مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأحد 24 / 03 / 2002م

التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرقصحيفية الشرق العربي  |

.....

   
 

متابعات

في العلاقات السعودية – الأمريكية

    إن زيارة وزير الدفاع الأمريكي (دولاند رامزفيلد) إلى الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في محاولة  لتدعيم الإئتلاف ضد الإرهاب المعادي للأمريكيين... جاءت به إلى العربية السعودية كذلك. لم تعبر الحكومة السعودية بشكل واضح عن الكيفية التي ستسمح بها للولايات المتحدة لاستخدام مجموعة تكنولوجيا الفضاء (مركز العمليات الجوية الاتحادي) والذي افتتح في شهر  /7/ في قاعدة الأمير سلطان قرب (الخرج)، شمال شرق الرياض، ولم تقل (كذلك) شيئاً عن حقوق الهبوط والتزويد بالوقود التي سيتم منحها للطائرات الأمريكية، وسط بيانات متضاربة من قبل مسؤولين رسميين مجهولين. لقد استشهدت الصحيفة السعودية عكاظ (بقول) وزير الدفاع السعودي سلطان ابن عبد العزيز: "نحن لا نقبل بوجود جندي واحد في بلادنا في حرب مع المسلمين أو العرب." إن التاريخ ليس مشجعاً هنا.. فالعائلة السعودية المالكة لم تسمح للولايات المتحدة باستخدام قواعدها الجوية في عمليات (ثعلب الصحراء) في الـ 1998 ضد العراق.

   كذلك فإن السعودية العربية لم تكن متعاونة بشكل خاص حول التهديد من قبل ابن لادن، والذي كان سعودياً حتى جرد من جنسيته في الـ 1994، ووفقاً لـ النيويورك تايمز، فإن الحكومة السعودية رفضت التعاون في تجميد موجودات ابن لادن وشركاه.

ـ جذور المعارضة السعودية:

   إن المعارضة السعودية متجذرة بشكل أساسي في تصور البلاد عن نفسها: الدولة الإسلامية النموذجية، التي أُسست في أواسط القرن الثامن عشر لتعزيز الإسلام بواسطة تحالف بين العائلة السعودية والمصلحين الإسلاميين الأصوليين. إن العائلة السعودية المالكة تحكم باسم الإسلام، وملكها يفضل لقب "خادم الحرمين الشريفين" .. (مكة والمدينة).. وهو لقب كان مقصوراً على الخلفاء من قبل. انه لأمر مخز بشكل عميق  أن يرى السعوديون حكومتهم مع غير المسلين ضد المسلمين أو العرب، ويتحدى شرعية النظام وأساس وجوده.

   فوق هذا وفي عقد التسعينات، انتهزت حركة إسلامية أصولية موافقة العائلة السعودية (المالكة) على السماح لجنود من الولايات المتحدة بالدخول إلى الأرض السعودية العربية لمحاربة العراق، ورغم أن دعاواهم كانت أوسع بكثير. فقد دفعت العائلة المالكة غالياً ثمن موقفها السيئ، فقد لفت المنشقون الانتباه للفساد وإساءة استخدام المال العام، وتحدوا اعتمادات النظام الإسلامية، وهاجموا تحالفها مع الغرب "الصليبي". لقد توصلت هذه الحركة منذ ذلك الحين إلى تسوية وطيدة مع ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز، والذي يدير شؤون السعودية العربية تقريباً منذ وقوع الملك فهد في المرض في الـ 1995.

   إن هناك سبباً أكثر إلحاحاً كذلك لمعارضة السعودية للتحالف الأمريكي، إذ وفقاً لبيان صادر في 27/9 من قبل إف. بي. آي. فإن ما يقدر بضعة عشر من المختطفين ربما يكونون مواطنين سعوديين. ورغم أنه ما يزال هناك تردد حول الهوية الحقيقية للمرتكبين فإن العائلة المالكة السعودية يجب أن تكون مع ذلك قلقة. إن التركيز الأساسي في خطاب ابن لادن كان حول سياسات العائلة السعودية!!

لقد وضح خطاب ابن لادن  تهديداً مباشراً لحكم العائلة. وفي حين أن الغرب يميل إلى الاعتقاد بأن السعوديين يستطيعون السيطرة على منشقيهم، فإن جهازهم القمعي يبدو أقل فاعلية بكثير مما كن عليه قبل 11/9، أو أنه كان فعالاً بما فيه الكفاية فقط لحرف نشاطات الحركات إلى أهداف الولايات المتحدة عبر البحار.

   وفي الحقيقة فإن الأمير عبد الله قد توصل إلى تسوية مع المعارضة الأصولية، على خلاف بينه وبين فئات متعددة من العلماء والحركيين الأصوليين.

   إن السعودية العربية مجتمع مغلق، مما يجعل القيام بتقيدات دقيقة لمؤيدي المعارضة إنجازاً صعباً تماماً. تدعي مصادر المعارضة بأن الكثير من السعوديين العرب العاديين تتم تغذيتهم بما تدعوه المعارضة "الغطرسة الأمريكية".. أي ثروتها وقوتها العسكرية.

   إن شكاوى المعارضة، كما صاغتها حركة الإصلاح الإسلامي في (السعودية) العربية، ذات القاعدة اللندنية، هي أن الولايات المتحدة تفرض حصاراً على الشعب العراقي، وتدعم إسرائيل، وأنها قد "اتفقت مع الحكام (العرب) لسرقة ثروة المسلمين وموارد الأرض (النفط مثلاً) لكي تنقلها إلى البنوك الأمريكية والغربية". كتبت حركة (الإصلاح الإسلامي في السعودية العربية) أن قادة العرب قد تصرفوا (بطريقة) خائنة تجاه الدين وأنهم ليسوا أكثر من أنظمة تابعة للأمريكان يرمون بالمسلمين إلى الضياع ويدفعونهم إلى التلهف على القيام بعمليات تتحدى الهيمنة الأمريكية.

ـ المعارضة العنيفة: ماض وحاضر

   عندما انتهى الجهاد الأفغاني عاد ما يقدر بـ5000 مجاهد سعودي إلى بلادهم.ولم يجد إسلامهم المشتعل حماساً متنفساً في أي أرض تدعي أنها تنصر الإسلام؛ في الحقيقة، فإن فهم الإسلام الذين يتبنونه كان يرى من قبل الكثيرين على أنه (محرف) وأنه في واقع الأمر يدمر صيغة هامة من الدين. في 11/95 قامت جماعة من هؤلاء العائدين يتفجير مركز الرياض لمكتب مدير البرنامج للحرس الوطني العربي السعودي وهي بعثة تدريب تعود للولايات المتحدة. في هذا الهجوم قتل خمسة أمريكيين وهنديين، وجرح حوالي ستة عشر آخرين. وفي التحقيق (الذي قام به سعودييون، اعترف المرتكبون بأن ابن لادن قذ أثر عليهم).

   في 6/10/، قتل في هجوم بقنبلة في مدينة الخبر السعودية الشرقية أمريكيين، وهذا يثير تساؤلات جادة عن الوضع الداخلي في المملكة.

   لقد ابتليت البلاد عبر العام الفائت بهجمات على الغربيين، رغم أن السلطات السعودية قد قالت أن هذه الهجمات كانت متعلقة بتعاملات غير شرعية بالكحول. وفي 8/10، كانت الولايات المتحدة قلقة بما فيه الكفاية لتغلق سفارتها في الرياض. 

   بالنسبة للكثير من السعوديين، فإن ابن لادن يمثل معارضة حادة للقيادة السعودية الحاكمة، ومما يجعله مقبولا ومؤثرا كونه ليس فاسداً ومقاتلاً ً عن المسلمين، وابن أحد المقاولين الأثرياء بشكل خرافي، لقد ترك الحياة الرخية بكل أريحية واختار الجهاد. تدعي (حركة الإصلاح الإسلامي في السعودية العربية) بأن ابن لادن يحظى بتأييد واسع في العربية السعودية، رغم أن التأييد الحقيقي له متمركز في منطقتين في الغرب السعودي.. عسير وحجاز. تذكر (حركة الإصلاح الإسلامي في السعودية العربية) أن ما يقرب من 80% من أتباع ابن لادن هم سعوديون عرب.

   لقد حاول النظام السعودي تجاهل أو إخفاء مشكلة ابن لادن. ووفقاً للنيويورك تايمز، يبدو أن الحكومة السعودية قد أحبطت عملية ابن لادن العام الفائت دون إعلام الولايات المتحدة بذلك. لقد قللت كذلك من أهمية أن العديد من مرتكبي أحداث 11/9 كانوا مواطنين سعوديين. في نفس الوقت فإن الحكومة السعودية أخرجت من الولايات المتحدة أكثر من بضعة عشر شخصا من أفراد عائلة ابن لادن الكبيرة، حالاً بعد 11/9 دون السماح للـ (إف.بي.إي) بتوجيه الأسئلة إليهم للحصول على المعلومات. لقد تجاهل رجال الدين السعوديون بيان ابن لادن ضد الولايات المتحدة، رغم أن رئيس المجلس القضائي الأعلى، الشيخ صالح اللحيدان، شجب بقوة هجمات 11/9. في الحقيقة فإن العديد من أعضاء المؤسسة الدينية المحافظة يشاركون ابن لادن كراهيتهم للغرب، وهم أنفسهم متأرجحون في ما يتعلق بمرتكزات أنظمتهم الإسلامية. خلافاً لصمتهم عما يتعلق بابن لادن، فقد كانوا منتقدين نشطين لرؤى المسلمين الأخرى حول المسائل الدينية: رجال الدين السعوديون معروفون بنقدهم اللاذع للشيعة على أنها شرك.

ـ الخلاصة:

   تسود عاطفة قوية معادية للأمريكان في العربية السعودية. ويتلقى الديبلوماسيون الغربيون والمراقبون الآخرون غالباً تقييمات غير دقيقة من سعوديين مستغريبن ومسؤولين حكوميين والذين يخبرونهم بما يحبون سماعه.. في أن معظم السعوديين يدعمون العائلة المالكة. إن المجتمع السعودي هو في الحقيقة مجتمع يصعب فهمه كثيراً، ولكن الكثير جداً من الثقافة الغربية قد تم تصفيتها بهذه الطريقة.

   لقد قيل الكثير منذ أحداث 11/9 حول نقص الأنسنة (الفكر الإنساني) في الحرب ضد الإرهاب، وسيخدم الغرب كثيراً تطوير الأنسنة في السعودية العربية كذلك.

   تنويه : استفيد في هذا التقرير من بحث قدمه جوشا تيتلبوم إلى معهد واشنطن ويلحظ في التقرير الحرص على التحريض على المملكة العربية .

السابق

for

S&CS

للأعلى

2002 © جميع الحقوق محفوظة     

   

التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرقصحيفية الشرق العربي  |