معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
متابعة
سياسية رقم 755
حزب
الله في الموقف الدفاعي
يورام
يوفس: مقدم في جيش الدفاع الإسرائيلي،
صديق عسكري زائر في معهد واشنطن.
كونه
يشعر بالقلق تجاه التطورات الأخيرة في
الشرق الأوسط والتهديدات الكبرى التي
تلوح في المستقبل، يقوم حزب الله
باتخاذ خطوات دفاعية داخل لبنان ويصعد
من خطابه ضد الولايات المتحدة.
ـ
كابوس حزب الله:
في
جميع خطاباته تقريباً، تحدث السكرتير
العام لحزب الله حسن نصر الله عن الفخر
الذي حققته منظمته للعرب بإجبارها
إسرائيل على الانسحاب من لبنان في أيار
2000. الآن، سحقت قوات الائتلاف هذا
الفخر بأقدامها: فقد انهار النظام
العراقي، وسقطت بغداد دون مقاومة
كبيرة. في حديثه في 24/4 حذر نصر الله من
أن (أخطر تحد يواجه العرب الآن هو
الشعور باليأس والذهول اللذين تبعا
احتلال العراق). في الحقيقة، فعلى عدة
جهات، يواجه حزب الله فجأة مشهداً
إقليمياً معادياً لمصالحه.
لبنان،
لقد بدأ قادة لبنانيون معنيون
بالتساؤل عما يبدو أنه افتراضات
معقولة. على سبيل المثال، في 25/4 وضح
رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري
أن (القيادات في سورية ولبنان لديها
حكمة كافية لتجنب حدوث مواجهة حاسمة
ولحماية مصالحها العليا) مضيفاً أنه (قد
حان الوقت للجلوس مع الحكومة
الأمريكية ووضع جميع الأوراق على
الطاولة). بالنسبة لحزب الله، فإن
تصريحات كهذه تشير إلى أن الحكومة
اللبنانية تتحدى شرعيته، وتبطل مفعول
تذكرته الحرة في التحرك ضد إسرائيل.
سورية:
أحد
القضايا الرئيسية في الحوار الجديد
بين سورية والولايات المتحدة هي الحرب
على الإرهاب. في 30/4 وضح سكرتير الولاية
كولن باول، أن (سقوط صدام إشارة واضحة
لسورية بأن المجتمع الدولي على وشك
فقدان صبره حيال الدول الراعية
للإرهاب. لقد أكدنا بشكل قوي على قلقنا
حول استمرار النشاطات الإرهابية التي
يقوم بها حزب الله في المنطقة وحول
العالم). بعد إجراء مقابلة مع الرئيس
السوري بشار الأسد، دعا باول لبنان إلى
وضع جيشه على الحدود مع إسرائيل و(إنهاء
غارات حزب الله المسلحة). رغم أن من
الصعب الحصول على إجابة من دمشق على
هذه المسألة فإن الناطقة باسم
الخارجية السورية بثينة شعبان، قالت
أن الأسد يقوم (بمناقشة جميع القضايا
ضمن إطار تحقيق عملية سلام شامل). إذا
تم اتخاذ خطوات حقيقية حاسمة، فإن حزب
الله سينظر إلى هذه التطورات على أنها
إشارة على أن سورية قد تحد من حريته على
التحرك بشكل كبير.
إيران:
لقد
وضح هاشمي رفسنجاني، الرئيس الإيراني
السابق، والذي مايزال شخصية سياسية
كبيرة، في 12 نيسان أن (استئناف إيران
لعلاقاتها مع الولايات المتحدة قد
توضع للاستفتاء.. لا ينبغي أن ننحاز،
لقد أضعنا فرصاً عديدة في الماضي،
وقمنا بإجراءات غير ملائمة، فيما
يتعلق بهذه العلاقات.) بالنسبة لحزب
الله، فإن تغيراً حاداً كهذا في علاقات
إيران بواشنطن قد يعني خسارة دعم طهران.
فرنسا:
تاريخياً،
كانت فرنسا أقل عداوة تجاه حزب الله من
الولايات المتحدة. في 30/4 دعت وزارة
الخارجية إلى انسحاب سورية من لبنان
وإلى نشر جنود لبنانيين على الحدود مع
إسرائيل (إن السلام ممكن بين لبنان
وإسرائيل. لقد تم تنفيذ القرار 425. لا
ينبغي التذرع بأي حجج لتعويق هذا
السلام، ولا حتى حجة مزارع شبعا)، إن
تصريحات كهذه تشير إلى أن حزب الله
يفقد شرعيته الدولية، لادعائه بأنه
يواجه احتلالاً إسرائيلياً مستمراً.
الفلسطينيون:
لقد
تحدث رئيس الوزراء الجديد في السلطة
الفلسطينية محمود عباس، المعروف بأبي
مازن، تحدث بشكل علني حول عزمه على وقف
الهجمات الإرهابية ضد إسرائيل (على
سبيل المثال، أثناء أداءه للقسم في 29/4)،
لأن كثيراً من برنامج حزب الله يعتمد
على دعم العنف الفلسطيني، فإن هذه
التأكيدات على اللاعنف في الحكومة
الفلسطينية تهديد لشرعية المنظمة
كمحرر.
ـ
حزب الله كحزب:
يؤكد
حزب الله على هويته كحزب لبناني سياسي
شرعي وذلك بغاية تحسين وضعه في كل من
لبنان وميدانه الدولي. لتأسيس هذه
الهوية، قام نصر الله ومسؤولون آخرون
من حزب الله بالاجتماع بقادة من أنواع
الطيف السياسي اللبناني في شهر نيسان
الماضي، داعين إلى الوحدة السياسية
اللبنانية. يريد حزب الله إقناع القوات
السياسية الأخرى في لبنان بأن تبقى
صامتة حيال سياسته في شن هجمات إرهابية
ضد إسرائيل. إنه يريد كذلك إظهار كونه
عنصراً مفيداً لدمشق كصوت يدعم دور
سورية في لبنان. على سبيل المثال، في 22/4
وضح نصر الله (أن قول الولايات المتحدة
بأن القوات السورية في لبنان هي قوات
محتلة ليس من شأن أمريكا).
ـ
حزب الله كحزب ديني:
حتى
وهو يسبغ نفسه صفة حزب سياسي لبناني،
أكد حزب الله كذلك على دوره كمنظمة
جهادية تستشهد باسم الله. باستخدامها
للمنار، وهي محطة تلفزيونية فضائية،
نجحت المنظمة في الوصول إلى العالم
العربي بأكمله وزرع بذور الكراهية. قبل
وقت قريب، دعا حزب الله العرب
والمسلمين، والعراقيين بشكل خاص،
لمقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق: (سيواجه
الشعب العراقي هذا الاحتلال، ولكن
الطريقة والوسائل، والزمان، والمكان،
أمور خير من يحددها الشعب العراقي). وقد
وصف نصر الله كفاح حزب الله ضد
الاحتلال الإسرائيلي للبنان على أنه
نموذج للعراق. (إننا نعود إلى سيد
الشهداء أبي عبد الله الحسين.. غداً في
كربلاء سيكون مثل لبنان في أول ذكرى
عاشوراء في النبطية بعد الاجتياح
الإسرائيلي في 1982.. وبعد شهور قليلة،
فإن عاشوراء الدم، والثبات والشهادة،
والإلهام التي أعلنت بداية نهاية
العهد الإسرائيلي في لبنان والذي بدأ
قبل هذا بشهور قليلة وحسب.)
يحاول
حزب الله كذلك أن يجعل قدره مرتبطاً
بقدر سورية، ولبنان، والفلسطينيين. في
22/4 وضح نصر الله (الآن فإن سورية ولبنان
وفلسطين قضية واحدة، مسألة واحدة، سبب
واحد، هدف واحد). وقد حذر بعد ثلاثة
أيام الولايات المتحدة من مهاجمة
سورية أو لبنان: (أنا لا أقول أننا
نستطيع منع عدونا من دخول بلادنا، أنا
أقول أننا إذا فعلنا ذلك فإنهم سيدفعون
ثمناً غالياً.. سنقاتل حتى آخر نفس،
وآخر قطرة دم، وآخر رصاصة). بعد هذا
بثلاثة أيام، ادعى حزب الله أنه يحمي
سورية من اعتداء إسرائيلي: (سيبقى جنوب
لبنان حقلاً يحمي سورية). فيما يتعلق
بالقضية الفلسطينية، رفض نصر الله
المفاوضات ودعا إلى المزيد من
المقاومة: (إن سبيل المقاومة في فلسطين
هو السبيل الصحيح، سبيل الدين القويم،
والعظمة والكرامة، والحرية والتحرير..
إن حركات المقاومة هذه قد تأسست من أول
يوم على أسس الجهاد، والثبات،
والتضحية).
ـ
خاتمـة:
نظراً
لقلقه حيال الأحداث الأخيرة في الشرق
الأوسط، سيقوم حزب الله باتخاذ خطوات
دفاعية لتعزيز دوره السياسي (حزب) في
داخل لبنان في الوقت الذي سيتابع فيه
هجومه الخطابي ضد الولايات المتحدة
كوسائل للتأكيد على دورها الديني،
والجهادي (الله). في وقت قريب، سيكون
على حزب الله أن يختار بين هذين
الدورين. إن أفضل طريقة لدفع حزب الله
إلى اختيار الدور السياسي هو بالإصرار
على نزع سلاحه، والذي هو عنصر رئيسي
لشرق أوسط أكثر استقراراً وأماناً.
بإمكان واشنطن أن تحقق هذا الهدف فقط
بالتوضيح لسورية ولبنان أن من
مصلحتهما فعل ذلك. في الحقيقة فقد قامت
الولايات المتحدة باتخاذ خطوات للضغط
على سورية. في اليوم الذي عاد فيه من
جولته في الشرق الأوسط، أشار كولن
باول، وزير الخارجية، إلى أنه ورغم أنه
سيتم فرض عقوبات سياسية واقتصادية إذا
لم تتخذ سورية أي إجراء ضد الإرهاب،
فإن اتخاذها لإجراءات صارمة جدية ستتم
مكافأتها عليه بفوائد اقتصادية. وأضاف:
(من الواضح أنني أرحب بما قال الرئيس
الأسد أنه سيفعله، وآمل أنه يرحب بعمل
المزيد حتى. ولكن الشيء الوحيد الذي
يمكن اعتباره هو التنفيذ، لا سروري
المؤقت).
إذا
استمر باول على هذه الطريقة، فإن
احتمالات النجاح ضد إرهاب حزب الله
ستكون أكبر بكثير.
|