معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
متابعة
سياسية رقم 743
7 / 4 / 2003
رؤية
من طهران:
الحرب
والتحديات في شرق أوسط ما بعد صدام
في
31/3/2003 قام راي تاكيه وباتريك كلاوسون
بالمحاضرة في المنتدى السياسي الخاص
لمعهد واشنطن. راي تاكيه: زميل أسبق في
المعهد، وهو بروفيسور ومدير للدراسات
في مركز الشرق الأدنى وآسيا الجنوبية
التابع لجامعة الدفاع الوطنية، وهو
مؤلف: تراجع ظل الرسول: الحركات
الإسلامية الراديكالية في الشرق
الأوسط المعاصر.
باتريك
كلاوسون: نائب مدير في المعهد وقد قام
بالكتابة بشكل مكثف حول إيران.
راي
تاكيه
تواجه
إيران أزمتها الأشد حدة منذ ثورة 1979.
فعبر السنوات الست الماضية، لعبت
المؤسسات السياسية دوراً هاماً في فتح
مسار الإصلاح. ومع ذلك، فإن مساعي
الرئيس خاتمي لإشراك الشعب الإيراني
في العملية الانتخابية والمؤسسات
السياسية قد أدت إلى فعل سلبي من
المحافظين. لقد نفذ ائتلاف من
المتشددين بنجاح استراتيجية للاحتفاظ
بالسلطة، أي، تشجيع اللامبالاة
الشعبية بالتحكم في الخطاب العام،
وسجن الإصلاحيين بإنكار تداولات
المؤسسات المنتخبة. لقد وصلت هذه
الاستراتيجية إلى قمتها أثناء
الانتخابات المحلية وانتخابات المجلس
في شباط، حيث توجه 30% من الناخبين
المؤهلين فقط إلى الانتخابات.
لقد
أعاد الإصلاحيون مؤخراً تقويم
استراتيجيتهم للإصلاحات التدريجية،
والتي تعتمد إلى درجة كبيرة على
استخدام القانون والضغط الشعبي في
محاولة لجعل ثيوقراطية إيران أكثر
لبرلة. بدلاً من ذلك، يهدد البرلمانيون
الإصلاحيون الآن بهجر منشآت الجمهورية
الإسلامية، والتي ستقوض شرعية
الانتخابات والجمهورية نفسها. على نحو
مشابه، فإن حركات الطلاب والعمال قد
بدأت في التغير من السياسات
الانتخابية إلى التظاهر. بغض النظر على
نتيجة الحرب في العراق ومحاولات
الولايات المتحدة للتحرك باتجاه خفض
التوتر مع طهران ما بعد صدام، فإن
الوضع الداخلي الإيراني سيصبح
مستقطباً بشكل متزايد. هناك أربع
سيناريوهات مختلفة.
في
السيناريو الأول، سيحاول الإصلاحيون
استخدام التهديدات الخارجية لتنشيط
الإصلاحات الداخلية، معتقدين أن
الدمقرطة بإمكانها أن تردع الولايات
المتحدة.
في
الثاني، سيواصل المحافظون تقويض
المشاركة في المؤسسات الشعبية،
وكنتيجة لذلك، فإن حرباً خارجية
واحتجاجاً داخلياً ستدفع باتجاه إعادة
التفاوض حول الاتفاق الوطني، الأمر
الذي سيؤدي إلى تهميش المحافظين. ومع
ذلك فإن هذا قد يحدث فقط إذا ما لجأت
حركة الطلاب إلى الشوارع وأثارت عنفاً
هائلاً وشغباً.
في
السيناريو الثالث، يستخدم المحافظون
تهديدات خارجية لتشريع دعوة للطوارئ
الوطنية والحكومة العسكرية.
في
الرابع، ينجح المحافظون في تنفير
الناس من العملية السياسية. سيؤدي هذا
إلى إيران مشابهة للاتحاد السوفييتي
في عقد السبعينات. نظام مرسوم بالركود
المحجوب بالخطابة. ورغم أن أياً من هذه
السيناريوهات قد لا يحدث فإن كلاً منهم
أكثر ترجحاً من بقاء الوضع الحالي.
على
كل حال، ينبغي أن تشعر طهران بأمن أكبر.
فعلى مدى العام ونصف العام الماضي شنت
الولايات المتحدة حملات عسكرية لقلب
نظامين من أشد جيران إيران عداوة لها:
نظام الطالبان في أفغانستان ونظام
صدام حسين في العراق. ومع ذلك فبقدر ما
تم تعزيز أمن إيران الواقعي، بقدر ما
ازداد شعورها بعدم الأمان. لقد ادعت
طهران مراراً أن عدم الاستقرار في
المنطقة يدفعها للسعي للحصول على
الأسلحة النووية بينما الحقيقة هي أن
امتلاك إيران لهذه الأسلحة هو ما سيزيد
عدم الاستقرار في المنطقة. إن إيران
تخاطر بجعل نفسها هدفاً لانتباه
أمريكي متزايد وربما حتى بضربة وقائية
مبادرة. ومع ذلك، فإن رداً أمريكياً
أكثر فعالية (ومحتمل بشكل أكبر) لتهديد
نشر السلاح النووي الإيراني سيكون
جهداً موحداً لتشكيل ائتلاف بالقوة
المناسبة لتعويق برنامج إيران النووي.
باتريك
كلاوسون
تعتقد
إيران أنها كانت متعاونة مع الولايات
المتحدة خلال الصراع الحالي في العراق.
على سبيل المثال، فقد رفضت طهران منح
إذن دخول لميليشيات أنصار الإسلام،
وأحجمت عن التذمر من سقوط صواريخ
أمريكية في الأراضي الإيرانية, إضافة
إلى هذا، فإن الميليشيا الشيعية ذات
الظهير الإيراني في العراق، والتي
أملت الولايات المتحدة في إبقائها
خارج المعركة، قد أظهرت ضبط نفس نسبي.
وفقاً لهذه الأسس، فيبدو أن طهران
تتوقع أنه بعد انتهاء الحرب على
العراق، فإن الولايات المتحدة ستتقدم
باعتذار مكافأة للجمهورية الإسلامية.
لكن
واشنطن ترى الوضع بشكل مختلف تماماً.
فحكومة بوش تحدد التهديد الرئيسي الذي
تواجهه الولايات المتحدة على انه
ارتباط أسلحة الدمار الشامل بالإرهاب،
وإيران تفعل ما بوسعها لتكون مشكلة في
كل من هذه النطاقات بشكل محدد، لقد
أنجز البرنامج النووي تقدماً ملحوظاً
في السنة الفائتة. إن تقنية تخصيب
اليورانيوم التي قام مدير وكالة
الطاقة الذرية محمد البرادعي بزيارتها
في شباط كان ضخماً: فجهاز الطرد
المركزي الذي كان تحت الإنشاء بإمكانه
أن ينتج مادة قابلة للانشطار لما يزيد
عن سلاح نووي واحد كل عام. وكل من
المبنيين اللذين لايزالان تحت الإنشاء
تبلغ مساحتهما عشرة ملاعب كرة قدم، مع
درع ملفت للنظر من الهجوم الجوي. في وقت
لاحق من هذا العام، فإن إيران موعودة
بتلقي وقود يورانيوم قليل التخصيب من
روسيا من أجل مصنع الطاقة النووية (بوشهر)،
لا توجد هناك اتفاقية على إعادة الوقود
المستنفذ إلى روسيا، رغم أن التقارير
تقول العكس.
يبدو
أن إيران تستنتج الدرس الخطأ من الفصل
بين سياسة الولايات المتحدة تجاه
العراق وتجاه كوريا الشمالية. سيكون
الدرس الصحيح أن الحكومة التي تعرض
التفاوض مع واشنطن بإمكانها أن تكسب
الكثير وأن تتجنب عملاً أمريكياً
قاسياً، في حين أن تلك التي ترفض
التعاون إلا عندما تهدد بالقوة ستدفع
ثمناً كبيراً. والدرس الخطأ هو أن
الولايات المتحدة تتمتع بحس مرهف
عندما تتعامل مع تلك الدول التي تمتلك
أسلحة دمار شامل ولكنها تشعر بالحرية
في مهاجمة أولئك الذين لا يمتلكونها.
إن
الفشل في قطع الطريق على البرنامج
النووي الإيرانية سيضع حكومة بوش في
الموقف الصعب لتفسير السبب وراء قيادة
الأمة إلى حرب لوقف انتشار أسلحة
الدمار الشامل إلا أنها لا تتصرف بقوة
أكبر تجاه برنامج إيران النووي
المحسوس، خصوصاً بما أن طهران أصبحت
دولة نشطة في رعاية الإرهاب أكثر من
بغداد. في هذا المناخ، فإن بإمكان
الحكومة أن تقرر التفكير في حركة
مبادرة باعتبارها خياراً للتعامل مع
نشر السلاح الإيراني، وفقاً لنظرية أن
عملاً مبادراً سيعوق البرنامج النووي
بشكل فعال بحيث أن النظام المعادي
الحالي سينهار قبل أن يتم إعادة بناء
البرنامج. إلا أن هذا الاقتراح يبدو
مشكوكاً فيه.
إن
السياسة الأكثر نفعاً ستكون تزويد
طهران بمسارين بديلين للأمن في الخليج
الفارسي بعد صدام. في المسار الأول، أن
يرتفع مستوى التهديد الإقليمي في
الوقت الذي يتقدم فيه البرنامج النووي
الإيراني وفي الوقت الذي تكثف فيه
الولايات المتحدة من وجودها العسكري
وتساعد العراق على بناء جيش قوي مزود
بأسلحة أمريكية حديثة. وفي الثاني،
ينخفض مستوى التهديد بينما تقوم إيران
بوقف برنامج التخصيب النووي خاصتها
وتدخل مفاوضات مع الدول الإقليمية
واللاعبين الخارجين (بمن فيهم
الولايات المتحدة) على برنامج تخفيض
تعاوني للتهديد مشابه لذلك الموجود في
معاهدة القوات المسلحة التقليدية في
أوروبا (سي.إف.إي) (على سبيل المثال،
تقوم الدول بإرسال مراقبين على
التدريبات العسكرية الجارية في كل
منها وتقصر وحدات الجيش الثقيلة على
الحدود).
رغم
أن الأمر يستحق العناء، إلا أن جهود
الولايات المتحدة لتشجيع إيرن على
اختيار المسلك الثاني لن تنجح في
الأغلب.
في
الحدود الدنيا، فإن على الدول
المرتبطة بطهران أن توضح أن إيران سوف
تواجه عواقب خطيرة إذا أرادت اتخاذ
خطوات واضحة تجاه الحصول على الأسلحة
النووية. ستكون المنطقة في حال أفضل
إذا بقي البرنامج النووي الإيراني
قاصراً عن التوصل إلى التركيب النهائي
واختبار السلاح، على نحو شبيه بالوضع
الذي بقي فيه البرنامج النووي
الباكستاني موجوداً لسنوات عديدة قبل
اختبارات 1998 النووية. قد لا يكون هذا
كافياً لتجنب أزمة في العلاقات
الأمريكية الإيرانية، ولكنه مايزال
أفضل بكثير من البديل.
|