مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الاثنين 08 / 09 / 2003م

ـــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | البحث في الموقع |
ـ

.....

   
 

متابعات

معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

 متابعة سياسية رقم 771

الجيش العراقي الجديد: المشاكل والتوقعات

جيفري وايت: محلل استخبارات للحكومة الأمريكية، متقاعد، متخصص في الشؤون العسكرية الأمنية، وزميل لمعهد واشنطن.

وفقاً لإعلان إدارة الائتلاف في حزيران/2003، فإن التجنيد في الجيش العراقي الجديد سيبدأ قريباً. هذه خطوة هامة مرتقبة ذات متضمنات كبرى بعيدة المدى لمستقبل الدولة. لن يكون من السهل إنشاء جيش جديد لدعم عراق ديمقراطي، وينبغي أن يتم الانتباه إلى صعوبات معينة من بداية العملية. إن النجاح أو الفشل في تأسيس قواعد لجيش عراقي بقيم قوية وإمكانات سيكون له تأثير هام على مستقبل العراق.

ـ القوة المستقبلية:

سيتألف الجيش العراقي الجديد من حوالي 40.000 موظف منظمين في ثلاث فرق مشاة تتكون كل منها من 12.000 جندي. وستكون واحدة من هذه الفرق على الأقل من نوع المشاة الخفيف. وحسب ما يبدو، فإن الـ (4000) موظف الباقين سيتم استخدامهم في مراكز القيادة وطاقم جهاز الدعم. وستتضمن مهمات الجيش الجديد المعلنة (حراسة الحدود) و(نصب الحماية). ويقال أن التجنيد سيكون مفتوحاً أمام جميع الأعضاء السابقين في الجيش العراقي باستثناء أولئك الذين ينتمون إلى رتب عالية، وأولئك الذين ينتمون إلى جهاز النظام الأمني، وأولئك المشتركين في جرائم حقوق الإنسان. وسيتم تقديم التدريب للقوة الجديدة من قبل طاقم متفق عليه، بما في ذلك موظفي الولايات المتحدة العسكريين السابقين، وفق اتفاقية تبلغ 48 مليون دولار من شركة فينل. وفقاً لأحد مسؤولي ائتلاف السلطة المؤقتة، فإن الجيش الجديد سيكون نظامياً غير مسيس، فعالاً عسكرياً، وممثلاً بشكل صادق للبلاد، وسيستغرق تكوين هذه القوة ما يقدر بثلاث سنوات.

ـ مهمـات:

هذه قوة صغيرة جداً بالنسبة لدولة في حجم العراق، نظراً لتاريخ الدولة في الحرب الداخلية والخارجية ومشاكلها الداخلية الحالية. من منظور عسكري، ويبدو أن المهمات المصممة للجيش تجمع بين كونها كبيرة جداً وصغيرة جداً.

إن حراسة حدود العراق بقوة ميدانية تتألف من 36.000 رجل مشاة سيكون مهمة بالغة الصعوبة في المناخ الإقليمي الحالي. وكما هو مخطط له، فإن الجيش الجديد سيكون قوة مسلحة صغيرة لدولة كبيرة، دولة لعبت تاريخياً دوراً هاماً في المنطقة وسيكون عليها أن تستأنف دوراً مماثلاً في المستقبل. إضافة إلى حجمه الصغير، فسيكون لدى الجيش الجديد إمكانيات محدودة لتنفيذ مهماته المقترحة سيكون قوة مشاة في منطقة ذات وجود مكثف للدبابات وذات وحدات مشاة مؤللة. سيمتلك معظم جيران العراق جيوشاً أكبر بشكل كبير: إيران بجيشها البالغ 520.000، وتركيا بجيشها البالغ 515.000، وسورية 380.000، والأردن 100.000. ورغم أن أياً من هذه الدول لا يرجح أن يدخل في مواجهة عسكرية مع بغداد الجديدة، إلا أن عراقاً ذا جيش ضعيف هو تشويه في الوضع الإقليمي، عراق مقيد لا يستطيع أن يحصل على ثمار الاستقرار غير المتنبأ بها.

إضافة إلى هذه المشاكل هناك حقيقة أن الجيش العراقي الجديد سيكون عليه أن يقوم بما هو أكثر من حماية الحدود. سيتطلب حماية منشآت الحكومة آلاف الجنود، مما سيضعف القدرات الدفاعية الحدودية. مهمات أخرى محتملة مثل الاندماج الوطني وبناء الأمة لم تتم مواجهتها.

كذلك لم يكن هناك ذكر للأمن الداخلي، وهي مهمة ينبغي أن تتولاها منظمة ما في العراق إذا كان يراد لدولة ديمقراطية جديدة البقاء. سيكون الجيش الجديد بالتأكيد على الأغلب عاملاً في الوضع الداخلي، حتى وإن كان ذلك بسبب غيابي للعاملين. ومع ذلك، فإن حجم ووصف القوة المقدم من غير المرجح أن يروع عناصر المنشقين الخطرين، فبعد كل شيء، كان الأكراد والشيعة على استعداد لتحدي حتى تشكيلات صدام الثقيلة وقوتها الجوية. قام الأكراد فعلاً بنشر موظفين ذوي خبرة عالية، وعدة مجندين مشاة خفيفين من عندهم (البشمركة). سيكون على الجيش العراقي الجديد تحديد علاقاته مع كل من العناصر المسلحة علناً وسراً في العراق، فالجيش الوطني لا يمكن أن يتحمل أن يتم تهديده من قبل هذه العناصر.

ـ مقدرات:

إن الخطط المعلنة للجيش الجديد يبدو أنها تفتقر إلى بعض الأجزاء الهامة. فليس هناك ذكر للأصول المتحركة ذات المدى البعيد (وهو أمر ضروري في بلد مثل حجم العراق وحدوده)، ولا عناصر جوية مخطط لها، (كحد أدنى تماماً، ينبغي أن يكون هناك طائرات هليوكوبتر وناقلات)، ولا يوجد بند لجهاز الاستخبارات. بجيش صغير، فمن الأكثر أهمية دائماً معرفة ماهية التهديدات ومكانها، وأن يكون بالإمكان الوصول إليها بسرعة نسبياً.

ستكون قضايا التجنيد هامة كذلك. هناك مقولة قديمة بأن كل جيش يعكس صورة المجتمع الذي أخذ منه، والعراق، في نواح كثيرة، هو مجتمع ممزق. إن توقيت إعلان الجيش الجديد تشير إلى أن أحد أهدافه استجلاب بعض من آلاف الجنود السابقين من الشوارع. سيخفف هذا من المشاكل الحقيقية والمتوقعة التي سيتسبب فيها الجنود العاطلون عن العمل، ولكنها لا يمكن أن تكون أساساً لسياسية تجنيد بعيدة الأمد. فبجيش يتكون من 40.000 جندي، ينبغي أن يكون التأكيد على تجنيد أفضل الجنود والضباط الممكن تجنيدهم. هؤلاء (النظيفون) من حمولة النظام القديم وتقاليده المضادة للديمقراطية بشكل واضح، ولكنهم على درجة عالية من الخبرة والمهنية. ينبغي مواجهة قضايا الدين، والإثنية، والقبلية، والتواطؤ مع النظام كذلك. على سبيل المثال، هل سيتم تجنيد الأفواج الجديدة على أسس قومية أو إقليمية أو محلية ؟ هل سيوضع الموظفون المختلفون دينياً وإثنياً سوية، أو هل سيتم إنشاء وحدات مدمجة . ستكون هذه الأسئلة حاسمة لمستقبل تماسك الجيش الجديد، وانضباطه، وسرعة استجابته للمؤسسات الديمقراطية. ومما سيكون ذا أهمية خاصة تجنيد واختيار طبقة الضباط. إن لدى جيش صدام نواة لجنود قديرين، وبافتراض أنهم ليسوا مشتركين في جرائم النظام، فإن بعضهم قد يعمل كمؤسس لفيلق ضباط جديد. إن الفحص الدقيق سيكون ضرورياً لمنع متطرفي النظام من التسلل إلى الجيش الجديد. لن تكون هناك إجابات سهلة على قضايا التجنيد هذه، ولكن الاختيارات التي ستتم الآن ستؤثر على الجيش وعلى الدولة كثيراً في المستقبل.

ـ متضمنات:

إذا لم يهبط السلام فجأة على الشرق الأوسط، فإن العراق يحتاج إلى الحماية. وإذا كان الجيش العراقي الجديد صغيراً جداً أو ضعيف التجهيزات لحماية حدود البلاد، فإنه ينبغي وضع تدابير أمنية إقليمية فعالة في الموضع الصحيح لمقابلة حاجات العراق الأمنية وحاجات جيرانه. على نحو بديل، فإن الولايات المتحدة وقوات الائتلاف سيكون عليها حماية العراق بطريقة ما في المستقبل المنظور.

يحتاج العراق كذلك إلى قوة أمنية داخلية، بما أن معظم التهديدات البارزة للحكومة الجديدة ستنبعث على الأرجح من الداخل. إذا لم تتخذ إجراءات لخلق أجهزة أمنية داخلية فعالة (شرطة استخبارات، وأجهزة أمنية)، سيكون على التحالف أن يبقى منهمكاً في هذا الدور بشكل غير محدد. رغم أن وجوداً طويل الأمد للتحالف سيساعد في ضمان أمن العراق، إلا أنه أيضاً سيثير التساؤلات فيما يتعلق بسيادة العراق وسيصبح هدفاً للمعارضة السياسية والهجمات المسلحة.

إذن على المدى الطويل، سيحتاج العراق على الأغلب إلى جيش قوي بما فيه الكفاية لإنجاز مهماته الداخلية ومهماته الوطنية الهامة الأخرى. رغم أن قوة مرتكزة على مشاة يبلغ عددهم 40.000 هي بداية جيدة، فإنه ينبغي أن ينظر إليها كالأساس للبناء، مع الوقت، لجيش عراقي أكبر وأكثر كفاءة، جيش يعكس قيم الدولة الديمقراطية الجديدة ويستطيع حمايتها من الأعداء الأجانب والداخليين.السابق

for

S&CS

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

ــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | البحث في الموقع |
ـ