معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
متابعة
سياسية رقم 759
التعاون
الأمريكي السعودي المضاد للإرهاب
في
أعقاب تفجير الرياض
سيمون
هندرسون وماثيو ليفيت.
في
20/ أيار/2003، قام كل من ماثيو ليفيت
وسيمون هندرسون بالمحاضرة في المنتدى
السياسي الخاص لمعهد واشنطن.
السيد
هندرسون مساعد للمعهد مقيم في لندن،
وصحفي سابق في الفينينشال تايمز، وهو
مؤلف دراسة المعهد (بعد الملك فهد:
وراثة الحكم في السعودية العربية 1994).
السيد
ليفيت زميل كبير باحث في دراسات
الإرهاب في المعهد، وهو مسؤول سابق في
مكافحة الإرهاب في مكتب التحقيقات
الفيدرالي (إف. بي. آي)، وهو مؤلف
استهداف الإرهاب: سياسة الولايات
المتحدة تجاه الدول الشرق أوسطية
الراعية والمنظمات الإرهابية (معهد
واشنطن، 2002).
إن
التفجيرات الأخيرة في الرياض وملاحظات
ولي العهد السعودي الأمير عبد الله
التي نددت بها قد زادت من التوقعات بأن
التعاون الأمريكي ـ السعودي لمكافحة
الإرهاب سيتحسن بحيث يتم تفادي مآس
كهذه في المستقبل. ما هي الديناميكيات
الداخلية التي ستوجه التعامل السعودي
مع هذه الأزمة ؟ ما هو نوع التعاون
المضاد للإرهاب الذي سيقدمونه في
أعقاب التفجيرات ؟
سيمون
هندرسون
في
الوقت الحالي، هناك توترات ظاهرة في
طبقة العائلة السعودية المالكة.
فبينما يقترب الملك فهد من سنته
الثانية والثمانين، انتقلت معظم
المسؤوليات إلى ولي العهد الأمير عبد
الله. دون لقب الملك كثيراً ما يفتقد
الأمير عبد الله إلى السلطة الكاملة
وكثيراً ما تتم مقاطعته من قبل
الأميرين سلطان ونايف، وهما شقيقا
الملك فهد. على سبيل المثال، فبعد أن
خاطب ولي العهد الأمير عبد الله الأمة
عقب التفجيرات، قام الأمير نايف
بالإدلاء بعده بتصريحاته الخاصة وعقد
مؤتمراً صحفياً. في ضوء هذه
الديناميكية الداخلية، فإن الاستجابة
السعودية للهجمات كان لها لحن مألوف من
الإنكار وعدم التعاون. وقد كان كل من
نايف وعبد الله مادة للانتقاد. لقد
انعكست التقارير بأن المفجرين كانوا
يرتدون زي الحرس الوطني السعودي، وأن
الغارات استخدم فيها أسلحة تم شراؤها
من الحرس، انعكست بشكل هزيل على الأمير
عبد الله الذي يترأس الحرس، في حين
تعرض الأمير نايف للانتقاد لعدم
استجابته لرجاء السفير الأمريكي روبرت
جوردان لمزيد من الحماية للمهاجرين من
الأمريكيين قبل الهجمات.
إن
الوضع الحالي وضع جديد، فمع حقيقة أن
القاعدة تستهدف العائلة المالكة كما
يبدو، والأميرين سلطان ونايف على
الأخص. فبعد هجوم 1995 في الرياض حيث قتل
خمسة أمريكيين، وقد توصلت العائلة
المالكة إلى اتفاقية مع القاعدة بأنه
لن يتم تنفيذ هجمات على الأمريكيين في
المملكة. وفقاً للمعاهدة والتي توصل
إليها مع سلطان ونايف كممثلين للعائلة
المالكة، دفع السعوديون لابن لادن
والقاعدة لشن هجماتهم في أي مكان آخر.
وقد علمت واشنطن على الأرجح بهذا قبل
هجمات 11/9، وكنتيجة، وضعت بعض الضغط على
السعوديين. ولا بد أن هذا الضغط ازداد
قوة مع الوقت، وقد يكون السعوديون
بدورهم قد أوقفوا تمويلهم للقاعدة،
الأمر الذي سيفسر لماذا يتم استهدافهم
الآن. في الواقع، فإن الهجمات الأخيرة
تهدد العائلة المالكة بشكل مباشر،
وتجاهل المشكلة أو محاولة التخلص منها
بدفع المال لم يعد ممكناً. ينبغي أن
تقترب واشنطن من السعوديين كصديق وأن
تنصحهم بالقضاء على أي أثر للقاعدة. من
الممكن أن تكون تحركات السعوديين على
هذا الخط مشابهة لتلك التي اتخذت في
عقد العشرينات من قبل ابن سعود، والذي
استخدم الإخوان (الوهابيين)
الراديكاليين كجنود للصدام أثناء
فتوحاته للأراضي، ثم ذبحهم عندنا
خرجوا عن سيطرته بعد تأسيس المملكة.
ماثيو
ليفيت
لم
تبدأ مشكلة السعودية مع القاعدة
الأسبوع الفائت، ولن تنتهي عندما يتم
تفكيك الخلية المسؤولة عن الهجمات
الأخيرة. لقد تم اكتشاف وجود ارتباط
بين هذه الخلية وخلايا أخرى في الخارج،
وقد فكر البعض في أن أعضاء من الخلية قد
هربوا من السعودية العربية قبل
الهجمات وقد يكونون في طريقهم إلى
الولايات المتحدة. وبينما تستمر
التحقيقات، فإن هناك أرجحيات قوية بأن
روابط الخلية المالية ستقود إلى
السعودية العربية. إن لدى السعوديين
سجل مسار جيد في اتخاذ إجراءات صارمة
تجاه الخلايا داخل المملكة وقد قدموا
معلومات استخباراتية منعت هجمات
إرهابية خاصة منذ 11/9. ومع ذلك، فإن
العائلة المالكة لديها ميل لإغلاق
الأبواب عندما يقود الأثر عائداً إلى
الوطن ويهدد بفضح خطوط الخطأ في
المجتمع السعودي. الهجمات الأخيرة قد
تكون نقطة تحول في التعاون الأمريكي ـ
السعودي في مكافحة الإرهاب.
أولاً،
المجتمع الدولي أكثر تركيزاً من أي وقت
مضى على الإرهاب الدولي والروابط بين
الجماعات، والخلايا، والأفراد،
والواجهات الإرهابية. على السعوديين
أن يعلموا أنه بتعاونهم أو بغير
تعاونهم، سيظهر المزيد من الأدلة الآن
أكثر مما ظهر في أي تحقيق سابق لـ 11/9.
ثانياً،
لقد قطع الإرهابيون خطاً أحمر خطيراً
باستهداف أعضاء من العائلة المالكة
ووزراء الحكومة. لقد قرر السعوديون،
ولكنهم لم يظهروا بعد، أنهم يدركون أن
الخنجر موجه إلى حنجرتهم بقدر ما هو
موجه إلى الولايات المتحدة.
ثالثاً،
هذا تهديد مستمر. تشير المعلومات
الاستخباراتية إلى أن أعضاء من الخلية
في السعودية العربية متورطون في
تهديدات إضافية في داخل وخارج المملكة.
إن الإغلاق الأخير للسفارات الأمريكية
في السعودية العربية سيضغط على
العائلة المالكة ليكونوا قريبين في أي
معلومات يكشفونها فيما يتعلق بهذه
الخلية. إن نزعتهم لإنكار الراديكالية
والنظر في الاتجاه الآخر لن يكون
خياراً عندما يتعلق الأمر بهذا
التحقيق.
ومع
ذلك، فإن التعاون الأمريكي السعودي في
مكافحة الإرهاب ينبغي أن يمتد إلى ما
وراء هذا التحقيق. وتمثل الهجمات
الأخيرة فرصة للحكومة السعودية لتحدث
انعطافاً في إجراءاتها تجاه تمويل
الإرهاب الدولي. في وقت مبكر يرجع إلى
عام 1994، اشتبهت وانشطن في كون ما يقدر
بـ 150 مليون دولار من تمويل الإرهاب
ينشئ في السعودية العربية، ويستمر هذا
الاتجاه اليوم. على سبيل المثال، قامت
السلطات الإيطالية مؤخراً بالكشف عن
تنصتات تلفونية جمعت كجزء من تحقيقهم
عن مجندي القاعدة في أوروبا حيث يخبر
ناشط كبير مرؤوسيه بأن لا يقلقوا حول
التمويل، لأنه، وبكلماته، (أموال
السعودية العربية هي أموالكم). أثناء
مؤتمر صحفي في كانون الأول/2002، أدلى
الناطق السعودي عادل الجبير بعدة
اقتراحات إيجابية فيما يتعلق بخطوات
المملكة التالية تجاه مقارعة تمويل
الإرهاب. ومع ذلك، فإن هناك دلالة
ضئيلة على أن هذه الخطوات كانت قد تم
اتباعها. على سبيل المثال، تعهد الجبير
بأن السعودية العربية ستنشئ وحدة
استخبارات مالية، ولكن المملكة إما
أنها لم تكون وحدة كهذه، أو أنها لم
تتشارك في نتائجها مع المجتمع الدولي.
إلى جانب أن يكونوا أكثر فورية في
مساعدتهم، ينبغي على المسؤولين
السعوديين أيضاً التوقف عن مقاومة
التحقيقات الدولية في الإرهاب. على
سبيل المثال، فإن الإرهابي المشتبه به
كريستيان جانزارسكي قام باستخدام
تأشيرة دخول سعودية ليراوغ المسؤولين
الألمانيين الذين كانوا يستجوبونه عن
دوره في تفجير كنيس دربا. إضافة إلى
ذلك، فإن زوجة المشتبه به علي مرعي. تم
نقلها بشكل سري من الولايات المتحدة
إلى السعودية العربية بعد أن بحث عنها
لتساؤلات تتعلق باتهامات وجهت إلى
زوجها بالكذب على مسؤولي الـ(إف.بي.آي)
حول محادثات تليفونية أجراها مع مصطفى
الهوساوي، أحد رجال القاعدة الرئيسيين.
لأنه لأمر حاسم بالنسبة للسعوديين لأن
يكونوا أكثر انفتاحاً حول نزع الشرعية
عن الإرهاب. فلن يتسامح المجتمع الدولي
بعد الآن مع الإنكار السعودي، ليس لأن
أمريكيين كانوا قد قتلوا في الهجمات
الأخيرة وحسب، بل كذلك لأنه في فترة
شهور قليلة، لم يكون بإمكان
المتطرفين، ولا السعوديين الإشارة إلى
وجود أمريكي كبير على التربة السعودية
كسبب للهجمات المستمرة.
|