آخر تحديث يوم الأربعاء 19 / 03 / 2003م

.....

معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

     متابعة سياسية رقم 703

        24 / 1 / 2003

إصلاح الموقف العربي:

مبادرة سعودية تجاه العراق ونطاق الدول العربية الأوسع

في كانون الثاني، أعلنت الحكومة السعودية ما وصفته بأنه (مشروع لإصلاح الموقف العربي)، وهو وثيقة معدة لكي يتم التصديق عليها في القمة التالية للقادة العرب، والتي ستنعقد في البحرين في آذار. المشروع موجه إلى الملوك والرؤساء العرب، يدعو إلى المزيد من الإصلاحات الداخلية، ورفض أي اعتداء خارجي غير شرعي على أي دولة عربية بشكل قاطع.

ـ السياسة تجاه العراق:

ينظر إلى المقترح من قبل الكثيرين على أنه جزء من المجهود الديبلوماسي السعودي لمنع الولايات المتحدة من شن الحرب على صدام حسين. في الحقيقة، فقد أرسلت الرياض عدة رسائل بهذه الغاية. وقد تكون الرسالة الأكثر أهمية من الجميع، بعض الأدلة التي تشير إلى أن المملكة تقوم بتشجيع صدام على التفكير في اللجوء إلى المنفى. ورغم إنكار وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لهذه الشائعات، إلا أن مسؤولاً سعودياً كبيراً في وزارة الداخلية قام بزيارة بغداد قبل عدة أسابيع لتقديم اقتراح كهذا.

أكثر من هذا، في مقال طويل في 12/كانون الثاني في (الصنداي تايمز) اللندنية، اقترح سعودي آخر بارز أن يتم إقناع صدام بالتنازل عن السلطة عن طريق عرض بعدم مقاضاته. ورغم أن كاتب المقال، حسن ياسين، كان قد وصف ببساطة على أنه مستشار سعودي كبير إلا أنه في الواقع زميل مقرب من الأمير سعود. وقد قال ياسين أيضاً أن صدام يستطيع حماية ماء وجهه بإخبار الشعب العراقي أنه يقوم بالتخلي عن السلطة فقط لأن مستشاري الجيش قد توصلوا إلى أن العقوبات قد جعلت من القوات العراقية المسلحة عاجزة عن مقاومة اجتياح لقوى متحالفة. في حلقة أخرى من الرواية، اقترح ياسين أنه وبدلاً من أن يمنح صدام حق اللجوء إلى دولة أخرى، فإن بإمكان صدام وعائلته التحول إلى منفى داخلي، تحت اعتقال في البيت في أحد قصوره، مع جعل مسئولية حمايته مرتبطة بالأمم المتحدة.

إضافة إلى ذلك، ادعت تقارير أخرى أن السعوديين يقومون بحث الجيش العراقي والقوات الأمنية للإطاحة بصدام، وهو تكتيك سوف يحفظ الهيكل السياسي الموجود في البلاد. تخشى الرياض من أن تقويض هذا الهيكل قد يتسبب في انهيار يتحول إلى فوضى سياسية أو اجتماعية وقد يؤدي إلى الانقسام إلى دول شيعية، وسنية، وكردية.

إن التفكير السعودي في مستقبل العراق لم يبسط أبداً بتوسع بشكل علني، فالوضع الأكثر دقة يبينه عادة الأمير سعود، وهو مؤتمن الأمير عبد الله ولي العهد الحاكم الفعلي، المعروف بتصريحاته التي وإن تكن موجزة نسبياً، إلا أن كلماتها مختارة بحذر، لقد قال الأمير سعود مراراً أن الشعب العراقي يجب أن يختار قائده، مما يشير إلى أن حرية الاختيار غير الموجودة في العراق. أكثر من هذا، فقد أعطى إشارات واضحة بكون المملكة تكره الخيار العسكري؛ أثناء مؤتمر إخباري في كانون أول / 2002، حيث أكد على أن (الدول العربية يجب أن تمنح فرصة أخيرة لإيقاف الحرب التي لن تضر بالعراق فقط ولكنها ستقلقل استقرار الشرق الأوسط. واستمر في القول بأن المملكة لن تشارك بشكل مباشر في أي عمل عسكري.

إضافة إلى ذلك، كان الأمير سعود واحداً من عدة وزراء خارجية من الدول الواقعة على حدود العراق قبلوا بدعوة عقد مؤتمر في إسطنبول كانت تهدف إلى دراسة بدائل الحرب. ورغم أن الدول التي تم تمثيلها في المؤتمر (تركيا، إيران، سورية، الأردن، مصر، والسعودية العربية) هي دول منفصلة تماماً عن بعضها لأن تشكل مجموعة تتصرف كوحدة تجاه أي قضية جوهرية، إلا أن المؤتمر يعكس المدى الذي جمعت فيه أزمة العراق الأتراك، والإيرانيين، والعرب؛ من جيران العراق، الكويت فقط لم تحضر.

ومع ذلك، ورغم الاختلاف بين واشنطن ومعظم العالم، ينبغي أن لا يكون لصدام عزاء في مؤتمر إسطنبول، أو من التصريحات السعودية المعلنة المتعلقة بنظامه. على سبيل المثال، في مقالة في 12/كانون الثاني، وضح ياسين (يشك القليلون في أن بوش قد انتصر في حرب لم يقاتل فيها بعد، قد لا يحصل بوش على تأييد كامل من بلدان الشرق الأوسط، الذين يخافون من جيرانهم الأقوياء، ولكنهم يقبلون جميعاً الإطاحة بصدام). فوق هذا، فإن التحركات السعودية الديبلوماسية المختلفة فيما يتعلق بالعراق تشير إلى وجود قلق تجاه كل خيار، بما في ذلك الوضع الحالي.

ضمن قيادات المملكة يجد المرء اختلافات سياسية حماسية عن كيفية التعامل مع صدام، وكذلك تحايل مستمر للوصول إلى السلطة في ما بين الأنداد الكبار في العائلة المالكة. وزير الداخلية، الأمير نايف بن عبد العزيز، وهو شخصية رئيسية، تقابل في تونس الأسبوع الماضي مع نظرائه من الدول العربية الأخرى، عند نقطة معينة تمثل مكافأة لوزير الداخلية العراقي محمد دياب الأحمد، وهو شخصية رئيسية في هيكل صدام الأمني.

في نفس الوقت، فإن شخصيات ذات مستوى رفيع من العائلة المالكة لم يكن لديها شيء لتقوله حول الأزمة المتزايدة. فرغم أن الملك فهد معتل مايزال يظهر من أجل بعض الإعلانات الرسمية والاجتماعية مع ذوي المقامات الرفيعة من الزوار، ويساهم قليلاً في الشأن العراقي، وولي العهد عبد الله النائب الحالي، ووزير الدفاع سلطان بن عبد العزيز، يقومان كما تقول التقارير برحلة إلى مراكش دون وجود خطط حالية للعودة إلى أرض الوطن.

ـ الإصلاح في الوطن

رغم ذلك، يتضمن المشروع عناصر ذات أهمية كبيرة لصانعي سياسة الولايات المتحدة. لسبب واحد، أنه يدعو للإصلاح الذاتي، وتعزيز المشاركة السياسية في الدول العربية. كما أنه يقترح تعاوناً اقتصادياً، نطاق تجارة حر، اتحاد التقاط الجمركية، وإجراءات تشجع تطور القطاع الخاص. ربما كانت الكثير من هذه النقاط في حاجة لأن تؤخذ بشكل منفصل بعد قمة آذار، ورغم ذلك، فإن القرارات المتخذة في قمم كهذه، يجب أن تكون مجمعاً عليها، لذلك فإن أي نقص في التأييد على أي قضية محددة ستقضي على كل المشروع. ربما في محاولة لاستباق حدوث هذه المشكلة، يوضح المشروع أن القادة الذين لا يرحبون بالتوقيع على مقترحاته (لا يمكن أخذهم بالاعتبار لتشكيل جزء من العمل العربي المشترك الذي طال السعي لتحقيقه).

إن مقترحات المشروع فيما يتعلق بالإصلاح في المجتمعات العربية يبدو أنها تعكس رغبة ولي العهد عبد الله في تطوير المجتمع السعودي، وإن يكن بشكل حذر. كما في الماضي، فإن بعض هذه الإجراءات ستتم مقاومتها على الأرجح من قبل الأمراء السعوديين (يتزعمهم سلطان ونايف)، والذين يخافون من أن تعرض تحركات كهذه ولايتهم للعرش في النهاية للخطر.

متضمنات للولايات المتحدة:

حتى إذا كان مسؤولو الولايات المتحدة لا يستطيعون المساهمة في الجدال المنبثق ولكنه مستبطن حول مستقبل العالم العربي، فإن بإمكانهم أن ينالوا الرضا على المشروع السعودي الداعي إلى الإصلاح ومجادلة العائلة المالكة للمضي قدماً في مقترحاتها.

بالنسبة للعراق، فإن الصعوبات في العلاقات السعودية الأميركية منذ الهجمات الإرهابية في 11/9 قللت من توقعات واشنطن حول ترحيب المملكة للمساعدة في حملة أمريكية ضد صدام. يجب أن يتم اتخاذ الحساسيات السعودية بعين الاعتبار، نظراً لأن قوات الولايات المتحدة تحتاج إلى تسهيلات قاعدية وحقوقاً للطيران عبر الأجواء للقيام بعمليات في العراق. رغم ذلك، يجب أن يتأكد المسؤولون الأمريكيون من أن الرياض تتفهم بوضوح رؤية واشنطن في الأزمة، أي أن أعضاء الأمم المتحدة يجب أن تدعم قرارات مجلس الأمن التي تأمر العراق بالكشف عن أسلحته للدمار الشامل.