
إلى القدس يأتي في أثناء هدوء نسبي
للإرهاب والعنف اللذين ميزا المشهد
الإسرائيلي ـ الفلسطيني منذ اندلاع
انتفاضة الأقصى في 9/2000 . وهذا الهدوء
يعود جزئياً على الأقل إلى قرار 21/12
الذي قررت فيه حماس تعليق الهجمات ضد
إسرائيل. إلا أن مراجعة للثماني سنوات
التي انقضت على توقيع أوسلو تظهر أن
هذا كان في الحقيقة تاسع وقف لإطلاق
النار تقدمه أو تعلنه حماس خلال هذه
الفترة .
سجل
وقف إطلاق النار :
ثبت للتسلسل
التاريخي التالي لإعلانات حماس لوقف
إطلاق النار منذ 1993:
* ففي 20/10/1994، بعد
أسبوع من مقتل جندي مختطف من جيش
الدفاع الإسرائيلي (ناتشون واتشمان)
أعلن القيادي الكبير في حركة حماس عماد
فالوجي (والذي هو الآن عضو في المجلس
الفلسطيني) أن جناح حماس العسكري
سيستمر في القتال حتى تنسحب إسرائيل من
الضفة الغربية وقطاع غزة. وبعد عدة
أيام، قدمت حماس عرضا على إسرائيل بوقف
إطلاق النار، مدفوعة بسعي السلطة
الفلسطينية للسيطرة على نشاط حماس
العسكري، وكذلك بمساعي السلطة
الفلسطينية الخاصة للتوصل إلى اتفاقية
وقف داخلي لإطلاق النار مع حماس. وقد
تعطلت هذه الاتفاقية الداخلية بعد
ثلاثة أسابيع في قتال دامٍ بين حماس
والسلطة الفلسطينية، والذي فاض مؤخرا
ليتحول إلى هجمات على الجنود
الإسرائيليين .
* استمر الشقاق
بين حماس والسلطة الفلسطينية عبر سنة
1995. وكان الجنود الإسرائيليون
مستهدفين كذلك، في حين أدى انهيار وقف
إطلاق النار السابق إلى وقوع ما يزيد
على خمسين قتيلا نتيجة للتفجيرات
الانتحارية وهجوم على حافلة. وأعلن
قائد حماس الشيخ أحمد ياسين "حرباً
لا هوادة فيها" ضد عرفات، واصفاً
السلطة الفلسطينية بأنها ذراع
الاستخبارات الإسرائيلية، وموضحاً
بأن السلام مع إسرائيل سيكون "جريمة
ضد الإسلام." وفي منتصف فبراير (شباط)
بدأت إسرائيل بعض إجراءاتها الصارمة
على حماس باعتقال القيادي الكبير (جمال
حمامي) وخلال أيام قدمت حماس عرضا
لإسرائيل بهدنة تبلغ عشر سنوات بشرط
انسحاب إسرائيل من غزة، والضفة
الغربية وشرق القدس. رغم هذا العرض،
جرح ناشطو حماس بعد أسبوعين خمسة أشخاص
وقتلوا اثنين في هجوم على مستوطنين
يهود .
* وقد شهدت
اجتماعات في القاهرة في 12/1995 أول
محاولات رسمية للتسوية بين السلطة
الفلسطينية وحماس. بعد بداية مترددة
رفضت فيها حماس أن يتم تمثيلها في صنع
القرار الفلسطيني الرسمي وكذلك رفضت
اقتراحات لهدنة مع إسرائيل، وقد قامت
كذلك بتغيير مفاجئ وأعلنت عزمها على
وقف الهجمات ضد إسرائيل. وفقاً لناطق
حماس (محمود الزهار) فقد كان يقصد بهذا
إعطاء السلطة الفلسطينية "وقتا لترى
أين بإمكانها أن تصل"في مفاوضاتها
مع إسرائيل. وقد وافقت منذ ذلك الوقت
على المشاركة في انتخابات فلسطينية.
* إن هذا الوقف
لإطلاق النار لو كان كذلك حقا انتهى في
5/1/1996 بمقتل يحيى عياش "المهندس"
والمخطط لعدة هجمات إرهابية ضد
إسرائيل. وقد كان موت عياش شرارة
لسلسلة من هجمات حماس الإرهابية، بما
في ذلك مجموعة من التفجيرات
الانتحارية في أواخر شباط... وأوائل
آذار 1996 والذي خلف خمسين قتيلاً وأكثر
من مائتي جريح. بعد هذه الهجمات، اعتقل
عرفات، تحت ضغط إسرائيلي مكثف، مئات من
مقاتلي حماس. ولكونها هي ذاتها واقعة
تحت ضغط فلسطيني، وإسرائيلي، ودولي
ثقيل، قدمت حماس عرضاً جديداً لوقف
إطلاق النار في 1/آذار، داعية إلى إطلاق
سراح السجناء في الزنازين الإسرائيلية
وبنهاية لما دعته "بالإرهاب المنظم
ضد حماس وفرق عز الين القسام التابعة
لها." وقد كان هذا العرض مؤقتا بفترة
زمنية، ورغم ذلك، وبعد وقت قصير من رفض
إسرائيل له، قتل مفجر انتحاري من حماس
نفسه مع تسعة عشر شخصا آخرين في حافلة
في القدس .
* بعد ثلاثة أشهر،
في 20/حزيران/، عرضت حماس على إسرائيل
ورقة أخرى لوقف إطلاق النار، بشرط أن
تنهي إسرائيل "الإرهاب الصهيوني ضد
حماس وفرق القسام." وقد كانت الهدنة
وفقا للورقة ـ بقصد توحيد الشعب
الفلسطيني وإيجاد تسوية بين السلطة
الفلسطينية وحماس، وتوعد قادة حماس
ثانية برد سريع وشديد فيما لو استخفت
إسرائيل بالعرض. وقد رفضت إسرائيل
العرض، وبعد عدة أيام قتلت جماعة من
المسلحين الفلسطينيين ثلاثة جنود
إسرائيليين .
في تشرين أول 1997،
أطلقت إسرائيل سراح الشيخ أحمد ياسين (على
خلفية قضية خالد مشعل) وتسبب ذلك في
الجولة التالية لإعلان حماس لوقف
إطلاق النار وفي 7 تشرين أول، جدد أحمد
ياسين الدعوة إلى وقف إطلاق النار بشرط
انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة والضفة
الغربية، وكذلك بجلاء يهودي عن
المستوطنات. ورغم هذا الإعلان، أخذ
مسؤولون كبار في حماس على أنفسهم عهدا
بمواصلة القتال ضد إسرائيل؛ وقد أعلن
القائد السياسي لحماس عبد العزيز
الرنتيسي بشكل محدد "أن حماس ستستمر
في إرهاب جميع أعداء الله وسنستمر نحن
في جهادنا ومقاومتنا." وفي حين حث
بعض قادة حماس في الخارج مثل موسى أبو
مرزوق إسرائيل على القبول بهدنة كهذه،
فإن الرنتيسي الموجود في غزة أنكر أنه
كان قد تم تقديم أي هدنة إلى إسرائيل،
ورغم تصريحات ياسين المعلنة. ومما يثير
الدهشة أن الشيخ أحمد ياسين ختم رسالته
لوقف إطلاق النار بالثناء على "حملة
المفجرين الانتحاريين المباركة" ضد
إسرائيل في مقابلة مع الإندبندنت
اللندنية في أواخر تشرين أول.
* في تشرين الثاني/1997،
أصدرت حماس ثانية عرضها بالهدنة. وقد
ذكر بيان علني من جناح حماس العسكري أن
الهجمات على مدنيين إسرائيليين ستتوقف
فيما لو أوقفت إسرائيل هجماتها على
المدنيين الفلسطينيين. وقد استمرت
عمليات الاعتقال الإسرائيلية
للمقاتلين الذين يشتبه بأنهم يعدون
لهجمات انتحارية وهجمات أخرى طوال
الشهر، ومع نهاية الشهر أعلن الشيخ
ياسين أن "القتل سيستمر".
وبعد مرور ثمانية
عشر شهراً أخرى، وفي أيار/1999، أعاد
ياسين إصدار عرضه لوقف إطلاق النار،
والمشروط بانسحاب إسرائيلي إلى حدود
1967. وقد تم توقيت هذا النداء ليتزامن مع
انتخاب أيهود باراك كرئيس لوزراء
إسرائيل. وقد رفضت إسرائيل العرض .
* بعد تسعة أشهر
من انتفاضة الأقصى، تسبب الهجوم
الانتحاري في حزيران/2001/ على صالة
دولفيناريوم للديسكو في تل أبيب في ضغط
دولي مكثف على القادة والمنظمات
الفلسطينية لإنهاء الإرهاب والعنف.
ورغم أن الشيخ ياسين قال في البداية أن
حماس لن تقبل بدعوة عرفات لوقف إطلاق
النار، إلا أن حماس اقتنعت بالتعاون،
وقال الرنتيسي أن المنظمة وافقت على
وقف مؤقت لإطلاق النار. وقد أخفقت
الاتفاقية خلال أيام، وذلك عندما قام
ناشط من حماس بقتل جندي من جيش الدفاع
الإسرائيلي وبهطول قذائف الهاون على
المستوطنات الإسرائيلية. وتتابع العنف
طوال الصيف، مؤكداً بهجوم في آب على
مطعم للبتزا في القدس، خلف خمسة عشر
قتيلاً وما يزيد على تسعين جريحاً .
التحليل
والمتضمنات :
بالمجموع، فقد
كان هناك تسع عمليات إيقاف لإطلاق
النار تم إعلانها أو تقديم عرض بها منذ
بداية عملية أوسلو. في بعض الحالات،
كانت قد تبعت فترات مواجهة بين السلطة
الفلسطينية وحماس؛ وفي أوقات أخرى،
أتت على أعقاب ضغط مكثف على السلطة
الفلسطينية على الأخص بعد تنفيذ حماس
والجماعات الراديكالية الفلسطينية
الأخرى أعمال إرهابية فاضحة. إن من
المهم أن نلاحظ أن جميع عروض وقف إطلاق
النار قد قدمت في وقت كانت حماس تحتاج
فيه إلى "استراحة.." وقت للتراجع
وإعادة التجمع بعد مواجهة مرهقة
تنظيميا مع خصم أقوى منها، (إسرائيل أو
السلطة الفلسطينية).
طوال مدة كل وقف
لإطلاق النار، استمر قادة حماس في دعم
أهداف ميثاق حماس الحقيقي، أعني،
إنشاء دولة إسلامية في جميع أرض
فلسطين، عن طريق عنف يصدق عليه الدين.
وهذا يدل على أن عمليات وقف إطلاق
النار التي قدمتها حماس في الماضي،
عملت كـ "فسحة تنفس" تسمح فيه
للمنظمة بتعزيز "مكاسبها" سواءً
كانت تلك المكاسب ضد السلطة
الفلسطينية أو إسرائيل .. قبل شن حملة
أخرى من الهجمات .
|