معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
متابعة سياسية رقم 722
12 / 3 / 2003
الحرب
مع تركيا أو بدونها ؟
دروس
ومتضمنات
في
6/3/2003 قام كل من جوردون رود وجيرا
ثومبسون بإلقاء محاضرة في المنتدى
السياسي الخاص التابع لمعهد واشنطن. في
أعقاب حرب الخليج في 1991 عمل د. رود
كمؤرخ في الجيش الأمريكي لعملية
بروفايد كمفورت (1) في العراق الشمالي،
وهو الآن بروفيسور في دراسات الأمن
القومي في كلية (مارين كوربس كوماند
آند ستاف) الأمريكية. في عام 1993 ـ 1994،
الكولونيل ثومبسون عمل كقائد مشارك في
مركز التنسيق العسكري في العراق
الشمالي. ويعمل حالياً كمدير للعمليات
في مركز الشرق الأدنى ومركز جنوب آسيا
للدراسات الاستراتيجية في جامعة
الدفاع الوطنية. فيما يلي تلخيص موجز
عن ملاحظاتهما.
من
غير الواضح إذا ما البرلمان التركي
سيعيد التصويت أو سيوافق على نشر جنود
الولايات المتحدة في تركيا استعداداً
للهجوم على العراق. إن التعاون التركي
العسكري أو غيابه قد يسهل أو يعقد على
التوالي عملية عسكرية أمريكية.
حتى إذا كان البرلمان التركي تأييد
التحرك، فإن خطأ محتملاً على الخطوط قد
يشكل تحدياً للتشارك التركي الأمريكي
في حال حدوث حرب. في هذا السياق، فإن
عمليات (بروفايد كمفورت (1) و(2) في أوائل
عقد التسعينات. عندما تعاونت تركيا،
والولايات المتحدة، وحلفاء حزب الناتو
الآخرين بشكل قوي في شمال العراق
لإنشاء ملاذ آمن للأكراد، قد تثبت أنها
بناءة.
جوردون
رود
لقد
حددت ديناميكيتان هامتان الطريقة التي
تمت بها إدارة عمليتي (بروفايد كمفورت).
كانت الأولى حركة العراقيين معظمهم
أكراد، عبر الحدود التركية في أواخر
عقد الثمانينات، والتي تقدرها معظم
المصادر بحوالي 600 ألف أو أكثر، مع 100
ألف أخرى في إيران. هؤلاء الأشخاص
الذين اضطروا إلى الرحيل لم يحصلوا على
وضعية لاجئين دوليين من عضو وكالة
اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ولم
يتلقوا كذلك أي دعم دولي. لذلك سرعان ما
أصبحوا عبئاً على تركيا.
العامل
الثاني كان عملية (بروفن فورس)، وهي جزء
من الحرب الجوية على العراق. لقد أسست
عملية (بروفن فورس) خارج تركيا، بحيث
تسمح للفرقة الأمريكية الأوروبية أن
تساعد الفرقة المركزية (المسؤولية عن
الشرق الأوسط) مع القوات الجوية. لقد
سمحت تركيا للطائرات الأمريكية أن
تنطلق من قاعدتها
Incirlik
الموجودة في الشرق الأوسط، وشكلت هذه
الغارات حوالي 10% من الهجمات الجوية
على العراق أثناء عملية عاصفة الصحراء.
لقد
تسبب تمردات 1991 في شمال وجنوب العراق،
والتي اندلعت بعد شهر من انتهاء عاصفة
الصحراء، برحيل الكثير من العراقيين
إلى حدود بلادهم، خصوصاً في الشمال
والشرق الشمالي. وفر حوالي مليون شخص
من العراق أثناء هذه الفترة، وعبر (600)
ألف الحدود إلى إيران و(400) ألف إلى
تركيا. كانت المنظمات التركية غير
الحكومية أول من قدم المساعدة
للاجئين، ولكن تركيا لم تستطع مواجهة
هذه الكارثة الإنسانية وحدها. كنتيجة
لذلك، قامت الولايات المتحدة إضافة
إلى بريطانيا وفرنسا بوضع عملية إغاثة
ذات ثلاثة مراحل، وكانت كل مرحلة تنبلج
عندما يتم تحديد متطلبات جديدة.
على
سبيل المثال، كانت عملية (بروفايد
كمفورت) هي العملية الأولى التي عمل
فيها الجيش الأمريكي بالتنسيق مع (المنظمات
التركية غير الحكومة) المحلية لفترة
طويلة. لقد أدت هذه العلاقة إلى إنشاء
رد فعل تمثل في إحداث صدام ثقافي في
الحقل بين وحدات قوات جيش الولايات
المتحدة الخاصة وبين المنظمات التركية
غير الحكومية، والتي كانت مقاربتها
للمشكلة الإنسانية مختلفة عن فرق
الجيش وإجراءات السيطرة. فلم تكن (المنظمات
التركية غير الحكومية) تحت سلطة الجيش
بشكل طبيعي. ومع ذلك، ففي سياق عملية
عسكرية كان على قوات الولايات المتحدة
الحفاظ على السيطرة على جميع الجماعات
العاملة في المناطق الواقعة ضمن
مسؤولياتهم. لذلك، شكلت القوات الخاصة
علاقة خاصة مع المنظمات التركية غير
الحكومية. لقد سجلت عملية (بروفايد
كمفورت) كذلك المرة الأولى التي يشارك
فيها الجيش الأمريكي والمجتمع الدولي
سوياً في عملية (تدخل إنساني). فيما بعد
تطورت أشكال عمليات إنسانية جديدة،
مثل استخدام وحدات خدمات الجيش
الداعمة بدلاً من الوحدات المقاتلة.
ويجادل أولئك الذين يدافعون عن
استخدام هذه الوحدات بدلاً من وكالات
المساعدة المدنية بأن الجيش سيكون
مفيداً في كل من تنسيق المهمات التي
تعمل عليها المنظمات غير الحكومية
بشكل مستقل وضمان وجود مناخ آمن من
لعمال الإغاثة. فإذا تواصل ذلك مع
تغيير النظام في العراق، فقد تواجه
الولايات المتحدة أزمة إنسانية ذات
سمات أساسية مشابهة لأزمة إنسانية
أخرى: أشخاص يضطرون إلى الرحيل، حركة
لاجئين في كل من داخل البلاد وعبر
الحدود، وأعداد كبيرة من المدنيين
المعرضين لذيول الصراع. إن التحدي يكمن
في الحصول على تقييم مبكر للوضع بحيث
يمكن تحديد المشكلة وتطوير تفويض
ببعثة مناسبة.
جيرالد
ثومبسون
في
عام 1991، كان الأكراد والعراقيون
الشماليون الآخرون يعيشون في فضاء
مغلق اقتصادياً. فقد قطعت عقوبات الأمم
المتحدة التجارة مع العالم الخارجي،
وفرض صدام حسين حصاراً داخلياً على
المنطقة. انسحب الجيش العراقي أثناء
تمرد ما بعد الحرب، على ما يبدو لكي
يحافظوا على أصولهم ويقوموا بحماية
النظام في بغداد. لقد انسحبت آليات
الحكومة الإدارية في العراق الشمالي
كذلك. فلم يكن يدفع للمسؤولين
الحكوميين، في حين توقف الدعم للتعليم
والأنظمة الدوائية.
ولكن
لم يبق شيء على حاله في العراق الشمالي
لفترة طويلة, فبحلول عام 1993، عاد معظم
اللاجئين من تركيا وإيران (بقي حوالي 20
ألف لاجئ فقط في تركيا، وعدد أكبر في
إيران، كان كثير منهم لاجئون منذ أواسط
عقد السبعينات)، وبدأت إعادة بناء
العراق الشمالي. عقد الأكراد انتخابات
وشكلوا إدارة إقليمية قادرة على العمل.
وكان لديهم عائدات تتدفق من الجمارك
التي يفرضونها على التجارة على جسر (الخابور)
بين تركيا والعراق الشمالي. لقد كانت
هذه التجارة انتهاكاً لعقوبات الأمم
المتحدة في العراق، ومع ذلك تم السماح
لها بالاستمرار دون أي اعتراض من قبل
الولايات المتحدة وتركيا. لقد كان نطاق
حظر الطيران التابع للتحالف في مكانه،
وظهرت بعض المخاوف المتعلقة بمستقبل (بروفايد
كمفورت)، حيث كان على البرلمان التركي
تجديد ترخيصه بالعملية كل ستة أشهر.
ولكن الوضع في العراق الشمالي لم يكن
متأثراً كثيراً بالنزاع السياسي في
تركيا. فقد بدا الوضع السياسي والعسكري
حينها فعالاً، ولكن بغير نهاية واضحة.
لقد
كان اطلاع أمريكا على المسألة الكردية
محدوداً في عام 1991 ولكنه تطور من ذلك
الوقت. أحد العوامل التي توجب على
الولايات المتحدة التفهم هو الأهمية
التي تضعها تركيا على حماية سيادتها.
في أوائل عقد التسعينات، كان لهيئة
الأركان التركية العامة مصلحة قوية في
إبقاء علاقة عسكرية إيجابية مع
الولايات المتحدة ومع شركاء الائتلاف
الآخرين في الـ (بروفايد كمفورت). في
نفس الوقت، كانت تركيا في صراع ضار مع (حزب
العمال الكردستاني) الانفصالي، ومهما
تمت طمأنتها حول نوايا الولايات
المتحدة، لم تكن لتطمئن لهذا السبب،
أصر الأتراك على الحصول على سيطرة
عملياتية على جميع النشاطات التي كانت
تحدث في نطاق اهتمامهم. فإذا أخذنا هذا
كأرضية، فلن يكون مثيراً للدهشة إذا
أراد الأتراك التأكد من أن أي حرب
مستقبلية على العراق لن تخلق تقلبات
جديدة في المنطقة، أو أن تؤدي إلى
المزيد من عدم الاستقرار السياسي.
|