معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
متابعة سياسية رقم 706
31 / 1 / 2003
أزمة
العراق بعد تقرير بليكس
خيارات
ديبلوماسية وعسكرية
ديفيد
كاي، باتريك كلاوسون، فيليب جوردون،
وميشيل ايزنستاوت
في
28 كانون الثاني، قام كل من ديفيد كاي،
وباتريك كلاوسون، وفيليب جوردون،
وميشيل ايزنستاوت. بإلقاء محاضرة في
المنتدى السياسي الخاص التابع لمعهد
واشنطن.
ـ
الدكتور كاي، مفتش سابق في العراق تابع
للأمم المتحدة، وهو زميل كبير في معهد
بوتوماك، المتخصص في قضايا مكافحة
الإرهاب وأمن البلاد.
ـ
الدكتور كلاوسون، نائب المدير في معهد
واشنطن ومؤلف بحثه للـ2002 (كيفية بناء
عراق جديد بعد صدام).
ـ
دكتور جوردون باحث كبير في مؤسسة
بروكنجز ومدير مكتبها في الولايات
المتحدة وفرنسا.
ـ
السيد ايزنستاوت باحث كبير في معهد
واشنطن متخصص في الشؤون العسكرية
والأمنية.
فيما
يلي تقرير موجز عن ملاحظاتهم.
ديفيد
كاي
في
27/كانون أول سلم هانز بليكس، مدير لجنة
الرقابة والتفتيش التابعة للأمم
المتحدة، سلم تقريراً صريحاً لمجلس
الأمن فيما يتعلق بالتجاوب العراقي مع
القرارات ذات الصلة بالأسلحة بعد
اثنتي عشرة سنة من الالتزام بنزع
السلاح تحت قرار مجلس الأمن 687، لاتزال
بغداد غير مقتنعة حقيقة بحاجتها إلى
نزع السلاح. إن هانس، بتأكيده على أن
التفتيشات ستنجح إذا أعطيت الوقت، هو
شخص ساذج. لقد جادل الكثيرون في أوروبا
بهذه الطريقة، مدعين أن تقرير بليكس ما
هو إلا بداية لعملية طويلة الأمد. ومع
ذلك، فإن مهمة المفتشين تحت قرار مجلس
الأمن 1441 (الذي أقر في تشرين الثاني/2002)
التأكيد على أن العراق قد اتخذ قراراً
بنزع السلاح وإثبات أن عملية نزع
السلاح قد تمت حقيقة، ويظهر تقرير
بليكس أن كلاً من المُتَطلبين لم يتم
الوفاء بهما.
على
العكس من كثير من التحليلات الإعلامية
الأخيرة المتعلقة بالموضوع، يظهر
تقرير بليكس بوضوح أن العراق قد فشل في
التجاوب مع التزاماته الإجرائية
الجوهرية وفقاً لقرار الأمم المتحدة
1441. على سبيل المثال، يعطي هذا القرار
المفتشين حق أخذ صوراً من الجو في
العراق، ولكن بغداد ماتزال تعارض
الرحلات التي تقدمها الوحدة (2) لهذه
الغاية نفسها. يمنع العراق المفتشين
كذلك من القيام بالطيران بالمروحيات،
مدعياً أن المروحيات سيطلق عليها
النار إلا إذا تم إعلام الجيش العراقي
مسبقاً عن وجهتها. فوق هذا، فقد وضحت
الأمم المتحدة أنه في ما يتعلق
بالمقابلات في داخل البلاد مع العلماء
العراقيين، فإنها ستجري ضمن تسهيلات
الأمم المتحدة، والتي ستوفر قدراً
معقولاً من السرية. بدلاً من ذلك، وافق
كل من بليكس ومدير الوكالة الدولية
للطاقة الذرية الجنرال محمد البرادعي
على أن يتم عقد المقابلات في فندق
الرشيد الذي تملكه الحكومة العراقية،
الفندق الأكثر إزعاجاً في البلاد، مما
يقصي بشكل أساس القيمة الممكنة في
مقابلات كهذه. إن سجل العراق في
التجاوب الجوهري مع قرار مجلس الأمن 1441
هو أكثر سوءاً حتى خصوصاً في مجال
الصواريخ. على سبيل المثال، فإن هناك
أدلة مقنعة تظهر أن قد عملت لتصنيع
صواريخ ذات قوة أكبر وذات مدى يتجاوز
الحدود التي خوله مجلس الأمن.
لدى
واشنطن عدة أجزاء من أدلة تقدم مجتمعة
صورة مقنعة عن انهماك العراق المستمر
في امتلاك أسلحة الدمار الشامل. ومع
ذلك، فإن الكثير من الوقائع الأكثر
إقناعاً يصعب شرحها للجمهور العام
بسبب طبيعتها الشديدة التعقيد.
باتريك
كلاوسون
إن
الخلاف الدولي حول سياسة العراق ليس
متجذراً بشكل كبير في مسألة كم من
الوقت نعطي المفتشين، بل بالأحرى، في
الفشل في تحديد الهدف من عملية
التفتيشات. على سبيل المثال، إذا اكتشف
المفتشون مستودعاً للأسلحة العراقية
النووية، فإن قادة كل من الولايات
المتحدة والدول الأوروبية سيتصرفون
بطريقة مختلفة تماماً. وسيفسر
الكثيرون في أوروبا هذا الأمر على أنه
دليل على أن عملية التفتيشات تعمل
وأنها يجب أن تستمر، في حين أن
الكثيرين في إدارة بوش سيجادلون بأن
هذا الانتهاك يبرر استخدام القوة
العسكرية لنزع سلاح صدام حسين.
لعدة
سنوات، دافع الأوروبيون عن سياسة
احتواء العراق، ورأوا أن التفتيشات هي
الطريقة المثلى لتحقيق ذلك في الحقيقة
فإن هناك حجة قوية للاحتواء: فقد حدت
التفتيشات والعقوبات من نطاق برامج
أسلحة العراق للدمار الشامل. قد تكون
أخطار عالمية أخرى أكثر إلحاحاً من
العراق، إن حرباً جديدة على العراق قد
تقلقل الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن
الاحتواء ليس هو الذي اتفق مجلس الأمن
التابع للأمم المتحدة بإجماع عليه في
تشرين الثاني 2002. لم تكن الولايات
المتحدة لتوافق على قرار مجلس الأمن 1441
بالدرجة الأولى فيما لو كان أساسه
الاحتواء، وقد رفضت واشنطن وفقاً لذلك
محاولات إعادة تفسير القرار على أنه
دعوة للاحتواء. يقدم قرار 1441 لصدام
حسين فرصة أخيرة لنزع السلاح، وهذا ما
ستصر إدارة بوش عليه.
ربما
قد يساعد الوقت في حل الخلاف حول أمر
الاحتواء. إذا استمر صدام في طريقته
الحالية في وضع مقاومة أكبر بشكل
متزايد أمام المفتشين، فقد توافق
أوروبا في النهاية على أن التفتيشات لا
تستطيع تحقيق نزع السلاح. في الحقيقة،
فإن العراق قد أخذ يضع مشاكل هامة أمام
المفتشين. فقد اتهمت بغداد مؤخراً
موظفي لجنة الرقابة بكونهم جواسيس،
وكانت هناك عدة مظاهرات كاحتجاج على
المفتشين. وقد فشل النظام كذلك في
تفسير الأمور الغريبة التي ظهرت أثناء
عملية التفتيش. على سبيل المثال، تظهر
إحدى وثائق القوة الجوية العراقية أن
العراق قد استخدم فقط 13 ألف قنبلة
كيميائية خلال الحرب الإيرانية ـ
العراقية بدلاً من 19.5 من نفس القنابل
التي ادعى النظام وجودها في مكان آخر.
ولم تقدم بغداد أي توضيح عن ذخيرة الـ
6.5 المفقودة. في أي حال، من المرجح أن
تقوم إدارة بوش بإعطاء المفتشين وقتاً
أطول من الذي تقترحه وسائل الإعلام.
نموذجياً فقد تحركت الحكومة ببطء في
القضايا الرئيسية، وقد تتصرف بنفس
الطريقة مع العراق.
فيليب
جوردون
إن
الأوروبيين غير مقتنعين بأن الوقت قد
نفذ بالنسبة لبغداد، إن لديهم أسباباً
استراتيجية وثقافية وتاريخية تجعلهم
أكثر تردداً في الذهاب إلى الحرب من
واشنطن. أولاً، إن لدى أوروبا تجربة
قاسية مع الحرب أكثر مما لدى الولايات
المتحدة. ثانياً، فإن الأوروبيين
متشككون بعمق حول فيما إذا كانت الحرب
تستطيع تحرير العراق، نظراً
لمحاولاتهم الخاصة الفاشلة في إدارة
دول الشرق الأوسط في الماضي. ثالثاً،
إن لدى البلدان الأوروبية شعوباً
إسلامية كبيرة، وتخشى العديد منها
التأثيرات الفائضة للحرب. أخيراً فقد
حدثت هجمات 11/9 في الولايات المتحدة
وليس في أوروبا، وبالتالي لا يرى
الأوروبيون إلحاحية قضية العراق أو
صلتها بمصالحهم القومية.
تظهر
الكثير من استطلاعات الرأي، أن الكثير
من الأمريكيين هم مثل الأوروبيين،
يشعرون أن المفتشين بحاجة إلى المزيد
من الوقت. هل سيساعد الوقت حكومة بوش
لتسيطر على الرأي العام الأمريكي
والأوروبي لصالح الحرب ؟ بعد تبني قرار
1441، يعتقد الكثيرون أنه سيقود إلى واحد
من سيناريويين مختلفين: فإما أن ترفض
بغداد التفتيشات بشكل كامل (وهي الحالة
التي سيوافق فيها المجتمع الدولي على
استخدام القوة فوراً) أو أنها ستقلب كل
برامج ومواد أسلحتها للدمار الشامل (وهي
الحالة التي لن تواصل فيها الولايات
المتحدة وحلفاؤها السعي إلى تغيير
النظام). إلا أن النتيجة الفعلية كانت
في مكان ما بين هذين السيناريويين. في
الوقت الذي تم فيه تبني قرار 1441، أعطت
فرنسا ودول أوروبية متشككة أخرى
علامات على أنهم في النهاية سيؤيدون
الولايات المتحدة إذا أظهرت عزماً
قوياً على نزع سلاح العراق بقوة. ولكن
الآن يبدو أن فرنسا تحاول أن تجعل من
الصعب على الولايات المتحدة الذهاب
إلى الحرب، وأنهم قد يستخدمون حق
الفيتو ضد أي قرار جديد يجيز استخدام
القوة. إن كل يوم يمر دون أن يجد فيه
المفتشون (بندقية ذات دخان) فإن الحركة
تجاه تغيير النظام تصبح أضعف إذا قررت
واشنطن منح المزيد من الوقت لعمليات
التفتيش. سيصبح من الصعب وقف العملية
لصالح الحرب، لذلك، فإن الحرب إذا
اعتبرت ضرورية ومحتمة، فإن
على حكومة بوش التوقف عن التأكيد على
قرار 1441 عاجلاً لا آجلاً.
يشعر
أعضاء حلف الناتو بالارتياب من الحرب
في العراق كذلك، إلا أن المنظمة نفسها
لن تمنع الولايات المتحدة أو أي دولة
عضو أخرى من المشاركة في حملة كهذه. لقد
رفض الناتو معاهدات الأمم المتحدة
المبدئية للالتزام بتحرك متعدد القوى
على أي حال، فإن مساهمة الناتو الأكثر
أهمية في إعادة صنع العراق على الأرجح
في ميدان إعادة بناء العراق بعد الحرب.
ميشيل
ايزنستاوت
إن الجدال حول
التفتيشات تحجب الدافع الحالي لسياسة
الولايات المتحدة: استخدام التفتيشات
لتهيئة ظروف سياسية إيجابية لاستخدام
القوة ضد العراق بهدف إنجاز تغيير
النظام. إذا كانت الحرب تبدو حتمية،
فإنها كذلك لان صانعي سياسة الولايات
المتحدة قد توصلوا إلى أن الطريقة
الوحيدة لنزع سلاح العراق هي عن طريق
تغيير النظام، وأن الطريقة الوحيدة
لتحقيق تغيير النظام هي عن طريق تدخل
عسكري خارجي.
وإذا
تكلمنا بشكل عملي، فإن عملية نشر قوات
الولايات المتحدة الرئيسية إلى الخليج
تحد من قدرة صانعي السياسة على تأجيل
العمل العسكري لوقت أطول. أولاً، فإن
المنطقة تحتوي مناطق تدريب غير كافية
لقوة كبيرة كهذه. ثانياً، فإن قدرة
الجيش على إجراء تناوب لموظفيه ستصبح
محدودة نظراً لأن أربعة من فصائله الست
الثقيلة القابلة للنشر سيتم إرسالها
إلى الخليج. ثالثاً، فإن سحب القوات من
المنطقة بقصد إعادتهم في الخريف قد يضر
بمصداقية الولايات المتحدة مع حلفائها.
رابعاً، إن تأجيل العمليات حتى الصيف
سيعني أن القوات المتحالفة سيكون
عليها القتال تحت ظروف بيئية غير
ملائمة، تتضمن حرارة عالية وعواصف
رملية متكررة. وقد يتسبب هذا في إصابات
خطيرة بسبب الحرارة ويقلل من سرعة
وفعالية العمليات العسكرية. في عملية
إسقاط صدام فإن السرعة جوهرية، فكلما
كانت الحرب أطول، كلما كان لديه وقت
أكبر لإيذاء شعبه، وإلحاق الضرر ببنية
العراق التحتية، وبجيران العراق.
تستطيع الولايات المتحدة بصعوبة تحمل
عدم الفعالية التي تحدث في مستلزمات
الصيف.
لقد
علمت فيتنام الولايات المتحدة أن
التأييد الداخلي للحرب هو أمر ضروري
للنجاح. لن تكون قوات الولايات المتحدة
مستعدة قبل عدة أسابيع حتى الآن، وفي
الوقت المتبقي، ينبغي أن تشد إدارة بوش
من عزم التأييد الداخلي والدولي لعمل
عسكري، خصوصاً وأن مساعدة دولية قد
تكون ضرورية من أجل جهد إعادة البناء
ما بعد الحرب في العراق. ومع ذلك، إذا
لم تستطع الإدارة إثبات حجة الحرب لتلك
الدوائر الانتخابية المتفاوتة في
الأسابيع القليلة القادمة، فسيكون
هناك القليل الذي يمكن أن يكسب مع مزيد
من التأجيل. وفي حال الضرورة، فإن
بإمكان الولايات المتحدة شن تدخل
عسكري ناجح على نطاق واسع بمفردها، حتى
بدون مساعدة تركيا أو السعودية. ومع
ذلك، فإن عملاً فردياً سيكون فيه
مخاطرة وفشل في كسب تأييد واسع وقد
يكون له عواقب وخيمة للولايات المتحدة
في نهاية المطاف.
|