سورية
والحرب على الإرهاب
الجزء
الثاني
ماثيو ليفيت : باحث كبير في معهد واشنطن
ـ الولايات المتحدة
24/01/2002
(ناقش
الجزء الأول من هذه المراقبة السياسية
دعم سورية المستمر للإرهاب، وينصب
الجزء الثاني على خيارات الولايات
المتحدة السياسية للتعامل مع هذه
الرعاية).
مع
دعمها المستمر للإرهاب، واللاحق بعد(11/9)،
فإن سورية تمثل تحدياً فريداً
لاستراتيجية الولايات المتحدة
لمكافحة الإرهاب. بخلاف إيران ... والتي
يردد قادتها ترتيلات عامة من "الموت
لأميركا، الموت لإسرائيل" وبالتالي
يقدمون سياقاً خطابياً لرعايتهم
للإرهاب.. تعلن دمشق عن رغبتها في روابط
دافئة مع الولايات المتحدة والتزامها
"شامل" مع إسرائيل. بشكل خاص، فإن
سورية قد استفادت من دورها في عملية
السلام العربي-الإسرائيلي ومن سيادتها
على لبنان. هذه العوامل اجتمعت لسنوات
لتزود سورية بقدر من الحماية ضد
مبادرات الولايات المتحدة وإسرائيل
المضادة للإرهاب .
في
أعقاب 11/9، قد يصبح هدف فرض تغيير في دعم
سورية للإرهاب، ذا أولوية أعلى من أي
وقت مضى، بقصد إيقاف دعم سورية الخاص
للإرهاب، وقطع منفذ إيران إيران إلى
الجماعات الإرهابية في لبنان أيضاً،
أنه من المفيد بالتالي دراسة الخطوات
المالية، الديبلوماسية، والعسكرية
التي قد تتبعها الولايات المتحدة لهذه
الغاية .
فقط
بسعي خلاق ومتواصل تستطيع إقناع دمشق
لنبذ استخدامها للإرهاب بالوكالة. إن
أي جهد كهذا يجب أن يسمح لسورية أن تحفظ
ماء وجهها، وهي تهجر الإرهاب كسياسة
للدولة وتغلق الأحزاب الإرهابية
المحلية. إضافة إلى ذلك، فإن أي جزرات
أو عصي تستخدمها الولايات المتحدة
وحلفائها لتحريض سورية ينبغي أن تقدم
بشكل مترادف وتدريجي: جزرات صغيرة
للإشارات الصغيرة، وعصيّ كبيرة للخروق
الكبيرة .
الإجراءات الاقتصادية:
على
السطح، تبدو سورية سريعة التأثر
بالضغط على الأخص. لقد أكد مسؤولون
كبار تابعون للولايات المتحدة أنه
ورغم عقوبات الولايات المتحدة الناشئة
عن دعم سورية للإرهاب، فإن دمشق لم
تطلب مع ذلك مساعدة الولايات المتحدة
لتسهيل الإصلاحات الاقتصادية.، إن
مساعدة كهذه ستشكل تتمة للمجموع
الضئيل .. 228 مليون دولار.. الذي تتلقاه
سورية حالياً في المساعدة الأجنبية
السنوية والاستثمار الأجنبي الخاص من
اليابان، وإيطاليا، وألمانيا،
والاتحاد الأوروبي، وعدة دول خليجية.
إن لدى سورية طموحات لاتباع (خطا
لبنان، حيث منح الأخير وضعاً تجارياً
خاصاً تحت "اتفاقية تجارة "يورو –المتوسطية"
إن
عاملين رئيسيين، على كل، يجعلان من غير
المرجح أن تدفع أي مساع للولايات
المتحدة لوقف مساعدة كهذه دمشق إلى
إنهاء دعمها للإرهاب. الأول: إنه ليس
واضحاً أبداً أن سورية ملتزمة حقيقة
بالإصلاح الاقتصادي. إن النخبة
الحاكمة للبلاد... والمتركزة في
الطائفة العلوية و رتب الجيش العليا...
مُخَوَّلة بشكل كبير بشركات النظام
الاقتصادي الحالي التابعة للحكومة؛ إن
إصلاحاً اقتصادياً حقيقياً لن يجرد
هذه النخب من الكثير من ثروتها وقوتها
فحسب، ولكنه سيساعد أيضاً طبقة العمل
المسيحية والسنية، تثبيت معارضتهم
التقليدية.
ثانياً:
إن تطبيق ضغط اقتصادي على سورية
سيدفعها على الأرجح بشكل أكبر إلى
ذراعي العراق. وفقاً لمسئولي الأمم
المتحدة فإن التجارة السورية مع
العراق قد تضاعفت عبر الستة شهور
الأخيرة، من 300 مليون دولار إلى 922
مليون دولار. إن تجارة سوريا بالنفط
المحظور تكون أفضل مثل على العلاقة
الدافئة بين نظامي بشار الأسد_وصدام
حسين. إن خط النفط السوري ذي(سعة) 150000
برميل كل يوم والذي يضخ عبره النفط
العراقي المحظور تُكسب كل بلد حوالي 1,1
بليون دولار في السنة.(لقد) وعد الأسد
سكرتير الولاية كولين باول عدة مرات
خلال اجتماعهم في 2/2001/ بأنه سيسجل
النفط العراقي في برنامج النفط مقابل
الغذاء التابع للأمم المتحدة؛ ومع
ذلك، استمرت سورية بضخ النفط بشكل
محظور، مقوضة قرار مجلس الأمن التابع
للأمم المتحدة/1382/ حتى عندما استلمت
مقعداً في هذا المجلس في 1/1. عموماً فإن
حوافز اقتصادية إعفاءات الدين ستكون
ذات احتمال أكبر لإغراء النخبة
السورية، وهكذا قد تكون أكثر فعالية من
الإجراءات العقابية في فطم سورية عن
الإرهاب. يقدر دين سورية الأجنبي ب 22
بليون دولار (بما في ذلك 345,6 مليون
دولار تدين بها للولايات المتحدة)،
والذي يفوق إجمالي إنتاجها البالغ 16,5
بليون دولار(وفقاً لتقديرات البنك
الدولي). وهكذا، فإن إعفاء الدين سيقوي
الاقتصاد السوري (على الأقل لفترة) دون
استلزام الإصلاحات الاقتصادية التي
تجدها النخبة، مرعبة جداً.
الضغط الديبلوماسي :
عبر
السنين، فإن فخر سورية الوطني،
وتصورها الذاتي عن نفسها كمدافع عن
مصالح العرب قد حملت البلاد بضغط يفوق
قدرتها لتتحول عن أساليبها الشائنة.
بخلاف ياسر عرفات، والذي يستجيب
للأزمات والضغط المشابه بالسفر إلى
العواصم الأجنبية، يظهر بشار الأسد (مثل
والده) القليل من الاهتمام للسفر أبعد
من القاهرة. بالإضافة، وكما تشهد
الزيارات الأخيرة من قبل البابا جون
بول الثاني ورئيس الوزراء البريطاني
توني بلير، فليس لدى الأسد أي ندم حول
إرباك الزوار ذوي المقامات الرفيعة
بقصد تسجيل نقاط في الصراع
الإيديولوجي ضد إسرائيل، وليلمع سمعة
قوميّة العربية في المنطقة. في نفس هذا
الأسبوع، استغل ممثل سورية في الأمم
المتحدة فرصة ظهور بلاده الجديد كعضو
في مجلس الأمن ليساوي بين الأعمال
الإسرائيلية المكافحة للإرهاب في رفح،
مع هجمات القاعدة في 11/9 على أميركا.
إن
إجراءات ديبلوماسية نموذجية ستكون على
الأرجح غير فعالة في إقناع سورية بهجر
الإرهاب. إن مشاركة النظام في الإرهاب،
وفي نشاطات إجرامية أخرى هو أمر معروف،
ومن غير المحتمل أن تحمل عملية تعميمه
دمشق على إعادة النظر في سياساتها، وقد
يدفع بالنظام حتى إلى الابتعاد أكثر عن
الغرب. فوق هذا، فإن سفارة الولايات
المتحدة قيمة لواشنطن كعيون وآذان لها
في سورية مما هي للحكومة السورية، لذلك
فالتهديد بتصغير حجمها أو إغلاقها
سيضر بمصالح الولايات المتحدة أكثر من
المصالح السورية .
ومع
ذلك ، فهناك خطوات مفيدة بإمكان
الولايات المتحدة أن تتخذها. لقد طورت
حكومة الولايات المتحدة أن تتخذها .
لقد طورت حكومة الولايات المتحدة
مؤخراً سياسات جديدة فيما يتعلق
بإصدار فيز لأفراد من البلدان
المعروفة بإيواء الإرهابيين .
تستطيع
واشنطن أن تنفذ هذه السياسات تنغلق
القسم القنصلي في السفارة في دمشق،
دافعة السوريين للسفر إلى بيروت أو
مكان آخر (للحصول) على الخدمات
القنصلية. إن تقييد السفر إلى الولايات
المتحدة بالرسميين السوريين
وعائلاتهم قد يكون رداً مناسباً على
استمرار قبول سورية بالاستخدام
المنتظم لمطار دمشق لشن الأسلحة من
إيران إلى حزب الله، وكذلك في استخدام
المطار من قبل إرهابيين .. مثل عماد
مغنية .. للسفر إلى طهران .
في
حالات كثيرة ، فإن أكثر التدابير
الديبلوماسية أهمية هي الاتصالات
المباشرة من الرئيس . حتى الآن ، فإن
الرسالة الأكثر ظهوراً (و) المرسلة من
بوش إلى الأسد كانت تعابير الشكر لبيان
التعاطف السوري في أعقاب 11/9 . للأذن
السورية ، فإن رسائل من مصادر أخرى ..
بما فيها الانتقاد المحدد لرعاية
سورية للإرهاب من قبل رسميين من مجلس
الأمن الوطني ، وإدارة الولاية، و
إدارة الدفاع .. تأتي كخلفية إزعاج بسيط
. إذا كان لهذه الرسائل أن تجد صدى لها
في دمشق، فيجب أن ترسل بشكل مباشر من
الرئيس بوش، يجب أن يعلم الأسد بأن
جماعات مثل حزب الله وحماس هي ، مثل
القاعدة ، أهداف مشروعة في الحرب على
الإرهاب ، وأن الرعاية المستمرة لجماعات كهذه ستكون ذات ثمن باهظ .
الخيارات العسكرية :
في
حين ينبغي حسم الحدة في لائحة رعاة
الإرهاب، تصر سورية على دعمها
للجماعات الإرهابية المعادية
لإسرائيل هو جوهر مصالحها الأمنية
القومية، على الأقل كما يدركه الرئيس
الأسد ، وحزب البعث . في الماضي استجابت
سورية لمطالب تركية ، بشأن حزب العمال
الكردستاني ، تحت تأثير تهديد تركي جدي
وشامل .. الذي لم يكن أبداً جوهرياً
لمصالح سورية .. ولطرد عبد الله أوجلان
من حدودها في 1998 . بالتالي ، فإن
التهديد بالقوة ينبغي أن تكون له
مصداقية أكبر إذا أريد لسورية أن تتخلى
عن دعمها للجماعات الإرهابية
الفلسطينية .
كخطوة
أولى ، تستطيع واشنطن أن تعتمد على
أمثلة سابقة ، كان دعم سورية فيها
للجماعات الإرهابية مضاداً للقوة. لقد
كان حزب الله هادئاً منذ أن ردت
إسرائيل على هجمات كاتيوشا في 1/7/2001،
بضرب محطة رادار في الشمال اللبناني .
جرح ثلاثة سوريين في الهجوم المضاد ،
وتلقت دمشق الرسالة بأن من غير المرجح
أن تكبح الولايات المتحدة الثأر
الإسرائيلي . لأن ، رفع الثمن سيرسل
رسالة مفيدة . خصوصاً وأن الفائدة
ستكون واسعة النطاق . من عمليات تدريب
عسكرية أميركية إسرائيلية-تركية
مشتركة مركزة على مكافحة الإرهاب ، مثل
سلاسل تفجير معسكرات إرهابيين صورية .
في
حالة كون مجموعة الإجراءات الاقتصادية
والديبلوماسية والعسكرية الرمزية غير
فعالة في إقناع سورية بإنهاء دعمها
للإرهاب ، فإن بإمكان واشنطن أن تدرس
عدة خيارات للانهماك في استعمال القوة
العسكرية ضد المصالح السورية ، أو ضد
الجماعات الإرهابية نفسها . في حين
يحتفظ حزب الله وعده جماعات إرهابية
فلسطينية بمكاتب (لهم) عبر دمشق ، ومخيم
لاجئ اليرموك المجاور ، لا يشكل أي من
هذه المواقع هدفاً عسكرياً ممكناً .
فالمكاتب متموضعة في أحياء سكنية
وتجارية ، والتي ستعاني من تدمير مرافق
ثقيل (الوطأة) في أي ضربة جوية أو هجوم
بالصواريخ . إن هناك ، مع ذلك ، ثلاثة
أهداف عسكرية واضحة : مخيمات تدريب
الإرهابيين في سهل البقاع (الواقع) تحت
السيطرة السورية ، معسكرات مشابهة في
سورية الأم (مثلاً) واحدٌ تتم إدارته من
قبل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة
، (يقع) تماماً جنوب دمشق ؛ و خط النفط
السوري العراقي . من الممكن أن يترافق
الهجوم على معسكرات سهل البقاع بالطلب
من سورية أن تطرد من هذه المنطقة جميع
الموظفين الأجانب ذوي العلاقة
بالإرهاب … إيرانيين ،
أرمنيين ، أكراد وهلم جرا ..، وكذلك
تعهد بالمساعدة في إعادة بناء المنطقة
حال أن تصبح خالية من الإرهاب . إذا
كانت هناك حاجة للمزيد من الضغط ، من
الممكن استهداف معسكرات في سورية
نفسها .. والتي أنكر مسؤولون سوريون
مؤخراً وجودها .. فيما يتعلق بأنبوب
النفط .. إن تهديداً مباشراً و "مركز
ثقل" حقيقي سيثير (اهتمام) دمشق ..
بإمكان قوات الولايات المتحدة استهداف
نحطة الضخ على الجانب العراقي من
الحدود ، والتي سيكون إعادة بنائها
أصعب بكثير . إن هجوماً كهذا سيعاقب
العراق لانتهاكاته الصارخة لحظر الأمم
المتحدة ، ولكنه لن يمنع سورية من
استمرار الضخ من آبارها الداخلية
الخاصة .
خلاصة :
إن
لإقناع سورية للتخلي عن دعمها للإرهاب
عبر ضغط مالي ، وديبلوماسي، وحتى عسكري
لن يكون سهلاً حتى لو ترافقت هذه
الإجراءات بإشارات حفظ الوجه . ومع
ذلك، فإنه من الأساسي للولايات
المتحدة أن تستمر على سياستها المعلنة
من عدم التسامح مع الدولة الراعية
للإرهاب .
لقد
وضح مسئولو الولايات المتحدة بشكل لا
لبس فيه بأن رعاية كهذه يجب أن تتوقف،
وأن المنظمات التي تدعمها سورية هي
جماعات إرهابية ذات "امتداد عالمي."
ويظهر التاريخ أن هناك خطراً أكبر
سينبثق على مصالح الولايات المتحدة لو
فشلت واشنطن الالتزام بكلمتها ؛ إن
فشلاً كهذا سيؤكد أن الدور الدولي
المستقبلي لإنهاء الإرهاب أصبح خلفية
ضجيج ديبلوماسي .
|