معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
متابعة
سياسية رقم 784
كسب
الدعم للعمل على برنامج إيران النووي
باتريك
كلاوسون: نائب مدير معهد واشنطن
سيكون
على الوكالة الدولية للطاقة الذرية،
والتي تسرب تقريرها حول إيران بالأمس،
سيكون عليها قريباً أن تقرر هل تعلن
إيران غير ملتزمة لتعهداتها نحو
معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. ما
سيفعله العالم تجاه برنامج إيران
النووي سيقرر على نحو واسع مستقبل
الجهود المبذولة لمنع انتشار أسلحة
الدمار الشامل.
أخبار
الوكالة الدولة للطاقة الذرية المزعجة:
بالرغم
من أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة
الذرية يحاول وضع التفاف إيجابي بقدر
ما يستطيع حول أعمال إيران، إلا أن
الحقائق التي تبلغ عنها مقلقة بدرجة
كبيرة. فبعد ترتيب لائحة طويلة من
القضايا التي على الوكالة إما أن تنتظر
بشأنها المعلومات أكثر أو أن تقيم رد
إيران، فإن التقرير يعترف، بأن
المعلومات وإذن الوصول كان في بعض
الأوقات بطيئاً وتراكمياً، وبعض
المعلومات كانت مضادة للتي قدمتها
إيران في وقت سابق. ويصمت التقرير على
المشكلة الرئيسية التي تثيرها تصرفات
إيران، أعني، احتمال أن إيران تتعلل
بالذرائع في الوقت الذي تسابق فيه إلى
إكمال برنامجها النووي، والذي سيقدم
حينها كأمر واقع.
كما
أنه لم يقدم تطميناً بالإعلام بأن
إيران قد غيرت حساباتها فيما يتعلق
ببرنامجها لآلة الطرد المركزي. إن قصة
إيران الحالية هي في أنها تقوم
باستيراد أجزاء رئيسية لآلة الطرد
المركزي الخاصة بها. تفسر هذه القصة
على نحو ملائم كشف الوكالة الدولية
للطاقة الذرية عن يورانيوم عالي
التخصيب معد لصناعة الأسلحة في مرفق
آلة الطرد المركزي الإيرانية. بتعليل
وجود هذا اليورانيوم إلى المعدات
الأجنبية الملوثة (على سبيل المثال،
المعدات الباكستانية). إذا كان ذلك
صحيحاً، فإنه يعني أن إيران لديها في
الواقع مساعدة أجنبية أساسية وأن
لديها الفعالية في إخفاء هذه المساعدة.
وإذا استمرت الأمور على هذا، فقد تصبح
إيران في وضع تستطيع عبره تطوير أسلحة
نووية في وقت أسرع بكثير من فترة ثلاث ـ
خمس سنوات التي تنبأ بها بعض أجهزة
المخابرات على أنها الفترة التي
ستحتاجها إيران إذا لم تتلق مساعدة
أجنبية.
ولكن
القصة الحالية قد تكون تغطية: فليس من
الواضح فيما إذا كانت إيران تستطيع
بالفعل الحصول على معدات نووية
باكستانية أساسية، على اعتبار أن
العلاقات الباكستانية ـ الإيرانية لم
تكن حميمة وان لدى باكستان أسباباً
عديدة لتكون حذرة من تصدير مواد كهذه.
وقد تكون القصة الحقيقية الحساب
الإيراني القديم، والذي طورت إيران
بناء عليه تكنولوجيا الآلة الطاردة
بنفسها مستخدمة مخططات باكستانية.
وسيكون هذا السيناريو مقلقاً في أقل
درجاته، لأن وجود اليورانيوم عالي
التخصيب في محطة آلة الطرد (ناتانز)
سيعني أن إيران قد بدأت بتخصيب
اليورانيوم إلى درجة الأسلحة. إذا كانت
هذه هي الحال، فإن إيران قد أحرزت
تقدماً أكبر بكثير باتجاه إحراز سلاح
نووي مما كان يظن. وسيعني هذا أن وكالات
الاستخبارات المركزية، والتي كانت
تعلم القليل، هذا إذا كانت تعلم شيئاً
أصلاً، عن مرفق (ناتانز) إلى أن قامت
جماعة المعارضة الإيرانية (مجاهدي خلق)
بالإشارة إلى هذا الاتجاه أن هذه
الوكالات قد أخطأت في تقدير النشاطات
الإيرانية النووية مرة أخرى.
من
المرجح أن يدعو اجتماع مجلس الحكام
التابع للوكالة الدولة للطاقة الذرية
في (8 ـ 10) أيلول، أن يدعو إلى رد إيراني
عاجل على الأسئلة المعلقة. وسيكون هذا
هو الحال في الأغلب حتى إذا قررت
الوكالة تأجيل (حتى اجتماع المجلس في
تشرين الثاني) قرارها عما إذا كانت
طهران قد أعطيت فرصاً أكثر من كافية،
ولكنها فشلت في تقديم كشف عاجل وكامل
لطمأنة المجتمع الدولي بأنها لم تعد
تكذب أو تستتر.. كما أقر ضمنياً الآن
بأنها قد فعلت ذلك في الماضي.
خيارات
مجلس الأمن:
في
وقت ما، قد يقوم مجلس الأمن باتخاذ
العقوبات القصوى المتاحة له، أي إرجاع
المسألة إلى مجلس الأمن التابع للأمم
المتحدة. إن خيارات مجلس الأمن ليست
مطمئنة: وليس من الواضح فيما إذا كان
المجلس يستطيع الوصول إلى إجماع حول ما
ينبغي عليه القيام به، كما أنه ليس من
الواضح فيما إذا كانت الإجراءات ـ أي
إجراءات ـ قد يتبناها المجلس قد تقنع
أو تجبر إيران على التخلي عن برنامجها
النووي، لكن الخيار الأسوأ للمجلس
سيكون عدم القيام بأي شيء مؤثر.
فبغض
النظر عن الضرر السياسي الذي سيصيب
الأمم المتحدة، فإن عدم اتخاذ تصرف
يشجع الأطراف الأخرى التي تقوم بنشر
أسلحة الدمار الشامل على الانضمام إلى
إيران في الاستهزاء بمعاهدة نشر
الأسلحة النووية.
إن
تردد مجلس الأمن قد يدفع دولاً شرق
أوسطية هامة للاستنتاج بأن عليهم أن
يتصرفوا بشكل مستقل ضد التهديد الذي
تفرضه إيران: فإسرائيل بإمكانها أن
تقوم بإجراء عسكري وقائي، وقد تقرر
السعودية العربية أو آخرون الحصول على
أسلحة الدمار الشامل. الجدير بالذكر،
أن السعوديين قاموا منذ وقت طويل بشراء
صواريخ صينية تم تصميمها لتحمل رؤوساً
نووية، ويشك الكثيرون في المنطقة بأن
السعوديين قد مولوا برنامج باكستان
النووي.
ستتضمن
خيارات مجلس الأمن بإيجاز في هذا الشأن:
ـ
حظر تصدير التكنولوجيا النووية
العسكرية إلى إيران. سيقدم مجلس الأمن
فرصة جيدة لروسيا للعمل على عدم وصول
شحنة الوقود النووي الأولى إلى مولد
بوشهر النووي المكتمل تقريباً.
ويستطيع
المجلس كذلك العمل على عدم وصول إيران
إلى تكنولوجيات لصواريخها، والتي هي
من نفس التصميم الذي يحتاج إليه في حمل
الأسلحة النووية، والتي تؤدي غرضاً
محدوداً إلا إذا سلحت بأسلحة الدمار
الشامل. إذا تم فرض حظر شامل على حرية
الوصول إلى تكنولوجيات عسكرية على
إيران، فإن ذلك سيثير نقاشاً داخلياً
حول ما إذا كانت الأسلحة النووية تساهم
في أمن إيران أو بدلاً من ذلك تعزل
البلاد مدى كهذا يتقوض بسببه أمن
البلاد.
ـ
تجميد الاتفاقيات الاقتصادية الجديدة
مع إيران. لقد وضح الاتحاد الأوربي أنه
في حالة عدم وجود تقدم في الجانب
النووي، فإنها ستقطع مفاوضات اتفاقية
التعاون التجاري مع إيران والتي
تحتاجها طهران بشدة. ستستمر الولايات
المتحدة بالتأكيد في عرقلة طلب إيران
للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.
ويتوقع
أن تستمر اليابان في تعليق الاستثمار
المتعدد البلايين من الدولارات من قبل
شركات النفط التابعة لها في حقل
اذربيجان النفطي الضخم. في الحد
الأدنى، سيعطي مجلس الأمن مباركته
لإجراءات كهذه.
الخطوة
التالية ستكون بتعليق الاتفاقيات
الدولية الجديدة مع إيران. وأكثرها
أهمية اتفاقيات الاستثمار الجديدة في
صناعة النفط والغاز، والتي ستزود
الحكومة الإيرانية بالأغلبية العظمة
من عائداتها.
ـ
فرض عقوبات اقتصادية أوسع على إيران:
يبدو
هذا المنحى ذا ثمار أقل. ففرنسا وروسيا
والصين حذرون من عقوبات اقتصادية غير
محددة، والتي يعتقدون أنها كانت عديمة
الجدوى أو ذات مفعول عكسي في العراق
كنموذج. على أي حال، فإن لدى إيران
حدوداً طويلة مفتوحة تستخدم بشكل كبير
من قبل المهربين أصلاً، لذلك فإن
القيود التجارية قد لا تكون ذات فائدة.
وكذلك القيود على القروض الجديدة لا
يرجح أن تكون ذا تأثير فارق بالنظر إلى
أن إيران لديها على الأقل 15 بليون
دولار، إذا لم يكن بلايين إضافية أخرى
من احتياطي العملات الأجنبية.
ـ
الإعلان عن رفض أي امتلاك إيراني
لأسلحة الدمار الشامل:
في
الحد الأدنى، بإمكان مجلس الأمن إصدار
تصريح قوي لردع إيران عن اتخاذ القرار
النهائي بامتلاك أسلحة نووية. ما سيكون
ذا تأثير أكبر في ردع إيران سيكون
قراراً يتضمن
أنه، إذا فشلت جميع الأساليب الأخرى،
فإن استخدام القوة قد يكن مناسباً لمنع
إيران من تجميع أو اختبار أسلحة نووية.
النتيجة:
لقد
تم إنجاز تقدم كبير في كشف برنامج
إيران النووي وفي تشكيل إرادة دولية
للرد بقوة. لقد حان الوقت الآن للتحرك
إلى الخطوة التالي، والتي هي، إنشاء
إجماع حول إجراءات مجلس الأمن الممكنة
فيما إذا أدانت الوكالة الدولية
للطاقة الذرية عدم التجاوب الإيراني.
إن
إنشاء إجماع كهذا سيكون ذا أهمية عظيمة
لإدارة بوش، ولمجلس الأمن، ولنظام منع
الانتشار، ولحفظ السلام في الشرق
الأوسط. ونظراً للمخاطر التي يتضمنها
الأمر، فإن الجهود المبذولة ينبغي أن
تنتقل إلى حالة الاستعداد العالي
للعمل.
أخيراً،
فإن التدفق المستمر للكشوفات المتعلقة
ببرنامج إيران النووي تدل على أن
الولايات المتحدة ستحسن صنعاً إذا ما
قامت بجمع كل المعلومات التي تستطيع
الحصول عليها عن البرنامج. وبناء على
ذلك، سيكون من الصعب فهم السبب الذي من
أجله اختارت الولايات المتحدة وفي هذا
الوقت منع المنظمة الوحيدة التي لديها
القدرة على تزويد العقل البشري
ببرنامج إيران النووي، أي جماعة
مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة،
ووجهتها المجلس القومي للمقاومة، بقدر
ما هي ممقوتة هذه الجماعة، فإن فكرة
امتلاك إيران لأسلحة نووية أكثر مقتاً.
|