معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
متابعة سياسية رقم 741
3 / 4 / 2003
محاولة
السير على طريق جيد
حصة
حزب الله في الحرب الحالية
الجنرال
يورام يومي: زميل عسكري زائر في معهد
واشنطن.
في
وسط الحرب على العراق، قررت جماعة حزب
الله اللبنانية أن لا تفتح ما قد يسمى (جبهة
ثانية) بشن هجوم على إسرائيل. إلا أن
هذا القرار لا ينبغي أن يفهم على أنه
استسلام. فمع تدني مستوى انتباه
العالم، فإن حزب الله يسعى لتشكيل رأي
عام عربي ضد الولايات المتحدة. من
المهم أن نفهم القوات الأساسية التي
تقود حملة حزب الله ضد الولايات
المتحدة للوصول إلى فهم أفضل لنصيب
المنظمة في حرب العراق وما بعدها.
ـ
تصعيد الخطاب المعادي للولايات
المتحدة:
إن
عداوة حزب الله للولايات المتحدة ليس
سراً. فموقعه الرسمي على الإنترنت يلخص
صراعه مع الغرب عموماً و(الشيطان
الأكبر) الولايات المتحدة خصوصاً. لقد
صعدت المنظمة من تحريضها المعادي
لأمريكا أثناء أزمة العراق الحالية. في
13 آذار 2003 ألقى حسن نصر الله خطاباً في
بيروت يعلن فيه أن (شعب المنطقة
سيستقبل أمريكا بالبنادق، والدماء،
والأسلحة، والشهادة، والعمليات
الاستشهادية. في الماضي عندما كان
المارينز في بيروت صرخنا في الضواحي
الجنوبية " الموت لأمريكا "،
واليوم، بينما تمتلئ المنطقة بمئات
الألوف من الجنود الأمريكيين، فإن "
الموت لأمريكا " كان وهو الآن، سيبقى
شعارنا.) إن كلماته تسبب القشعريرة في
ضوء سجل مسار حزب الله: لقد حددت
الولايات المتحدة أن العقل المدبر
لعملية قتل 241 جندي من المارينز
الأمريكيين في عام 1983 كان عماد مغنية،
الذي مايزال في الرتب العليا في قيادة
حزب الله.
إن
تحريضات المنظمة ليست مقصورة على خطب
القادة. ففي الأسابيع القليلة
الماضية، بثت قناة حزب الله الفضائية (المنار)
أغنية مصورة تقول (أمريكيا أم الإرهاب،
لتسقط أم الإرهاب. أمريكا جيش الشر،
جيش احتلال معتدي. لم يبق شيء سوى
البنادق، لم يبق سوى الشهداء.)
ـ
مخاوف حزب الله:
إن
عداوة حزب الله للولايات المتحدة ناشئ
من مخاوفه أن يكون الهدف التالي في حرب
الولايات المتحدة على الإرهاب.
فباعتباره منظمة تظهر في قمة اللوائح
المختلفة للجماعات الإرهابية
الدولية، فإن حزب الله قلق من أن تسعى
الولايات المتحدة لتجريده من قدراته
العسكرية، عقب الحرب على العراق. حتى
إذا لم تتحرك الولايات المتحدة
عسكرياً أو ديبلوماسياً، فإن حزب الله
قلق من أن تسمح واشنطن لإسرائيل
تكتيكياً بمهاجمة المنظمة دون أن
تتعرض للعقاب.
يخشى
حزب الله كذلك، من أن نصراً أمريكياً
في العراق سيكون له تأثير كبير على
التوجه العام في المنطقة. على سبيل
المثال، فإن نصراً كهذا قد يقدح شرار
تغيير تحرري جديد في الثقافة
والاقتصاد في الشرق الأوسط كله، والذي
بإمكانه بالتالي تقويض قدرة حزب الله
في إحراز التأييد. بناء على ذلك، فقد
أعلن نصر الله مؤخراً: أن الأمريكيين
يفهمون جيداً أن الإسلام يشكل تهديداً
لهم. لذلك، فإنهم يطمحون لأن يتم
إشراكهم في نظم الثقافة والتعليم.)
ويدل هذا ضمناً على أن أي جهود أمريكية
بعد الحرب لتغيير المجتمع العراقي
سينشأ عنها استياء. إضافة إلى هذا، فإن
حزب الله يستمد القوة من الحكام
الراديكاليين في إيران وسورية. وبقدر
ما يوضع هؤلاء الراديكاليون تحت حصار
سياسي داخلي من قبل القوات المعتدلة،
يكون عصب حياة دعم المنظمة مهدداً.
يقلق حزب الله من أن ضغطاً كهذا قد يدفع
مناصريه وشركاءه الاستراتيجيين
لمطالبته بالحد من، إن لم يكن بنزع
سلاحه بشكل كامل، عقب حرب العراق. في
الحقيقة، فقد تتوصل إيران وسورية في
النهاية إلى أن أفضل طريقة يتجنبون بها
التعرض لهجوم أمريكي ستكون بمقاطعة
عميلهم حزب الله.
إن
مشاكل كهذه قد تكون حتى أقرب للمواطن.
فقد وضح رئيس الوزراء اللبناني رفيق
الحريري (أن لبنان لا يستطيع أن يكون
كلاً من هونج كونج وهانوي..)، أي أن
البلاد لا يمكنها أن تكون نقطة تحول
للنشاط الاقتصادي في نفس الوقت الذي
تعمل فيه كحاضن إيديولوجي للمواجهة
الدائمة مع إسرائيل. رغم أن الآخرين في
لبنان أكثر دعماً من الحريري، فإنه
مايزال على حزب الله أن يتأمل في
إمكانية أن يقوم لبنان في النهاية
بمحاولة لجم المنظمة، مما سيعرض
شعبيتها الداخلية وشرعيتها الدولية
للخطر باعتبارها حركة مقاومة تسببت في
إجبار إسرائيل على الانسحاب.
إن
نصراً أمريكياً في العراق قد ينعش كذلك
عملية السلام الإسرائيلية ـ
الفلسطينية، والتي لن تكون أقل من
كارثة بالنسبة لحزب الله. إن تطوراً
كهذا، قد يجرد حزب الله من ذريعته في
مواجهة إسرائيل، مما سيزيد الضغط
الدولي على المنظمة لتغيير موقفها
الرافض.
ـ
الدفاع الأفضل: هجوم قوي ؟
لان
انتصار الولايات المتحدة في العراق قد
يتسبب بانهيار حزب الله حتى بدون
مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة أو
إسرائيل، فإن المنظمة تعتقد أنها يجب
أن تكبح عملية بناء زخم أمريكي في
الشرق الأوسط بأن تفعل كل ما بوسعها
لخلق مناخ إقليمي معاد للتدخل
الأمريكي. بشكل أكثر تحديداً، فقد حرض
حزب الله باقي الدول العربية على
الانضمام إلى (المقاومة) ضد الولايات
المتحدة وحلفائها في الائتلاف. لان حزب
الله وحده قد لا يكون قادراً على خلق
مناخ كهذا، تأمل المنظمة أن
الإسلامويين الآخرين سيشرعون بمساع
مشابهة.
يعتقد
حزب الله أنه ستكون هناك تربة خصبة
لمعاداة الأمركة بعد الحرب. تحسب
المنظمة حساباتها وفقاً لنظرية أن
التدخل الأمريكي الطويل الأمد في
العراق سيولد بذور الاستياء الإقليمي.
يشعر حزب الله أن لديه عدة عناصر تعمل
لصالحه، بما فيهم المعارضة العربية
للحرب، والمعارضة الفطرية لرجال الدين
المسلمين، ويشحن عاطفياً بصورة متلفزة
لموت المدنيين في العراق والفلسطينيين
في الضفة الغربية، وللصعوبات
البارزة لإعادة البناء العراقي ما بعد
الحرب. كل هذه العوامل قد تسهل مساعي
حزب الله لخلق رأي عام عدائي في العالم
العربي. قد تأمل المنظمة كذلك في أن تحول
الأزمة الحالية نصر الله من زعيم
لبناني محلي إلى زعيم لكل العرب أو لكل
المسلمين.
حتى
إذا كانت الولايات المتحدة ناجحة
نسبياً أثناء الحرب نفسها، فإن عراق ما
بعد صدام بإمكانه أن يمثل انفتاحاً
خادعاً قد يسعى حزب الله لاستغلاله.
لقد كان العراق خارج حدود حزب الله
خلال سنوات صدام حسين، فقد ذبح نظامه
عشرات الآلاف من الشيعة. ومع ذلك، فإن
حزب الله قد يأمل في القتال الحالي في
الأماكن العراقية المقدسة والمميزة
دينياً بشكل تاريخي مثل كربلاء والنجف
التي قد تسعد في توحيد الشيعة في
المنطقة كلها. لقد تلقى كل من نصر الله
والزعيم الروحي الشيخ محمد حسين فضل
الله تعليمهم الديني في النجف، وقد سلط
الأول منهما الضوء على المدينة في
تحريض عام لمواصلة الصراع ضد الولايات
المتحدة. ورغم أن الغالبية العظمى من
الشيعة العراقيين قد يحتقرون حزب الله
بشكل كبير ، إلا أنه براديكاليته
وبروابطه الإيرانية، قد يحصل على دعم
من البعض في هذا المجتمع.
ـ
خاتمـة:
يسير
حزب الله في طريق جيد، خوفاً من أن يكون
الهدف التالي في الحرب الأمريكية على
الإرهاب. يتم تسيير المنظمة بشكل بعيد
عن التحركات العسكرية المباشرة التي
قد تستفز إسرائيل أو تتسبب في العداوة
الأمريكية. في نفس الوقت، يأمل حزب
الله في أن الحرب العراقية الحالية
ستستنزف الزخم الأمريكي وتجرد واشنطن
من الحافز والقدرة على استخدام نصرها
لإلجام المنظمة. ومن غير المؤكد فيما
إذا كان حزب الله سينجح في السير على
هذا الطريق.
تعتمد
الكثير من الأمور على الموقف الذي
ستتخذه واشنطن. لقد أشار نائب وزير
الخارجية إلى أن حزب الله هو تهديد
إرهابي أكبر من القاعدة. في أيلول/2002،
كما وضح، (شكل حزب الله فريقاً من
الإرهابيين وقد تكون القاعدة بشكل
عملياً فريق ب). على نحو مشابه، وصف
الرئيس جورج. دبليو. بوش حزب الله على
أنه جماعة إرهابية (ذات امتداد عالمي)
في خطاب الاتحاد في 2002. ويبقى موضوع
النقاش، ماذا ستفعل الولايات المتحدة
فيما يتعلق بالتهديد الذي يشكله حزب
الله، وفيما إذا كانت واشنطن ستواصل
الديبلوماسية، والإجراءات الاقتصادية
والعمل العسكري أم مزيجاً من كل ذلك.
|