قسم
الترجمة والمتابعة
أوروبا
ضد أمريكا:
اتحاد
السياسات في الشرق الأوسط
آر.
جيمس وولسي، وجوزيف جوف
في 4/حزيران/
2002، حاضر كل من آر. جيمس وولسي وجوزيف
جوف في المنتدى السياسي الخاص التابع
لمعهد واشنطن. السيد وولسي مدير سابق
في الـ سي.آي.إيه (1993ـ1995). والسيد جوف
محرر ناشر للدورية الأسبوعية
الألمانية دي زيت. فيما يلي تقرير موجز
عن ملاحظاتهما.
آر.
جيمس وولسي
حرب
أمريكا:
رغم
أنه لم يمض وقت على الكشف عن الحملة
الحالية على الإرهاب، فإن أمريكا قد
أصبحت عملياً وسط (حرب عالمية) جديدة
إلى حد ما لبعض الوقت. ولكي نفهم هذه
الحرب، فإن على المرء أن يجيب على
ثلاثة أسئلة حاسمة:
1ـ
ضد من تخوض الولايات المتحدة الحرب ؟
2 ـ لماذا
هي في حالة حرب مع هؤلاء الخصوم بالذات
؟
3 ـ كيف
ينبغي للولايات المتحدة أن تدير هذه
الحرب سواء في الوطن أم في الخارج؟
فيما يتعلق بالسؤال الأول، فإن
خصوم أمريكا طويلي الأمد يشملون على
الأقل ثلاث حركات في الشرق الأوسط.
أولهم، المقاتلون الشيعة الذين أعلنوا
الحرب على الولايات المتحدة في وقت
مبكر في 1979.
ثانياً،
حزب البعث العراقي (الفاشستي). يعتقد
صدام حسين أن حرب الخليج لم تنته قط، في
حين يستمر في انتهاك بنود وقف إطلاق
النار ذات العلاقة بأسلحة الدمار
الشامل والصواريخ الباليستية.
ثالثاً،
فإن أمريكا في حالة حرب مع المقاتلين
السنيين، ربما من 1995
ثم
لماذا هي أمريكا في حالة حرب مع هذه
الحركات ؟ الأمر الأساسي أن الولايات
المتحدة ليس لها خيار آخر غير الدفاع
عن نفسها وعن قيمها (!!) . فأمريكا لا
تستطيع انتظار خصومها حتى يظهروا تغير
قلوبهم. إن لدى الأمريكيين شعوراً
واضحاً بالهوية الوطنية، وهم مستعدون
لاستخدام القوة للدفاع عنها. هذا يفسر
السبب في أن أمريكا وأوروبا كثيراً ما
تجدان نفسيهما في مسارات مختلفة في وجه
النزاع.
تخوض
أمريكا أيضاً حالة النزاع، بسبب
تورطها في الشرق الأوسط في الربع
الأخير من القرن العشرين. وقد عارض كل
من أحزاب القاعدة والبعثيين والشيعة
هذا التدخل منذ زمن طويل، وتم تشجيع
الحركات الثلاث برد فعل أمريكا السلبي
لنشاطاتهم العنيفة في العقود الأخيرة،
وهو رد كان مقصوراً إلى حد كبير على
التحقيق والمقاضاة. والآن حان الوقت
للولايات المتحدة لتضع حداً لنشاطات
كهذه قبل أن تحدث هجمة أخرى بحجم هجمة
11/9.
وجواب
السؤال الثالث: كيف ينبغي أن تدير
الولايات المتحدة هذه الحرب ؟ ينبغي أن
تنتهج واشنطن استراتيجية عامة داخلية
وخارجية، تستغرق العقود القليلة
القادمة. إحدى السمات المميزة لهذه
الاستراتيجية ستكون الطاقة، فأمريكا
لا تستطيع الاستمرار في الاعتماد على
الشرق الأوسط، الذي يسيطر على ثلثي
احتياط العالم من النفط، وفوق هذا على
الولايات المتحدة أن تفكر في إنشاء
مؤسسة تتعامل مع الاستخبارات
الداخلية، مشابهة لـ (إم.15) البريطانية.
وطالما بقي التعاون الأوروبي الأمريكي
موضع اهتمام، ينبغي أن تؤدي
الاستراتيجية إلى تشكيل حلف، وليس إلى
أي منعطف آخر. لسوء الحظ، فإن
الأوروبيين يقومون بإخفاء رؤوسهم في
الرمال هذا الوقت، ويبدو أن
البريطانيين فقط يتفهمون الحاجة إلى
تحرك موحد في هذه الحرب. ينبغي أن تقنع
واشنطن الأوروبيين بزيادة قوتهم
العسكرية، إذا كانوا يريدون أن يقدموا
مساعدة حقيقية في هذا الصراع الكبير. لقد
خاضت أمريكا الحرب العالمية الأولى من
أجل (نقاط ويلسون الأربع عشرة)، والحرب
العالمية الثانية من أجل الحلف
الأطلسي، والحرب الباردة من أجل حرية
المضطهدين من قبل الشيوعية. واليوم
ينبغي أن تقنع أمريكا الضواري المريضة
والأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط
أن عليها أن تكون حذرة من رد الولايات
المتحدة.
جوزيف
جوف
الوساطة
في الشرق الأوسط:
للوساطة
في الشرق الأوسط تاريخ طويل معلق، فقد
كان ناجحاً فقط أثناء قمة كامب ديفيد
في 1978. لماذا فشلت قمة كامب ديفيد 2000 في
حين نجح مؤتمر 1978؟ إن الاختلاف الفاصل
الأكبر هو في قمة 1978، فقد أراد كل من
رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن
والرئيس المصري أنور السادات أن يتم
دفعهما إلى توقيع اتفاقية، وكانا
يمثلان دولتين قويتين في حالة نزاع على
قطعة أرض جرداء، والتي هي شبه جزيرة
سيناء، حصل الإسرائيليون على ما كانوا
يتلهفون عليه: سلام ليس حقيقيا، ولكن
لا توجد حالة حرب. إن الشبه ضعيف بين (الأرض
مقابل السلام) وبين (سيناء في مقابل
المصلحة الاستراتيجية). ومع ذلك لم تتم
الاستفادة من أي من هذه الظروف في
النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وذلك هو
السبب وراء إثبات عملية الوساطة لأنها
عملية تافهة حتى الآن.
أولاً،
القضية ليست قضية الأرض وحسب،
بل هي أيضاً قضية شرعية وامتلاك
محدد. بالنسبة للإسرائيليين، ترافق
التهديد الخارجي مع إصرار عرفات على حق
العودة للفلسطينيين. إذن فالصراع يدور
حول ما هو أكثر بكثير من علم وجواز سفر
للفلسطينيين.. يحلم الفلسطينيون
بإعادة تحديد السيادة الإسرائيلية عن
طريق إحصائية السكان. يدعم
الإسرائيليون قيام دولة فلسطينية
كمبدأ، ولكن كوجود فعلي فإنهم يريدون
تقييد سيادتها. وقد أصرت جميع الحكومات
الإسرائيلية على حق ثابت بالإشراف على
مستقبل تسلح الدولة الفلسطينية
والفضاء الجوي.
فما
الذي يمكن للآخرين أن يفعلوه في جهود
الوساطة إذن؟ في إسرائيل ينظر إلى
الأمم المتحدة على أنها متحيزة إلى
الفلسطينيين والعرب بشكل عام. هذه
الرؤية تهبط بقدر الأمم المتحدة إلى
مستوى المتفرج، وإن كانت ربما قد تثبت
كونها مفيدة كميسر فعال بعد أن يتم
التوصل إلى عملية سلام. إن الاتحاد
الأوروبي ليس ملطخاً بهذه الطريقة في
أعين الإسرائيليين، مع هذا رغم كون
أوروبا قد عرفت (العدالة) بشكل روتيني
على أنها (مؤيد للحياد الفلسطيني)، فقط
وزير الخارجية الألماني جوزيف تيستشر
يحظى بمصداقية في كل من غزة ورام الله
والقدس، وهو يحظى بهذه المصداقية في
القدس لأنه هدأ عاصفة القرارات
والمسيرات الشاجبة لإسرائيل، مع ذلك
فالمصداقية وحدها لا تكفي. القائمون
بأعمال الوساطة يجب أن يكونوا أقوى من
كلا الطرفين في النزاع، ويجب أن يؤكدوا
على الأمن المتبادل، فوق كل شيء،
خصوصاً في صراع على الوجود كهذا. لسوء
الحظ فإن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع
التعامل مع هذه القضية الوجودية. هل
تستطيع الدول العربية التوسط في هذا
الصراع؟ من هي الدول التي قد ترغب في
القيام بهذا الدور؟ بالتأكيد ليس
العراق تحت قيادة صدام حسين، ولا سورية
المرهونة بحكم ديكتاتورية عائلة
الأسد، والأردن ضعيفة جداً للقيام
بالتحرك الأول، رغم أنها حافظت بشجاعة
على معاهدتها للسلام مع إسرائيل في 1994،
وهذا يجعل السعودية العربية ومصر هما
الأكثر كفاءة.
إذا
كان أي شخص يستطيع قلب هذه اللعبة
المستحيلة، فإنها ستكون (القوة
المتنفذة) كما يحب الفرنسيون أن يطلقوا
على الولايات المتحدة. إن ميزة أمريكا
ثلاثية الأبعاد. أولاً، أمريكا تحظى
بالمصداقية. ثانياً، إن لديها موارد
وافرة للتقرب إلى الطرفين، عن طريق
الفوائد المادية والرمزية. ثالثاً، إن
لديها النفوذ للقيام بالمهمة الأكثر
أهمية على الإطلاق: ضمان الأمن في كل من
إسرائيل وفلسطين.
ومع
ذلك وبعد الفشل الكئيب الذي نتج عن
كامب ديفيد الثانية، ومؤتمر طابا،
فحتى هذه الأسس الثلاثة لم تعد كافية.
ينبغي أن يصل الصراع إلى درجة النضج
لاتخاذ قرار. إن حدوث استنزاف لا نصر،
هو الذي سيحدد هذه اللحظة للطرفين،
اللحظة التي ستتحطم فيها الأحلام،
وتنسى الأوهام، وتنثلم الطموحات. فقط
في هذه اللحظة ستكون الولايات المتحدة
قادرة على الخوض بقوة مع وجود فرصة
حقيقة للنجاح. وما أن يتم ضمان الأمن،
حتى يكون
هناك مجال أكبر للتعاون بين أمريكا
وأوروبا، على الأخص يستطيع الأوروبيون
تقديم المساعدة لبناء ديمقراطية ناجحة
في فلسطين. فوق هذا سيكون على الدول
العربية تقديم حياد خيري على الأقل لكل
من إسرائيل وفلسطين.
عرض
القضية ضمن هذه البنود قد يبعد الأمل
في حل سريع، ومع ذلك فإذا أردنا اتخاذ
قرار صحيح.. أعني دولة فلسطينية ممكنة،
وإسرائيل متقبلة من قبل معظم جيرانها
على المدى الطويل، فإن احتواء الصراع
واجب القائمين بالوساطة هنا والآن.
|