معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
متابعة سياسية رقم 419
6 / 5 / 2003
تطبيق
خارطة الطريق:
تقويم
آلية الرقابة المستقبلية
روبرت
سالتوف: مدير التخطيط الاستراتيجي
والسياسي لمعهد واشنطن.
مع
إماطة اللثام عن خارطة الطريق الأسبوع
الماضي، فإن عملية السلام العربي
الإسرائيلي قد تحركت إلى مرحلة جديدة،
والتي هي المرحلة الأكثر تدويلاً في
ربع قرن. إن تأسيس (آلية التحقيق)
التابعة لخارطة الطريق الهامة بكل
تفصيلاتها، والبناء الذي تم العمل
عليه على نطاق واسع من قبل المجموعة
الرباعية (الأمريكية، والاتحاد
الأوروبي، والروسي، وممثلي الولايات
المتحدة) سيعطي تأثيراً ملموساً لهذا
المستوى العالمي من التدويل.
ـ
السياق:
في
30/4، تم تقديم خارطة الطريق بشكل رسمي
إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية. لقد
دعت كل طرف لتطبيق إجراءات في الممكنات
السياسية والأمنية والإنسانية ضمن
حدود زمنية محددة مسبقاً، تؤدي إلى
مؤتمرين دوليين اثنين: أولهما تأسيس (دولة
فلسطينية مستقلة ذات حدود إقليمية
وذات سيادة) والثاني يؤكد على تكوين
الدولة الفلسطينية الكامل وعلى إنهاء
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ورغم أن
خارطة الطريق ليست ذاتية الدفع، فإنها
تصور آلية حيث (تساعد فيها المجموعة
الرباعية وتسهل تطبيق الخطة، بدءاً من
المرحلة الأولى، بما في ذلك نقاشات
مباشرة بين الأطراف بحسب الحاجة).
نظراً إلى أن عملية أوسلو تعاني من
غياب القوة، والثبات، وشفافية الرقابة
والتحقيق، فإن إنشاء آلية لضمان
التجاوب سيكون تطويراً هاماً. هذا أمر
ملح خصوصاً بالنظر لإدعاء رئيس
الوزراء الفلسطيني محمود عباس لمساعد
وزير الخارجية الأمريكي ويليام بيرنز (الذي
قام بزيارة رام الله الأسبوع الفائت)
إن الفلسطينيين هم (على طريقنا للقيام
بتنفيذ خارطة الطريق).
ـ
على أرض الواقع:
في
الأشهر الأخيرة، كان الخبراء
الرباعيون يقومون بضبط ما يدعى (بآلية
التحقيق). في آذار وافقوا مؤقتاً على
بنود مذكرة تضع الخطوط العريضة لهيكل
هذه الآلية. والتي قام بكتابة مسودتها
كما تقول التقارير أليستر كروك،
المستشار الأمني البريطاني لبعثة
الاتحاد الأوروبي للشرق الأوسط والذي
لعب دوراً هاماً في محاولة التوسط في
اتفاقية وقف إطلاق النار الفاشلة بين
فتح وحماس والجهاد الإسلامي. العناصر
الرئيسية لهذه الآلية هي:
ـ
إنشاء لجنة رقابة من قبل المجتمع
الدولي، وهو بند غامض ليس موجوداً في
خارطة الطريق نفسها. وفقاً لمذكرة آذار
فإن هذه اللجنة ستقوم (بالرقابة على
منجزات الأحزاب في تطبيق خارطة الطريق).
الغريب في الأمر، فإن البند الأول في
لائحة الرقابة هو وقف (إطلاق النار)،
وهو بند آخر ليس موجوداً في خارطة
الطريق. يثير هذا الشكوك حول إذا كان
الهدف العملي من خارطة الطريق هو وقف
إطلاق النار وحسب، الأمر الذي يعارض
أكثر أهداف الوثيقة التحويلية (إزالة
البنية التحتية الإرهابية، جمع
الأسلحة غير الشرعية، إلخ..)
ـ
تعيين منسق أمريكي ليرأس لجنة
الرقابة، والتي ستتضمن ممثلين من
المجموعة الرباعية، والطرفين، وآخرين
حسب ما سيتم التخصيص. مهمة لجنة
الرقابة ستشمل كتابة تقارير أولية
للجنة المبعوثين الخاصين الرباعية (وهو
مستوى ديبلوماسي يجتمع مع بيرنز الذي
يعمل كعضو أمريكي) ويحيل المسائل إلى
هؤلاء المبعوثين من أجل قيامهم (بتدخل
محتمل) إضافة إلى ذلك، على أساس
التحقيق (فإن اللجنة ستقوم بتوصيات حول
(فيما إذا كان من الملائم التحرك إلى
المراحل التالية من خارطة الطريق).
ستبقى التقارير سرية إلا إذا تم
تسريبها على طريقة مرحلة بعد مرحلة
والآخرون حسب ما سيتم التخصيص (تشير
على الأرجح إلى مصر والأردن، اللذين
قاما بأدوار في إعادة تدريب أجهزة
الأمن الفلسطينية).
ـ
إنشاء أربع (جماعات خاصة) في المراقبة
الأمنية، والإصلاح الفلسطيني،
والسياسة الخيرية، وسياسة الطوارئ،
والمهمات الخاصة. اثنتان من هذه
الجماعات في المهمات الأمنية والخاصة.
سيترأسها المنسق الأمريكي، والذين
يبدو أن دوره سيكون إدارياً أكثر منه
تنفيذياً. لا تشير مذكرة آذار إلى أن
المنسق الأمريكي سيكون لديه أي سلطة
مستقلة لتجاوز قرارات زملائه أو
زميلاته. مما يسمح للمنسق فقط بإرجاع (الخلافات
والمشاكل) إلى رباعية المبعوثين
الخاصين، والذين بدورهم يستطيعون
إرجاع (الصعوبة الجدية) إلى المستوى
الوزاري (على سبيل المثال، وزير
الخارجية ونظرائه).
ما
يثير الاهتمام، أن المنسق الأمريكي
سيتم تعيينه على أسس ثابتة. مما يثير
سؤالاً عن الكيفية التي تعرف بها
اللجنة الرباعية (الثبات) (كما في الحل
الثابت للصراع الفلسطيني العربي الذي
صممت خارطة الطريق لتحقيقه).
ـ
إنشاء مراكز لجنة الرقابة في القدس. من
غير الواضح فيما إذا كان قرار جعل مقر
اللجنة في القدس بدلاً من رام الله
وغزة مبني على أساس لوجستي واعتبارات
أمنية له مقاصد سياسية (على سبيل
المثال، لأن اللجنة الرباعية تهتم بأن
تكون المنشأة ضمن القدس لتقع ضمن دعوة
خارطة الطريق إلى تجميد المستوطنات،
أو لأنهم يتمنون بث مشاهد دولية عن
الطبيعة المستقبلية للمدينة). لمنع
حدوث سوء تفاهم في هذه القضية الحساسة،
فإن على اللجنة الرباعية التأكيد على
المنفعة العملية من إنشاء متاجر في
القدس وأن توضح أن موقع المقرات ليست
له متضمنات في المفاوضات المستقبلية,
بالطبع، فإن أي جهد لتطبيق وجهة النظر
التي يقدمها الاتحاد الأوروبي والأمم
المتحدة بأن تجميد المستوطنات ينبغي
أن يطبق على المنشآت الإسرائيلية في
القدس ستتسبب في توقف العملية توفقاً
مخيفاً.
ـ
الولايات المتحدة في مقابل اللجنة
الرباعية:
بما
أن (خارطة الطريق) نفسها قد تم إعدادها
مع وجود اختلافات بين واشنطن وبين
شركائها في اللجنة الرباعية، وتشير
مذكرة آذار إلى أن المقاربة الأوروبية
لصنع السلام ما تزال حية ضمن إطار عمل
خارطة الطريق. تتضمن هذه إشارة إلى (وقف
إطلاق النار) وإلى تعيين منسق الرقابة
الأمريكي بزخارف السلطة ولكن ليس، على
الأقل على الورق، في جوهر الأمر.
في
هذه القضايا وفي قضايا أخرى هامة، لم
يخف مسؤولو اللجنة الرباعية عدم
تأييدهم الحقيقي من واشنطن. أحد أكثر
الأمثلة إثارة للدهشة من هذه
الاختلافات يمكن أن توجد في موقع الأمم
المتحدة الرسمي على الإنترنت حول
القضايا الفلسطينية، والتي تحتوي (نقاط
حديث) لممثل الاتحاد الأوروبي حينها
ووزير الخارجية الدنمركي بيير ستيج
مولير أثناء نقاشه في المكتب البيضوي
مع الرئيس جورج دبليو بوش ووزراء آخرين
للجنة الرباعية في كانون أول 2002. في وقت
واحد، يقال أن الاتحاد الأوروبي قد دعى
إلى إنشاء آلية رقابة ذات مصداقية
لخارطة الطريق، بينما في الآخر قدم
التقييم التالي لمسؤوليات خارطة
الطريق الجوهرية: (بالنظر إلى محتوى
خارطة الطريق، فإن قضية كبرى بارزة في
نصها هو الربط بين تجميد المستوطنات
بتوقف الأعمال العدائية. هذا الربط
يمثل مشكلة صريحة بالنسبة لنا. فنحن
قلقون جداً حيال استمرار توسع
المستوطنات، الأمر الذي يشكل تهديداً
حقيقياً لتحقيق حل (دولتين اثنتين)
ولتطبيق خارطة الطريق. إن ما يجب أن
ندعو إليه هو بالتالي تجميد غير مشروط
للمستوطنات. إن المستوطنات غير شرعية
وفقا للقانون الدولي وتجميدها لا
ينبغي أن يتوقف على وقف إطلاق النار.
على العكس تماماً، فإن المستوطنات
نفسها قد تسببت في تطوير نقاط إشعال
كبرى في المواجهة العنيفة. إن تجميد
المستوطنات سيشكل حافزاً حاسماً لتوقف
الإرهاب وانقطاع العنف.
كما
تشير هذه الفقرة المميزة، فإن الهدف
الأوروبي الأساسي في مواجهة
الفلسطينيين ليس مقصوراً على (وقف
إطلاق النار) وحسب، ولكن المقاربة
الأوروبية تصر على أنه حتى هذا الهدف
ينبغي أن ينتظر حدوث تجميد غير مشروط
للمستوطنات. وهي مواقف تحتلف جذرياً مع
سياسة الولايات المتحدة. وكما تشير
مذكرة آذار، فإن النص النهائي لخارطة
الطريق يجعل هذه الاختلافات ضبابية
ولكنه لا يحلها.
الآن،
وقد بدأت عملية خارطة الطريق، فإن
حكومة بوش ستواجه على الأرجح صراعاً
مستمراً لا من أجل إبقاء الديبلوماسية
العربية الإسرائيلية على الطريق وحسب،
بل أيضاُ لإبقاء الانضباط والقيادة
ضمن اللجنة الرباعية نفسها.
ـ
ملحق:
إن
التدقيق في النص النهائي لخارطة
الطريق يظهر أن الحدود الزمنية التي
وضعت منذ شهور مضت لم يتم تعديلها
لتعكس الوقت الذي نشرت فيه. والنتيجة
أن المرحلة الأمنية الأولى بدأت في 30
نيسان وأن نهايتها مسجلة في أيار، بعد
أقل من شهر واحد. إن رفض تعديل النص نشأ
بشكل واضح عن التردد في الاعترافات
أثناء الطباعة. بعد أكثر من عشرة شهور
من خطاب الرئيس بوش في 24 حزيران 2002، فإن
الحقيقة هي أنه سيكون من المستحيل
تحقيق إنجاز دولة فلسطينية كاملة
بحلول عام 2005. لقد قدم هذا الخطاب عملية
الثلاث سنوات (كهدف)، لا كمتطلب. رغم
ذلك، فإن هدف الـ (2005) الضمني قد اتخذ
شكلاً حياً بذاته، مما أدى إلى
السريالية*
التي يمكن مشاهدتها في خارطة الطريق
الرسمية. من هنا، فحتى قبل أن تصبح
عملية خارطة الطريق تحت التنفيذ، أثار
أعضاء اللجنة الرباعية شكوكاً حول
التزامهم على أساس الأداء، قبل حتى
ديبلوماسية الحدود الأخيرة للإنجاز.
|