مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الخميس 03 / 07 / 2003م

ـــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |
ـ

.....

   
 

متابعات

معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

    متابعة سياسية رقم 417

تقييم خطاب محمود عباس 

للمجلس التشريعي الفلسطيني

رسائل كثيرة وجمهور كبير

روبرت ساتلوف

متوجهاً إلى المجلس التشريعي يوم الثلاثاء، حدد محمود عباس برنامجاً جريئاً للإصلاح الداخلي والالتزام بالديبلوماسية التي توازن بين الولاء لياسر عرفات وبين الرغبة الصريحة في التغيير السياسي الأساسي. إن جوانب الخطاب الأكثر إيجابية كانت في تأكيد عباس على أن المفاوضات هي الطريق لتحقيق الطموحات الفلسطينية، إن إصراره على تأكيد أولوية حكم القانون، ووعده بأن (امتلاكاً غير مسموح به للأسلحة النارية ستتم مواجهته بلا هوادة.) لقد ألمح إلى، ولكنه لم يكن حاسماً، أن هناك خططاً لحمل الجماعات العسكرية المساندة من مثل حماس، والجهاد الإسلامي الفلسطيني، وكتائب شهداء الأقصى، على نزع أسلحتهم قسرياً بدلاً من دعوتهم إلى التوصل إلى (تفاهم داخلي) حول معارضتهم لاستراتيجية السلام. إن غموض عباس حول ما إذا كانت الهجمات ضد الأهداف الإسرائيلية في الضفة الغربية وغزة تشكل إرهاباً يترك علامة استفهام هامة. إن جانباً هاماً من خطابه، الذي قام معظم المراقبين بتفحصه كانت إشارته المتكررة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وليس إلى السلطة الفلسطينية، باعتبارها المؤسسة التي يدين لها بولائه الأول.

ـ الإصلاح الأول:

لقد بدأ عباس، أو أبو مازن خطابه بالتركيز على إلحاحية الإصلاح الداخلي. لقد ربط بشكل مباشر بين الصراع ضد إسرائيل مع الحاجة إلى تنظيم البيت الفلسطيني: (إننا نلتزم جميعاً بإنهاء الاحتلال بجميع أشكاله وصوره. وهذا يتطلب منا أن نوجه جهودنا الرئيسية إلى شؤوننا الداخلية.) وقد كانت سلسلة الإصلاح المتتالي التي حددها بناءة:

أولاً، تطبيق حكم القانون، والذي يتطلب إصلاحاً هيكلياً للنظام القضائي.

ثانياً، تطوير نظام للأمن الحقيقي، يعرف بشكل رئيسي على أنه دفاع الأفراد الفلسطينيين ضد سلوك أفراد القوات الأمنية الفلسطينية المتقلبي الأطوار، والاستبداديين.

ثالثاً، تأمين حرية التعبير السياسية، ملاحظاً بأن (التعددية لا تشمل الأمن.)

رابعاً، تطوير الأداء الاقتصادي ورفع مستويات الخدمات الاجتماعية.

خامساً، ضمان الشفافية المالية، ومكافحة الفساد، وإضفاء صفة الاحترام على الخدمات المدنية.

بينما يعمل مرشح الإصلاحيين الفلسطينيين، عباس، على دائرته المركزية، فإن بإمكان المرء أن يوجه اللوم إلى عرفات على انتكاس السياسة الفلسطينية والانتكاس الاجتماعي، والاقتصادي بشكل أكبر حتى مما يجعله مسؤولاً عن فشل الانتفاضة الفلسطينية في هزيمة إسرائيل أو تأمين دخل سياسي ملموس (قد تلاحظون أنني قد بدأت هذا البيان متعمداً برؤية الحكومة للوضع الداخلي ومجالات المؤسسات الرئيسية)، (إن هذه رسالة نوصلها إلى المدنيين الفلسطينيين الذين يسعون إلى إصلاحات واسعة النطاق في جميع مجالات حياتهم والمتعلقة بحقوقهم.) ما هو هام بهذا الصدد، أنه استبدل قضية الإصلاح الأمني المثيرة للجدل بسياق الأجندة الداخلية، محاولاً إرسال إشارة بأن هذه المقاربة الجديدة هي نتاج احتياجات داخلية، وليس ضغوط خارجية.

ـ وقت للتفاوض:

وجه الجزء الثاني من هذا الخطاب إلى الفلسطينيين الذين قد يؤيدون (الصراع المسلح) ولكنهم رأوا أن استخدامه منذ 11 أيلول قد يقود الفلسطينيين فقط إلى إبعادهم بشكل أكبر عن أهدافهم السياسية. (لقد حارب شعبنا بشرف) قال محمود عباس، مستخدماً صيغة الفعل الماضي، وقد حان الوقت للاستفادة من خطة السلام السعودية، وخارطة الطريق، واهتمام اللجنة الرباعية بالضغط إلى الأمام عبر الديبلوماسية (للوصول إلى حل ثابت للمسألة الفلسطينية) حتى هنا يترك مخرجاً استراتيجياً حيث قال: (كل الجهود الديبلوماسية ستكون غير ذات معنى إذا لم يتحقق وقف كامل للمستوطنات الإسرائيلية التهديد الرئيسي لتأسيس دولة فلسطينية ذات سيادة حقيقية). لقد ذكر بشكل محدد.. المنشآت الإسرائيلية في وحول القدس وبناء حائط الانفصال، كعنصرين (سيدمران خارطة الطريق وأي مبادرة سلام أخرى). في الوقت الذي نوه فيه بأن الحكومة ستواجه هذه القضايا، إلا أنه لم يحذر الفلسطينيين بشكل خاص من حل المشاكل بأنفسهم عن طريق التصرف بشكل عنيف ضد ما دعاه (تهديدات). في الحقيقة، فيما بعد حذر عباس إسرائيل من أن خيارها سيكون (سلاماً بغير مستوطنات أو استمرار الصراع).

ـ رسالة إلى إسرائيل:

الجزء الثالث في خطاب عباس كان اتهاماً صريحاً لإسرائيل، حكومتها وشعبها. وقد تضمن هذا التزامها بقرار مجلس الأمن 242 و338 ولكن ما يثير الاهتمام أنه لم يذكر قرار 1397 في آذار 2002، أول قرار يؤكد على حل دولتين ولم يقم بأي إشارة صريحة إلى اتفاقيات أوسلو)، واعترافه بمعاناة الشعب اليهودي، ودعوته بالمقابل إلى الاعتراف بمعاناة الشعب الفلسطيني، وشجب الإرهاب (من قبل أي طرف وفي جميع أشكاله) دون أي تحديد آخر، وطلباً غير عادل بانسحاب كامل إلى حدود الـ 1967، وإنشاء (دولتين متاخمتين لبعضهما، ذاتي سيادة دون أي مستوطنات) وصياغة عامة في موضوع اللاجئين ثم تعميمها كي لا تكون استفزازية للمناطق الإسرائيلية. (فيما يتعلق باللاجئين، فقد أكد على أن الحل يجب أن يكون (متفقا عليه، ومقبولاً) و(منسجماً مع) وليس وفقاً لقرار الأمم المتحدة 194.

ـ أولوية منظمة التحرير الفلسطينية:

يمكن ملاحظة جانب ضئيل في خطاب عباس يتعلق بدور منظمة التحرير الفلسطينية الذي لم ينته بعد كمصدر أساس للشرعية السياسية الفلسطينية. في الحقيقة، فعبر الخطاب، يبدو عباس مضغوطاً بين أدواره المزدوجة كرئيس وزراء للسلطة الفلسطينية وسكرتير عام للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. فيما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية قال عباس ما يلي:

ـ (إنهاء الاحتلال يتطلب تضامناً ووحدة بين جميع القوات الفلسطينية تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد لشعبنا والمفوض من قبل المؤسسات الفلسطينية الكبرى، والتي من بينها في المقام الأول المجلس الوطني والمركزي). ومن الملحوظ أنه لم يشر هنا إلى المجلس التشريعي، الهيئة التي تعزز تعيينه كرئيس للوزراء (للتفاوض والتوصل إلى اتفاقيات نيابة عن الشعب الفلسطيني).

ـ (الحكومة، والتي هي جزء من نظامنا الوطني، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ملتزمة بشكل كامل ببرامج وقرارات المجلس الوطني الفلسطيني والمركزي الفلسطيني، أي، " الأجهزة العليا في منظمة التحرير الفلسطينية " في المستويات السياسية والاستراتيجية).

ـ ستعمل حكومتنا جنباً إلى جنب مع لجنة منظمة التحرير الفلسطينية التنفيذية، تحت توجيه الرئيس ياسر عرفات، رئيس الدولة ورئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية..)

ـ (إن مركز رئيس الوزراء وكل منشآت السلطة الوطنية هي جزء تكميلي في النظام السياسي الفلسطيني، الإطار الذي منه منظمة التحرير الفلسطينية).

في حال كون حكومة عباس قادرة على كبح الميليشيات الخارجة عن القانون وكسب ثقة كافية لدى الإسرائيليين للعودة إلى عملية المفاوضات، فإن صراع مؤيدي عباس نفسه قد يشكل حاجزاً كبيراً أمام النجاح.

إن منظمة التحرير الفلسطينية، بالطبع هي منظمة مظلية تدعي مصالح جميع الفلسطينيين، وليس فقط ما يقرب من نصف الشعب الفلسطيني الذي يعيش في الضفة الغربية وقطاع غزة. بإيجاد صيغة للتوفيق بين أهداف جميع الفلسطينيين.. من مخيمات اللاجئين اللبنانية إلى المليون مواطن عربي في إسرائيل (والذين وجه عباس فقرة في خطابه إليهم) أمر أكثر تثبيطاً من تأمين اتفاقية لإرضاء شعب الضفة الغربية وغزة، الأمر الذي ليس سهلاً بحد ذاته.

عباس، كونه نفسه لاجئ مولود في صفد، سيتوقع منه أن يحشد طلبات كثير من اللاجئين للعودة إلى بيوتهم وممتلكاتهم داخل إسرائيل قبل حرب الـ 1967. المثير للدهشة، أنه قد ألمح إلى عدة مقاربات.. بشكل مرن فيما يتعلق بطلبات اللاجئين، وبصلابة فيما يتعلق بالطلبات المتعلقة بالأراضي، وهو موقف يركز الاهتمام فعلياً على الضفة الغربية وغزة (الداخل) أكثر من اللاجئين (الخارج).

في الوقت الذي ليس من غير المعقول فيه بالنسبة لعباس أن يحاول الرد على الاتهامات بكونه (رجل واشنطن) أو أسوأ (رجل تل أبيب) لعرضه وضع مساومة أصعب بكثير من ذلك الذي كان على الطاولة في (كامب ديفيد وطابا)، فإنه قد يكون على الديبلوماسيين الإسرائيليين والمعتدلين الأمريكيين أن يناقشوا يوماً اللغز الصعب الذي قد يمثله: قائد فلسطيني ملتزم بالسلام لن يصبر على تسوية متعلقة بالأراضي بحيث يقوم بإنجازها. ربما تكون الصيغة الذي يأمل عباس فيها ستسمح له بالوفاء بمسؤولياته لكل من تراث منظمة التحرير الفلسطيني التي ينتمي إليها ودائرته في السلطة الفلسطينية.السابق

for

S&CS

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

ــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |
ـ